لقي 11 شخصاً مصرعهم وأصيب أكثر من 250 آخرين، بسبب تسرب غاز سام على متن سفينة في ميناء العقبة بالأردن، فما قصة غاز الكلورين؟ وكيف يمكن إنقاذ من يتعرض له؟
كان التلفزيون الرسمي الأردني قد ذكر، الإثنين 27 يونيو/حزيران 2022، أن 11 شخصاً قد لقوا حتفهم وأصيب أكثر من 250 آخرين في حادث تسرب غاز سام من صهريج بميناء العقبة، في الوقت الذي طالبت فيه مديرية الصحة في المدينة المواطنين بإغلاق النوافذ والبقاء في المنازل.
وقال الناطق الإعلامي باسم مديرية الأمن العام في الأردن إنه وفي أثناء الأعمال اليومية بميناء العقبة، سقط صهريج معبأ بمادة غازية سامة في أثناء نقله؛ مما أدى إلى تسرب الغاز في الموقع.
وأضاف أن المختصين وفريق المواد الخطرة في الدفاع المدني يتعاملون حتى هذه اللحظة مع حادثة تسرب الغاز. وذكر التلفزيون الرسمي أن المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات وبالتنسيق مع القوات المسلحة الأردنية عزز محافظة العقبة بطائرات إجلاء جوي.
غاز أصفر اللون غير قابل للانفجار!
أظهر مقطع فيديو نشره التلفزيون الرسمي نقل الصهريج المحمل بالغاز بواسطة رافعة وسقوطه على سطح سفينة، لينتشر على الفور غاز أصفر اللون. وذكر التلفزيون الرسمي أن رئيس الوزراء بشر الخصاونة توجه إلى العقبة؛ لمتابعة الحادث، بحسب رويترز.
ونقل التلفزيون أيضاً عن وزير الإعلام قوله إن رئيس الوزراء شكَّل فريق تحقيق بحادثة تسرب الغاز في العقبة برئاسة وزير الداخلية، واتخاذ الإجراءات اللازمة.
ونشرت مديرية الأمن العام على حسابها الرسمي في تويتر تغريدات أظهرت "جانباً من جهود فرق الإنقاذ والإسعاف وفريق التطهير الكيماوي التابع لمديرية الدفاع المدني في التعامل مع حادثة سقوط صهريج محمل بالغاز في العقبة".
وكشفت وسائل إعلام محلية في الأردن، أن الغاز المتسرب من الصهريج هو غاز الكلورين، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن الكلورين غاز أصفر مخضر له رائحة مميزة تشبه رائحة المادة المبيِّضة، وهو أثقل من الهواء بثلاثة أضعاف تقريباً، وبالتالي فهو يتجمع في المناطق المنخفضة، وهو غير قابل للانفجار، إلا أنه قد يعزز الانفجار للمواد الأخرى.
ماذا يحدث عند التعرض للكلورين؟
الكلورين غاز وهو ما يعني أن التعرض له يتم عبر الاستنشاق، لكنه أيضاً قد يصيب الجلد والعينين بصفة خاصة، في حال التعرض لجرعة مكثفة منه أو الوجود بالقرب من موقع إطلاق الغاز المسال تحت الضغط.
أما عن الأعراض التي تظهر عند استنشاق غاز الكلورين أو التعرض له مباشرة، فهي تتمثل في تهيج شديد في الأغشية المخاطية بالأنف، كما تظهر الآثار على الجهاز التنفسي بشكل عام وعلى الرئتين في وقت متأخر، لكن في جميع الأحوال تتوقف شدة وسرعة ظهور الأعراض على مدى تركيز الغاز المستنشق ومدة التعرض لذلك الغاز.
وبشكل عام فإن استنشاق غاز الكلورين يسبب حروقاً كيميائية في جميع أنسجة الجهاز التنفسي التي يلامسها، بحسب منظمة الصحة العالمية. ويكون السعال المصحوب بكميات كبيرة من البلغم أحد أبرز الأعراض الأولية للتعرض للكلورين، إضافة إلى الشعور بالاختناق وضيق الصدر وصعوبة التنفس وخشونة الصوت وسيلان الإفرازات من الأنف.
وهناك أعراض أخرى أيضاً كالغثيان والقيء والصداع، إضافة إلى حدوث التهابات رئوية قد تتأخر في الظهور لفترات تتراوح بين 12 و14 ساعة.
الإسعافات الأولية لمصابي غاز الكلورين؟
الكلورين غاز طيار، أي إنه يميل إلى عدم الالتصاق بالجلد في الظروف العادية؛ وبالتالي فإن فرص إصابة شخص آخر بالغاز عن طريق اللمس ربما لا تكون مرتفعة، لكن يُنصح دائماً بأن يتخذ المسعفون الطبيون الذين يتعاملون مع شخص تعرض للغاز، إجراءات الوقاية المعتادة من ارتداء القناع والقفازات الطبية.
ففي بعض حالات التعرض المباشر لغاز الكلورين المضغوط ولفترات طويلة، يتفاعل الغاز مع جلد المصاب ويتكثف؛ وبالتالي يصبح الشخص ناقلاً لعدى الإصابة لآخرين في حالة الاحتكاك المباشر معهم.
ويكون الإجراء الأول في الإسعافات الأولية لمن تعرض لغاز الكلورين هو استخدام الماء لغسل الجلد والتخلص من الملابس وغمرها في الماء أيضاً. ولأن العين والجهاز التنفسي هما الأعضاء الرئيسية المستهدفة بغاز الكلورين، لابد من توجيه جهود الإسعاف نحو الحفاظ على المسلك الهوائي مفتوحاً، وعلى كمية كافية من الأوكسجين، وعلى إزالة التلوث من العينين.
وينبغي إزالة العدسات اللاصقة لدى من يستخدمها بلطفٍ، وغسل العينين بماء دافئ وبمحلول ملحي نظامي، ثم فحص العينين بصبغة الفلورسين وإحالة المصاب إلى اختصاصي العيون، وطلب استشارته، لاسيما إذا حدث تماس بين العين وسائل الكلورين، حتى وإن كان السائل المخفف الذي يستخدم في تنظيف المنازل.
ويتسم غاز الكلورين بأنه غير ثابت، ويتفاعل بسرعة مع المواد الكيميائية الأخرى ومع الماء فور انطلاقه، وهو يتفكك بتأثير أشعة الشمس خلال دقائق، فما إن ينطلق حتى يتبخر ويشكل غيمة صفراء مخضرة أثقل من الهواء، ويمكن للرياح أن تحملها بعيداً لمسافات تبلغ عدة كيلومترات من مصدر انطلاقها.
وينبغي ارتداء قناع ينقي الغازات عند حدوث أي تسرب لغاز الكلورين كما حدث في ميناء العقبة. ويمكن التعرف على غاز الكلورين من خلال رائحته اللاذعة والمهيجة، والتي تشبه رائحة التنظيف "التبييض"، وقد توفر الرائحة القوية تحذيراً كافياً للأشخاص من تعرضهم.