قالوها كثيراً من قبل.
في بيانات الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان وأبطال الدفاع عن الإنسانية
وفي النداءات المتكررة للمثقفين والأكاديميين.
وقالها من داخل إسرائيل منظماتٌ مدنية وحقوقية ومسؤولون سابقون.
اليوم تقولها الكنيسة المشيخية في الولايات المتحدة، وهي ثاني أكبر طائفة مشيخية في الولايات المتحدة.
ما الجديد؟
الظاهرة الجديدة هي تنوع مصادر الاحتجاج على جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني. جرائم لا يمكن أن تختفي طوال الوقت، ومن المستحيل أن يغطيها دخان الحروب المفتعلة، أو مناورات الدبلوماسية الماكرة.
سقط القناع عن القناع، وفي كل يوم تصل خلاصة أخبار هذه الجرائم إلى مساحات جديدة من الرأي العام: إسرائيل دولة فصل عنصري.
نظام الفصل العنصري يعني اعتبار حياة مجموعة أهمّ من حياة مجموعة أخرى.
ويعني تطويع وإفساد حياة المجموعة الأقل أهمية، لصالح الأكثر أهمية.
وها هي إسرائيل تؤسس نظام الفصل العنصري، وتحافظ عليه بكل وسيلة: من خلال أعمال القتل والتعذيب وحرمان الفلسطينيين من حقوقهم الأساسية.
إنها جريمة ضدّ الإنسانية، ويجب أن تنتهي، كما ورد في صرخة أمنستي في أبريل/نيسان 2022.
يتابع هذا التقرير أبشع جرائم إسرائيل ضد الإنسانية: الفصل العنصري. نستعرض في السطور التالية ما ورد في تقارير وتحليلات منظمات وناشطين عن وقائع التمييز البشعة ضد أصحاب الأرض، وإمكانية أن تتحول هذه الإدانات إلى أعمال أو إجراءات تغيّر الواقع.
الكنيسة المشيخية ضد الجرافات وتكنولوجيا القمع الرقمي
في صيف 2014 صوتت الجمعية العامة للكنيسة المشيخية بالموافقة على بيع ممتلكاتها في ثلاث شركات تزود إسرائيل بمعدات تستخدمها في قمع الفلسطينيين.
الشركات هي: كاتربيلر التي تصنع الجرافات، وتساهم في هدم بيوت العرب في الدولة العنصرية.
وهيوليت باكارد Hewlett-Packard صانعة التكنولوجيا والحواسيب، المتهمة ببيع منتجات تساعد إسرائيل على المعاملة المنحازة ضد الفلسطينيين.
وموتورولا سوليوشنز Motorola Solutions، وهي شركة أمريكية لتزويد معدات اتصالات البيانات والاتصالات السلكية واللاسلكية التي خلفت شركة موتورولا الفرنسية، وتزود إسرائيل بمعدات تلحق الضرر بالفلسطينيين.
وقبل التصويت على القرار، قال مدير الجلسة العامة للجمعية العامة المشيخية، هيث رادا، إن الجرافات التي تصنعها شركة كاتربيلر لإسرائيل "ليست مثل أي شيء نراه في" الولايات المتحدة، فهي مصممة "لتكون مدمرة".
وقالت شركة كاتربيلر إنها لا تبيع معدات لإسرائيل، فقط للحكومة الأمريكية.
فيديو دقيقة ونصف من الجزيرة: كيف سترد تل أبيب بعد تصنيف الكنيسة المشيخية إسرائيل دولة فصل عنصري؟
الكنيسة المشيخية في أمريكا Presbyterianism هي طائفة بروتستانتية محافظة، وثاني أكبر طائفة مشيخية في الولايات المتحدة. وينص قرار الكنيسة -التي يقدر عدد أتباعها بنحو مليوني أمريكي- على أن قوانين إسرائيل وسياساتها وممارساتها ضد الشعب الفلسطيني تطابق تعريف القانون الدولي للفصل العنصري.
وتضمن القرار التاريخي للكنيسة أيضاً إدراج ذكرى نكبة الشعب الفلسطيني بين الأيام التي تحييها الكنيسة في تقويمها.
تغريدة عن قرار الكنيسة المشيخية باعتبار إسرائيل دولة فصل عنصري
قرار الكنيسة يدعم حقاً مسكوتاً عنه بتواطؤ صانعي القرار وأصحاب المصالح السياسية في هذا العالم.
منذ أكثر من عقدين بدأت الدعاوى الفلسطينية لاعتبار وتعريف الحكم الإسرائيلي على أنه نظام فصل عنصري. ووصلت دعوات المناصرة في هذا الصدد على مستوى الأمم المتحدة.
ومع مرور الوقت، ساهمت بحوث أجرتها منظمات فلسطينية معنية بحقوق الإنسان، ومؤخراً بعض الجماعات الإسرائيلية المعنية بحقوق الإنسان، في حدوث إقرار دولي أوسع بأن معاملة إسرائيل للفلسطينيين تُعد فصلاً عنصرياً.
إلا إن دول العالم، وبخاصة الدول الغربية الحليفة لإسرائيل، أحجمت عن الإصغاء لهذه المطالب، ورفضت اتخاذ أي إجراءات ذات مغزى ضد إسرائيل، كما تشرح السطور التالية.
2017: الأمم المتحدة تنطقها للمرة الأولى
في منتصف مارس/آذار 2017 شهد بيت الأمم المتحدة قرب ساحة رياض الصلح في بيروت مؤتمراً صحفياً غير عادي.
كان المؤتمر مخصصاً لمناقشة تقرير أعدته الإسكوا حول "الممارسات الإسرائيلية تجاه الشعب الفلسطيني ومسألة الفصل العنصري (الأبارتايد)".
منظمة الإسكوا هي واحدة من خمس لجان إقليمية تخضع لولاية المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة. ويتمثل دور اللجنة في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا.
رصد التقرير الجديد وقتها نجاح إسرائيل طوال العقود الماضية في فرض نظام الأبارتايد عبر وسيلتين:
تفتيت الشعب الفلسطيني سياسياً وجغرافياً لإضعاف قدرته على المقاومة وتغيير الواقع.
وثانياً، قمع الفلسطينيين كلّهم بقوانين وسياسات وممارسات شتى، وذلك بهدف فرض سيطرة جماعة عرقية عليهم وإدامة هذه السيطرة.
كانت النتيجة صادمة للمنظمة الدولية، والإعلام.
لعقود طويلة ارتبط مصطلح "الفصل العنصري" بنظام جنوب إفريقيا البائد، أما وصف إسرائيل به فقد كان مستحيلاً في الأوساط الدبلوماسية حتى المؤتمر الصحفي لمنظمة الإسكوا.
يومها اعتبرت الدكتورة ريما خلف، وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة والأمينة التنفيذية للإسكوا، أنه ليس بالأمر البسيط أن تستنتج هيئة من هيئات الأمم المتحدة أن نظاماً ما يمارس الفصل العنصري أو الأبارتايد.