جاء فوز زعيم حركة أمل، نبيه بري، بصعوبة برئاسة مجلس النواب اللبناني، ليثير تساؤلات حول مستقبل الحياة السياسية في البلاد، خاصةً ما يتعلق بمسألة اختيار رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية، وهل يستطيع حزب الله أن يمرر مرشحَيه للمنصبين، رغم فقدانه هو وحلفائه الأغلبية أم يتمكن معارضوه من التوحد في مواجهته، وما احتمالات حدوث أزمة سياسية جديدة؟
وفي جلسة ساخنة، انتخب البرلمان اللبناني، الثلاثاء 31 مايو/أيار 2022، بأغلبية ضئيلة نبيه بري، رئيس "حركة أمل" (شيعية)، رئيساً له لولايةٍ مدتها 4 سنوات، هي السابعة له في هذا المنصب.
ونال بري (84 عاماً)، أقل عدد من الأصوات في تاريخه البرلماني، وذلك بعد فقدان قوى 8 آذار التي تضم حزب الله وحركة أمل والتيار العوني وقوى أصغر أخرى حليفة لهم، الأغلبية البرلمانية في الانتخابات الماضية التي ظهرت نتائجها في 17 مايو/أيار 2022.
مجلس النواب اللبناني بلا أغلبية
وتراجع عدد مقاعد حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر (التيار العوني) وحلفائهم من 71 في البرلمان السابق إلى نحو 60 في البرلمان الجديد، أي أقل من نصاب "النصف + واحد" اللازم للأغلبية بنحو خمسة مقاعد. وتوزعت المقاعد الـ68 الباقية على قوى مختلفة، منها نحو 13 مقعداً لقوى مستقلة محسوبة على المجتمع المدني، بينما البقية توزعت على تحالف يوصف بأنه يمثل بقايا قوى 14 آذار، القريبة من الرياض وواشنطن وعلى رأسه حزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع، الذي نال نحو 20 مقعداً، مما جعله أكبر كتلة حزبية منفردة بالبرلمان لأول مرة في تاريخه.
وأدى السخط الشعبي على الطبقة السياسية الذي وصل ذورته في احتجاجات 2019، وغياب تيار المستقبل الممثل للطائفة السنية، أن الانتخابات النيابية الأخيرة شهدت نجاح 13 نائباً مستقلاً دخلوا البرلمان، في ظاهرة غير مسبوقة في الحياة السياسية اللبنانية منذ عقود.
وكان بري المرشحَ الوحيد لمنصب رئيس المجلس، وهو محسوم له بحكم التركيبة الطائفية للبرلمان، ولكن طبيعة المعركة حول المنصب، وكذلك منصب نائب رئيس البرلمان تؤشر بشكل كبير إلى التوازنات الصعبة القادمة في المجلس القادم، والتي من شأنها تحديد شخص رئيس الحكومة والرئيس القادم.
وتفاوتت الآراء بين من يرى أن الجلسة أظهرت أن حزب الله وبرى وتيار عون قادرون على توفير الأغلبية اللازمة حتى من خارج 8 آذار، لتمرير القرارات المهمة، ومن يرون في الجلسة بداية لتشكيل معارضة نشطة قادرة على إنهاء سيطرة حزب الله على الحكومة.
من انتخب بري من المعارضة؟
وحصل بري، المرشح الوحيد لهذا المنصب، على 65 صوتاً من إجمالي 128، فيما صوّت 23 نائباً بورقة بيضاء، إضافة إلى 40 ورقة ملغاة، وسبق أن حصل بري على 98 صوتاً في تصويت عام 2018 حين كان يتمتع حزب الله وحلفاؤه بالأغلبية.
وتبع الفوز إلقاءُ بري خطاباً عبر التلفاز، قال فيه إنه سيلقي خلفه "كل إساءة"، وأردف قائلاً: "سألاقي الورقة البيضاء بقلب أبيض ونية صادقة لإنقاذ لبنان".
ورغم أن الاقتراع سري فإن تقارير تفيد بأنه قد صوَّت لصالح بري كلٌّ من نواب "حزب الله"، وحركة "أمل"، والحزب "التقدمي الاشتراكي" الذي يتزعمه وليد جنبلاط، وبعض النواب المستقلين المقربين من قوى 8 آذار.
بينما أعلن حزبا الكتائب والقوات اللبنانية المسيحيان، إضافة إلى نواب مستقلين وآخرين من "قوى التغيير" التابعة لقوى 8 أذار، عدم منح أصواتهم لبري.
في عملية انتخاب بري فإن الزعيم الدزري وليد جنبلاط الذي يفترض أنه من مؤسسي قوى 14 آذار، وجَّه نوابه للتصويت لبري، بسبب علاقته التاريخية به، وكذلك لأن المنصب وفقاً للنظام الطائفي للبلاد محسوم لبري باعتباره زعيم حركة أمل التي تحتكر مع حزب الله تمثيل الطائفة الشيعية في البلاد، ويعد المساس به خطاً أحمر للفصيلين الشيعيين المسلحين.
ويمثل موقف وليد جنبلاط، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، مع حديثه في الوقت ذاته عن ضرورة تشكيل تحالف بين 14 آذار، والمستقلين التغييريين لمواجهة الهيمنة السورية الإيرانية على البلاد التي يمثلها حزب الله وحلفاؤه، مؤشراً على أن جنبلاط قد يعود للعب الدور الذي يلجأ إليه في أوقات الأزمات أو عندما يرتفع نفوذ حزب الله، وهو دور بيضة القبان حسب التعبير اللبناني.
ويعني ذلك أن جنبلاط قد يمنع تشكيل حكومة إلى حين التوافق عليها خاصة مع حزب الله، مع عدم الاصطفاف مع الحزب بشكل واضح، وقد يلجأ جنبلاط إلى اصطفاف كلامي مع 14 آذار، فيما يواصل التنسيق مع بري وحزب الله في المسائل المصيرية أو تعطيل اتخاذ قرار حاسم بها، مما قد يؤدي إلى استمرار حكومة نجيب ميقاتي كحكومة تصريف أعمال.
وكان لافتاً خلال عملية فرز الأصوات ، وجود أوراق تصويت اعتبرت ملغاة لكنها حملت تعبيرات تؤشر إلى اعتراضات واضحة على انتخاب بري، حليف حزب الله الثابت، وعلى الوضع القائم في البلاد التي شهدت قبل أكثر من سنتين، حركة شعبية احتجاجية واسعة ضد الطبقة السياسية.
وقد جاء في بعض هذه الأوراق التي قُرئت علناً: "العدالة لضحايا انفجار مرفأ بيروت"، في إشارة إلى عرقلة التحقيق في انفجار المرفأ الذي وقع في الرابع من أغسطس/آب 2020؛ و"العدالة للمودعين"، في إشارة الى الانهيار الكامل واحتجاز ودائع اللبنانيين في المصارف؛ و"لقمان سليم"، الناشط المعارض لحزب الله والذي اغتيل من دون أن يُكشف منفذو الجريمة حتى الآن؛ و"الجمهورية القوية"، وهو اسم كتلة القوات اللبنانية، خصم حزب الله الأبرز.
وفي خطوة رمزية سبقت انعقاد الجلسة، نظم النواب المستقلون وقفة أمام مرفأ بيروت، حيث رافقهم أهالي ضحايا الانفجار وعدد من المواطنين، لتأكيد عدم نسيان الانفجار وضحاياه.
وانطلق النواب من أمام المرفأ، سيراً على الأقدام على وقع هتافات "ثورة، ثورة". انطلقت المسيرة من المرفأ، مروراً بساحة الشهداء التي شكلت مهد تظاهرات 2019، وصولاً إلى مقر البرلمان في وسط بيروت.
معركة نائب رئيس البرلمان تمثل مؤشرات مهمة حول الرئاسة والحكومة
في المقابل فإن عملية اختيار نائب رئيس مجلس النواب قد تحمل دلالات أكثر أهمية وخطورة، لأن المنصب ذهب في النهاية للنائب الأرثوذكسي إلياس أبو صعب، الذي ينتمى إلى كتلة التغيير والإصلاح الموالية لعون والتي هي مكون رئيسي لقوى 8 آذار التي يقودها حزب الله أيضاً، مما جعل منصبي الرئيس ونائب الرئيس في أيدي حلفاء لحزب الله.
وفي ظل تقارير بأن جنبلاط لم يصوّت لـ"بوصعب"، فإنه من الواضح أن الأخير قد حصل على المنصب إما نتيجة لتصويت بعض المستقلين له، وإما نتيجة تصويت أطراف أخرى في 14 آذار (من غير كتلة جنبلاط) أو كليهما.
وتشكل معركة بوصعب القوية مع منافسه على المنصب غسان سكاف الذي وُصف بأنه مرشح 14 آذار وقريب للمستقلين، سيناريو استباقياً لما يمكن أن يحدث في انتخابات رئاسة الجمهورية وعملية تشكيل الحكومة.
فبينما قدم المعارضون من 14 آذار وكتلة المستقلين أداءً جيداً بها، لكنها في النهاية حسمت المعركة لصالح التحالف الذي يقوده حزب الله.
وتم الاقتراع على انتخاب نائب رئيس البرلمان مرتين؛ وذلك لعدم حصول أي من المرشحين على عدد الأصوات اللازمة لفوزهم وهو 65 صوتاً، فقد كانت النتائج في أول دورة على الشكل التالي: إلياس بو صعب 64 صوتاً، وغسان سكاف 49 صوتاً، و13 ورقة بيضاء وورقتان ملغاتان.
وفي الدورة الثانية تغيرت النتائج وفاز إلياس بوصعب كنائب لرئيس المجلس النيابي، وأصبحت النتائج على الشكل التالي: بوصعب 65 صوتاً، وسكاف 60 صوتاً، وورقتان بيضاوان، وورقة ملغاة.
تشير معركة بوصعب إلى أنه رغم أن أغلب كتلة المستقلين التغييرين المشرذمة تبدو أقرب أو أكثر استعداداً للتحالف مع 14 آذار بقيادة حزب القوات أو على الأقل قد تتعاون مع "القوات" في معارضة تحالف حزب الله، فإنه في الوقت ذاته يبدو أن من بينهم نواباً ميّالين إلى تحالف حزب الله، وبما أن كتلة حزب الله وحلفائه لا ينقصها سوى نحو خمسة أصوات في أي اقتراع للوصول للأغلبية، فإن هذا يعطيها فرصاً أعلى في النجاح.
ومما يعزز هذا الاحتمال أن جنبلاط رغم أنه محسوب على 14 آذار (ومن مؤسسيها)، فإنه يراعي الخطوط الحمراء لحزب الله منذ أحداث 7 مايو/أيار 2008 عندما اعتدى منتسبو الحزب وحركة أمل على الأحياء السنية في بيروت والمناطق الدرزية بالجبل، رداً على قرار حكومة السنيورة آنذاك تفكيك شبكة اتصالات حزب الله وإقالة مسؤول أمن المطار الموالي له، بناءً على اقتراح من جنبلاط نفسه.
سياسياً حقق حزب الله مراده، إذ بدا كأن مطبخاً سياسياً يعمل على رسم مسار الأحداث، حيث فاز نبيه برّي من الدورة الأولى بـ65 صوتاً. وفاز إلياس بوصعب من الدورة الثانية، بعدد الأصوات نفسه، ثم فاز آلان عون (المحسوب ضمن حلفاء حزب الله) بـ65 صوتاً لمنصب أمانة السرّ.
ولكن على الجانب الآخر، اتسم طابع النقاش خلال الجلسة بالسخونة بطريقة غير مسبوقة منذ سنوات في البرلمان اللبناني، الذي كان يتم فيه التوافق أو طبخ الصفقات بين قيادات 8 و14 آذار في الغرف المغلقة.
حزب الله حقق غرضه نتيجة انقسام المعارضة
وبدا أن رئيس المجلس النواب المخضرم، نبيه بري، يواجه صعوبة في إدارة المجلس الأكثر تشرذماً من المعتاد، حيث أصبح هناك ثلاث كتل (8 آذار و14 آذار والمستقلون) بدلاً من الكتلتين التقليديين، وحتى كتلة بري الخاصة (8 آذار)، فإن علاقته مع التيار الوطني، شريكه في التحالف مع حزب الله، أسوأ ما تكون حتى إن التيار لم يصوّت لبري أو صوّت له جزئياً، كما أن كتلة 14 آذار، يقودها الآن حزب القوات الأكثر حدة في معارضة حزب الله وبري، عكس أسلوب تيار المستقبل الميال إلى إبرام الصفقات.
والأصعب بالنسبة لبري كان النوابَ المستقلين الذين يحاولون تأكيد أنهم يمثلون نهجاً مخالفاً للأعراف السياسية اللبنانية التي طالما انتقدوها، والتي يعتبر بري عرابها.
من جانبه، يبدو أن حزب الله حاول في الجلسة فرض إيقاع معين على نواب التغيير والمستقلين، حسب وصف تقرير لوكالة "أخبار اليوم" اللبنانية؛ لكي يسهل عليه فرض حكومة أكثرية، إما بإغرائه عدداً من النواب بمناصب وزارية وغيرها، وإما برهانه على الخلاف بين القوى المعارضة له من النواب المستقلين و14 آذار، والنواب القريبين من تيار المستقبل الذي قاطع الانتخابات رسمياً.
وفي هذا الإطار، أفادت تقارير بأن ممثلي حزب الله طلبوا من المجلس النيابي والكتل والنواب تحديد كتلهم وأسمائها؛ لمعرفة كيفية تحديد مواعيد الاستشارات النيابية، ومن هم النواب الذين يشاركون فيها، ضمن كتل نيابية أو بشكل منفرد ومستقل.
هل يأتي الحكومة التي يريدها؟
وبتكريس حزب الله مع حلفائه قدرته على انتزاع النصف زائد واحد من أصوات النواب؛ يرى محللون أن البرلمان الجديد -الذي تشكل لأول مرة وفق قاعدة "لا أكثرية ولا أقلية"- أبقى الحزب قادراً على صوغ تحالفاته في إدارة الحكم، رغم عدم امتلاكه الأغلبية.
ويسعى حزب الله عبر كل ذلك للتمهيد لتمرير حكومة يكون راضياً عنها ومقبولة دولياً، حيث يبرز في هذا الإطار اسم رئيس الحكومة المنتهية ولايتها نجيب ميقاتي، باعتباره تاريخياً شخصية مقربة من المحور السوري الإيراني، وحالياً من فرنسا، كما أنه تصالح مع زعيم السنة سعد الحريري، رغم أنه في المقابل، غير محبوب من القوى الثورية والتغييرية؛ لكونه رمزاً للرأسمالية اللبنانية المتهمة من القوى المدنية بالفساد وتوريط البلاد في أوضاعها الحالية (يعد أغنى رجل في لبنان حالياً)، إلى جانب أن القوى الأكثر راديكالية في 14 آذار تعتبره وجهاً تجميلياً لحلفاء حزب الله.
هل يتحالف المستقلون مع حزب القوات؟
في المقابل، فإن كتلة النواب المستقلين الإصلاحيين تبدو في مأزق، فهي تعتبر نفسها معارضة لقوى 8 و14 آذار على السواء والتي تراهما شريكين فيما آل إليه حال لبنان، وكان شعار المتظاهرين الأكثر ثباتاً في كل الاحتجاجات، على مدار السنوات الماضية، دوماً هو "كلهن يعني كلهن" (في إشارة إلى ضرورة استبعاد جميع قادة الأحزاب الطائفية في لبنان دون استثناء).
في المقابل، فإن أغلب ممثلي 14 آذار الحاليين مثل حزبي القوات اللبنانية والكتائب، لم يكن لهم دور يذكر في السلطة بالعقود الماضية، كما أنهم يتبنون نهجاً معارضاً لحزب الله بشكل قاطع كما عبر عنه سمير جعجع مؤخراً، بتأكيده أنه لن يؤيد أي حكومة يدعمها الحزب، ويعني هذا أن 14 آذار تتلاقى مع كتلة المستقلين في النهج المعارض، حتى لو اختلفت الدوافع.
ولكن هناك مؤشرات على رفض قطاع من النواب المستقلين أدوار حزب "القوات اللبنانية" في الحرب الأهلية وفي العملية السياسية أيضاً، لكن جعجع قال إن "النواب الجدد لن يكون لهم تأثير يذكر إذا لم يتحالفوا مع حزبه"، وأضاف: "نحن كلنا سوا بحاجة لبعضنا؛ مشان نقدر نقوم بعملية التغيير والإنقاذ المطلوبة".
ولكن من شأن أي تحالف دائم بين 14 آذار والمستقلين أن يفقد الإصلاحيين وجههم المستقل، وقد يعيد الفرز داخلهم بين من هو أقرب إلى 14 آذار ومن أقرب 8 آذار سواء لأسباب طائفية أو سياسية، حيث يميل الإصلاحيون الليبراليون نسبياً إلى قوى 14 آذار، ويميل اليساريون إلى مواقف قوى 8 آذار، خاصة في السياسة الخارجية.
وفي الوقت ذاته فإنه لو نجح المستقلون و14 آذار في جمع الأغلبية البرلمانية اللازمة لتشكيل الحكومة، وهو أمر صعب جداً إحصائياً وواقعياً، فإن حزب الله سيتحول من عملية إدارة العملية السياسية بشكل ديمقراطي وحواري، إلى التكشير عن أنيابه بدعوى أنها ستكون حكومة غير ميثاقية، لأنها تستبعده هو وحركة أمل، التي تحتكر معه تمثيل الطائفة الشيعية.
والحكومات القليلة التي لم يشارك فيها حزب الله وحلفاؤه أو انسحبوا منها في العقود الماضية، اعتبروها غير ميثاقية وغير شرعية، وهو المبرر الذي استند إليه الحزب في إشعاله أحداث 7 مايو/أيار 2008 العنيفة.
وقد يعني هذا الانقسام الثلاثي، أن عملية تشكيل الحكومة قد تتأخر بل يكون هناك مشكلة في انتخاب رئيس للبلاد بعد نهاية ولاية عون في أكتوبر/تشرين الأول 2022، الأمر الذي قد يؤدي لفراغ رئاسي أو أن يصر عون على البقاء في القصر الرئاسي حتى دون التمديد له رسمياً.
وبالنسبة للقوى السياسية التقليدية، لاسيما حزب الله وحلفاؤه، فإن استمرار حكومة ميقاتي كحكومة تصريف أعمال، لفترة طويلة، سابقة تكررت مراراً مع ميقاتي وغيره، ولا يمثل مشكلة لهم في ظل نفوذهم بها، ولكن الاقتصاد اللبناني، المشلول، هو الذي سيدفع الثمن غالباً.
وسبق أن مر لبنان بفترة طويلة من الفراغ الرئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان، بسبب إصرار حزب الله على انتخاب حليفه ميشال عون رئيساً رغم أن الحزب وحلفاءه لم يكن يملكون الأغلبية البرلمانية في ذلك الوقت.
وفي الوقت ذاته فإن انفراد حزب الله وحلفائه بتشكيل حكومة عبر جذب أصوات جنبلاط وبعض المستقلين دون مشاركة حزب القوات اللبنانية، سيجعلها حكومة غير مرضيٍّ عنها دولياً أو مقبولة على مضض في أحسن الأحوال، ولكنها قد منبوذة أمريكياً وبالأخص سعودياً.
ورغم أن فرنسا عراب محاولة إنقاذ الاقتصاد اللبناني، لديها علاقة جيدة مع ميقاتي المرشح لقيادة حكومة يدعمها حزب الله وتميل إلى نسج علاقة مع الحزب لحل مشاكل البلاد، فإن باريس فعلياً تقوم عادةً بدور المنسق أكثر من كونها الممولَ الأول لإنقاذ لبنان، ولكن التمويل يأتي أغلبه من دول الخليج بقيادة السعودية وكذلك الولايات المتحدة، إضافة إلى بعض الدول الأوروبية.
وهو ما يجعل القبول السعودي الأمريكي للتشكيل الوزاري شرطاً مهماً لنجاح أي حكومة في إنقاذ اقتصاد لبنان، وهو أمر قد يطول انتظاراً لصفقة أمريكية إيرانية حول الملف النووي وأخرى سعودية إيرانية حول اليمن.