آخر أزمات تونس المعيشية!.. شُحّ سلع أساسية وهذه الأسباب التي تقف وراء ارتفاع أسعارها

عربي بوست
تم النشر: 2022/02/23 الساعة 10:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/23 الساعة 10:36 بتوقيت غرينتش
الرئيس التونسي قيس سعيّد أثناء استقباله

دخلت أزمة شح كبير في العديد من المواد الغذائية وغياب بعضها من الأسواق التونسية تماماً، لتضيف مزيداً من الأعباء المعيشية على المواطنين، في ظل أوضاع مالية معقدة.

ولم تُحدث تحذيرات رئيس الجمهورية قيس سعيّد التجار من خطورة المضاربة، وكذلك أوامره بتتبع المضاربين والمحتكرين قضائياً، وقيام وزارة التجارة بحجز كميات هائلة من المواد الاستهلاكية الأساسية، أية آثار إيجابية على حالة الأسواق، إذ لا تزال سلع مفقودة.

ومنذ نهاية 2021، تسجل المحلات والفضاءات التجارية نقصاً في العديد من المواد؛ مثل الزيت النباتي والسميد والسكر والأرز، وإن وجدت فيجري تحديد كمية معينة لكل مواطن.

تونس أزمة اقتصادية التضخم شح السلع
صورة تعبيرية لأحد الأسواق التونسية/Getty Images

وفي 3 فبراير/شباط الجاري، قال البنك المركزي التونسي إن الضغوط التضخمية على مستوى أهم مكونات الأسعار تعتبر مرتفعة، ما سيدفع التضخم نحو "مستويات عالية نسبياً على المدى المتوسط".

وتشهد تونس زيادات على أسعار المستهلك منذ النصف الثاني من 2021، لأسباب مرتبطة بارتفاع الأسعار عالمياً، وأسباب أخرى مرتبطة بالعرض والطلب، ووفرة السلع داخل السوق المحلية.

  المضاربة

وأرجع لطفي الرياحي، رئيس المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك، هذا النقص أساساً إلى المضاربة وخاصة في مسالك التوزيع.

وأضاف الرياحي، في تصريح للأناضول، أن وزارة التجارة تقوم بحجز كميات كبيرة من المواد الغذائية، وهو ما يعني أن المواد متوفرة بكثرة، "لكن المضاربة هي المسيطرة على الأسواق".

وتسجل سلع رئيسة زيادات متتالية في الأسعار، خاصة السلع الحرة، التي لا يمكن للجهات الحكومية تحديد كُلفتها على المستهلك.. "أمام ارتفاع الأسعار، أصبح التونسي غير قادر على مجابهة المتطلبات الأساسية"، وفق الرياحي.

  اضطراب في تزويد السوق

وفي تصريحات صحفية سابقة، قالت وزيرة التجارة فضيلة الرابحي، إن ارتفاع الطلب دفع إلى تسجيل اضطراب في التزوّد بالعديد من المواد.

وأكدت الراجحي أن الاحتكار، وزيادة الطلب وارتفاع أسعار البترول والمواد الأولية في العالم، هي أبرز أسباب النقص في بعض المواد الاستهلاكية الأساسية في تونس.

وفي تصريح إذاعي الأسبوع الماضي، قال حسام الدين التويتي، مدير عام المنافسة والأبحاث الاقتصادية في وزارة التجارة، إن العرض يبقى أقل بكثير من الكميات المتوفرة، وذلك بسبب الإقبال المتزايد على السلع الأساسية.

شارك الآلاف في وقفة بالعاصمة تونس، الأحد، مساندة لاستقلال القضاء ورافضة لقرارات الرئيس قيس سعيد / وكالة الأناضول

وأقر المسؤول بوزارة التجارة بوجود بعض الاضطرابات "وذلك بسبب إقبال المواطن المتزايد على هذه المواد بكميات أكثر من حاجاته.. كما كشفنا عن كميات كبيرة يقع تخزينها بطريقة احتكارية وعشوائية".

وفيما يتعلق بنقص مادة الخبز، نفى المسؤول التونسي وجود أزمة حقيقية، معلناً تسجيل اضطرابات في بعض المناطق فقط، "هناك طلب متزايد على مادة الخبز".

  أسعار مرتفعة

وتسجل أسعار المواد الغذائية في تونس نسقاً تصاعدياً في الأشهر الماضية، وهو ما أدى إلى ارتفاع نسبة التضخم إلى 6.6% في ديسمبر/كانون الأول 2021.

ويعود هذا الارتفاع أساساً إلى تسارع نسق ارتفاع أسعار مجموعة المواد الغذائية من 6.9% في نوفمبر/تشرين الثاني، إلى 7.6% في ديسمبر/كانون الأول 2021.

تونس
الرئيس التونسي قيس سعيد – رويترز

ورغم تطمينات المسؤولين بتوفر المواد الغذائية الأساسية، فإن الواقع مخالف تماماً لما يصرحون به، وهو ما أكدته (نعيمة. ر) الأستاذة بالتعليم الثانوي، بالقول: "نقص كبير في المواد الغذائية؛ خاصة الزيت والبيض والسميد".

وتشتكي نعيمة، في حديث للأناضول، من ارتفاع الأسعار، معتبرة أن الزيادات "غير مبررة، إضافة إلى التهديد المتواصل للمواطن برفع الدعم عن المواد الأساسية.. هذا ترهيب متواصل من طرف الدولة للمواطن".

وتشاطرها الرأي (نسرين. ط) أستاذة لغة فرنسية، التي ترى أن تفاقم احتكار المواد الغذائية وخاصة في الفترة ما قبل شهر رمضان، وراء النقص الكبير في هذه المواد.

 الدولة غائبة

وفي تصريح للأناضول، قال رضا الشكندالي، أستاذ الاقتصاد في الجامعة التونسية، إن "الدولة اليوم غائبة، وهو ما يدفع النقابات إلى فرض الأمر الواقع".

وأضاف أن "الدولة لا تتحكم في مسالك التجارة، وهذا الفراغ تركته للنقابات للتحكم في الأسعار".

وتابع: "هناك نوع من الانفلات وقصر نظر على مستوى التحكم في الأسعار"، مبيناً أن "الدولة غير قادرة على التحكم على مستوى التكلفة".

ويعاني الاقتصاد التونسي من أزمة كبيرة، فكل الأرقام والمؤشرات تؤكد أن الإصلاح السياسي أصبح ضرورة حتى تحقق البلاد الحد الأدنى من التوازن المالي.

ومع خروج سنة 2021 التي عاش فيها الاقتصاد التونسي أسوأ أزماته منذ الاستقلال، دخلت سنة 2022 حاملة معها أزمات أخرى، علّ أبرزها وضع صندوق النقد الدولي لشروط مقابل منح قروضٍ مالية.

وحسب الآراء التي استقاها "عربي بوست" من مصادره الخاصة، فإن الرئيس التونسي قيس سعيّد لن يستطيع مجاراة شروط صندوق النقد الدولي إلا إذا قام بـ"إصلاحات عميقة جداً".

شروط تعجيزية أمام الرئيس

طلب ممثل صندوق النقد الدولي في تونس، جيروم فاشيه، من تونس، البلد الساعي للحصول على مصادر تمويل دولية، القيام بإصلاحات عميقة جداً.

تونس
الرئيس التونسي قيس سعيّد (مواقع التواصل الاجتماعي)

وللحصول على هذه التمويلات، طالب المتحدث في مقابلة مع وكالة الأنباء الفرنسية بـ"خفض حجم قطاع الوظيفة العامة، الذي يبلغ أحد أعلى المستويات في العالم".

وقال المتحدث إنه "بالإضافة إلى الإجراءات الاستثنائية التي يطبقها الرئيس وترفضها القوى السياسية بالبلاد، فإن تونس عرفت بسبب جائحة كوفيد-19 أكبر ركود اقتصادي منذ استقلالها في العام 1956".

وأشار المتحدث إلى أن "مشكلات البلاد كانت سابقة للجائحة، ولا سيما العجز في الميزانية والدَّين العام الذي بلغ حوالي 100% من إجمالي الناتج المحلي نهاية العام 2021".

تحميل المزيد