قبل عدة أشهر كانت التجارب الصاروخية للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون لا تتوقف مهما كان يحدث في البلاد، وكانت هذه التجارب تثير القلق في دول الجوار، وخاصة كوريا الجنوبية، لكن منذ أبريل/نيسان الماضي توقفت كوريا الشمالية عن تجاربها، وباتت البلاد في حالة سكون غير متوقع، فماذا حدث؟
كانت اختبارات الزعيم الكوري من الصواريخ هذا العام فقط كثيرة؛ بسبب توسع كوريا الشمالية في برنامج أسلحتها.. وحتى وقت قريب، كانت تتفاخر عادةً بكل اختبار في وسائل الإعلام الحكومية، وأحياناً حتى بطريقة دراماتيكية.
لكن منذ أبريل/نيسان، جفت هذه المعلومات؛ فقد توقفت كوريا الشمالية عن مشاركة التفاصيل والصور ومقاطع الفيديو من تجارب الصواريخ التي أجرتها منذ ذلك الحين، بما في ذلك صاروخ باليستي عابر للقارات، بينما تعمل على تطوير أسلحة بعيدة المدى يمكن أن تصل إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة، بحسب تقرير لصحيفة The Washington Post الأمريكية.
ماذا يحدث في كوريا الشمالية؟
يتطلب الأمر مجموعة من المعلومات من مصادر مختلفة لمحاولة فهم ما الذي يحدث مع كوريا الشمالية. ويجب دوماً التعامل مع إعلانات الأسلحة المفرطة التي تصدرها بحذر، والتحقق منها في ضوء المعلومات التي تأتي من مصادر وأطراف أخرى.
لكنَّ محللي الأسلحة يقولون إنها أفضل من عدم وجود معلومات على الإطلاق، خاصةً عندما يتعلق الأمر بأحدث أسلحة بيونغ يانغ؛ حيث يقيسون تقدم النظام في متابعة طموحات الزعيم كيم جونغ أون النووية.
قال أنكيت باندا، محلل أسلحة وزميل قديم في برنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي: "نبحث دائماً -نحن المحللين- عن مزيد من المعلومات، حتى لو كانت من وسائل الإعلام الحكومية؛ لذلك ليس هناك شك في أنَّ التعتيم في الأسابيع الأخيرة كان ضاراً".
يقول بعض الخبراء إنَّ عدم الكشف عن المعلومات منذ أبريل/نيسان قد يعكس صراع البلاد مع تفشِّي فيروس كورونا المستجد، الذي قالت مؤخراً إنه بدأ في ذلك الشهر. في 12 مايو/أيار، أعلنت كوريا الشمالية عن أول حالة إيجابية لها، على الرغم من ورود تقارير عن إصابات بالقرب من الحدود بين كوريا الشمالية والصين قبل ذلك بوقت طويل. وفي الأسابيع التالية، حذّرت كوريا الشمالية من فاشية "عنيفة" للفيروس.
ومنذ ذلك الحين، سعى كيم إلى التأكيد على استجابة المسؤولين للأزمة الصحية، لا سيما بالنظر إلى تركُّز الأشخاص المصابين بأعراض تشبه فيروس "كورونا" في العاصمة بيونغ يانغ؛ حيث تعيش النخب في البلاد.
قال بارك وون جون، أستاذ الدراسات الكورية الشمالية في جامعة إيوا ومانس في سيول: "أعتقد أنَّ عدم الكشف يرجع إلى تفشي فيروس كورونا المستجد. ومن المحتمل أنه بحلول نهاية أبريل/نيسان، أدركت قيادة كوريا الشمالية مدى خطورة تفشِّي المرض. ولن يستقبل سكان بيونغ يانغ على الأرجح إطلاق صواريخ كيم جونغ أون بنظرة إيجابية؛ لأنهم يتعاملون مع أزمة كوفيد".
ماذا عن الاختبار النووي القادم؟
وأضاف بارك أنَّ هذا التقييم قد يؤثر أيضاً في قرار كوريا الشمالية بشأن موعد إجراء تجربتها النووية السابعة، التي ستكون الأولى منذ عام 2017. ويقول مسؤولون استخباراتيون من الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية واليابان إنَّ كوريا الشمالية أكملت على ما يبدو الاستعدادات للاختبار، وتنتظر التوقيت السياسي المناسب. ومن شأن إجراء اختبار نووي، الذي عادة ما تكشف عنه أجهزة رصد الزلازل، أن يؤدي إلى زيادة حدة التوترات في المنطقة ومع الولايات المتحدة.
وتابع: "لا يمكنها إجراء تجربتها النووية السابعة بهدوء دون الكشف عنها. وبالإضافة إلى الحسابات العسكرية حول موعد إجراء الاختبار، هناك أيضاً حسابات سياسية مرتبطة بالرسالة التي يحتاج كيم لإرسالها محلياً".
وبينما تصدر كوريا الشمالية غالباً معلومات غير كاملة حول اختبارات الأسلحة، فإنها تنشر أحياناً صوراً ومقاطع فيديو تساعد المحللين في فهم أهميتها؛ على سبيل المثال، اعتماداً على ما إذا كان كيم قد أشرف شخصياً على عملية الإطلاق.
قال كولين زويركو، كبير المراسلين التحليليين في NK News، وهو موقع لمتابعة كوريا الشمالية مقره سيول، إنه حتى عندما أعلنت كوريا الشمالية عن أزمات محلية سابقة، مثل نقص الغذاء أو الفيضانات المدمرة، كانت لا تزال تروج لتطوير أسلحتها من خلال عرض عسكري أو دعاية حول اختباراتها.
ويرجح أنكيت باندا، محلل الأسلحة، أنَّ أسلوب ضبط النفس الذي بدأت تمارسه كوريا الشمالية حديثاً علامة على أنها كانت تختبر التكنولوجيا الحالية بدلاً من تجربة تطورات جديدة. ووفقاً لحكومتي كوريا الجنوبية واليابان، تضمّنت الاختبارات التي أجرتها بيونغ يانغ في مايو/أيار عدة صواريخ يُشتبَه أنها قصيرة المدى، التي أطلقتها الدولة بانتظام هذا العام.
وأكد باندا أنَّ كوريا الشمالية ستخبر العالم، حين تكون مستعدة للكشف عن نظام جديد نوعياً.
وقال باندا: "إنهم يتحولون عامةً نحو اختبارات تشغيلية وتطويرية أكثر تواتراً مما نراه في القوى العسكرية الأخرى. ربما ينبغي أن نتوقع تزامُن وتيرة الاختبار الأعلى مع دعاية أقل إجمالاً".