حرب عالمية ثالثة يمكن أن تنشب بسبب شريط ضيق من الأرض ومنطقة روسية معزولة تحاصرها دول الناتو، تسمى "جيب كالينينغراد"، فرضت عليه ليتوانيا حصاراً جزئياً، أصاب سكان الإقليم الروسي حالة من الهلع، حيث سارعوا بتخزين احتياجاتهم الضرورية.
فقد هدّد رئيس مجلس الأمن في الكرملين نيكولاي باتروشيف "سكان ليتوانيا" بعواقب وخيمة، بعد رفض خط السكة الحديد الليتواني السماح لبعض البضائع بالعبور إلى جيب كالينينغراد، الذي هو إقليم تابع لموسكو معزول عن باقي أراضي روسيا، لأنه محاط بليتوانيا وبولندا.
الحظر سيمنع نصف جميع البضائع الواردة إلى الإقليم، والتي يسافر معظمها عبر السكك الحديدية، كما سيؤدي الحظر إلى قطع خط أنابيب النفط الوحيد في جيب كالينينغراد من روسيا، حسبما قال حاكم الإقليم، أنطون عليخانوف، الذي اضطر إلى حث السكان على عدم الذعر والتدافع نحو شراء السلع.
ووصفت روسيا حظر العبور بأنه "حصار" وخطوة غير قانونية، حسب تعبير المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف يوم الإثنين، حيث يعتمد جيب كالينينغراد بشكل كبير على الواردات من روسيا لتوفير الاحتياجات الأساسية، ووفقاً للقانون الدولي الحصار عمل من أعمال الحرب.
وجيب كالينينغراد الروسي، الذي يقطنه حوالي مليون شخص يقع على بعد 800 ميل من موسكو، ولا يوجد رابط من الأرض يصله بروسيا، فهي محاطة بليتوانيا من الشرق، وبولندا من الجنوب، وكلاهما عضوة بحلف الناتو والاتحاد الأوروبي، ويمكن فقط السفر أو نقل البضائع براً من روسيا للإقليم بواسطة القطارات عبر ليتوانيا منها لبيلاروسيا حليفة بوتين؛ ولكن لا يوجد عبور عبر بولندا.
"ممر سوالكي" المنطقة الأكثر حساسية في العالم
وشريط الأرض الضيق الذي يصل الجيب بليتوانيا، ثم بيلاروسيا، ومنها لروسيا، يعرف باسم ممر سوالكي، وهذا الممر يمكن أن يشمل أراضي ليتوانيا فقط، أو أراضي بولندا أيضاً، ويعد واحداً من أكثر مناطق العالم حساسية.
ولا يزال بإمكان روسيا التواصل مع جيب كالينينغراد عن طريق البحر، ولكنه أكثر تكلفة وأقل قدرة على نقل البضائع والبشر.
وقال رئيس مجلس الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف، الحليف المقرب للرئيس فلاديمير بوتين: "من المؤكد أن روسيا سترد على مثل هذه الأعمال العدائية". "التدابير المناسبة ستتخذ في المستقبل القريب… سيكون لعواقبها أثر سلبي خطير على سكان ليتوانيا".
لم يحدد باتروشيف كيف سترد روسيا، واكتفى بالقول إنها ستكون "مشتركة بين الوكالات الروسية".
تم استدعاء القائم بالأعمال الليتواني في موسكو إلى وزارة الخارجية الروسية يوم الإثنين، وإبلاغه بأنه إذا لم تتم استعادة عبور الشحن إلى منطقة كالينينغراد بالكامل، فإن روسيا تحتفظ بالحق في اتخاذ إجراءات لحماية مصالحها الوطنية.
بشكل منفصل، استدعت وزارة الخارجية الروسية، أمس الثلاثاء، سفير الاتحاد الأوروبي لدى روسيا، ماركوس إيدير، و "أعربت عن احتجاجها الشديد" على حظر العبور. وقالت الوزارة في بيان إنها "طالبت باستئناف فوري للتشغيل العادي" للمرور، وإلا "ستتبع إجراءات انتقامية".
ودافعت ليتوانيا عن الحظر قائلة إنه مجرد خطوة للامتثال لعقوبات الاتحاد الأوروبي التي تم فرضها على روسيا منذ غزوها لأوكرانيا، في أواخر فبراير/شباط 2022، ووصف كبار المسؤولين الليتوانيين رد فعل روسيا بأنه محاولة من قبل الكرملين لإطلاق حملة دعائية لادعاء فرض حصار على جيب كالينينغراد للاستهلاك الداخلي بشكل أساسي.
وقالت رئيسة وزراء البلاد، إنغريدا سيمونيتي، إن أي مزاعم بشأن حصار كالينينغراد هي نتاج دعاية الكرملين.
وقالت وزارة الخارجية الليتوانية إن "عبور الركاب والسلع غير الخاضعة للعقوبات من وإلى منطقة كالينينغراد عبر ليتوانيا مستمر بلا انقطاع، وأن ليتوانيا لم تنفرد بفرض أي قيود إضافية على القيود التي قررها الاتحاد الأوروبي، والتي لها فترات انتقالية وتواريخ دخول مختلفة لحيز التنفيذ".
وتشمل السلع المحظورة من دخول الاتحاد الأوروبي بموجب العقوبات المفروضة بعد غزو بوتين لأوكرانيا الفحم والمعادن ومواد البناء والتكنولوجيا المتقدمة الروسية، والآلات والأدوات الآلية وغيرها من المعدات الصناعية، وفقاً لوكالة الأنباء الروسية الحكومية تاس، نقلاً عن وزارة التنمية الاقتصادية. كما يتم تضمين بعض السلع الفاخرة.
ويخضع أقل من نصف البضائع التي تعبر ليتوانيا في حوالي 100 رحلة قطار كل شهر لعقوبات الاتحاد الأوروبي.
ما موقف الاتحاد الأوروبي؟
ويهدد الخلاف الآن بتصعيد التوترات بين موسكو والاتحاد الأوروبي، ويخشى الخبراء من أن يصبح جيب كالينينغراد نقطة اشتعال في التوترات بين موسكو وأوروبا.
في عام 2002، توصل الاتحاد الأوروبي وموسكو إلى اتفاق بشأن السفر بين روسيا وكالينينغراد، قبل انضمام بولندا وليتوانيا إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2004.
الجدير بالذكر أن الحفاظ على العبور بين روسيا الاتحادية وجيب كالينينغراد عبر أراضي ليتوانيا كان أحد الشروط الأساسية لحصول ليتوانيا على عضوية الاتحاد الأوروبي؛ كما أن اتفاقية الشراكة والتعاون بين روسيا والاتحاد الأوروبي في 24 يونيو/حزيران 1994، لم يتم إلغاؤها، وأن حرية العبور هي أحد المبادئ الأساسية لمنظمة التجارة العالمية.
واتهم المسؤولون الروس ليتوانيا بخرق اتفاقيات العبور هذه.
وشدد رئيس لجنة حماية سيادة الدولة في الغرفة العليا للبرلمان الروسي، أندريه كليموف، على أهمية أن يحل الاتحاد الأوروبي المشكلة المتعلقة بإعاقة نقل السلع إلى منطقة كالينينغراد، وتوعد قائلاً: "وإلا ستحل روسيا المشكلة بنفسها".
وقالت المفوضية الأوروبية إن ليتوانيا تتصرف بشكل قانوني، رغم أن مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، قال يوم الإثنين إنه سوف "يتحقق مرة أخرى"، فيما يبدو أنه محاولة لتقليل حدة الأزمة.
تاريخ الجيب المركب من الوثنية لعاصمة أول دولة ألمانية بروتستانية
سكان المنطقة الأصليون هم من شعب يدعى البروسيين، وهو شعب وثني انقرض على يد الغزوات الألمانية الصليبية، التي بدأت في القرن الثالث عشر، التي أقامت دولة عسكرية رهبانية، وأسس الألمان مدينة كونيغسبيرغ (كالينينغراد الحديثة)، وهاجروا للمنطقة بكثافة، حيث همشوا لقرون سكانها من البروسيين والليتوانيين وأجبروهم على التحول إلى المسيحية، والعمل كعبيد للأرض، وأدت سنوات من الدمج القسري والاستيطان الألماني لاختفاء السكان الأصليين، وأصبح أغلب سكان الإقليم من الألمان.
أصبحت المنطقة تابعة رسمياً لبولندا بعد انتصارها في حرب الثلاثة عشر عاماً (1454-1466)، ولكن بقيت المنطقة دويلة تحكم نفسها بشكل ذاتي، تسمى دوقية بروسيا، التي ستصبح أول دولة بروتستانتية في أوروبا، وتطورت تدريجياً لتصبح مملكة بروسيا، في الفترة التي كان حكامها تابعين لملك بولندا، وتدريجياً ستتحول إلى أقوى الدويلات الألمانية، التي ستوحد ألمانيا في عام 1870.
وكانت كونيغسبيرغ عاصمة دوقية بروسيا حتى عام 1660، عندما انتقلت العاصمة إلى برلين، لأن بروسيا توسعت غرباً، ومع صعود بروسيا وضعف بولندا ستزداد سيطرتها على جيب كالينينغراد، ويصبح اسمه بروسيا الشرقية.
بعد الحرب العالمية الأولى أُجبرت ألمانيا على التنازل عن المنطقة الفاصلة بين بروسيا الشرقية وبين الأراضي الألمانية الرئيسية إلى بولندا، لأنها كانت توجد بها أقلية بولندية كبيرة، وأصبحت بروسيا الشرقية بين الحربين الأولى والثانية جيباً ألمانياً، منفصلاً عن بقية ألمانيا.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية كانت هذه المنطقة ذات الأغلبية الألمانية تمثل مشكلة للسوفييت، ولم يرغبوا في إعادتها إلى ألمانيا، خاصة أن مثل هذه الخطوة ستزيد التوتر مع البولنديين، ولم يرغبوا في إنشاء دولة اشتراكية ألمانية مستقلة. وقرر ستالين ببساطة ضم المنطقة وطرد السكان الألمان وإحلال الروس محلهم، وأطلق عليها اسم "كالينينغراد"، بدلاً من اسمها الألماني القديم كونيغسبيرغ، وضمها لجمهورية روسيا السوفييتية، ووطّن فيها بعض الروس وبعض الأوكرانيين والبيلاروسيين.
ولكن لم تكن هناك مشكلة من عدم وجود تواصل بري مباشر بين جيب كالينيغراد وبين روسيا خلال العهد السوفييتي، لأن المناطق الفاصلة كانت جزءاً من ليتوانيا وبيلاروسيا، وكلتاهما كانت من جمهوريات الاتحاد السوفييتي، الذي يهيمن عليه الروس.
ولكن اليوم أصبحت منطقة كالينينغراد جيباً معزولاً عن روسيا، ويمكن أن يكون في الوقت ذاته رأس حربة لموسكو في أراضي الاتحاد الأوروبي والناتو.
لعقود من الزمان، كان جيب كالينينغراد خلال العهد السوفييتي منطقة عسكرية معزولة بشدة، ومغلقة أمام الأجانب، وكانت بمثابة حصن روسي مدجج بالسلاح، لكن في السنوات الأخيرة أصبح وجهة سياحية ناشئة، واستضافت عاصمة الإقليم مباريات خلال كأس العالم 2018 في روسيا.
ويعتبر جيب كالينينغراد من أكثر المناطق ازدهاراً في روسيا، ويتميز بصناعة واسعة النطاق. وتصطف شوارع المدينة الرئيسية بأمثلة رائعة من العمارة الألمانية القديمة إلى جانب المباني السكنية السوفييتية القاتمة والخرسانية، حسب وصف تقرير لشبكة CNN الأمريكية.
لماذا تعتبر كالينينغراد مهمة؟
كالينينغراد هي المقر الرئيسي لأسطول البلطيق الروسي، وتستضيف بعضاً من أقوى أسلحة موسكو، بما فيها صواريخ فرط صوتية التي يتباهى بها بوتين.
وفي كالينينغراد يوجد الميناء الروسي الوحيد على بحر البلطيق، الذي يخلو من الجليد على مدار السنة، وهو نقطة انطلاق مهمة للأسطول البحري للبلاد. يمنع موقعها الاستراتيجي السفن الروسية من الاضطرار إلى الإبحار حول الدول الاسكندنافية عن طريق الممر الشمالي، والسفر عبر المحيط المتجمد الشمالي. هذا هو الطريق الذي يجب أن تسلكه السفن من الميناء الثاني لأسطول البلطيق في سانت بطرسبرغ.
كما يوفر موقع كالينينغراد ميزة عسكرية لروسيا، أنه يجعل لديها سفناً بحرية متمركزة خلف خطوط الناتو.
إلى جانب أسطولها، تمتلك روسيا أيضاً أسلحة نووية متمركزة في الإقليم، فرغم أن موسكو لم تعترف بامتلاكها أسلحة نووية في جيب كالينينغراد، لكن في عام 2018 خلص اتحاد العلماء الأمريكيين إلى أن روسيا قامت بتحديث مخبأ لتخزين الأسلحة النووية في المنطقة بشكل كبير، بناءً على تحليل صور الأقمار الصناعية.
وتوفر الرؤوس الحربية النووية المحمولة على صواريخ قصيرة أو متوسطة المنشورة في الجيب الموجود بقلب أراضي الناتو لروسيا ميزة ضربة أولى أكثر فاعلية، بسبب الوقت المحدود الذي تستغرقه الصواريخ للوصول إلى أهدافها في أوروبا.
ماذا ستفعل روسيا؟ خياراتها كلها خطيرة
منعت ليتوانيا بالفعل واردات الطاقة الروسية، ما ينزع هذه الورقة من موسكو كأداة للضغط على هذه الدولة الأوروبية الصغيرة، ويرفع من احتمال حاجة موسكو لرد عسكري أو أمني أو التلويح به على الأقل.
وبدأ أسطول روسيا في بحر البلطيق بالفعل في تدريبات صاروخية ومدفعية مخطط لها مسبقاً، شارك بها حوالي ألف عسكري وأكثر من 100 وحدة من وحدات المدفعية والصواريخ، حسبما قالت وكالة ريا نوفوستي الروسية، الإثنين الماضي.
ووفقاً لليتوانيا، أمرت روسيا في مارس/آذار الماضي، قواتها النووية في حالة تأهب قصوى رداً على ما وصفته بالضغوط المتزايدة من دول الناتو التي تصدر "تصريحات عدوانية ضد موسكو".
ولكن أكثر ما يخشاه الناتو هو هجوم روسيا على ثغرة أو ممر سواليكي، وهو شريط من الأرض بطول 50 ميلاً من الأراضي الحدودية البولندية والليتوانية الذي يقع بين كالينينغراد الروسية في الغرب وبيلاروسيا الصديقة للكرملين في الشرق.
ويتوقع الناتو أن الممر قد يكون هدفاً محتملاً لبوتين في حالة نشوب أي صراع، واستيلاء الروس عليه يمكن أن يعزل ليتوانيا ولاتفيا وإستونيا في الشمال عن بقية الاتحاد الأوروبي، حسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، حثت ليتوانيا الناتو على زيادة انتشار قواته على أراضيها. في أبريل/نيسان الماضي، قال الرئيس جيتاناس نوسيدا إن كتيبة التواجد الأمامي المعزز التابعة لحلف الناتو يجب أن تتحول "على الأقل" بحجم لواء، ودعا إلى تعزيز الحماية لممر سوالكي.
وسبق أن اقترح كولونيل روسي متقاعد ومحلل تلفزيوني حكومي أن يستولي الروس على ممر سوالكي، من أجل فرض سيطرة عسكرية فعالة على جميع طرق الإمداد الممكنة إلى دول البلطيق.
لهذه الأسباب.. موسكو قد تفضل التركيز على مهاجمة ليتوانيا وليس بولندا
رغم حقيقة أن الجانب البولندي من ممر سوالكي، أقصر، فمن غير المرجح أن يتم استخدامه كمنطقة تركيز رئيسي لأي هجوم روسي، فبالنسبة للروس الأفضل الهجوم على ليتوانيا فقط حتى لو كان ذلك سيطيل الممر، لأن الأخيرة دولة ضعيفة وصغيرة جداً، بينما بولندا أكبر وأقوى، فعدد سكانها نحو 38 مليوناً أي قريبين لعدد سكان أوكرانيا التي فشلت روسيا في هزيمتها حتى الآن.
اقتصار الهجوم على جنوب غرب ليتوانيا هو السيناريو المرجح، حسب تحليلات مراكز الأبحاث الغربية، أيضاً نظراً لأن التضاريس أقل وعورة وأدنى من حيث كثافة الغابات في المنطقة الليتوانية من الممر.
المشكلة بالنسبة لروسيا هي أن ليتوانيا عضو في الناتو، وبالتالي فإن أي عمل عسكري مباشر ضدها يفترض أن يؤدي إلى تفعيل المادة 5 من المعاهدة، ما قد يعني أن الحلف بأكمله سيخوض حرباً مع روسيا، قد تتحول لحرب نووية تدمر العالم.
خلال خطاب حالة الاتحاد الأخير، تعهد الرئيس الأمريكي جو بايدن بالدفاع عن "كل شبر" من أراضي الناتو، وفي مارس/آذار 2022، عززت الولايات المتحدة وجودها في ليتوانيا، ليصل عدد الجنود المتمركزين في البلاد إلى حوالي 1000 جندي.
بدون مبالغة فإن جيب كالينينغراد الصغير المعزول، وممر سوالكي الضيق المار بليتوانيا وبولندا، ومنهما لبيلاروسيا، يمكن وصفه بأنه أخطر مكان في العالم، والمكان الأكثر احتمالاً أن تندلع منه الحرب العالمية الثالثة.
فليتوانيا تحرج موسكو أمام مواطنيها بسبب القيود التي فرضت على جيب كالينيغراد، وموسكو بين خيار التصعيد الذي قد يخرج عن السيطرة، أو الصمت المهين، أو محاولة حل الأزمة لوجستياً عبر تسريع عملية الإمدادات عبر البحر، وهي مسألة مرهقة ومكلفة وسوف تستغرق وقتاً.
وهددت موسكو بأنها ستتعامل مع ليتوانيا باعتبارها "بلداً لا ينتسب إلى عضوية الاتحاد الأوروبي"، وستتصرف من منطلق أن الاتحاد الأوروبي "أطلق يدها"، حسبما قال رئيس لجنة حماية سيادة الدولة في البرلمان الروسي.
وتستطيع روسيا احتلال ممر عسكري بسهولة، ولكن تخشى رد فعل الناتو، وفي الوقت ذاته فليس من المعروف هل قرار ليتوانيا مبادرة فردية منها، أم اتخذته باتفاق مع الأمريكيين أو شركائها الأوروبيين، خاصة أن الطرفين حريصيان على عدم التصعيد، والاقتراب من سيناريو الحرب.
ولكن هناك مؤشرات قوية أن دول البلطيق وبولندا تقوم بتصعيد مع روسيا أحياناً بمبادرة ذاتية، وأنها تريد مزيداً من إقحام للناتو والاتحاد الأوروبي في الصراع، الأمر الذي يثير تساؤلاً هل الولايات المتحدة والدول الأوروبية الرئيسية على استعداد لرفع مستوى استفزاز بوتين عبر إحراجه أمام مواطنيه.
وهناك مخاوف من وقوع سلسلة من ردود الأفعال والأفعال المضادة بين الجانبين.
فقد ترد روسيا بعمل عسكري محدود مثل انتهاك أجواء ليتوانيا، فيقابل ذلك برد فعل من الناتو يخرج الأمور عن السيطرة، والمفارقة أنه في تاريخ المواجهة بين الناتو مع الاتحاد السوفييتي وروسيا على مدار نحو سبعة عقود، لم يختبر الطرفان النوويان أزمات يحدث فيها اشتباكات أو حرب محدودة.
فالسيناريو الذي افترضه الجانبان، هو أن طلقة واحدة يمكن أن تؤدي إلى تراشق بالقنابل النووية، وهو الأمر الذي منع إطلاق الطلقة الأولى التي لا يعرف أحد عقباها على العالم برمته.