"المقاتلة الشبحية من الجيل السادس" ستكون بمثابة قائدة ومدربة للطائرات المسيرة، يبدو أن هذه ستكون السمة الرئيسية لبرنامج الهيمنة الجوية من الجيل التالي (NGAD) للقوات الجوية الأمريكية، والتي تزعم واشنطن أنها ستحقق تفوقاً ساحقاً على خصومها الرئيسيين مثل روسيا والصين.
وبرنامج NGAD يفترض أن يرث برامج طائرتي F-35 وF-22 الشبحيتين من الجيل الخامس.
وتشير التصريحات المتكررة لسلاح الجو الأمريكي إلى أن برنامج NGAD لن يُنتج مقاتلة واحدة على الأرجح، بل مجموعة كاملة من الأنظمة، حسب موقع 1945 الأمريكي.
مشروع المقاتلة الشبحية من الجيل السادس بدأ قبل 12 عاماً
بدأ برنامج NGAD في أوائل عام 2010 لتطوير نظام التفوق الجوي لعام 2030 للقوات الجوية الأمريكية، يهدف البرنامج إلى تطوير العديد من التقنيات الرئيسية في مجالات مثل الدفع، والتخفي، والأسلحة المتقدمة، والتصميم الرقمي، والإدارة الحرارية لبصمة الطائرة الحرارية.
تعد المسابقات الصناعية المتكررة وعمليات المحاكاة في عملية التصميم والتصنيع من سمات برنامج التطوير.
ويوصف مشروع NGAD بأنه "عائلة من الأنظمة"، حيث تشكل "المقاتلة الشبحية من الجيل السادس" محور النظام، ومن المحتمل أن تكون أجزاء أخرى من النظام طائرات مسيرة مرافقة، لتحمل ذخائر إضافية وأداء مهام أخرى.
طائرة مخصصة للصين وأخرى لروسيا
يهدف برنامج NGAD إلى تطوير نظام يعالج احتياجات التشغيل لمسرح عمليات المحيط الهادئ في مواجهة الصين، حيث تفتقر مقاتلات القوات الجوية الأمريكية الحالية إلى النطاق والحمولة الكافية.
لمح قادة القوات الجوية الأمريكية إلى أنه قد يكون هناك نوعان مختلفان من الطائرات في برنامج NGAD: إحداهما ذات مدى طويل وحمولة مناسبة لمنطقة المحيطين الهندي والهادئ، والأخرى موجَّهة إلى نطاقات قصيرة نسبياً في مناطق القتال المحتملة في أوروبا في مواجهة روسيا.
ومن المتوقع أن تستفيد المقاتلة الشبحية من الجيل السادس من محركات الدورة التكيفية التي يتم تطويرها في إطار برنامج انتقال المحرك التكيفي (AETP) وبرنامج الدفع التكيفي من الجيل التالي (NGAP).
في سبتمبر/أيلول 2020، صرح ويل روبر، مساعد وزير القوة الجوية للاقتناء والتكنولوجيا واللوجستيات، بأن نموذجاً أولياً واسع النطاق للطائرة المقاتلة NGAD قد حلق في السماء بالفعل.
في مايو/أيار 2021، صرح رئيس أركان القوات الجوية الأمريكية الجنرال براون أن NGAD ستبدأ في الحلول محل المقاتلات الشبحية الشهيرة F-22 في 2030.
طائرة قائدة ومدربة للطائرات المسيرة
يفترض أن المقاتلة الشبحية من الجيل السادس "NGAD" بمثابة منصة تربط بين المركبات الجوية المأهولة وغير المأهولة، حيث تعمل كقائد لطائرة مستقلة حليفة أو مرافقة، حسبما ورد في موقع 1945.
ولكن إلى أي مدى تقترب التكنولوجيا الخاصة بالطائرة الجديدة من الظهور، وهل ستكون قادرة على تحقيق إمكاناتها المزعومة؟
يقال إن البرنامج يحقق إنجازات بارزة، حيث إن هناك نموذجاً أولياً للطيران بالفعل، ولكن برنامج المقاتلة سري للغاية، والعديد من التفاصيل لم يتم الكشف عنها للجمهور بعد، حسب الموقع الأمريكي.
وقال قائد قيادة القتال الجوي في سلاح الجو الأمريكي، الجنرال مارك كيلي، خلال مؤتمر، في سبتمبر/أيلول 2021، حول NGAD، "أعتقد أننا سنبني المقاتلة الشبحية من الجيل السادس قبل خصومنا، وأنا أنام مرتاح البال لأن لدينا هامش تقدم في هذا الشأن جيد حقاً"، حسب تعبيره.
كيف سيكون تصميمها؟
يكشف التصميم الأولي لـNGAD عن شكل ماسي مع محرك أو محركين بأسلحة مخبأة داخلياً لأغراض التخفي عن الرادارات وذخائر وافرة لتدمير الأهداف الأرضية.
وأصدرت شركة نورثروب غرومان الأمريكية فيديو إعلانياً، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أظهر طائرة يمكن أن تكون NGAD. يبدو أنه سيكون هناك متسع لطيار واحد، كما يظهر مقطع الفيديو عموداً فقرياً في أنف الطائرة يندمج في أجنحتها، متضمناً تصميماً متخفياً.
وتشير التصميمات المطروحة إلى أن الشركات الأمريكية التي تحاول أن تبني المقاتلة الشبحية من الجيل السادس تميل نحو تصميم يتخلى أيضاً عن وجود ذيل بارز، لزيادة قدرات التخفي.
ما هو مفهوم المدرب الرئيسي الذي يميز NGAD؟
يُعتقد أن الطائرة ستكون قادرة على قيادة عملية قتالية تتمحور حول الشبكة الإلكترونية الناقلة للمعلومات والأوامر، بحيث تتصرف مثل "مدرب رئيسي" جوي أو قائد يدمج طائرات مسيرة مع مقاتلات أخرى مثل F-22 وF-35.
سيزيد مفهوم المدرب الرئيسي هذا من الوعي الظرفي في القتال الجوي عبر استخدام الطائرات المسيرة للتحليق إلى الأمام للاستطلاع، ومشاركة البيانات مع المقاتلين الآخرين المأهولة، أو حتى للقيام بمهام التفوق الجوي والهجوم.
تتزايد تقنية تكامل الطائرات المسيرة المحتملة مع NGAD يوماً بعد يوم. ومفهوم العمل الجماعي المأهول (أي الجمع بين الطائرات المأهولة والمسيرة) هو شيء لطالما حلمت به القوات الجوية الأمريكية لسنوات.
وقد تكون NGAD هي تلك المنصة لتحويل مثل هذه الرؤية إلى واقع ملموس.
يقوم مختبر أبحاث القوة الجوية الأمريكية بتطوير برنامج Skyborg الخاص به، الذي يوفر دماغا (ذكاءً اصطناعياً) لمفهوم طيار الجناح المستقل المخلص. تم تصميم حزمة البرامج لتكون مضاعفاً للقوة، من شأنه أن يسمح للطيار الذي سيقود المقاتلة الشبحية من الجيل السادس بالتخلص من عبء الانخراط في تدابير مضادة للحرب الإلكترونية أو الاستطلاع الجوي ومهام أخرى.
عملية دمج المسيرات مع المقاتلات بدأت بالفعل
تمتلك وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة التابعة للبنتاغون (DARPA) مشروعها للطائرات المسيرة الصديقة للطائرات البشرية، يدعى X-61 Gremlin.
ولقد تم اختباره باستخدام طائرة نقل C-130. في تجربة ناجحة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، حيث استعادت الـC-130 الطائرة المسيرة Gremlin في الجو.
وتستخدم داربا هذه التدريبات لتطوير تقنية الطائرات المسيرة التي يمكن إطلاقها واستعادتها من الطائرات، وستكون هذه وظيفة محتملة لـNGAD.
كيف تستفيد المقاتلة الشبحية من الجيل السادس من المسيرات؟
يمكن للطائرات المسيرة التي توجهها المقاتلة الشبحية من الجيل السادس أن تطير إلى الأمام، لتمهيد رحلة آمنة لـNGAD أثناء مناوراتها في مواجهة الدفاعات الجوية للعدو.
ويمكن للطائرات بدون طيار تنفيذ غاراتها الجوية، بينما تبقى NGAD خارج نطاق الأنظمة المضادة للطائرات.
هناك شهية متزايدة للطائرات التي يتم دمجها مع الطائرات بدون طيار، وقد يكون هذا هو اللبنة التأسيسية النهائية لمقاتلة الجيل السادس للقوات الجوية الأمريكية.
إنها ليست مجرد مقاتلة
الهدف أن تكون NGAD أكثر من مجرد طائرة مقاتلة تالية، إنه برنامج سيشمل منصة مأهولة تتعاون مع طائرات مقاتلة غير مأهولة أقل تكلفة بكثير.
سيؤدي هذا التحالف إلى مزيج موزع ومتخصص من أجهزة الاستشعار والأسلحة ومعدات مهمة أخرى تعمل كفريق أو تشكيل عسكري، كما أوضح سكرتير القوات الجوية الأمريكية فرانك كيندال.
وأظهرت اختبارات سلاح الجو الأمريكي أن خوارزميات الكمبيوتر المتقدمة التي تدعم الذكاء الاصطناعي قادرة على معالجة المعلومات في أجزاء من الثانية، واتخاذ القرارات، والأداء الجيد في معارك القتال القريب حسبما ورد في تقرير لموقع The National Interest الأمريكية.
ومع ذلك، فإن القدرات البشرية مازالت هي الأنسب في التعامل مع المتغيرات الأكثر ذاتية، بما في ذلك العاطفة والحدس وتقييم مجموعة متنوعة من العوامل فيما يتعلق ببعضها البعض.
في الوقت نفسه، يمكن إجراء جميع الوظائف الإجرائية مثل معالجة البيانات، والتقييمات الحسابية في أجزاء من الثانية بواسطة الكمبيوتر. لذلك يعتقد العديد من مطوري القوات الجوية الأمريكية أن الخدمة يجب أن تعمل على تحسين أفضل الأنظمة المأهولة وغير المأهولة، من خلال تشغيلها بقدرة منسقة ومتصلة بالشبكة. يمكن رؤية هذا النهج في الجهود الناجحة لسلاح الجو لتحليق طائرات مأهولة بطيار مساعد غير مأهول قادر على استخدام الذكاء الاصطناعي.
يبدو أن هذا التركيز على التعاون والجمع بين السمات الفريدة للطيارين البشريين والطائرات بدون طيار يمثل محور جهود تطوير المقاتلة الشبحية من الجيل السادس.
لقد أحرزت القوات الجوية الأمريكية بالفعل تقدماً كبيراً في جهودها لتشغيل طائرة مسيرة تعمل مع طائرة مقاتلة مأهولة، وهذا يقلل بشكل كبير من زمن نقل المعلومات، عن طريق إزالة الحاجة إلى إرسال المعلومات من الطائرة المسيرة إلى محطة تحكم أرضية، ثم لمقاتلة مأهولة، ويمكّن أطقم العمل المأهولة من تشغيل الطائرات المسيرة القريبة.
التضحية بالطائرات المسيرة سوف تكون ميزة رئيسية في البرنامج
وأشار كيندال أيضاً إلى أن جزءاً من المعادلة هو الميزة الإضافية لتوفير التكاليف، حيث لا تحتاج الأنظمة غير المأهولة إلى العديد من وسائل الحماية.
نحن نبحث عن أنظمة تكلف ما لا يقل عن نصف تكلفة الأنظمة المأهولة التي نتحدث عنها لكل من NGAD والقاذفة B-21، حسب كيندال.
كما أشار كيندال إلى أن هذه الأنظمة غير المأهولة تسمح للقوات الجوية بالقيام بأشياء "لن تفعلها أبداً مع منصة مأهولة".
قدرات جديدة في السرعة والتخفي
من المتوقع أن تتضمن المقاتلة الشبحية من الجيل السادس التي تطورها الولايات المتحدة جيلاً جديداً من خصائص المقاتلات الشبحية، بما في ذلك تحسين في السرعة والقدرة على المناورة وتكنولوجيا التخفي ومعالجة المعلومات التي تدعم الذكاء الاصطناعي.
ماذا ستفعل أمام المنافسين؟
تزعم المصادر الأمريكية أن المقاتلة الشبحية من الجيل السادس التي تطورها واشنطن يمكن أن تغير قواعد اللعبة في مجال الحروب الجوية، وستجد روسيا والصين صعوبة في التنافس معها.
من المتوقع أن تملأ هذه المقاتلة الجديدة دور التفوق الجوي الذي يشغله حالياً الجيل الرابع من طائرات F-15 الأمريكية ذات القدرات العالية، بالإضافة إلى طائرة F-22 Raptor المتقدمة، ولكن قليلة العدد بسبب تكلفتها الباهظة.
وبعد أن صدمت القوات الجوية الأمريكية عالم الطيران، عندما أعلنت في سبتمبر/أيلول 2020، أنهم قاموا بالفعل ببناء نموذج أولي للطائرة، وأنه طار بالفعل، توصل صحفيو الطيران والمحللون إلى افتراض أن النموذج الأولي الذي تم اختباره على الأرجح لا يمثل في الواقع تصميماً ناضجاً للطائرة. وبدلاً من ذلك يبدو من المحتمل أن الطائرة التي حلقت كانت بمثابة دليل تقني لأنظمة مختلفة مخصصة للجيل القادم من الطائرات.
الصين تطور طائرات مسيرة صديقة للمقاتلات
بينما تقول أمريكا إن أكبر ميزة في المقاتلة الشبحية من الجيل السادس التي تطورها في كونها ستكون قائدة ومدربة للطائرات المسيرة، فإن الصين لن تحتاج على ما يبدو لطائرة جيل سادس لكي تطبق هذا المفهوم.
فلقد أفادت تقارير بأن بكين قد تصبح أول دولة في العالم تطلق طائرة مسيرة يتم التحكم فيها من المقاتلات التي يقودها الطيارون من المقاتلات المأهولة.
فوفقاً لتقرير لموقع Eurasian Times، نقلاً عن مصادر صينية، فإن بكين تسعى لإنتاج نسخة ذات مقعدين من طائرتها المقاتلة الشبحية من الجيل الخامس J-20، التي دخلت الخدمة بشكل محدود، على أن تكون بأنظمة حرب إلكترونية قوية (EWS)، وتنشر طائرات بدون طيار، لمساعدتها في القتال وعمليات الاستطلاع.
والطائرة J-20 هي أول طائرة مقاتلة شبحية من الجيل الخامس تدخل الخدمة مع سلاح الجو الصيني، وتطورت الطائرة المقاتلة باستمرار منذ رحلتها الأولى قبل 10 سنوات.
ووجود نسخة بمقعدين من الـJ 20، وحجمها ومداها الأطول يمكن أن يتيح للصين تشغيل طائرة مسيرة تحيد قدرات المقاتلات الأمريكية المتفوقة، وخاصة أن بكين تسعى في إنتاج هذه النسخة ثنائية المقعد قريباً.
ورغم أن لدى روسيا مشروع طائرة جيل سادس شبحية، فإن موسكو ليست متقدمة في مجال الطائرات المسيرة مثل واشنطن أو حتى بكين، ولذا فإن قيامها بتطوير مقاتلة قائدة للمسيرات مسألة أكثر تعقيداً بالنسبة لها.
تركيا لديها مشروع مشابه
كانت تركيا قد أعلنت عن إطلاق مشروع لإنتاج طائرة مسيرة أسرع من الصوت بسرعة تصل إلى 1.4 ماخ (الماخ هو سرعة الصوت) أي نحو 1600 كم.
وسيكون من بين وظائف هذه الطائرة المسيرة أن تكون معاونة لطائرة القتال التركية الشبحية (MMU)، التي تسعى أنقرة لإنتاجها، بحيث تكون الطائرة المسيرة التركية الأسرع من الصوت قادرة على الطيران، جنباً إلى جنب مع طائرة القتال التركي (MMU) وتنفيذ عمليات مشتركة معها.
بل سيتمكن الطيار في (MMU) من التحكم وإدارة الطائرات المسيرة الأسرع من الصوت من حوله.
كما أن المشروع يستهدف أن تكون الطائرة المسيرة التركية قادرة على خداع أنظمة الدفاع الجوي، بحيث تكون قادرة على تقديم نفسها لأنظمة الدفاع المنافسة كطائرة مختلفة، وبالتالي سيتم استخدامها لخداع أنظمة دفاع الخصم وإرباكها أثناء المعركة، لإيقاظ أنظمته مبكراً، واستهلاك صواريخه عن طريق التسبب في إطلاقها بشكل غير صحيح على الطائرة المسيرة.