دعوات تظهر في الغرب إلى التخلي عن سياسة الصين الواحدة، التي تلتزم بها معظم الدول الغربية رغم تحالفها مع تايوان، فهل تؤدي هذه الدعوات المحرضة لتايوان على الانفصال إلى تكرار مصير أوكرانيا، وما هي فرص نجاح أي غزو صيني لتايوان في الوقت الحالي، وهل تستطيع الجزيرة حماية نفسها؟
نشرت صحيفة The Times البريطانية مقالاً للكاتب الصحفي إيان ويليامز حول صعوبة تحقق غزو الصين لتايوان والأسباب الكامنة وراء ضعف هذه الاحتمالية، وكان لافتاً أن الكاتب دعا الغرب إلى التخلي عن سياسة الصين الواحدة، معتبراً أنها قد عفى عليها الزمن، كما أنه اعتبر أن تجربة أوكرانيا في الصمود أمام الغزو الروسي أمر مشجع لتايوان على تحدي الصين.
الغرب يعترف بسياسة الصين الواحدة، وحتى تايوان كانت تتبناها
وسياسة الصين الواحدة هي مبدأ تؤمن به بكين، وينص على أن كل أجزاء الصين وهي الصين البر الرئيسي وتايوان هونغ كونغ، التي كانت مستعمرة بريطانية، وماكاو التي كانت مستعمرة برتغالية هي كلها تشكل أجزاء من الصين الواحدة، وبالفعل عادت هونغ كونغ وماكاو إلى السيادة الصينية رغم احتفاظهما بمقدار كبير من الاستقلال المحلي، خاصة في القوانين والاقتصاد.
والمفارقة هنا أن تايوان والصين نفسهما كانا يتفقان منذ انشقاق الجزيرة على سياسة الصين الواحدة، ولكن يختلفان على من يمثلها، إلا أن تايوان بدأت في التخلي عن هذا المبدأ.
إذ تبادلت تايوان والصين الادعاء بأن كلاً منهما الممثل الشرعي الوحيد للصين وأراضيها بما فيها تايوان، ولكن في الوقت الحالي يعترف أغلب دول العالم، بما فيها كل الدول الغربية تقريباً، على رأسها الولايات المتحدة بحكومة بكين كممثل رسمي للصين، ولا ترتبط الدول الغربية، بما فيها واشنطن، بعلاقات دبلوماسية رسمية مع تايوان، رغم الدعم القوي العسكري والسياسي الذي تقدمه للجزيرة.
فعندما نشأت تايوان ككيان يحكم بشكل منفصل عن بقية الصين، إثر فرار حكومة حزب الكومينتانغ بعد انهيار سلطتها في البر الرئيسي للصين عام 1949، أمام قوات الحزب الشيوعي، لم يقرر حزب الكومينتانغ، الذي كان قبل ذلك الحزب الحاكم الرئيسي في الصين، إنشاء دولة مستقلة، بل أعلن أنه يمثل الصين الرسمية، وأن حكومة تايوان الجزيرة التي تبلغ مساحتها 36 ألف كيلومتر، أي نحو 3.76% من مساحة الصين، ويسكنها في ذلك الوقت بضعة ملايين هي الممثل الرسمي للصين، أكبر دولة في العالم من حيث السكان، واعترف الغرب بهذا الوضع الشاذ لفترة.
وحتى التعديلات الدستورية لعام 1991 وإرساء الديمقراطية في تايوان، اعتبرت حكومة تايوان التي يهيمن عليها حزب الكومينتانغ أنها تمثل الحكومة الشرعية الوحيدة للصين وأراضيها المحددة دستورياً، بما في ذلك حدود أسرة تشينغ السابقة في البر الرئيسي للصين، وأيضاً تم تصنيف الحزب الشيوعي الصيني على أنه "جماعة متمردة".
في عام 1992، أكد حزب الكومنتانغ، الذي أسس تايوان، على أن كلاً من جمهورية الصين الشعبية وجمهورية الصين قد اتفقتا على وجود "الصين" واحدة، لكنهما اختلفتا حول ما إذا كانت "الصين الواحدة هذه" تمثلها جمهورية الصين الشعبية، أم جمهورية الصين (تايوان)، هذا التفسير الذي يعرف باسم توافق عام 1992 لم تقبله جمهورية الصين الشعبية.
حدثت تغييرات داخل تايوان بشأن سياسة الصين الواحدة، وظهرت قوى سياسية تعتبر البلاد دولة مستقلة، ولكن القضية مازالت مسألة خلافية داخل تايوان حتى لو تراجع زخم مبدأ الصين الواحدة.
ظل حكام تايوان لعقود ينتمون لمجموعة بشرية تدعى Waishengren، تمثل حالياً نحو 10% من السكان، وهم النخبة التي جاءت إلى تايوان من الصين القارية في الفترة بين الاستسلام الياباني في نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945، ونهاية الحرب الأهلية الصينية في عام 1949، بينما تم تهميش فئة الـ"Benshengren" وهم الصينيون الذين وصل أسلافهم من الصين إلى تايوان قبل عام 1945، وعادةً ما ينتمون إلى عرقيتي هوكلو وهاكا، الذين عاشوا تحت الحكم الاستعماري الياباني، وتعود جذورهم للجنوب الصيني، حيث جاءوا لتايوان بدءاً من القرن السابع عشر بتشجيع من الاستعمار الغربي، ولغتهم الأصلية مختلفة عن لغة الماندرين، اللغة الرسمية في تايوان والصين.
كما عومل السكان الأصليون لتايوان، والمختلفون تماماً عرقياً عن الصينيين، كمواطنين من الدرجة الثالثة، رغم أنهم جاءوا للجزيرة قبل آلاف السنين.
غير أن أموراً كثيرة تغيرت، فمع تولي أجيال جديدةٍ السلطة في تايوان إثر ترسيخ الديمقراطية في البلاد وصعود الصين وفقدان النخبة التي أسست البلاد الأمل في استعادة حكم بكين، تخلت تايوان عن اعتبار نفسها ممثلة رسمية للصين برمتها.
وتقدم جيل جديد من الساسة يعتبر أن تايوان دولة مستقلة عن الصين قائمة بذاتها، وأغلب هؤلاء ينتمون إلى قومية هوكلو، أكبر مجموعة عرقية (70% من إجمالي السكان)، الذين هاجر أسلافهم من منطقة فوجيان الجنوبية الصينية الساحلية عبر مضيق تايوان بدءاً من القرن السابع عشر، ويشجع الغرب هذه التوجهات أو لا يعارضها علناً على الأقل.
وبات سكان تايوان يدعمون بشكل متزايد، فصل العلاقات الثقافية مع البر الرئيسي للصين، حيث كشفت الدراسات الاستقصائية التي أجريت في عام 2019، أن معظم سكان الجزيرة يعتبرون أنفسهم تايوانيين وليسوا صينيين، علماً بأنه ما زالت هناك اختلافات كبيرة بين أطياف الشعب التايواني بشأن مسألة الانتماء للصين، حسب العرقية والعمر وتاريخ الهجرة والانتماء الحزبي، حيث إن هؤلاء الذين تنحدر جذورهم من نخبة بكين التي هاجرت في أربعينيات القرن العشرين والأجيال الأقدم من السكان أميل لعدم التخلي عن سياسة الصين الواحدة.
وحالياً تحتفظ تايوان بعلاقات دبلوماسية رسمية مع نحو 13 من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة، أغلبها دول صغيرة جداً وحليفة للغرب، وتتلقى مساعدات من تايبيه.
أما الولايات المتحدة فهي لم تعترف يوماً بأن هناك أكثر من صين، ما يعني اعترافاً بمبدأ الصين الواحدة، ولكنها غيرت موقفها بشأن من يمثل هذه الصين تايبيه أو بكين.
من الناحية النظرية، تعترف الولايات المتحدة حالياً بجمهورية الصين الشعبية، باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة للصين، وقبل ذلك كانت تعترف بأن حكومة تايوان هي بمثابة حكومة الصين الشرعية الوحيدة.
وبدأت عملية إقامة العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، في فبراير/شباط 1972، عندما زار الرئيس نيكسون الصين. أنتجت تلك الزيارة "بيان شنغهاي"، الذي كان اعترافاً من الصين والولايات المتحدة بأن البلدين يواجهان عقبات في إقامة العلاقات الدبلوماسية، ولكنهما سيعملان أيضاً على "تطبيع" العلاقات بينهما.
تم ذكر سياسة صين واحدة من قبل الولايات المتحدة بشكل صريح لأول مرة في بيان شنغهاي بين بكين وواشنطن الذي صدر عام 1972، وجاء فيه: "تقر الولايات المتحدة بأن الصينيين على جانبي مضيق تايوان يصرون على أنه لا يوجد سوى صين واحدة، وأن تايوان جزء من الصين، وأن الولايات المتحدة لا تتحدى هذا الموقف".
وكان موقف بكين رفضها لإقامة الولايات المتحدة لعلاقة مع جمهورية الصين الشعبية و"جمهورية الصين" و"تايوان"، لأن ذلك يعني أن الولايات المتحدة تعتقد أن هناك "صينين"، وليس صيناً واحدة فقط.
علاوة على ذلك، طالبت الصين الولايات المتحدة بسحب قواتها المتمركزة في تايوان، لكن رفضت جمهورية الصين الشعبية في المقابل، تقديم وعد بأنها لن تستخدم القوة "لإعادة توحيد" جزيرة تايوان مع البر الرئيسي للصين، وهو ما طلبت الولايات المتحدة من جمهورية الصين الشعبية أن تتعهد به.
أمريكا تعترف بسياسة الصين الواحدة دون الإقرار بسيادة الحزب الشيوعي على تايوان
هنا تظهر نقطة مهمة بشأن وضع تايوان وعلاقة الولايات المتحدة.
فخلال المباحثات الرامية لإقامة علاقات بين بكين وواشنطن قالت حكومة جمهورية الصين الشعبية إن قضية تايوان مشكلة "داخلية". إنها تعني فقط الصينيين في تايوان والصينيين في البر الرئيسي، ولا ينبغي للولايات المتحدة أن تتدخل. بينما قالت الولايات المتحدة في "بيان شنغهاي"، إنها لم تطعن في الادعاء بوجود صين واحدة، ولكنها ستصر على "تسوية سلمية لمسألة تايوان".
وفي عام 1979، أقامت الولايات المتحدة علاقة رسمية مع الصين، وبالتالي اعتبرت أن الصين الشعبية هي الممثل الوحيد للصين بما في ذلك تايوان.
موقف الولايات المتحدة من سياسة الصين واحدة، كما هو موضح في تقرير سياسة الصين/تايوان: تطور "الصين الواحدة" لخدمة أبحاث الكونغرس (التاريخ: 9 يوليو/تموز 2007)، يعترف بسياسة الصين الواحدة ولكن لم تعترف السياسة الأمريكية بسيادة جمهورية الصين الشعبية التي يحكمها الحزب الشيوعي على تايوان، ولا بتايوان كدولة ذات سيادة، واعتبرت السياسة الأمريكية أن وضع تايوان غير مستقر.
دعوات في الغرب إلى التخلي عن سياسة الصين الواحدة
ولكن يبدو أن هناك توجهات في الغرب تسعى إلى الترويج لفكرة التخلي عن سياسة الصين الواحدة، وكاتب مقال صحيفة The Times البريطانية ينتمي لهذا التيار.
يقول إيان ويليامز "من نواحٍ عديدة تعد الصين وتايوان في حالة حرب فعلية، وهي حرب رمادية تشمل التخويف العسكري والهجمات السيبرانية والمعلومات المضللة، وكلها مصممة من أجل هزيمة الجزيرة. تتعرض الشركة الرئيسية لصناعة الرقائق في تايوان، Taiwan Semiconductor Manufacturing، لهجوم مستمر نظراً إلى أن الحزب الشيوعي الصيني يحاول سرقة أسرارها، فالصين تتخلف عن تايوان في صناعة الرقائق بحوالي عقدين.
وتأسست العلاقات حول المضيق بناءً على سياسة الصين الواحدة، المستمرة منذ عقود، التي يفترض أن ينضوي تحت لوائها جميع أجزاء الصين.
ويضيف "إنها أبعد ما تكون عن اعتبارها سياسة، وهي أقرب إلى اتفاقية على عدم الاتفاق. ففي صميمها تكمن فكرة مفادها أن هناك نسخة واحدة من الصين، وتعد تايوان جزءاً منها، برغم عدم وجود أي اتفاقية حول ما يعنيه هذا من الناحية العملية. شددت نسخة لاحقة من هذه السياسة على أن أي توحيد يجب أن يتم بطريقة سلمية وبالاتفاق، وهو ما تتجاهله الصين على نحو متزايد. تلتزم الولايات المتحدة بموجب القانون بإمداد الجيش التايواني بالأسلحة، لكنها كانت غامضة حول ما إذا كانت سترسل قوات للدفاع عن الجزيرة أم لا، وذلك في حالة وقوع غزو، وهي سياسة تعرف بـ"الغموض الاستراتيجي".
وفد من البرلمان البريطاني يعتزم تنفيذ زيارة مثيرة للجدل أخرى لتايوان
وقد تعقب زيارة نانسي بيلوسي رئيس مجلس النواب الأمريكي المثيرة للجدل لتايوان مزيد من الزيارات المماثلة التي ستفاقم الأزمة بين تايوان والصين.
إذ يُتوقع أن يقود توم توجندهات، عضو مجلس العموم البريطاني، هذا العام، مجموعةً من أعضاء لجنة الشؤون الخارجية بالمجلس، في زيارة مؤجلة إلى تايوان، وفي خطوة سوف يُنظر إليها على أنها إظهار للتضامن، بل قد تعتبرها الصين نموذجاً للتوجهات الغربية الداعية إلى التخلي عن سياسة الصين الواحدة. وستؤجج مزيداً من نوبات الغضب الصينية.
ويقول الكاتب "مثل سياسة الصين الواحدة البائدة ولّت أيام الغموض الاستراتيجي، والشؤون الخارجية تعاد صياغتها على نحو متزايد على أنها أنظمة ديمقراطية في مواجهة أنظمة استبدادية، وتقف تايوان عند الجبهة. ولذا يحتاج الغرب أن يكون أكثر وضوحاً في دعمه للجزيرة.
ويتجاهل كاتب المقال أن ذروة التأييد الغربي لتايوان في الخمسينيات والستينيات كانت في وقت يحكم الجزيرة نظام استبدادي قاس، كما يصف حكم الحزب الشيوعي في الصين الآن.
لماذا يولي الغرب كل هذا الاهتمام بتايوان؟
تعد تايوان محورية في اقتصاد التكنولوجيا الفائقة العالمي، إنها تهيمن على إنتاج الرقائق التي تعد ضرورية للغاية من أجل ممارساتنا الرقمية، والتي تحتل موقع القلب من كل شيء نستخدمه: بدايةً من السيارات ومروراً بالحواسيب المحمولة والهواتف الذكية، ووصولاً إلى أنظمة الطيران والتسليح. ويعد تربع تايوان على قمة هذا الإنتاج تربعاً شبه مطلق؛ إذ إنها تنتج 90% من الرقائق الأكثر تطوراً، أي الأسرع، والأصغر، والأهم من أجل تقنيات المستقبل.
لكن أشباه الموصلات ليست السبب الوحيد الذي تكتسي تايوان أهمية من أجله. من الناحية الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية ليس هناك أي صراع محتمل آخر على الكوكب تتزايد احتمالاته للغاية مثل هذا الصراع.
تشبه تايوان بالنسبة للغرب والولايات المتحدة تحديداً حالة برلين الغربية خلال الحرب الباردة. فمثلما هو الحال مع تايوان في العصر الحالي، كان الوجود المباشر لبرلين الغربية مصدر تهديد للديكتاتور المجاور (في إشارة لألمانيا الشرقية التابعة للاتحاد السوفييتي)، فقد كانت رمزاً لشيء أكبر بكثير، يتمثل في مجموعة من المبادئ والأفكار والقيم التي تواجه تهديداً وجودياً، حسب تعبير التقرير.
أما تايوان، فهي بلد ذو نظام ديمقراطي مزدهر يضم 24 مليون نسمة. ويزعم الغرب أنها تهدد الحزب الشيوعي الصيني لأنها تجسد نموذجاً بديلاً لما يمكن أن تصير عليه الصين.
يقول الكاتب الصحفي إيان ويليامز في مقالة بصحيفة The Times "لم تكن الفجوة السياسية بين طرفي مضيق تايوان أكبر في أي وقت مضى مما هي عليه الآن: صنع شي جين بينغ الرئيس الصيني وزعيم الحزب الشيوعي الصيني دولة رقابة قمعية، بُنيت حول طائفة شي، في حين أن تايوان صارت واحدة من المجتمعات الأكثر ليبرالية وانفتاحاً حول العالم".
تحتفي تايبيه بالتعددية، بينما يرى شي أن التعددية تهديدٌ يجب سحقه. تتبنى تايوان القومية المدنية، التي يدعمها الفخر بما حققته، بينما صار الحزب الشيوعي الصيني تحت قيادة شي حزباً للقومية العرقية العدوانية والساخطة التي تحمل أصداء ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي، حسب وصف المقال.
ويزعم المقال بأن القليل من التايوانيين يريدون أن تكون لهم صلة سياسية بالصين. فقد تبنوا هوية منفصلة ومميزة، والدعم من أجل الوحدة مع الصين طفيف ومتراجع، لقد شاهد التايوانيون فظائع شي في سنغان ضد مسلمي الإيغور، كما يتهمه الغرب بـ"سحق الديمقراطية" في هونغ كونغ. تنزلق تايوان من قبضة الصين، وهي عملية ساعد فيها العداء الذي تكنّه بكين لها.
نظراً إلى أن النظام في تايوان نظام ديمقراطي يمكن أن تُطلب موافقة الشعب التايواني على أي ترتيب سياسي مع الصين، وهو شيء يبدو مفقوداً لدى الرئيس الصيني، حسب الكاتب.
إذ يقول إنه "كما حدث مع هونغ كونغ، يعتنق الرئيس الصيني وجهة النظر التي تقول إن مستقبل الجزيرة لا علاقة له بالشعب الذي يعيش فيها. فإذا كانت الصين سوف تغزو تايوان فسوف يؤسس هذا ما هو أكثر من انتزاع إقليمي، وسوف يكون تحدياً مباشراً أمام الديمقراطية الليبرالية ومن يتشاركون في هذه القيم. وفي هذا الصدد يعد النظام الديمقراطي للجزيرة (وبراعتها على صعيد صناعة الرقائق) درعاً مهماً.
بحسب ما تقوله الصين تعد تايوان عملاً غير منجز من الحرب الأهلية الصينية التي انتهت عام 1949 باستيلاء الشيوعيين على السلطة في البر الرئيسي للصين، وفرار وطنيي تشانغ كاي شيك إلى تايوان (أعضاء حزب الكومنتتانغ الذي كان يحكم الصين قبل هزيمته من الشيوعيين).
ويزعم كاتب التقرير أن هذا خطأ تماماً؛ لأن تاريخ تايوان لم يبدأ في 1949. بل إن تاريخها طويل وزاخر ومميز.
فلقد استقر أجداد السكان التايوانيين الأصليين في هذه الجزيرة قبل ستة آلاف سنة. وانضم إليهم صينيون من البر الرئيسي وأوروبيون، ومن بينهم إسبان وهولنديون، بين القرنين الثالث عشر والسابع عشر. هُزم الهولنديون على يد جنرال صيني في عام 1662. وبعد 22 عاماً، جرى ضم الجزيرة إلى سلالة تشينغ الحاكمة، التي تنازلت عنها لليابان في عام 1895. وفي ستينيات القرن الماضي دخلت في مرحلة نمو اقتصادي سريع عُرف باسم معجزة تايوان.
يتناسى كاتب التقرير أن ضم الصين لتايوان يعود إلى فترة تسبق استقلال الولايات المتحدة بقرون، وأن الجزيرة كانت جزءاً من الصين قبل أن تكون معظم الولايات الأمريكية جزءاً من الولايات المتحدة، بل كان بعضها أجزاء من المكسيك أو مستعمرات فرنسية أو تسكنها قبائل مستقلة من الهنود الحمر، قبل أن يبيدهم المستوطنون الأمريكيون البيض أو يرحلوهم من ديارهم في أفضل الأحوال.
إليك أهمية الجزيرة الاستراتيجية للصين واليابان والغرب
صاغت اليابان خلال احتلالها الجزيرة بين 1895 و1945 عبارة لوصف الأهمية الاستراتيجية للجزيرة، تقول إنها "حاملة طائرات غير قابلة للغرق". وقد وُصفت بأنها "سدادة القنينة" بالنسبة لبحر الصين الجنوبي، فهي التي تسيطر على الدخول بين جنوب شرق آسيا وشمال شرقها. تدرك اليابان تمام الإدراك بأن استمرار فتح مسارات الشحن هذه يعد ضرورياً لبقائها الوطني، وربطت أمنها الوطني ربطاً متزايداً بالأمن الوطني لتايوان.
ينتاب طوكيو قلق عميق من احتمالية سقوط تايوان في قبضة بكين. استنتج مسؤولو اليابان أن الطموحات الإمبريالية للصين في شمال آسيا لا يُرجح أن تتوقف عند تايوان.
وتعلم الولايات المتحدة أن الصين إذا استولت على تايوان فسوف تتغير توازنات القوى في آسيا وما بعدها تغيراً لا رجعة فيه. من جانبه، يظهر شي محاصراً على نحو متزايد. فقد جعل "استعادة" تايوان جزءاً رئيسياً من "الحلم الصيني" للتجديد الوطني.
ويزعم التقرير أن الفشل في تحقيق هذا الهدف سيؤدي بصورة شبه أكيدة إلى سقوطه وإلى السقوط المحتمل للحزب الشيوعي الصيني.
هل يستخدم الرئيس الصيني تايوان أداة لتشتيت الانتباه عن مشكلات بلاده الاقتصادية؟
على مدى السنوات، استشاطت الصين غضباً من "القوى الانفصالية" في الجزيرة، لكن التهديدات حملت في طياتها ملمحاً شكلياً، لدرجة أنها صارت ضجيجاً في الخلفية.
ولكن تحت حكم شي، صار الموقف الصيني أكثر ميلاً لأن يكون ذا طابع تهديدي وأن يقعقع بالسلاح.
وعلى عكس الرئيس الصيني، تُظهر الرئيسة التايوانية تساي إنغ ون هدوءاً كبيراً، برغم القلق المتعلق بما يمكن أن يحدث بعد ذلك. تقول إحدى الآراء إن شي يحتاج إلى مصدر لتشتيت الانتباه عن المشاكل الاقتصادية التي يواجهها داخلياً.
وقد تعاظم التوتر حول مضيق تايوان ووصل إلى مستوى غير مسبوق منذ عقود. في الأسبوع الماضي، طوقت الصين الجزيرة بخمسة تدريبات عسكرية بالرصاص الحي، وزمجرت بأنها ستجعل الولايات المتحدة وتايوان تدفع ثمن زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي، نانسي بيلوسي، إلى تايبيه.
كانت التدريبات البحرية والجوية غير مسبوقة من حيث المستوى والنطاق، ويبدو أنها صممت لعرض قدرة جيش التحرير الشعبي الصيني على حصار الجزيرة، التي تقول الصين إنها جزء لا يتجزأ منها. وقد سُمع دوي نيران المدفعية في شمال تايوان.
هل يراهن الغرب على تكرار النموذج الأوكراني في تايوان؟
ويبدو أن هناك توجهات في الغرب تحث الحكومات الغربية على التخلي عن سياسة الصين الواحدة وتشجع تايوان على تكرار النموذج الأوكراني.
إذ يقول الكاتب: "لقد أظهرت الحرب الأوكرانية كيف يمكن لطرف مستضعف لكنه عازمٌ أن يعيق طموح خصم أكبر بكثير وأقوى بكثير، وتدرس كل من الصين وتايوان هذا الأمر".
وخلال السنوات الماضية شجع الغرب الأوكرانيين على تبني العداء لروسيا التي تمثل الشقيقة السلافية الكبرى لكييف، بما في ذلك، دفع المعارضة الموالية للغرب لإسقاط الرئيس الأوكراني فيكتور يانكوفيتش الموالي لروسيا عام 2014 فيما عرف بانتفاضة الميدان الأوروبي، رغم أنه رئيس منتخب، وأيده سكان المناطق الشرقية والجنوبية في أوكرانيا الناطقة بالروسية، وأدت هذه الأزمة لضم روسيا للقرم ودعمها لإنشاء جمهوريتين انفصاليتين في إقليم دونباس، بعد احتجاجات في المناطق المؤيدة ليانكوفيتش على إسقاطه من قبل المتظاهرين في العاصمة الأوكرانية كييف.
ويتجاهل الغرب والساسة الموالون له في أوكرانيا حقيقة أن نحو نصف الشعب الأوكراني يتحدث باللغة الروسية وبينهم نحو 17% من أصول روسية، وكانوا ينتخبون أحزاباً موالية لموسكو قبل عام 2014، هؤلاء جزء كبير منهم لديه أو كان لديه مشاعر إيجابية تجاه موسكو ويرى أن بلاده يجب أن يكون لديها علاقات إيجابية معها.
وبالإضافة إلى تهميش أصوات هؤلاء، فلقد مارست النخب السياسية الأوكرانية الموالية للغرب تمييزاً ضد اللغة الروسية انتقدته المنظمات الحقوقية الغربية.
كل ذلك مقابل وعود لم تحقق، بضم أوكرانيا للاتحاد الأوروبي والناتو، رغم تحذيرات روسيا المتكررة بأن هذا يمس أمنها القومي.
وبينما شجع الغرب النخب الأوكرانية الموالية له على تحدى موسكو ومشاعر قطاع من الشعب الأوكراني بالاندفاع غرباً، فإنه لم يفرض عقوبات ذات تأثير على روسيا بعد ضمها للقرم عام 2014، وواصل استيراد النفط والغاز الرخيصين منها، كما أنه لم يدعم الجيش الأوكراني بمعدات كافية له للتصدي لأي هجوم روسي، إلى حين أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين جيشه بغزو أوكرانيا، في فبراير/شباط 2022، حيث اضطر الأوكرانيون لمواجهة الروس بترسانة أصغر وأكثر تخلفاً من الترسانة الروسية الضخمة، ولم يزودهم الغرب إلا بأسلحة أغلبها خفيفة مكنتهم من عرقلة الغزو الروسي ولكن لم توقفه.
والآن، رغم أن صمود الأوكرانيين مثير للإعجاب، إلا أنه لم يمنع موسكو من احتلال نحو 20% من مساحة أوكرانيا، وما زالت الحرب المدمرة مستمرة، وحتى لو حافظت كييف على استقلالها، فإنها لن تنضم للناتو، ونالت وعداً مائعاً بأنها مرشحة للانضمام للاتحاد الأوروبي، وتعرضت مدنها وصناعاتها للخراب.
وفي أفضل السيناريوهات فستحتفظ أوكرانيا باستقلالها ولكن شطراً ليس صغيراً من أراضيها قد يبقى محتلاً من قبل روسيا إلى أجل غير معلوم.
ورغم المأساة الأوكرانية، فإن الكاتب يواصل تشجيع تايوان على التصعيد مع الصين، حيث يقول: "لم تكن التدريبات العسكرية الصينية التي نُفذت في الأسبوع الماضي حول تايوان، برغم اتساعها، إلا ممارسة للتخويف: أي مجرد نوبة غضب عسكرية. لكن أي غزو سيكون أصعب بكثير".
إليك حجم القوات الضرورية لأي غزو صيني لتايوان
تشير بعض التقديرات إلى أن عدد القوات المطلوبة لأي غزو صيني لتايوان يمكن أن يصل إلى مليوني مقاتل (أي معظم قوات الجيش الصيني العاملة).
وتشكك المصادر الغربية في كفاءة المعدات الصينية، وخبرات الجيش الصيني المعزول نسبياً عن العالم، مقارنة بِصلات جيش تايوان الوثيقة مع الجيوش الغربية.
وشبّه الخبراء الاستراتيجيون التايوانيون المياه التي تفصلهم عن الصين بالطريق إلى كييف، حيث تصدى الجيش الأوكراني للجيش الروسي في بداية الحرب.
في حديثه مع كاتب المقال، قال سو تسو يان، الباحث لدى معهد بحوث الدفاع والأمن الوطني في تايبيه، وهي مجموعة بحثية مرتبطة بالجيش التايواني: "يعد مضيق تايوان الطريق السريع بالنسبة للجيش الصيني، حيث يكون أضعف. تلك هي فرصتنا".
وهم يراهنون على مضيق تايوان لحماية الجزيرة
ولعل أهم حلفاء تايوان يتجسدون في الجغرافيا الخاصة بها ومناخ المضيق. ليس هناك إلا 14 شاطئاً يمكن اعتبارها مناسبة لأي عملية إنزال صيني طموحة. وبعد ذلك، هناك المياه الغادرة والرياح في المضيق، التي تسمى "الخندق الأسود"، مما يعني أنه ليس هناك إلا فرصتان سنوياً من أجل أي غزو واقعي: بداية من أواخر مارس/آذار حتى نهاية أبريل/نيسان، وبداية من أواخر سبتمبر/أيلول حتى نهاية أكتوبر/تشرين الأول.
وبالتالي لن يكون غزو تايوان سهلاً على الصين، بسبب البحار المحيطة بالجزيرة وطبيعتها الوعرة والتحصينات التي بنتها تايوان، إضافة إلى الدعم الغربي المحتمل، رغم أن المناورات الصينية الأخيرة أظهرت أن بكين سوف تبدأ أي عملية عسكرية بمحاصرة الجزيرة؛ لمنع الولايات المتحدة من تزويدها بالمعدات.
وإضافة إلى طبيعة الجزيرة المحصنة، فدوماً المدافعون- لا سيما المتحصنون- يتمتعون بميزة نسبية على المهاجمين، ويميل العسكريون إلى وضع معادلة مبسطة، وهي أنه في حال تساوي القدرات ونوعية الأسلحة، فإن المهاجمين يلزمهم أعداد تعادل ثلاثة أضعاف أعداد المدافعين لكي يتغلبوا عليهم.
وهذه المعادلة يبدو أنها لم تُحقَّق في روسيا، حيث إن نسبة عدد سكان روسيا لأوكرانيا وأعداد قواتها المشاركة في الحرب أقل من الفجوة العددية الهائلة بين الصين وتايوان.
والطابع المحصن لتايوان بسبب كونها جزيرة، يجعل العملية أصعب بالنسبة للصين مقارنة بالغزو الروسي لأوكرانيا الذي ينطلق فيه الجيش الروسي من أراضي بيلاروسيا وروسيا الملاصقتين لأوكرانيا عبر حدود برية سهلة وغير وعرة، كما أن موسكو لديها ميليشيات موالية لها في إقليم دونباس الأوكراني.
لكن الزمن في صالح الصين على عكس روسيا
غير أنه في المقابل، هناك متغير مهم موجود في الأزمة الصينية التايوانية غير موجود في الحالة الروسية الأوكرانية، هو عدد السكان الضخم للصين الذي يبلغ نحو 55 ضعف عدد سكان تايوان، بينما عدد سكان روسيا يبلغ أقل من أربعة أضعاف سكان أوكرانيا.
والأهم أن عدد السكان الضخم للصين هذا، يعيش أكبر عملية تحديث ونمو اقتصادي وعسكري في التاريخ، وهي عملية إن سارت حتى بمعدل أقل من المعدل الحالي، فإنها ستجعل القوة العسكرية الصينية خلال سنوات تتضاعف بشكل يعمق الفجوة بينها وبين تايوان، ويسهل أي عملية غزو صيني لتايوان، وقد يتزامن ذلك مع تعزيز اعتماد الصين على نفسها في التقنيات التي تستوردها حالياً من الغرب وحلفائه الآسيويين ومنها تايوان، إضافة إلى تعزيز استهلاكها الداخلي، مما يغنيها عن الحاجة لأسواق أمريكا وأوروبا، ويحرر يديها من القيود الحالية الاقتصادية والعسكرية التي تمنعها من تنفيذ حلمها بضم الجزيرة التي تعتبرها منشقة.
وعلى عكس الأمر في روسيا التي تبدو دولة عظمى من زمن غابر، حيث أصبح عدد سكانها في التسعينيات يمثل نحو نصف عدد سكان الاتحاد السوفييتي السابق، وعانت البلاد من أزمة ديموغرافية ومالية بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، أدت لانكماش هائل في حجم سكانها واقتصادها، وهو انكماش لم يتم تعويضه بشكل كامل في ظل التعافي الذي حدث في سنوات حكم بوتين.
وحتى إذا لم تحدث الأزمة الأوكرانية، فإن نمو الاقتصاد الروسي كان أقل بكثير مما تشهده الصين، التي تتجه لتصبح أكبر اقتصاد في العالم، (حالياً لدى اقتصاد الصين ثاني أكبر ناتج محلي بعد أمريكا، والأكبر إذا احتسب وفقاً للقوة الشرائية للدولار في الصين).
وفعلياً بكين لديها أكبر قاعدة صناعية في العالم والجيش الأكثر نمواً، خاصة فيما يتعلق بعدد السفن الحربية التي ستكون السلاح الرئيسي لأي غزو صيني لتايوان.
إن رهان الغرب على تشجيع تايوان على الانشقاق عن الصين قد يكون ناجحاً في الوقت الحالي، وقد لا تستطيع بكين عسكرياً تنفيذ غزو بحري وجوي ضد الجزيرة المحصنة، وقد تخشى فرض عقوبات غربية عليها أو منعها من التكنولوجيا اللازمة لصناعتها.
ولكن الزمن يعمل لصالح العملاق الصيني، وعاجلاً أو آجلاً ستكون بكين قادرة على تنفيذ حلمها وستزداد احتمالات وقوع غزو صيني لتايوان بعد أقل من بضعة عقود، ووقتها سيكون دعم الغرب أقل فاعلية من دعمه الحالي لأوكرانيا.
فلن يستطيع الغرب ساعتها محاصرة الصين التي تمثل أكثر من خُمس سكان العالم مثلما فعل مع روسيا بعد غزوها لأوكرانيا.
الحل في الضغط على الحزب الشيوعي لفرض شروط ملائمة لكل الصينيين
وبدلاً من تشجيع الغرب لتايوان على تحدي بكين والتخلي عن سياسة الصين الواحدة، فإن على تايبيه استغلال عدم قدرة الصين على تحقيق وعيدها حالياً، بطلب شروط منها فيما يتعلق بتحقيق شكل من الديمقراطية والحقوق لمجمل الصينيين من هونغ كونغ إلى تايوان مروراً بالمسلمين الإيغور، ديمقراطية لا تمثل تهديداً لأمن الصين القومي، ووحدة أراضيها، لأن السياسة الغربية الحالية في الإساءة للمشاعر القومية الصينية، إنما تمكن الحزب الشيوعي من تقديم نفسه للصينيين على أنه المدافع عن وحدة البلاد ومصالحها ضد المؤامرة الغربية.
وبدلاً من التخلي عن سياسة الصين الواحدة، يجب على تايوان بدعم غربي أن تتفاوض مع بكين على الخطوط العريضة لشكل هذه الصين الواحدة، وعلى صيغة العلاقة بين تايوان والصين ضمن سياسة دولة واحدة ونظامين، التي طبقتها بكين بنجاح جزئي على إقليمي هونغ كونغ وماكاو اللذين ما زالا يحتفظان بنظام اقتصادي مستقل، بما في ذلك عملتان منفصلتان عن اليوان الصيني، وكذلك لدى الإقليمين إدارتان محليتان يتوفر لهما قدر لافت من الاستقلال الذاتي.
وحتى التراجع في مقدار الحريات والديمقراطية في الإقليمين بعد عودتهما للصين، فهو ليس كبيراً كما تدعي المصادر الغربية، ويعد مقبولاً بالنظر إلى أنهما جزء من أكبر دولة استبدادية في العالم، فحتى لو كان الإقليمان دولتين مستقلتين تجاوران دولة عملاقة مثل الصين، فالطبيعي أن يتأثرا بها وأن يراعيا مصالحها، مثل حال فنلندا مع الاتحاد السوفييتي خلال الحرب الباردة أو دول أمريكا الوسطى مع الولايات المتحدة على مدار تاريخها.
ولكن الغرب يواصل تحريض تايوان نكاية في الصين، ليس لأن بكين دولة استبدادية أو لأنها تضطهد المسلمين الإيغور (فإسرائيل والهند تضطهدان المسلمين الهنود والفلسطينيين دون رد فعل غربي)، ولكن لأن بكين تمثل منافساً اقتصادياً وجيوسياسياً يتحدى الهيمنة الغربية بشكل لم يعرفه التاريخ الحديث.
المشكلة أنه مثلما تبين من أزمة أوكرانيا، فإن التحريض الغربي، لن يجدي كثيراً عندما يحين وقت المعركة.