عادت الحمى القلاعية لتثير المخاوف في العديد من الدول العربية والإسلامية مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، وسط تقارير عن انتشارها في عدد من الدول، من بينها أكبر دولة إسلامية، وهي إندونيسيا، وكذلك مصر أكبر بلد عربي، مما يثير تساؤلات حول مخاطرها الصحية على الإنسان.
وأدى انتشار مرض الحمى القلاعية، وهو مرض فيروسي مُعدٍ يؤثر في الماشية، مثل الأبقار والأغنام والماعز، إلى أزمة في إندونيسيا، حيث يتحسر تجار الماشية بأكبر دولة إسلامية في العالم على انخفاض المبيعات.
وأطلقت إندونيسيا برنامجاً لتطعيم الماشية على مستوى الدولة، في محاولة للحد من تفشي المرض الذي بدأ في مايو/أيار الماضي.
وأصيب أكثر من 317 ألف حيوان في 21 مقاطعة إندونيسية، معظمها في جزر جاوة وسومطرة المكتظة بالسكان، حيث أعدمت السلطات أكثر من 3400 حيوان، وفقاً لبيانات حكومية، نقلتها رويترز.
وحتى شهر مايو/أيار 2022، كانت الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا خالية من مرض الحمى القلاعية منذ عام 1986.
الحمى القلاعية تظهر في بعض الدول العربية
وفي مصر، شهدت بعض المناطق إصابات بالحمى القلاعية بين المواشي، وتتخذ الأجهزة المعنية إجراءات مكثفة لتحصين المواشي ضد هذا المرض الذي يصيب المواشي.
وتُعد الحمى القلاعية أحد الأمراض المتوطنة في مصر، والتي تهدد بفقدان ثلث الثروة الحيوانية، حيث يشكل تحدياً خطيراً لجهود الدولة المصرية لتوفير اللحوم والألبان.
ولم ترتفع أسعار المواشي الحية في مصر حتى الآن، بسبب حالة الركود والخوف من مرض الحمى القلاعية، على الرغم من اقتراب موسم عيد الأضحى، حسبما قال لموقع "مصراوي" الدكتور يوسف العبد، عضو نقابة الأطباء البيطريين السابق، ولكنه توقع أن الأزمة ستتفاقم بعد العيد، حيث ستتحرك الأسعار نتيجة قلة المعروض من اللحوم".
وأوضح حسين أبو صدام، نقيب الفلاحين، أن انتشار أمراض الحمى القلاعية والجلد العقدي يهدد الثروة الحيوانية المحلية، لافتاً إلى تقصير بعض المربين في تحصين مواشيهم، مع تقاعس بعض المديريات أثناء فترات التحصين وبعد الإصابة.
وقال أبو صدام، لـ"مصراوي"، إن أسعار الأضاحي الحية تراجعت نتيجة تخوف المواطنين من الإقبال على الأسوأ، مشيراً إلى أن حركة البيع والشراء شبه متوقفة.
وفي الأردن، تم اكتشاف سلالة جديدة من مرض الحمى القلاعية، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وسرعان ما انتقل المرض إلى الضفة الغربية الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي، ويعتمد سكانها بدرجة كبيرة على الزراعة.
وفي ذروة انتشار المرض بالضفة الغربية، خلال مايو/أيار الماضي، ألقي مربو الماشية الفلسطينيون اللوم على السلطة الفلسطينية التي أوقفت تلقيح الحيوانات.
بينما تلقي السلطة الفلسطينية باللوم في الوباء على فيروس كورونا، الذي أجبر الشركات المنتجة للقاحات في جميع أنحاء العالم على تكريس جهودها لتلبية الطلب على لقاحات الفيروس.
كما تتهم السلطة الفلسطينية إسرائيل بمنعها من شراء إمدادات كافية من لقاحات الحمى القلاعية.
ورغم جهود مكافحة الحمى القلاعية في الدول العربية، فإن تزايد واردات اللحوم يالمنطقة جراء نمو الطلب من جانب أعدادٍ كبيرة من السكان على استهلاكها، يرفع احتمالات العدوى عبر الحدود، حسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو".
ما هو مرض الحمى القلاعية، وهل يمكن أن ينتقل للإنسان؟
والحمى القلاعية، هو مرض فيروسي يصيب الأبقار والجاموس والأغنام والماعز، ونادراً ما يصيب الإنسان.
وهو مرض شديد العدوى لحيوانات مثل الماشية والخراف والماعز والخنازير ويؤدي إلى نفوقها، وفي حين أن المرض يمكن أن يكون مميتاً للحيوانات، فإنه لا يعتبر بشكل عام تهديداً لصحة الإنسان.
وينتقل المرض عن طريق الحيوانات المصابة، أو عن طريق العاملين في رعاية الحيوانات، ويحدث الوباء عندما تنضم حيوانات حاملة لهذا الفيروس إلى قطيع آخر من الحيوانات أو بواسطة أناس يرتدون ملابس أو غطاء للقدمين ملوثاً بفضلات حيوانات مصابة بالمرض. وقد يؤدي استعمال الأدوات أو وسائل النقل التي تحمل الحيوانات المصابة إلى انتقال العدوى إلى حيوانات سليمة . كما يمكن أن ينتقل الفيروس عن طريق لحوم الحيوانات المصابة أو منتجاتها عندما تتغذى بها حيوانات معرضة للإصابة .
وتبلغ درجة شدة عدواه إلى حد أنه يمكن أن ينتقل بواسطة ذرات الغبار في الهواء.
ويقول الأطباء البيطريون إن إعطاء اللقاح للحيوانات قد يمنع حدوث الأعراض عندها تماماً، ولكنها تظل حاملة للفيروس، وتنقله إلى الحيوانات الأخرى.
ويؤدي المرض إلى انخفاض معدلات الألبان المنتجة في الإناث بجانب ذبح أي رأس ماشية تعاني من أعراض خفيفة إلى متوسطة للحمى القلاعية.
ويعتقد الأطباء البيطريون أن أفضل طريقة لإيقاف انتشار الحمى القلاعية هي قتل قطيع الحيوانات المصابة وحرقها، وعزل المزارع المصابة بهذا المرض.
أعراض المرض عند الحيوان المصاب
أهم أعراض مرض الحمى القلاعية، تقرحات في فم الحيوان المصاب ما يجعله غير قادر على الأكل، كما يؤدي إلي التهاب في حوافر الحيوان، ما يفقده القدرة على التحرك بشكل عادي، وسيلان لعاب الحيوان بغزارة وارتفاع درجة حرارته تتعدى 40 درجة مئوية، وانخفاض وزنه وإنتاج الألبان.
والماشية المصابة بالحمى القلاعية تكون منخفضة الحجم؛ لأن من أعراض الإصابة امتناع الماشية عن الأكل لمدة 10 أيام.
الحمي القلاعية، أو غيرها من الأمراض لها تحصينات بالنسبة للحيوانات، ويمكن علاجها، وفي بعض الحالات التي لم تحصل على تحصين من الحمى القلاعية، ولم يهتم أصحابها بعلاجها يمكن أن تموت على الفور.
هل ينتقل عن طريق تناول اللحوم والألبان، وكيف يمكن للمستهلك اكتشافها؟
إذا لم يتم تعريض اللحوم أو الألبان لدرجات حرارة كافية قد ينتقل مرض الحمى القلاعية للإنسان، لكن تأثيره على البشر ضعيف جداً، ففي وباء عام 1967 لم تحدث سوى حالة واحدة عند الإنسان، واشتبه في إصابة طفل واحد بها.
إذ تقول منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو"، في موقعها، إن مرض الحمى القلاعية لا ينتقل إلى الإنسان إلا نادراً، لكن انتشاره من الممكن أن يؤدي إلى ارتفاع سعر البروتين الحيواني للفقراء، وقد يُنزل خراباً بموارد دخل المزارعين وسُبُل معيشتهم. وتنطوي السلالة "A" من الحمّى القلاعية على أخطارٍ بالغة نظراً إلى صعوبة الاحتفاظ بكميات كبيرة من مُصول التطعيم للتحصين (اللقاحات) بسبب قدرة الفيروس على التبدُّل الطَفري السريع.
لكن الخوف على الإنسان إذا تناول لحوم الحيوانات المصابة بهذا المرض، يأتي من البكتريا المسببة للأمراض التي تنمو في لحوم الحيوانات المصابة، وليس الفيروس نفسه المسبب للمرض.
لذا يجب الاهتمام بطهي اللحوم جيداً، وغلي اللبن جيداً مع التقليب المستمر كل ربع ساعة.
وفي حالة ما إذا كانت الرأس المصابة قد ذُبحت وتم بيعها، يتم التعرف على اللحوم المصابة من أنها تكون لها رائحة كريهة، حسب الدكتور يوسف العبد، الذي يقول إنه من الممكن أن تُرصد بها خطوط حمراء، ما يصعب على ذابحيها الحصول على الأختام اللازمة لبيعها، كما يجب تجنب شراء اللحوم المفرومة؛ لأنه يسهل غشها.