بعد غضب روسيا من تحول مواقف إسرائيل بأزمة أوكرانيا.. هل ينتهي شهر العسل بين الطرفين في سوريا؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/04/19 الساعة 17:18 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/19 الساعة 17:18 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت/رويترز

تصاعدت حدة الخلافات بين روسيا وإسرائيل، عقب تصويت تل أبيب لصالح تعليق عضوية موسكو بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، والاتهامات التي وجَّهها وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد لموسكو، بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

واستدعت موسكو، الأحد الماضي، السفير الإسرائيلي بن تسفي، على خلفية تصريحات لابيد، وهو ما أثار قلقاً إسرائيلياً من تداعيات الغضب الروسي على وضعها في سوريا، حيث تسمح موسكو لتل أبيب بتوجيه ضربات عسكرية بحرية، لكن الرد الروسي الغاضب قد ينذر بفقدان روسيا صبرها على تل أبيب، حسبما ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية.

وأصدرت وزارة الخارجية الروسية الأسبوع الماضي، بياناً "قاسياً بشكل استثنائي" بحسب الصحيفة، وصف تصريحات لابيد بأنها "محاولة مموهة بشكل سيئ" لاستغلال الوضع في أوكرانيا، من أجل "صرف انتباه المجتمع الدولي عن أحد أقدم الصراعات غير المحسومة، الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".

إسرائيل حاولت الوقوف على الحياد

منذ بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، كانت إسرائيل تسعى لتحقيق التوازن بين إرضاء حلفائها الغربيين وعدم جلب سخط روسيا التي أصبحت فعلياً جارتها الشمالية، من خلال سيطرتها الكاملة على الأجواء السورية.

ولذا لم تنضم إسرائيل إلى عقوبات الدول الغربية ضد روسيا وامتنعت عن بيع الأسلحة إلى أوكرانيا.

وأدى تباطؤ إسرائيل في إدانة الغزو الروسي لأوكرانيا، إلى إثارة غضب الولايات المتحدة، ويبدو أن محاولة إسرائيل لإرضاء الأخيرة عبر تشديد موقفها  إزاء روسيا عبر التصويت لصالح طردها من مجلس حقوق الإنسان، قد أغضب الأخيرة بدورها.

فعندما صوَّتت إسرائيل في الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح عزل روسيا من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ردت الخارجية الروسية ببيان صدر في نهاية الأسبوع، قالت فيه: "إن هناك محاولة مموهة بشكل سيئ للاستفادة من الوضع في أوكرانيا لصرف انتباه المجتمع الدولي عن أحد أقدم النزاعات التي لم تُحَل؛ وهو الصراع الفلسطيني الإسرائيلي".

روسيا وإسرائيل
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت/رويترز

وفي نفس اليوم، قيل إنَّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أرسل إلى السلطات في إسرائيل طلباً بالسماح للحكومة الروسية بتسجيل حقوق الملكية في دار ضيافة ألكسندر في القدس، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية.

وفي الشهر الماضي، ألغت محكمة منطقة القدس تسجيل حقوق ملكية الحكومة الروسية للعقار، التي وافق عليها رئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو في عام 2020. وانتقد المسؤولون الروس بشدة التراجع الإسرائيلي عن هذه القضية.

وقال السفير الروسي لدى إسرائيل، أناتولي فيكتوروف، في مقابلة مع القناة "11" الإسرائيلية، إنه كان يتوقع أن تتبنى إسرائيل "موقفاً أكثر توازناً"، ووصف تصريحات لابيد بأنها "بلا أساس".

وأضاف فيكتوروف أن روسيا وإسرائيل- رغم ذلك- لا تزالان صديقتين. وقالت "هآرتس" إن كلمة "لا تزالان" تضع إسرائيل في معضلة معقدة بشأن القضية الأوكرانية.

موسكو واضحة في تأييدها لحقوق الفلسطينيين

ويمكن للتصريحات القاسية الأخيرة أن تؤثر في العلاقات بين روسيا وإسرائيل في المستقبل.

وصرّح إفرايم سنيه، وهو جنرال متقاعد في الجيش الإسرائيلي ونائب وزير دفاع سابق، لوكالة أنباء The Media Line: "ندرك جيداً موقفهم من الفلسطينيين وهذا النوع من رد الفعل كان متوقعاً بالفعل".

يُذكَر أنه عقب سقوط الاتحاد السوفييتي في عام 1991، واصلت روسيا الحديثة سياسة الاتحاد السوفييتي بشأن القضية الفلسطينية- فهي لا تدعم صيغة "دولتين لشعبين" فحسب، بل تدين إسرائيل أيضاً في كل تصويت في المحافل الدولية وتقيم علاقات وثيقة مع كل من السلطة الفلسطينية ومنظمات المقاومة الفلسطينية مثل حماس والجهاد الإسلامي، التي تصنفها إسرائيل بأنها إرهابية.

ولديها علاقة بحماس والجهاد

من جانبه، وصف رومان برونفمان، وهو مُشرِّع إسرائيلي سابق وخبير في الشؤون الروسية، رد الفعل الروسي الحالي بأنه "ألعاب سياسية ودبلوماسية روسية تقليدية- منافقة وغامضة. روسيا ليست دولة محايدة هنا في الشرق الأوسط. ولها علاقات وثيقة مع العديد من المنظمات الفلسطينية. انظر إلى الحدود الإسرائيلية- نحن محاطون بحزب الله وسوريا في الشمال وحركة حماس وجماعات عسكرية فلسطينية أخرى في غزة والضفة الغربية. كلهم مدعومون من روسيا"، حسب تعبيره.

وعن التطورات المستقبلية فيما يتعلق باستمرار السيطرة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، قال سنيه: "علينا أن نفهم أنَّ العملية العسكرية في أوكرانيا ستزيد من نزع الشرعية عن الاحتلال الإسرائيلي. ربما لا يشغل هذا التطور صُنّاع السياسة الإسرائيليين في الوقت الحالي، لكن يتعين عليهم أن يأخذوا في الحسبان أنَّ هذا السيناريو محتمل للغاية". 

لكن بروفمان عارض هذا الرأي قائلاً: "لقد سمعت هذه المزاعم، وأنا لا أؤيدها. لا أعتقد أنه سيكون هناك ضغط إضافي على إسرائيل. العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا حرب عالمية، وكل الجهود الدبلوماسية ستتركز في هذا الاتجاه".

وصدر بيان وزارة الخارجية الروسية رداً على تصويت إسرائيل في الأمم المتحدة عشية عيد الفصح اليهودي. وفي اليوم نفسه، قال سيرجي ستيباشين، رئيس الجمعية الإمبراطورية الأرثوذكسية الفلسطينية ورئيس وزراء روسيا الأسبق، للصحفيين في مدينة سيرجيف بوساد: "نحن الآن نكافح من أجل عودة مجمع كنيسة الإسكندر، والأمر صعب للغاية: أوشكنا على الوصول وعملنا لمدة خمس سنوات، ووجدنا جميع الوثائق التاريخية، لكن وقعت الأحداث في أوكرانيا، وتصرفت إسرائيل مثلما تفعل عادةً باللعب مع كلا الجانبين"، مشيراً إلى علاقة مباشرة بين المعركة الروسية من أجل المبنى التاريخي في وسط القدس القديمة، والعملية العسكرية في أوكرانيا والعلاقات الروسية مع إسرائيل.

التوتر بين روسيا وإسرائيل قد يؤثر على الوضع في سوريا

ووفقاً للعديد من المسؤولين الإسرائيليين، فإنَّ السؤال الملح الحقيقي هنا يتعلق بسوريا وإيران. في الماضي حاولت روسيا في كثير من الأحيان إحياء القضية الفلسطينية من أجل إزعاج إسرائيل أو زيادة نفوذها في العالم العربي. ومع ذلك، ليس هناك شك في أنَّ القضية الفلسطينية، على عكس سوريا، ليست الأولوية الأولى لروسيا في الشرق الأوسط.

بعد اندلاع العملية العسكرية في أوكرانيا، لم تحظَ روسيا بدعم حماسي إلا من عدد قليل من الدول- إحداها كانت سوريا والأخرى كانت إيران. خلال الأسابيع القليلة الماضية، التقى دبلوماسيون ورجال أعمال روس وإيرانيون عدة مرات، ووعدوا بزيادة التعاون والتجارة.

ويعتقد الجنرال الإسرائيلي المتقاعد إفرايم سنيه أنه إذا قررت روسيا الاشتباك مع إسرائيل في سوريا، فإنها ستفعل ذلك فقط لتعزيز مصالحها الخاصة.

وقال: "أعتقد أنهم في الوقت الحالي لا يحتاجون إلى ورطة أخرى. ومع ذلك، إذا قررت موسكو تغيير استراتيجيتها تجاه إسرائيل في سوريا، فقد يصبح الوضع صعباً للغاية بالنسبة لنا. هذه هي القضية الأهم والأكثر حيوية بالنسبة لإسرائيل. في نهاية المطاف، أعتقد أنَّ الصراع مع إيران- الذي يوسع وجودها في سوريا ولبنان- لا مفر منه".

قبل ثلاثة أسابيع، ألقى ألكسندر يفيموف، السفير الروسي في سوريا، باللوم على إسرائيل في "استفزاز روسيا للرد على أعمالها في سوريا".

وكان الحرس الثوري الإيراني قد تعهد، بالثأر لمقتل اثنين من مقاتليه بغارة جوية نفذتها الطائرات الحربية الإسرائيلية على سوريا.

وقال السفير الروسي لدى دمشق إن إسرائيل تستفزنا لنقوم برد فعل على هجماتها، وهذه الأعمال تهدف لتصعيد التوتر واستئناف العمليات العسكرية.

وأضاف السفير قائلاً: "تهدف الغارات الإسرائيلية لتصعيد التوتر واستئناف العمليات العسكرية وإفساح المجال للغرب للقيام بنشاطات عسكرية في سوريا".

في الوقت الحالي، يبدو أنَّ الوضع في سوريا ومركز خفض التصعيد الروسي- الإسرائيلي مستمر كالمعتاد، لكن من الصعب عدم ملاحظة علامات التحذير والسحب السوداء في أفق العلاقات الإسرائيلية الروسية. 

تحميل المزيد