في إجراء مفاجئ وغير متوقع، خرج الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، الخميس، بإعلانٍ تخلى بموجبه عن صلاحياته، لمجلس قيادة برئاسة مستشاره اللواء رشاد العليمي، وعضوية 7 آخرين.
وجاء الإعلان الرئاسي من العاصمة السعودية الرياض، مقترناً بقرار إعفاء نائب الرئيس علي محسن الأحمر من منصبه.
وتقرر بموجب ذلك الإعلان تشكيل مجلس رئاسي من 8 أعضاء، بقيادة رشاد العليمي، لاستكمال تنفيذ المرحلة الانتقالية.
ويضم المجلس الرئاسي في عضويته كلاً من سلطان علي العرادة، طارق محمد صالح، عبد الرحمن أبو زرعة، عثمان حسين مجلي، عيدروس قاسم الزبيدي، فرج سالمين البحسني، عبد الله العليمي باوزير.
ونصّ ذلك الإعلان على نقل السلطة من الرئيس هادي إلى ذلك المجلس، وتفويضه بكافة صلاحيات الرئيس؛ لاستكمال تنفيذ مهام المرحلة الانتقالية.
هذه الإجراءات المفاجئة جاءت قبيل ساعات من الجلسة الختامية للمشاورات اليمنية- اليمنية التي دعا لها مجلس التعاون الخليجي، وانطلقت نهاية مارس/آذار الماضي في الرياض، بمشاركة ممثلين عن مختلف المكونات اليمنية المحسوبة على الشرعية.
ويطوي هذا القرار صفحة الرئيس هادي، الذي تسلم الحكم في 21 فبراير/شباط 2012، بناء على المبادرة الخليجية، التي تم بموجبها تسليم الرئيس الراحل علي عبد الله صالح للسلطة، إثر ثورة شعبية اندلعت ضده في 11 فبراير/شباط 2011.
وفيما اختتمت بعد ساعات من قرار تشكيل المجلس الرئاسي أعمال المشاورات اليمنية، لا تزال التساؤلات قائمة حول مستقبل اليمن في ظل هذا المتغير الذي جاء على نحو مفاجئ، وهل يمثل بداية انفراجة للصراع الدائر منذ أكثر من سبع سنوات، بين الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً مدعومة من التحالف العربي الذي تقوده السعودية، وجماعة الحوثي المدعومة من إيران.
آمال بتوحيد المكونات
وقد جاء أول ردود الفعل على لسان رئيس الدائرة الإعلامية لحزب التجمع اليمني للإصلاح، علي الجرادي، في تدوينة له رأى فيها أن المجلس الرئاسي "ينهي الصراعات السياسية والبينية بين مكونات الشرعية ويجدد الأمل بتوحد الجهود السياسية والمكونات العسكرية لمواجهة الانقلاب واستعادة الدولة اليمنية وتوفير الخدمات والاستقرار وعودة السلطات لممارسة صلاحياتها من الداخل".
بدوره رحب محمد جميح ، سفير اليمن لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) بمجلس القيادة الجديد، وقال إنه "توازن وتمثيل للقوى الفاعلة على الأرض" وأن "رئيس المجلس شخصية أمنية وسياسية توافقية، والأعضاء فاعلون حقيقيون".
واعتبر جميح في تغريدة له أن "المجلس دليل على أن الحل في اليمن حل عربي، وأن تدويل الأزمة أدى لتعقيدها بشكل أكبر".
نحو الحرب أو السلام
الصحفي اليمني علي الفقيه، ذهب إلى أن هذه الخطوة المتزامنة مع المشاورات اليمنية اليمنية في الرياض، هدفها الرئيس "نقل البلد من حالة الحرب إلى حالة السلم".
وعن إمكانية ذلك يقول الفقيه للأناضول، إن "هذا ما سيحدده تعاطي الحوثيين مع الأفكار المطروحة من الأمم المتحدة والأطراف الدولية للسلام".
وأوضح أن "هناك حالة مختلة على الأرض من حيث سيطرة الحوثي ككتلة واحدة على مساحة واسعة من اليمن، بينما كانت الشرعية المقابلة له تبدو كتل مفككة ومتنافرة، وذلك ما أضعف أداءها".
وأضاف: "فهذا القرار هدف في البداية إلى توحيد الأطراف المكونة لجبهة الشرعية بما يضمن قدرتهم على الذهاب نحو الحرب أو نحو السلام".
وكشف الفقيه عن "قرارات تصنع نقاشات تدور في (عاصمة عمان) مسقط في محاولة لإقناع الحوثيين بالتعاطي مع الرؤى المطروحة للسلام، بالتوازي مع مشاورات الرياض وجلساتها على مختلف المحاور".
وأشار إلى نص الإعلان الرئاسي الذي ينص على أن "يتولى مجلس القيادة الرئاسي التفاوض مع (أنصار الله) الحوثيين لوقف إطلاق نار دائم في كافة أنحاء الجمهورية والجلوس على طاولة المفاوضات للتوصل لحل سياسي نهائي وشامل يتضمن مرحلة انتقالية تنقل اليمن من حالة الحرب إلى حالة السلام"
أهداف واضحة وقراءة صعبة
بدوره يؤكد الباحث السياسي اليمني براء شيبان أن "تشكيل المجلس الجديد يحل حالة الانقسام في المكونات المناهضة للحوثيين".
واعتبر شيبان في حديث للأناضول أن "تشكيل المجلس الرئاسي أهم تطور في سير الأحداث في اليمن منذ بدء الصراع".
ولفت إلى أن "مثل هكذا مجالس تواجه تحديات في اتخاذ القرارات عادة"، مشيراً إلى أن "اليمن ليس لديه تجارب جيدة مع المجالس الرئاسية".
ويذهب شيبان إلى أن "المجلس لديه تمثيل وافٍ لكافة القوى على الأرض، وعليه ينتظر اليمنيون كيف سينعكس هذا الاتفاق على الأداء في الميدان".
وعن الأهداف الأساسية وراء تشكيل المجلس الرئاسي يقول الباحث السياسي إن "أهمها توحيد القوات العسكرية التي تواجه جماعة الحوثي، وإنهاء حالة الانقسام الحاصلة ضمن المكونات السياسية والتشكيلات العسكرية".
ويشير إلى أن الهدف الثاني "هو عودة مؤسسات الدولة للعمل من الداخل، وإنهاء صفة الاغتراب التي ظلت تلازم الحكومات المتعاقبة منذ انقلاب الحوثيين على السلطة، كما أن إنهاء الصراع إما من خلال مفاوضات جدية أو عملية عسكرية تضغط باتجاه الحل السياسي يمثل هدفاً ثالثاً".
ويعتقد شيبان أنه "ما يزال من الصعب الآن تحديد ما إذا كانت تلك الخطوة ستحل الأزمة أم تعقدها، وأن ذلك يعتمد على التطورات الميدانية ومدى قدرة مجلس القيادة على إدارة المرحلة".