وجّه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، في اتصال فيديو خاص مع مشرعين أمريكيين، مطلع هذا الأسبوع، نداءً "يائساً" للولايات المتحدة لمساعدة كييف في الحصول على مزيد من الطائرات الحربية للتصدي للغزو الروسي والسيطرة على مجالها الجوي.
هذا التصريح فتح باب التساؤل عن سلاح الجو الأوكراني؛ أين يوجد، ولماذا يحتاج زيلينسكي إلى الطائرات، ومن هي الدول التي قد تساعده في هذا الأمر؟
وكالة Associated Press الأمريكية أجابت في تقرير عن التساؤلات الهامة عن هذا الطلب من قِبل رئيس أوكرانيا.
لماذا تحتاج أوكرانيا إلى طائرات حربية؟
تستخدم القوات الجوية الأوكرانية مقاتلات ميغ-29 وسو السوفييتية الصنع للدفاع عن أجوائها وأراضيها من الهجوم العسكري الروسي الذي بدأ في 24 فبراير/شباط، وترغب في الحصول على مزيد من الطائرات الحربية، لتتمكن من مواصلة هذه المهمة على المدى الطويل.
ورغم أن القوات الجوية الأوكرانية أقل بكثير من نظيرتها الروسية القوية، واصل الطيارون الأوكرانيون تنفيذ طلعات قتالية وزعموا أنهم قتلوا عدداً من الطيارين الروس في طلعاتهم، رغم التأكيدات المتكررة من جانب الجيش الروسي بأنه قمع القوة الجوية الأوكرانية وعتاد دفاعها الجوي.
لماذا لا تُستخدم الطائرات الحربية الأمريكية؟
الطيارون العسكريون الأوكرانيون ليسوا مدربين على التحليق بالمقاتلات الأمريكية، وهم أكثر براعة في التعامل مع طائرات ميغ-29 أو سو التي تستخدمها حالياً بولندا وبلغاريا وسلوفاكيا، دول الناتو التي كانت عضوة في الاتحاد السوفييتي.
وسيتمكن الطيارون الأوكرانيون من قيادة طائرات ميغ في الحال، لكن بولندا لا تبدو متحمسة لخسارة جزء كبير من قوتها الجوية دون بدائل. وأصبحت طائرات إف-16 أمريكية الصنع الدعامة الأساسية للقوات الجوية البولندية في الوقت الذي تعمل فيه على تحديث جيشها.
ما رد بولندا؟
قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن فكرة تزويد أوكرانيا بطائرات من بولندا مُنحت "الضوء الأخضر".
وقال بلينكن، يوم الأحد 6 مارس/آذار، من مولدوفا: "ندرس بجدية مسألة الطائرات التي قد توفرها بولندا لأوكرانيا، وكذلك الطريقة التي قد نتمكن بها من تعويض هذه الطائرات إذا قررت بولندا توفيرها. لا يمكنني تحديد جدول زمني بعينه، ولكن كل ما يمكنني قوله إننا ندرس ها الموضوع بجدية شديدة".
لكن رد بولندا كان متحفظاً؛ إذ قال المتحدث باسم الحكومة بيوتر مولر: "بخصوص الحديث عن إرسال الطائرات، لا يسعني إلا أن أكرر أنه لم تُتخذ قرارات في هذا الموضوع".
ونفى مولر المزاعم القائلة بأن بولندا قد تتيح مطاراتها للطائرات الحربية الأوكرانية. وتزعم روسيا أن رومانيا وبعض الدول الأخرى التي لم تذكر اسمها تستضيف طائرات حربية أوكرانية.
ويُشار إلى أن بولندا داعمة لأوكرانيا على المستوى السياسي، حيث تدعم وحدة أراضيها وسيادتها، وعلى المستوى الإنساني؛ حيث فتحت حدودها أمام اللاجئين من الدولة غير العضوة في الاتحاد الأوروبي.
لماذا لم تتخذ بولندا قراراً حاسماً؟
رغم موقف بولندا الداعم لأوكرانيا في حربها، ترى وارسو أن قرار إتاحة طائراتها لأوكرانيا خطير وصعب.
إذ حذرت روسيا الدول المجاورة لأوكرانيا من استضافة طائرات أوكرانيا الحربية على أراضيها، وقالت إنها ستعتبر ذلك "مشاركة في الحرب". وقد يعني ذلك شن هجمات على هذه الدول.
ويمكن فهم تهديد روسيا على أنه تحذير شامل من مساعدة القوات الجوية الأوكرانية.
وبولندا تقع أيضاً على حدود روسيا، عبر كالينينغراد، ولها حدود طويلة مع روسيا البيضاء، حليف روسيا الوثيق. وقد تدهورت العلاقة بين وارسو وموسكو منذ تولت حكومة يمينية السلطة في بولندا عام 2015.
اعتبارات أخرى
تتمثل إحدى المشكلات الرئيسية في المكان الذي ستتمركز فيه طائرات ميغ، إذا توفرت، لأنه لا يصح وجودها على أراضي دول عضوة في حلف الناتو. وليس واضحاً إن كانت أوكرانيا ستتمكن من إيوائها وصيانتها على المدى الطويل، بالنظر إلى الحرب الدائرة على أراضيها.
ومن المشكلات الأخرى طريقة تسليم الطائرات إلى أوكرانيا. فليس بإمكان الطيارين البولنديين، الذين هم أيضاً طيارون في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، نقلها إلى أوكرانيا دون المخاطرة بتدخل الناتو في الحرب، وقد يثير إرسال طيارين أوكرانيين إلى بولندا لإعادتها مشكلات مماثلة.
وهناك أيضاً مشكلة تأخر إنتاج طائرات إف-16، التي تعني أن الدول التي قد تمنح مقاتلات ميغ وسو لأوكرانيا سيتعين عليها انتظار هذه الطائرات لبعض الوقت.
وقد لخص السيناتور الجمهوري الأمريكي ماركو روبيو الأمر بقوله: "توفير هذه الطائرات لا يقتصر على مجرد تسليمها. فعليك أن تدخلها إلى أوكرانيا، وتجد لها مكاناً. والروس أطلقوا بين 8 و12 صاروخاً على مطار في غرب أوكرانيا. وهذا ليس سوى جزء من استراتيجية لحرمانهم من أماكن لنقل هذه الطائرات".