ربما لم تؤدِّ نتائج الانتخابات الأخيرة في لبنان إلى زلزال سياسي كان يتمناه كثير من اللبنانيين، لكن هناك مفاجآت لا يمكن التقليل منها؛ إذ نجح 13 مرشحاً مستقلاً في إحداث اختراق أفقد حزب الله الأغلبية النيابية.
إذ أظهرت نتائج الانتخابات اللبنانية، التي أجريت الأحد 15 مايو/أيار، أن البرلمان الجديد يحتل أغلب مقاعده ساسة ينتمون إلى الأحزاب المعروفة التي تحكم البلاد منذ نهاية الحرب الأهلية عام 1990، وهو ما كان متوقعاً.
لكن في الوقت نفسه، نجحت بعض الجماعات المستقلة والمناهضة للمؤسسة الحاكمة في اجتياز الأسوار العالية، وفازت برقمٍ قياسي من المقاعد بلغ 13 مقعداً. ونشر موقع Middle East Eye البريطاني تقريراً قدم فيه قصة ملخصة لأغلب المرشحين المستقلين الذين فازوا بمقاعد في مجلس النواب اللبناني الجديد.
بولا يعقوبيان
عادت الصحفية، التي تحوّلت إلى مُشرّعة، إلى البرلمان من جديد بعد أن كانت المرشحة المستقلة الوحيدة التي فازت بمقعدٍ برلماني في عام 2018. حيث كانت اللبنانية من أصلٍ أرميني (46 عاماً) من بين 8 نواب استقالوا من البرلمان عقب انفجار مرفأ بيروت في أغسطس/آب 2020، احتجاجاً على ضعف الاستجابة وانعدام المساءلة على الكارثة التي أودت بحياة أكثر من 200 شخص.
وتزعّمت بولا لائحة تحالف "وطني" المعارضة في دائرة بيروت الأولى (شرق بيروت).
وكانت بولا من أشد المدافعات عن الكوتة النسائية في السياسة خلال فترتها في البرلمان. كما اقترحت أو دعمت 63 قانوناً، من بينها تعديلات لقوانين العنف الأسري، واستقلال القضاء، والشفافية.
سينتيا زرازير
وُلِدَت سينتيا عام 1982، وهي خبيرةٌ في الصوتيات والمرئيات. وقد فازت بمقعد الأقليات في دائرة بيروت الأولى بعد أن خاضت حملتها على لائحة تحالف "وطني" التي تتزعمها بولا يعقوبيان. وشاركت سينتيا بشكلٍ مُكثّف في الحركة المناهضة للحكومة عام 2019، كما كانت ناشطةً سياسية منذ التسعينيات حين شاركت في الاحتجاجات المناهضة للاحتلال السوري للبلاد، وتعرضت وقتها للاعتقال في أكثر من مناسبة.
لكنها أثارت الانتقادات بسبب معارضتها لوجود اللاجئين السوريين في لبنان. حيث دعت لارتكاب "إبادةٍ جماعية" بحق السوريين في لبنان في تغريدة عام 2016.
إبراهيم منيمنة
رُفِعَ إبراهيم منيمنة (46 عاماً)، المهندس المعماري والمصمم الحضري، على أعناق أنصاره في مساء الأحد وهم يهتفون "بيروت تقاوم، ولا تساوم"، احتفالاً بفوزه.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يترشح فيها منيمنة للمنصب؛ إذ بدأ نشاطه السياسي عام 2015 أثناء أزمة النفايات التي شهدت العديد من الاحتجاجات. وزرع بذور ترشحه في الانتخابات البرلمانية عام 2018، لكن جهوده لم تُكلّل بالنجاح في تلك المرة.
ثم ترشّح للمنصب مرةً أخرى في العام الجاري مع حملة "بيروت تقاوم" التقدمية ولائحة "بيروت التغيير"، التي تُعد واحدةً من قائمتي المعارضة في دائرة بيروت الثانية.
وضاح صادق
أسّس وضاح منظمة الخط الأحمر السياسية، التي تطالب باستقلال وإصلاح القضاء. وقد ترشح للمقعد السني في دائرة بيروت الثانية مع لائحة بيروت التغيير.
ونشأ الوجه السياسي الجديد (54 عاماً) في حي الطريق الجديد بالعاصمة، وحصل على شهادةٍ في الأعمال من الجامعة اللبنانية الأمريكية.
وعمل مذيعاً رياضياً في قناتي الجديد وتلفزيون المستقبل. ويذكر موقعه على الويب أنه عمل أيضاً في الحملات الانتخابية لرئيس الوزراء الأسبق المغدور رفيق الحريري، ونجله سعد الحريري، بالإضافة إلى عددٍ من الساسة العرب الآخرين.
ملحم خلف
ظهر ملحم خلف على الساحة السياسية للمرة الأولى في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2019، بعد شهرٍ واحد من انتفاضة أكتوبر/تشرين الأول؛ إذ فاز بانتخابات نقابة المحامين في بيروت بعد ترشحه مستقلاً دون دعمٍ سياسي.
وخلال فترته نقيباً للمحامين، قدم ملحم التمثيل القانوني للسجناء الذين لا يملكون محامين، وحصل على عفو لبعضهم، وساعد في إطلاق سراح النزلاء الموقوفين لفشلهم في دفع الغرامات.
ويُعتبر أستاذ القانون الجامعي خلف من المُحسنين أيضاً؛ إذ تطوّع من قبل ضمن فريق مسعفي الصليب الأحمر اللبناني إبان الحرب الأهلية. ثم أسس في عام 1985 منظمة "فرح العطاء"، وهي منظمة غير سياسية وغير طائفية وغير حكومية لمساعدة المتضررين من انفجار بيروت عام 2020.
وترشّح خلف للمقعد الأرثوذوكسي على لائحة بيروت التغيير المعارضة في دائرة بيروت الثانية.
مارك ضو
ترشح مارك ضو للبرلمان للمرة الثانية على التوالي عن قضاء عالية، ونجح في اقتناص المقعد الدرزي من طلال أرسلان، أحد أبرز حلفاء حزب الله والحكومة السورية.
ووصف أنصار ضو انتصاره بـ"التاريخي"؛ لأنه هزم أرسلان الذي يحتل المقعد منذ عام 1991، باستثناء فترة 2005-2009 حين عُيِّنَ وزيراً في الحكومة.
ويُعتبر ضو ناشطاً سياسياً، واجتماعياً، وبيئياً. ويعمل مدرساً في الجامعة الأمريكية في بيروت. فضلاً عن كونه عضواً في حزب تقدم، وشارك علانيةً في المظاهرات المناهضة للحكومة عام 2019 أيضاً.
وقد ترشح ضو على لائحة "توحدنا للتغيير" وركّز على العديد من المبادرات، ومن بينها استرداد مدخرات الناس المفقودة لدى البنوك.
نجاة عون صليبا
نجاة عون صليبا هي ثاني أعضاء حزب تقدم على هذه القائمة، كما ترشحت لدخول البرلمان على لائحة توحدنا للتغيير، وفازت بمقعدٍ ماروني في قضاء الشوف. وتعمل نجاة أستاذة كيمياء تحليلية في الجامعة الأمريكية في بيروت، كما شغلت من قبل منصب مديرة مركز حفظ الطبيعة بالجامعة.
وفازت نجاة أيضاً بجائزة لوريال-اليونسكو للمرأة في العلوم عام 2019، وتُعرف بالتزامها الشديد تجاه حل التحديات البيئية، وخاصةً أزمة تلوث الهواء.
وقد ترشحت ضد المؤسسة السياسية على وعدٍ ببيئة أنظف، واقتصادٍ مُنتج ومستدام، ومساءلةٍ فيما يتعلق بانفجار مرفأ بيروت.
كانت العاصمة اللبنانية قد تعرّضت لواحد من أسوأ الانفجارات غير النووية في التاريخ، يوم 4 أغسطس/آب 2020، عندما اندلع انفجار هائل في مرفأ بيروت، أدى إلى مقتل أكثر من 200 شخص وإصابة نحو 6 الآف آخرين، ودمر أحياءً بأكملها، في كارثة توقع الكثيرون أن تؤدي إلى إحداث تغييرات جذرية في النظام السياسي في البلاد، وسط تعالي المطالبات بإجراء تحقيق دولي لكشف المتسببين في الكارثة ومحاسبتهم.
رامي فنج
نجح طبيب تقويم الأسنان والمرشح المناهض للمؤسسة الحاكمة، رامي فنج، في هزيمة فيصل كرامي، الذي يعد من نجوم إحدى العائلات السياسية السنية الشهيرة، خلال منافسةٍ قريبة في دائرة الشمال الثانية بطرابلس. وترشح فنج على لائحة "انتفض للسيادة للعدالة" مع ثمانية أعضاءٍ آخرين.
وتخرج الوجه السياسي الجديد (57 عاماً) من جامعتي مونبلييه والجامعة اللبنانية في بيروت. وذاع صيته على الشبكات الاجتماعية بعد تعرضه للاعتقال والمساءلة بتهمة "توزيع الوجبات على المحتجين" أثناء مظاهرات طرابلس في فبراير/شباط 2021. إذ قال لمراسلٍ حينها: "لو كانت هذه تهمتي فهي تهمةٌ تشرفني".
ميشال الدويهي
فاز ميشال الدويهي، أستاذ العلوم السياسية والناشط السياسي، بمقعد النائب الحالي أسطفان الدويهي الذي يشغل المنصب منذ عام 2009.
وترشح ميشال بأجندةٍ شعبوية على لائحة "شمالنا" في دائرة الشمال الثالثة بقضاء زغرتا. وشارك أيضاً في الحراك المجتمعي عام 2019 بالانخراط في الاحتجاجات التي عمت البلاد، والحلقات الدراسية، والمحاضرات، والمناظرات العامة.
وذكر ملفه الشخصي على موقع لائحة شمالنا أنه مؤسس حركة "أُسس" السياسية التي تلتزم بإرساء معايير الشفافية، والنزاهة، والكفاءة.
إلياس جرادي
حقق إلياس جرادي هو الآخر انتصاراً صعباً حين اقتنص مقعداً أساسياً يحتله منذ عام 1992 أسعد حردان، عضو الحزب السوري القومي الاجتماعي وحليف حزب الله.
وتنافس جراح العيون، البالغ من العمر 55 عاماً، على المقعد الأرثوذكسي في قضاء مرجعيون-حاصبيا، ضمن لائحة "معاً نحو التغيير". وحصد أربعة أضعاف الأصوات التي حصدها منافسه.
وعلاوةً على تخرجه من كلية الطب بجامعة هارفارد وكونه طبيباً رائداً، يُعتبر جرادي من المزارعين المهتمين بالأرض والمستثمرين في مجال الزراعة.
فراس حمدان
المحامي فراس هو مرشحٌ آخر مناهض للمؤسسة الحاكمة على لائحة معاً نحو التغيير. وقد هزم رئيس مصرف AM Bank المثير للجدل مروان خير الدين، الذي كان مدعوماً من الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل.
وقد ترشح حمدان عن المقعد الدرزي في دائرة الجنوب الثالثة، وساعد انتصاره في خسارة حزب الله لأغلبيته البرلمانية.
وسبق أن أُصيب المحامي (34 عاماً) بالرصاص المطاطي في الصدر على يد قوات الأمن، أثناء الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي أعقبت انفجار مرفأ بيروت.
وقال إن لديه بعض الخطط لتفكيك الحواجز الطائفية وتحويل نشاطه على الأرض إلى عملٍ فعال داخل البرلمان اللبناني.