تعرف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) بأنها منظمة اقتصادية حكومية دولية تضم 38 دولة، تأسست في عام 1961 لتحفيز التقدم الاقتصادي والتجارة العالمية، وهي مراقب رسمي في الأمم المتحدة. وربما يخلط البعض بين هذه المنظمة الدولية وبين "منظمة التعاون الاقتصادي" (ECO)، لكن الاختلاف بينهما كبير، حيث تمثل الأخيرة مجموعة مكونة من 10 دول من أوروبا والقوقاز وآسيا الوسطى والشرق الأوسط وجنوب آسيا، للتعاون الاقتصادي والتجاري فيما بينها.
وفي هذا التقرير سنتعرف على ما هي منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD وتاريخها ونشاطها وأهدافها.
ما هي منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD؟
تُعد منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD التي تأسست عام 1961 في باريس، منتدى للبلدان التي تصف نفسها بأنها ملتزمة بالديمقراطية واقتصاد السوق، وتوفر منصة لمقارنة تجارب السياسات، والبحث عن إجابات للمشاكل المشتركة، وتحديد الممارسات الجيدة، وتنسيق السياسات المحلية والدولية لأعضائها.
بشكل عام، يعد أعضاء منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي من الاقتصادات ذات الدخل المرتفع، مع مؤشر التنمية البشرية المرتفع للغاية، ويعتبرون من البلدان المتقدمة.
ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية معترف بها، باعتبارها ناشراً مؤثراً للغاية للبيانات الاقتصادية في الغالب من خلال المنشورات الدولية، بالإضافة إلى التقييمات السنوية وتصنيفات الدول الأعضاء.
كيف تأسست منظمة OECD؟
جاءت فكرة هذه المنظمة بعد إنهاء منظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي (OEEC)، التي تأسست عام 1948 لإدارة المساعدات الأمريكية والكندية، في إطار خطة مارشال لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
بحلول نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، مع إنجاز مهمة إعادة بناء أوروبا بشكل فعال، شعرت بعض الدول الرائدة أن منظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي قد تجاوزت هدفها.
لذلك، وبعد عدة اجتماعات شائكة في باريس في عام 1960، توصلت مجموعة من الدول إلى قرار إنشاء هيئة لا تتعامل مع القضايا الاقتصادية الأوروبية والأطلسية فحسب، بل تضع سياسات مساعدة البلدان الأقل نمواً. وهذه المنظمة المعاد تشكيلها ستجلب الولايات المتحدة وكندا، اللتين كانتا بالفعل مراقبين من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، كأعضاء كاملي العضوية، كما أنها ستعمل على الفور على ضم اليابان.
بالتالي، حلت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية رسمياً، محل منظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي، في سبتمبر/أيلول 1961. والدول التالية هي الأعضاء المؤسسون الرسميون لها: النمسا، بلجيكا، كندا، الدنمارك، فرنسا، ألمانيا، اليونان، آيسلندا، أيرلندا، إيطاليا، لوكسمبورغ، هولندا، النرويج، البرتغال، إسبانيا، السويد، سويسرا، تركيا، المملكة المتحدة، الولايات المتحدة.
ما عدد الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية؟
منذ ذلك الحين توسعت المنظمة الدولية بشكل كبير، لتضم اليوم نحو 38 دولة، واعتباراً من عام 2017 شكلت الدول الأعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مجتمعة 62.2% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي العالمي (49.6 تريليون دولار أمريكي)، و42.8% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي (54.2 تريليون دولار دولي) عند تعادل القوة الشرائية.
يقع المقر الرئيسي لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في شاتو دو لا مويت في باريس، فرنسا. تُمول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من مساهمات من الدول الأعضاء بمعدلات متفاوتة، وبلغت ميزانيتها الإجمالية 386 مليون يورو عام 2019.
ما أهداف هذه المنظمة ورؤيتها؟
بحسب الموقع الرسمي للمنظمة، فإن مهمة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD هي توفير رفاهية أكبر في جميع أنحاء العالم، من خلال تقديم المشورة للحكومات بشأن السياسات التي تدعم النمو المرن والشامل والمستدام. بالإضافة إلى تحليل السياسات القائمة على الأدلة والتوصيات والمعايير وشبكات السياسة العالمية، بما في ذلك التعاون الوثيق مع مجموعة السبع ومجموعة العشرين.
وتقول المنظمة، إنها ساعدت في دفع الإصلاحات والحلول المتعددة الأطراف للتحديات التي تتعرض لها الدول الأعضاء وغيرها، مشيرة إلى أن رسالتها تتمثل في "تعزيز السياسات التي تؤدي إلى تحسين الرفاه الاقتصادي والاجتماعي للشعوب في سائر أنحاء العالم".
وتعمل المنظمة على مسائل تتعلق بالتغيير الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الذي يشمل موضوعات مثل الإصلاح التنظيمي، والتنمية، والتجارة الدولية. وتفتح منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي (OECD) باب العضوية الدولية التي تبلغ حالياً 38 دولة من أوروبا، وأمريكا الشمالية والجنوبية. أما الدول الأخرى، لا سيما الاقتصادات الناشئة، فهي تُعتبر دولاً شريكة للمنظمة.
ما دورها في تعزيز التجارة الحرة والدولية؟
رغم الانتقادات التي تطال منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD وأدوارها، والحديث عن تراجع قيمتها ونشاطها، فإن OECD تقول إنها أسهمت بشكل كبير في تعزيز نظام التجارة الحرة متعدد الأطراف والنمو الاقتصادي المستدام، من خلال التحليل القائم على الأدلة ووضع معايير الجودة.
تسهم OECD من خلال دائرة التجارة، في الأبحاث الاقتصادية الكمية بشأن تكاليف ومنافع تيسير التجارة الدولية، داعمة بذلك مفاوضات منظمة التجارة العالمية بشأن تيسير التجارة.
وطوّرت المنظمة مجموعة من مؤشرات تيسير التجارة (TFIs)، التي تُحدد المجالات التي تحتاج إلى عمل، وتسمح بتقييم الأثر المحتمل للإصلاحات ذات الصلة.
كما توفر المنظمة أدوات تستفيد منها الدول في وضع تصوّر بشأن تنفيذ السياسات العامة وغيرها من التدابير التي نصت عليها اتفاقية تيسير التجارة، بهدف متابعة التقدم المُحرز بشأنها، ومقارنته مع دول أو مجموعات من الدول الأخرى ذات الاهتمام.
كما تمنح OECD فرصة تمكن الحكومات من مقارنة التجارب السياسية، والبحث عن إجابات للمشاكل الاقتصادية المشتركة، وتحديد الممارسات الجيدة، وتنسيق السياسات المحلية والدولية. وهي تشكل منتدى للضغط الذي يمكن أن يكون حافزاً قوياً لتحسين السياسات وتنفيذها، عن طريق سن القوانين غير الملزمة التي يمكن أن تؤدي أحياناً إلى المعاهدات الملزمة.