قبل 49 عاماً، تأسس نادٍ اقتصادي خاص عرف بـ"مجموعة الدول الصناعية السبع"، إثر اجتماع خاص لوزراء المالية لأغنى الاقتصادات في العالم، والتي تهيمن على التجارة العالمية والنظام المالي الدولي، حيث عقد ذلك الاجتماع في إحدى مكتبات البيت الأبيض بواشنطن في 25 مارس/آذار 1973، لمناقشة وتنسيق الحلول المتعلقة بكبرى القضايا العالمية، وخصوصاً في ميادين التجارة، والأمن، والاقتصاد، والتغيير المناخي، ومنه انبثق لاحقاً ما يعرف بـ(G7). فـما هي مجموعة السبع؟ ومن هم أعضاؤها؟ وما حجم قوتها وأهميتها؟
ما هي مجموعة السبع؟
مجموعة السبع، أو مجموعة الدول الصناعية السبع "The Group of Seven"، التي تختصر أيضاً برمز "G7″، وهي عبارة عن ملتقى سياسي حكومي دولي يضمّ الدول التالية: الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، وفرنسا، وألمانيا، وإيطاليا، واليابان، والمملكة المتحدة. ويُعتبر أعضاء المجموعة أكبرَ الاقتصادات المتقدمة في العالم وفقاً لصندوق النقد الدولي وأغنى الأنظمة الديمقراطية الليبرالية. وتقول المجموعة إنها تأسست رسمياً عام 1973 بالاستناد إلى "القيم المشتركة كالتعددية والديمقراطية التمثيلية".
وفي عام 1975، عقدت القمة الأولى لهذا الكيان عندما اجتمعت 6 دول "لتبادل الأفكار والحلول المحتملة لأزمة الاقتصاد العالمي"، وفي العام التالي انضمت كندا لهذه المجموعة.
ومنذ ذلك الحين، يجتمع رؤساء حكومات الدول الأعضاء، بالإضافة إلى ممثلي الاتحاد الأوروبي، بشكل سنوي في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع، كما يجتمع غيرهم من المسؤولين رفيعي المستوى لدول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي على مدار العام.
لا يستند عمل مجموعة الدول الصناعية السبع إلى معاهدة، وليس لها مقرّ دائم أو أمانة، وتتناوب رئاستها سنوياً الدول الأعضاء، وهكذا تتولى الدولة الرئيسة مهمة تحديد أولويات المجموعة، واستضافة وتنظيم قمتها، كما يتم تحديد محتوى الاجتماع من قبل الدولة المضيفة.
ورغم عدم وجود أساس قانوني أو مؤسسي لها، فمجموعة الدول الصناعية تحظى بنفوذ دولي كبير؛ إذ حفزت العديد من كبرى المبادرات العالمية أو تولت قيادتها، بما في ذلك تقديم المساعدة المالية للبلدان النامية، والحدّ من آثار تغير المناخ عبر اتفاق باريس للمناخ في عام 2015.
وتعرضت المجموعة لانتقادات بسبب عضويتها ذات الطراز القديم والمحدود، والتمثيل العالمي الضيق، وعدم الجدوى؛ كما أنها محطّ معارضة جماعات ضد العولمة، والتي غالباً ما تتظاهر خلال عقد مؤتمرات المجموعة.
يذكر أن المفوضية الأوروبية تتمتع بصفة مراقب، ويشارك الممثلون الرئيسيون للاتحاد الأوروبي في قمم مجموعة السبع منذ بضع سنوات حتى الآن، كما دعيت بعض البلدان الناشئة والنامية أيضاً كضيوف على قمم المجموعة.
ما حجم قوة وما مدى أهمية مجموعة السبع؟
منذ عام 2018، تستأثر دول مجموعة السبع بنسبة تقارب 60% من صافي الثروة العالمية (317 تريليون دولار)، ونسبة 32% حتى 42% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، و770 مليون نسمة تقريباً أو 10% من سكان العالم. معظم أعضاء المجموعة هم قوى عالمية على مسرح الشؤون العالمية، ويرتبطون بعلاقات وثيقة متبادلة على الصُعد الاقتصادية، والعسكرية، والدبلوماسية.
ويمثل سكان مجموعة دول السبع نحو 10% فقط من سكان العالم، لكنهم ينتجون نحو 45% من الدخل القومي الإجمالي في العالم. ورغم هذه القوة، إلا أن مجموعة السبع تعتبر منتدى غير رسمي، كما لا يمكنها اتخاذ قرارات ملزمة قانوناً، ولكنها تنسق المواقف والمبادرات المشتركة في مختلف مجالات السياسة العامة، ويتم الإعلان عن النتائج في بيانات تصدر باسم المجموعة ككل.
لكن رغم أن مجموعة دول السبع قد لا تتفق على قرارات ملزمة، فإن مواقفهم المشتركة في صياغتها لها وزن سياسي كبير، ولا سيما أن مؤتمرات قمة مجموعة السبع تمهد الطريق دائماً للمبادرات والاتفاقات المتعددة الأطراف.
لماذا لا تشمل مجموعة السبع روسيا أو الصين ذاتيْ الاقتصاد الكبير؟
في الفترة الممتدة بين 1998 و2014 كانت روسيا عضواً أيضاً في هذه المجموعة، وخلال هذه الفترة كانت المجموعة تسمى مجموعة الثماني "جي8" أو (G8)، إذ عقدت في يوليو/تموز 2006 القمة الـ32 للمجموعة في مدينة سان بطرسبرغ الروسية. لكن بسبب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، تم استبعاد موسكو بزعامة الرئيس فلاديمير بوتين من هذا النادي، ليعود اسمها "مجموعة السبع" كما كانت في السابق.
أما بالنسبة للصين، فهي الدولة الأكبر من حيث عدد السكان، وثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهي ليست عضواً بالمجموعة، حيث تُعد ثروات الصين أقل نسبياً من أعضاء مجموعة الدول السبع، وفقاً لحساب نصيب الفرد من ثروات البلاد. كما لا تعتبر الصين من دول الاقتصادات المتقدمة بحسب مقياس دول المجموعة، على الرغم من عضويتها في مجموعة الـ20، واحتوائها مدناً ضخمة حديثة مثل شنغهاي.
هل تمتلك مجموعة السبع أية صلاحيات دولية؟
لا تستطيع مجموعة السبع تمرير أية قوانين، لأنها تتشكل من بلدان منفصلة لكل منها عملية ديمقراطية خاصة به. ولكن مع ذلك، كان لبعض قراراتها في الماضي تأثيرات عالمية.
على سبيل المثال، لعبت مجموعة السبع دوراً مهماً للغاية في إنشاء صندوق عالمي لمكافحة الملاريا والإيدز في عام 2002.
وقبيل قمة مجموعة السبع التي انعقدت عام 2021 في المملكة المتحدة، وافق وزراء مالية المجموعة على إرغام الشركات متعددة الجنسيات على دفع المزيد من الضرائب.
كما أنها قدمت معونات مالية لبلدان نامية، واتخذت قرارات تتعلق بمكافحة تغير المناخ.
وعادة ما يرافق انعقاد القمة مظاهرات حاشدة، تمثل عدداً كبيراً من المنظمات بداية من نشطاء حقوق البيئة إلى مناهضي الرأسمالية. وغالباً ما يتم إبعاد هؤلاء المحتجين عن مكان انعقاد القمة من خلال إجراءات أمنية موسعة.
وفي القمة الأخيرة رقم 48 للمجموعة، والتي عقدت في 27 يونيو/حزيران 2022، في قصر "شلوس إلماو" وسط جبال الألب في مقاطعة بافاريا الألمانية، تظاهرات العديد من المنظمات لأجل لفت الانتباه إلى كارثة الجوع الوشيكة، حيث كانت المظاهرات قد خرجت في مدينة ميونخ التي لا تبعد كثيراً من مقر انعقاد القمة.
ما هي التحديات التي تواجه مجموعة السبع؟
لا تخلو قمم مجموعة السبع من الخلافات الداخلية بين الأعضاء، كما تواجه المجموعة انتقادات لأن أداءها لا يتناسب مع الأوضاع الاقتصادية والسياسية على المستوى الدولي.
ولا توجد دول إفريقية أو دول من أمريكا اللاتينية أو أي من دول جنوب الكرة الأرضية بين أعضاء مجموعة السبع.
وتواجه المجموعة تحدياً من الاقتصادات الناشئة سريعة النمو مثل الهند والبرازيل، وهما ليستا من أعضاء مجموعة السبع رغم كونهما من الأعضاء في مجموعة العشرين. ويرجح خبراء اقتصاد أن هذه الاقتصادات الناشئة قد تتفوق اقتصادياً على أعضاء مجموعة السبع خلال السنوات والعقود القادمة.