أزمة الديون الإيطالية التي تلوح في الأفق، تهدد بكارثة اقتصادية للاتحاد الأوروبي قد تمتد آثارها لبقية العالم، وقد تصيب آثارها العالم العربي بشكل كبير، وسط مؤشرات حول تأزم الأوضاع في العديد من البلدان العربية أصلاً حتى قبل ظهور هذه الأزمة.
وتشهد إيطاليا نذر أزمة سياسية واقتصادية كبيرة، فبعد عشر سنوات من آخر أزمة مر بها الاتحاد الأوروبي، أصبحت إيطاليا في خضم أزمة ديون تهدد التكتل العملاق، بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي الاستقالة من منصبه، مما قد ينذر بتفاقم الأوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، في ظل الدور المحوري لهذا الرجل الذي ينظر له كشخصية مهمة ليس في إيطاليا بل في الاتحاد الأوروبي أيضاً، حيث كان الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي ولعب دوراً في إنقاذ اليورو في أزمة الديون الأوروبية عام 2012، حتى إنه كان يطلق عليه "سوبر ماريو"، ونظر له كثيرون على أنه قد يخلف أنجيلا ميركل ليكون الشخصية المركزية في الاتحاد الأوروبي الذي يلعب دور الرجل الحكيم والقوي مثلها.
وكان دراجي قد عرض تقديم استقالته يوم الخميس، بعد أن رفض أحد أحزاب ائتلافه المنقسم دعمه في اقتراع على الثقة، إلا أن الرئيس الإيطالي رفض استقالته، وما زال مستقبل دراجي في الميزان، حيث تتعرض حكومة الوحدة الوطنية التي كانت في السلطة منذ أقل من 18 شهراً لخطر الانهيار.
والاضطرابات التي يعاني منها رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي تعيد إحياء المخاوف من احتمالات أزمة ديون إيطاليا.
أسباب أزمة الديون الإيطالية المحتملة
تماماً مثل عقد مضى، يتساءل المستثمرون عما إذا كان بإمكان بعض دول منطقة اليورو الاستمرار في سداد ديونها العامة، التي تضخمت خلال الوباء وأصبحت هذه الديون أكثر تكلفة مع استعداد البنك المركزي الأوروبي لرفع أسعار الفائدة، مما يعني أن عبء الديون سوف يزداد، خاصة على الدول المثقلة بالديون كإيطاليا.
كانت إيطاليا واحدة من أكثر دول العالم تضرراً من الوباء خاصة في مراحله الأولى.
في أعقاب الوباء، تضخم عجز ميزانية إيطاليا وارتفع دينها العام إلى ما يزيد عن 2.7 تريليون يورو (2.7 تريليون دولار) أي أكثر من 150% من حجم اقتصادها – وهو أعلى مستوى له على الإطلاق، وهي أعلى نسبة ديون في منطقة اليورو بعد اليونان- على الرغم من أن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بدأت في الانكماش.
ففي الأزمة السابقة في منطقة اليورو، كان سبب المتاعب هو التجاوزات المالية التي أوقعت اليونان والبرتغال وأيرلندا وإسبانيا مثلما حدث قبل 10 سنوات، ولكن المشكلة الاقتصادية الحالية في إيطاليا سببها ضعف النمو الاقتصادي.
النمو الاقتصادي لا يستطيع ملاحقة الديون
المشكلة أن إيطاليا عالقة داخل قيود اليورو التي تمنعها من استخدام انخفاض قيمة العملة لتعزيز صادراتها، هذا بدوره أثر على معدلات النمو الاقتصادي لإيطاليا، مما رفع نسبة الديون لحجم الاقتصاد، حسبما ورد في تقرير لصحيفة New York Post الأمريكية.
حتى الآن، أبقى البنك المركزي الأوروبي إيطاليا واقفة على قدميها من خلال سياسته الخاصة بأسعار الفائدة المنخفضة وشراء كميات هائلة من سندات الحكومة الإيطالية، قلص دور البنك الأوروبي هذا الفارق بين العوائد على السندات الحكومية الإيطالية وبين السندات الألمانية التي ينظر لها أنها السندات القياسية في أوروبا؛ باعتبار أن برلين أكبر اقتصاد أوروبي والأكثر تمتعاً بالاستقرار بين اقتصادات القارة.
ولكن هذا الدعم من قبل البنك المركزي الأوروبي يوشك على النفاد، مع وصول التضخم الأوروبي إلى مستوى قياسي بلغ 8.5% وهبوط اليورو بشكل كبير أمام الدولار، يتعين على البنك المركزي الأوروبي التوقف عن أنشطة شراء السندات والبدء في رفع أسعار الفائدة للسيطرة على التضخم مرة أخرى، وهذا يعني ارتفاع تكلفة تمويل الديون على إيطاليا.
يدرك البنك المركزي الأوروبي جيداً الضعف الاقتصادي لإيطاليا، ويفكر في تقديم تسهيل إقراض جديد للسماح للحكومة الإيطالية بتمويل احتياجات الاقتراض الإجمالية الضخمة بأسعار فائدة منخفضة بشكل معقول. لكن مثل هذه الجهود من المرجح أن تعرقلها المعارضة السياسية الألمانية القوية والانتخابات البرلمانية الإيطالية في أوائل العام المقبل، حيث من المرجح أن تؤدي الأحزاب المناهضة لليورو أداءً جيداً.
عندما قطع البنك المركزي الأوروبي الدعم النقدي في يونيو/حزيران الماضي، قفزت الفجوة بين أسعار الفائدة الألمانية والإيطالية لمدة 10 سنوات، إلى 245 نقطة، وهو أعلى مستوى في عامين، حسبما ورد في تقرير لموقع Wionews.
الأخبار التي تفيد بأن البنك المركزي الأوروبي كان يخطط لأداة لمحاربة تكاليف الاقتراض المرتفعة في منطقة اليورو، أدت إلى انخفاض هذه الفجوة مؤقتاً، لكنها ارتفعت مرة أخرى نهاية الأسبوع الماضي، حين قدم رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي استقالته، قبل أن يرفضها رئيس البلاد.
وقال جيل مويك، كبير الاقتصاديين في مجموعة أكسا لوكالة فرانس برس، إنه حتى بدون الأزمة السياسية، فإن إيطاليا معرضة لخطر جراء حجم ديونها ومعدل نموها المنخفض واعتمادها القوي على الغاز الروسي.
لماذا يتخلف نمو الاقتصاد الإيطالي عن أقرانه الأوروبيين؟
لطالما تخلف اقتصاد البلاد عن غيره في منطقة اليورو: بين عامي 1999 و2019، نما الاقتصاد 7.9% فقط، مقارنة بـ30.2% في ألمانيا، و32.4% في فرنسا و43.6% في إسبانيا.
ارتفع الناتج المحلي الإجمالي لإيطاليا بنسبة 6.6% في عام 2021، بعد ركود عام 2020 بسبب جائحة فيروس كورونا.
يتوقع بنك إيطاليا أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.2% في عام 2022 – لكن هذا الرقم قد ينخفض إلى أقل من 1.0% إذا انقطعت إمدادات الغاز الروسي بسبب الحرب في أوكرانيا.
يرجع الكثيرون سبب تراجع النمو الإيطالي لأسباب كثيرة منها الفساد وعدم الاستقرار السياسي والمزايدات بين الأحزاب، ونقص البحث العلمي والفجوة بين الشمال الغني والجنوب الفقير، ولكن أحد الأسباب الرئيسية من وجهة نظر كثير من المحللين الاقتصاديين، ويتجاهلها الاتحاد الأوروبي، أن اليورو أحد أسباب قصور النمو الاقتصادي الإيطالي.
إذ يعتقد الكثيرون من المحللين الاقتصاديين أن قوة اليورو كانت في صالح دول أوروبا الغنية مثل ألمانيا وهولندا وغيرهما من دول شمال أوروبا، بينما أضر بدول جنوب أوروبا تحديداً مثل إيطاليا واليونان وإسبانيا والبرتغال.
لأن دول شمال أوروبا اقتصاداتها قوية ومنتجاتها عالية الجودة وقيمتها كبيرة؛ مما يجعلها لا تحتاج إلى سعر عملة منخفض، لتحقيق تنافسية صادراتها، على عكس دول جنوب أوروبا التي تواجه صادراتها منافسة كبيرة من المنتجات الآسيوية والتركية.
فالسيارة المرسيدس الألمانية منافسوها قليلون، وهي في الأصل باهظة الثمن، وتستهدف شريحة ثرية، بينما سيارات فيات الإيطالية تواجه منافسة من السيارات اليابانية والكورية والصينية والمصنوعة في تركيا، الأمر الذي يجعل السعر عاملاً رئيسياً في ترويجها.
كما أن القيود التي يفرضها البنك المركزي الأوروبي على العجز في ميزانيات الدول، تقلل الأدوات المتاحة لها، فإذا واجهت أي دولة أزمة مالية فإنها لا تستطيع توسيع العجز، وطبع العملة كما تفعل العديد من دول العالم الأخرى، ورغم أن هذا له عواقب سلبية مثل التضخم، ولكن أيضاً الخيار البديل الذي تجبر عليه الدول الأوروبية حالياً مثلما حدث مع اليونان في أزمتها المالية، هو ضغط النفقات بما في ذلك تقليل الرواتب، ورواتب التقاعد، وهي سياسة تؤدي إلى الانكماش، والدخول في دائرة لانهائية من الركود.
روما أكبر مستفيد من خطة التعافي الأوروبية من الجائحة
تعتمد إيطاليا على خطة التعافي الأوروبية من الجائحة لتعزيز النمو، وهي أكبر مستفيد، ومن المقرر أن تتلقى 191.5 مليار يورو (193 مليار دولار) إذا نفذت سلسلة من الإصلاحات التي طلبها الاتحاد الأوروبي.
ومع ذلك، فإن رحيل دراجي من شأنه أن يعرِّض تلك الإصلاحات للخطر. ومع تدهور ائتلافه الكبير، تزداد احتمالات توجه البلاد لإجراء انتخابات مبكرة بعد الصيف.
وبعد أن أصبح ماريو دراغي رئيساً للوزراء في فبراير/شباط 2021، انخفض معدل الاقتراض لمدة 10 سنوات إلى أقل من 0.5%، ولكنه قفز الآن إلى 3.4%.
قال فرانكو بافونسيلو، أستاذ العلوم السياسية في جامعة جون كابوت في روما: "إذا سقطت حكومة دراجي غداً، لا أستطيع أن أتخيل ما سيحدث".
إن فوز اليمين المتطرف أو الشعبوي في الانتخابات الإيطالية سيؤثر بشكل كبير على وضع البلاد، تماماً كما حدث في عام 2018، عندما انضمت رابطة ماتيو سالفيني المناهضة للهجرة إلى حركة "الخمس نجوم" المناهضة للمؤسسات الأوروبية.
حكومة يمينية متطرفة في إيطاليا من شأنها أن تعقد الأمور، في ظل الخلاف التقليدي بين دول جنوب أوروبا التي تعتمد على مساعدات الاتحاد الأوروبي، وبين ما يسمى الدول "المقتصدة" في شمال أوروبا، وهي دول مثل ألمانيا وهولندا والنمسا، والتي تطالب عادة بضغط النفقات، خاصة ما يتعلق بدعم الدول الأوروبية الفقيرة في الشرق والجنوب، لأن دول الشمال هي التي تدفع دوماً التكلفة.
هل تتكرر أزمة عام 2012؟
البنوك في وضع أفضل مما كانت عليه في عام 2012، كما أن سندات إيطاليا متوسط استحقاقاتها سبع سنوات، مما يعني أن ارتفاع أسعار الفائدة لن ينعكس على الفور في الديون.
وقال كاستيلو: "تظل الأسس الاقتصادية متوافقة مع القدرة على تحمل الديون على المدى الطويل".
ولكن في الوقت ذاته، فإن أزمة الغاز التي قد تتفاقم إذا قطعت موسكو الإمدادات قد تفاقم أزمات أوروبا وخاصة إيطاليا.
ويرى محللون أن سيناريو تحول أزمة الديون الإيطالية المحتملة إلى أزمة ديون في منطقة اليورو ليس كبيراً، إلا في حالة قطع روسيا إمدادات الغاز عن القارة العطشى للطاقة، وهو احتمال لم يعُد مستبعداً على الإطلاق.
ولكن حتى في أفضل السيناريوهات فإن اليورو مرشح للتراجع، وسيزداد الأمر سوءاً في حال حدوث سيناريو أزمة الديون الإيطالية المحتملة، حيث توقعت استطلاعات رأي اقتصادية أنه في هذه الحالة سيتفاقم هبوط اليورو إلى مستويات لم يكن من الممكن تصوّرها في السابق.
ورجّح 16% فقط من 792 مشاركاً في استطلاع "بالس" (Pulse) الأخير أن تنجح أوروبا في تفادي الانكماش الاقتصادي خلال الأشهر الستة المقبلة، حيث يراهن 69% على أن العملة الموحّدة ستنخفض إلى 0.9 دولار بدلاً من العودة إلى 1.1 دولار، حسبما نقل تقرير للموقع العربي من وكالة "بلومبيرغ " الأمريكية.
ولكن هناك آخرون يرون احتمال ضئيل بأن روما المتصلبة اقتصادياً يمكن أن تشق طريقها للخروج من جبل الدين العام، حسبما ترى صحيفة New York Post الأمريكية.
لماذا قد يواجه العالم سيناريو أخطر من أزمة الديون اليونانية؟
أزمة الديون الإيطالية المحتملة لن يقتصر تأثيرها على الاتحاد الأوروبي.
وهناك سبب يدعو إلى القلق بشكل خاص بشأن أزمة الديون الإيطالية المحتملة بمقارنة بالأزمات السابقة للاتحاد الأوروبي.
على عكس عام 2010، حينما تركزت أزمة ديون منطقة اليورو في اليونان، هذه المرة من المحتمل أن تحدث الأزمة بسبب إيطاليا، التي يبلغ حجم اقتصادها حوالي 10 أضعاف اقتصاد اليونان، وتمثل ثالث أكبر اقتصاد في الاتحاد الأوروبي.
وإذا كانت أزمة الديون اليونانية قد هزت الأسواق المالية العالمية في عام 2010، فإلي أي مدى يمكن أن تؤثر أزمة الديون الإيطالية اليوم؟
في عام 2008، تعلمنا كيف أصبح الاقتصاد العالمي شديد الترابط، حيث هز إفلاس بنك "ليمان برازرس"، وهو بنك استثماري أمريكي صغير نسبياً، النظام المالي العالمي. كما أنه أغرق الاقتصاد العالمي في أسوأ ركود له بعد الحرب العالمية حتى ذلك الحين.
أمريكا ورطت إيطاليا والدول الناشئة في هذه الأزمة
هذا الترابط هو السبب في أن المحللين ينصحون صانعي السياسة الاقتصادية الأمريكية بإيلاء اهتمام دقيق للمشاكل الاقتصادية الخارجية، ومراعاة تأثير قراراتهم على العالم.
فجزء من أزمة اليورو الحالية وما يترتب عليها من مخاطر، جاء بسبب رفع بنك الاحتياط الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة على الدولار لمحاربة التضخم المتصاعد بشكل غير مسبوق في أمريكا منذ 40 عاماً.
ولكن ها هي أسواق وعملات الدولة الناشئة وحتى أوروبا تدفع ثمن القرار الأمريكي، الذي يبدو أنانياً تماماً ويهدف لضمان فوز الديمقراطيين في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، دون مراعاة مصالح بقية العالم.
ولكن أي أزمة أوروبية يمكن أن تتحول بسرعة إلى أزمة عالمية تعود آثارها مجدداً للشواطئ الأمريكية.
وبنفس الطريقة التي تسبب بها إفلاس أحد البنوك الأمريكية في عام 2008 في حدوث مشاكل لبقية الاقتصاد العالمي، كذلك يمكن لأزمة الديون في أوروبا أو في اقتصادات الأسواق الناشئة أن تلحق الضرر بالاقتصاد الأمريكي المضطرب أصلاً.
ديون الدول النامية والمتوسطة وصلت إلى مستوى غير مسبوق
وقد يترتب على أزمة الديون الإيطالية المحتملة وما يترتب عليها من أزمة ديون أوروبية أوسع، حدوث أزمة ديون أوسع في الأسواق الناشئة.
وتعاني الأسواق الناشئة من تدهور كبير في أسعار عملاتها، وأفلست سريلانكا بالفعل، وسط مخاوف من موجة مماثلة في العديد من دول العالم الثالث.
الأرجنتين وفنزويلا وزامبيا ودول أخرى تعثرت أيضاً، ومن المرجح أن تحذو حذوها دول أخرى.
لم يسبق أن كانت اقتصادات الأسواق الناشئة مثقلة بالديون كما هي اليوم، حسب الصحيفة الأمريكية.
يمكن أن يكون لهذا التخلف الجماعي المحتمل عن سداد الديون تأثير واسع على مستوى العالم، خاصة مع مشكلات في ديون العملات الرقمية والديون عالية المخاطر في الولايات المتحدة.
نادراً ما تعرضت اقتصادات الدول الناشئة لمثل هذه الضربات الشديدة والمتوالية من قبل، فبعد جائحة COVID المستمر جاء ارتفاع أسعار النفط والغذاء في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا.
إضافة إلى مشاكل الأسواق الناشئة الأصلية جاء المتغير الأهم من التحول الأخير للاحتياطي الفيدرالي إلى موقف متشدد فيما يتعلق بالسياسة النقدية. كما حدث مرات عديدة من قبل، فإن أسعار الفائدة المرتفعة في الولايات المتحدة تتسبب بالفعل في إعادة رأس المال من الأسواق الناشئة إلى الولايات المتحدة بوتيرة متزايدة.
دفع ذلك البنك الدولي إلى تكرار تحذيراته بأن الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن نرى موجة من التخلف عن سداد ديون الأسواق الناشئة.
ماذا عن العالم العربي؟ كارثة مزدوجة
العالم العربي بدوره معرض للخطر بشكل كبير، فالدول العربية غير النفطية ترزح تحت ارتفاع أسعار النفط والقمح، حيث تعد المنطقة أكبر مستورد للحبوب في العالم، كما أن عبء الديون يتفاقم في العديد من الدول العربية وتجري مصر وتونس محادثات مع صندوق النقد الدولي، لمحاولة الحصول على قرض لإنقاذ ماليتهما المتعثرة.
وتعتبر مصر واحدة من أكبر دول العالم من حيث نسبة أعباء الديون الخارجية لحجم الاقتصاد، وتفاقم الوضع جراء التوسع في المشروعات القومية وتراجع السياحة الروسية، وارتفاع القمح والنفط.
مؤخراً ناشد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال زيارته لألمانيا أوروبا بأن تتوسط لمصر لدى صندوق النقد والبنك الدوليين لتخفيف شروطهما، في ظل تأثير ارتفاع أسعار القمح والطاقة على الاقتصاد المصري.
أي قرض من صندوق النقد الدولي، يجب أن يصاحبه دعم أوروبي وأمريكي وخليجي في الأغلب وصيني كذلك، في حال دخول أوروبا في أزمة ديون وحتى لو اقتصر الأمر على أزمة الديون الإيطالية المحتملة، فإن هذا سيؤثر في قدرتها على دعم الاقتصاد المصري المتعثر، وكذلك اقتصادات دول مثل تونس، والأردن، وحتى الدول الأفضل حالاً مثل المغرب، حيث ستكون أوروبا حينها مشغولة بإنقاذ إيطاليا.
والأسوأ أن تجارة معظم الدول العربية الأساسية- لا سيما دول شمال إفريقيا بما فيها مصر- تجرى مع الاتحاد الأوروبي، ويعني تراجع اليورو ارتفاع أسعار صادرات هذه الدول للقارة العجوز؛ مما قد يؤدي لتراجع كمية هذه الصادرات المحدودة أصلاً.
أما الدول العربية النفطية، فإنها ليست في مأمن أيضاً، فقد تؤدي أي أزمة أوروبية لتراجع استهلاك القارة الضخم من النفط، والأسوأ أن توسع آثار الأزمة لأمريكا الشمالية وآسيا، قد يعني تراجعاً ملحوظاً في أسعار النفط.