تسبب طبيب تركي شهير في معركة داخلية حامية الوطيس داخل الحزب الجمهوري؛ إذ تحول دكتور أوز الذي يتسابق على الترشح لأحد مقاعد الجمهوريين بمجلس الشيوخ إلى نموذج لعلاقة الجمهوريين المتوترة والمركبة مع الإسلام.
فهذا الطبيب التركي المسلم الذي يقدم واحداً من أشهر البرامج التلفزيونية، يؤيد ترشيحه قطاع من الجناح اليميني للحزب الجمهوري، في مقدمتهم الرئيس السابق دونالد ترامب، بينما يعارضه أيضاً عدد من ذات الجناح، إضافة إلى بعض الليبراليين الأمريكيين.
دكتور أوز يدعم ترامب دعماً مطلقاً، وها هو يرد له الجميل
ويشارك محمد جنكيز أوز، الطبيب والمحاور التلفزيوني المعروف باسم "دكتور أوز"، في الانتخابات التمهيدية ليصبح مرشح بنسلفانيا الجمهوري في مجلس الشيوخ. وأوز، هو من أبوين تركيين، يدعم سياسات الرئيس السابق دونالد ترامب دعماً مطلقاً، وحتى ادعاءه سرقة الانتخابات الرئاسية عام 2020، ورد ترامب الجميل بالإعلان عن دعمه لأوز، حسبما ورد في تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي.
وكان هذا الدعم استثنائياً من رئيس سابق دعا "لمنع المسلمين من دخول الولايات المتحدة". ولم يمر دون انتقاد. إذ أصبحت الانتخابات التمهيدية في بنسلفانيا معركة بالوكالة على مستقبل علاقة الجمهوريين بالإسلام.
ففي السر، قيل إن المرشح الجمهوري المنافس لدكتور أوز ديفيد ماكورميك هاجم ديانة أوز. وفي العلن، هاجم وزير خارجية ترامب السابق مايك بومبيو أوز بسبب علاقته بتركيا، وحذر من احتمال تسبب ذلك في مشكلة "أمن قومي".
هل غيّر ترامب توجهاته المعادية للمسلمين؟
ومن جهة أخرى، بعد الكشف عن تاريخ الناشطة المحافظة كاثي بارنيت (المرشحة للمعقد ذاته) في التصريحات المعادية للإسلام، وصف ترامب بارنيت بأنها مرشحة "غير كفء لم يخضع تاريخها لتحريات دقيقة".
لقد تغير الكثير في السياسة الجمهورية ليؤيد ترامب مرشحاً مسلماً ويندد بخصومه المعادين للإسلام؛ إذ يبدو أن "الحرب على الإرهاب" بدأت تتلاشى أخيراً من الوعي العام، ولم تعد السياسة المتشددة مع الشرق الأوسط- التي صاحبتها المشاعر المعادية للإسلام- تهيمن على سياسة الجمهوريين.
لكن هذا التحول في نظرة الجمهوريين فتح الباب أيضاً لإحياء السياسات المعادية للمسلمين؛ إذ يحظى مؤيدو الحرب على الإرهاب مثل دانيال بايبس بترحاب في مؤتمرات الحركات القومية المحافظة بإثارة مخاوف السكان الأصليين من الهجرات الجماعية للمسلمين.
أوز مسلم ولكن أبناءه نشأوا على المسيحية
ودكتور أوز، وهو ابن لطبيب وصيدلانية انتقلا من تركيا إلى أوهايو في خمسينيات القرن الماضي، سار على خطى عائلته، وأصبح جراح قلب ناجحاً في جامعة كولومبيا في الثمانينيات.
ودخل عالم السياسة بإعلانه عن ترشحه لمجلس الشيوخ أواخر عام 2021. وفعل ذلك دون أن يتبرأ علناً من الإسلام، مثلما فعل محافظون قوميون آخرون من خلفيات إسلامية، مثل محرر موقع Breitbart رحيم قسام ومنظم حملة Stop the Steal علي ألكسندر. ومع ذلك، يؤكد أوز أن زوجته مسيحية وأن أبناءه نشأوا على المسيحية.
ولو أن أوز مثال لمسلم ترامبي نموذجي، فبومبيو تجسيد للسياسات المعادية للمسلمين، حسب وصف موقع Responsible Statecraft.
إذ حافظ بومبيو على حضوره في كل من المؤسسة المحافظة والتيارات الشعبوية الأشد تعصباً. فحين كان عضواً في الكونغرس، تحالف مع المتعصبين المناهضين للإسلام وقال إن المسلمين "ذوي الإيمان العميق بدينهم" يشكلون "تهديداً لأمريكا". وحين كان وزيراً لخارجية ترامب، كان يدعم اتباع سياسات متشددة مع الشرق الأوسط، مع تركيز شبه جنوني على إيران.
أما ماكورميك فهو أكثر وضوحاً في تحالفه مع المؤسسة الجمهورية. فقد قاتل في حرب الخليج قبل انضمامه إلى إدارة بوش. وتولت زوجته دينا باول مسؤولية بعض قضايا الشرق الأوسط في كل من إدارتي ترامب وبوش. وتحظى حملة ماكورميك بدعم العديد من عمالقة المال ممن لهم نفوذ قوي على سياسات الحزب الجمهوري.
ما هي فرص أوز في الانتخابات؟
أجريت الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري في بنسلفانيا أمس الثلاثاء 17 مايو/أيار 2022، ومن المتوقع أن تظهر النتيجة اليوم الأربعاء.
وأفاد موقع أكسيوس الأمريكي بأنه في استطلاع حديث نشرته كلية فرانكلين ومارشال، فإن مرشحي الحزب الجمهوري يخضعون حالياً لـ"التعادل الإحصائي".
يقول أكسيوس إن أوز كان لديه 18٪ من المشاركين في الاستطلاع بينما حصل ماكورميك على 16٪، وحصلت كاثي بارنيت، وهي منافسة أخرى على مقعد الحزب الجمهوري، على 12٪.
التحق بجيش تركيا وصوت بانتخاباتها الرئاسية
وعلناً، ركز ماكورميك وبومبيو على علاقات أوز القوية بتركيا.
إذ إن أوز حاصل على الجنسية التركية، وصوّت في الانتخابات التركية عام 2018، وخدم في الجيش التركي في الثمانينيات بموجب سياسة التجنيد الإلزامي في تركيا.
وواجه "دكتور أوز" انتقادات بعد تقرير زعم أنه لم يصوّت في الانتخابات التمهيدية للكونغرس في يونيو/حزيران 2018، لكنه صوّت في الانتخابات الرئاسية التركية بعد ذلك بأيام فقط.
في حديثها مع صحيفة The Washington Free Beacon، قالت المتحدثة باسم حملة أوز بريتاني يانيك إن مرشح مجلس الشيوخ في ولاية بنسلفانيا صوّت أثناء وجوده في تركيا عندما كان في لقاء مع القنصل بشأن العمل الإنساني.
وقال إعلان أثناء عرض صور لأوز والجنود الأتراك وهم يسيرون بالطريقة: "مرشح مجلس الشيوخ في ولاية بنسلفانيا محمد أوز يرفض بتحدٍّ التخلي عن جنسيته التركية". "لقد أمضى سنوات في الخدمة العسكرية التركية، وصوّت في الانتخابات التركية، ولديه علاقة مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان".
وركز الإعلان أن أوز يتبنى الخط الرسمي لتركيا في رفضها للمزاعم بشأن إبادة الأرمن، وقال الراوي في الإعلان: "ليس فقط لا يمكن الوثوق بأوز لتمثيل الولايات المتحدة والدستور بإخلاص، فإن انتخابه سيمثل خطراً واضحاً وقائماً على الولايات المتحدة، وبنسلفانيا، أوقفوا محمد أوز قبل فوات الأوان".
عندما سُئلت عن القضية، الشهر الماضي، قالت المتحدثة باسم حملة أوز، بريتاني يانيك، لشبكة" إن بي سي نيوز" إن المرشح "يعارض الإبادة الجماعية وقتل الأبرياء بجميع أشكالها"، بينما لم تستخدم مصطلح "الإبادة الجماعية للأرمن" على وجه التحديد.
يأخذون عليه صوره مع فتيات محجبات
وفي مؤتمر صحفي في 7 مايو/أيار نظمته حملة ماكورميك، قال بومبيو إن ولاية بنسلفانيا يجب أن يمثلها "محافظ أمريكي وطني". وردت حملة أوز بالقول إن هذه التصريحات "معادية للأجانب"، وتعهد أوز بالتخلي عن جنسيته الثانية إذا فاز في الانتخابات، رغم أن هذا ليس إلزامياً من الناحية القانونية.
أما سراً، فانتقد ماكورميك أوز لأسباب دينية، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية. فخلال اجتماع مع ترامب، أطلع ماكورميك الرئيس السابق على صورة لأوز "مع فتيات يرتدين الحجاب الإسلامي"، ووصف ديانة أوز بأنها "عبء سياسي في أجزاء من ولاية بنسلفانيا"، حسبما قالت عدة مصادر مجهولة للصحيفة.
وهذا ما يجمعه مع ترامب والمحافظين الأمريكيين
على أنه توجد نقطة واحدة لا يختلف عليها ماكورميك المتحالف مع المؤسسة الجمهورية وأوز المدعوم من ترامب فيما يخص المسلمين الأمريكيين: وهي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
إذ يتعاطف السواد الأعظم من المسلمين الأمريكيين مع الفلسطينيين. لكن السياسات المؤيدة لإسرائيل من الدعائم الأساسية للحزبين الديمقراطي والجمهوري، وتُظهر استطلاعات الرأي أن قاعدة الناخبين الجمهوريين متعاطفة مع إسرائيل أكثر من نظرائهم الديمقراطيين.
وفي مذكرة سياسات حصل عليها موقع Jewish Insider، تبنى أوز موقف المؤسسة الجمهورية من الصراع؛ إذ أيد المساعدة العسكرية الأمريكية المقدمة لإسرائيل، ودعم الحظر المستمر للمساعدات الاقتصادية الأمريكية للسلطة الفلسطينية، وندد بحركة المقاطعة المؤيدة للفلسطينيين، وأيد حملة الضغط التي تشنها إدارة ترامب على إيران، وأشاد بإسرائيل ووصفها بأنها "ديمقراطية نشطة في أكثر مناطق العالم اضطراباً".
الرقص مع المستوطنين
ويعود دعم أوز العلني لإسرائيل لسنوات مضت. فعام 2013، زار البلاد في رحلة مولها رجل الأعمال المؤيد لإسرائيل شيلدون أديلسون. وخلال الرحلة، التقى أوز بالمستوطنين الإسرائيليين في الأراضي الفلسطينية ورقص معهم.
وهذه العلاقة القوية بإسرائيل تُبدد تحفظاً كبيراً قد يشعر به المانحون والناخبون الجمهوريون- المؤيدون بشدة لإسرائيل- تجاه مرشح مسلم.
فطبيب ومحاور تلفزيوني محب لترامب، ومؤيد لإسرائيل، ونشأ أبناؤه على المسيحية، لا يمثل تهديداً قد يمثله مرشح جمهوري مسلم. وسيتبين يوم الثلاثاء 17 مايو/أيار إن كان ذلك كافياً.