عرض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخميس 3 فبراير/شباط 2022 عقد قمة بين أوكرانيا وروسيا في الوقت الذي كثف فيه زعماء الاتحاد الأوروبي التواصل مع الكرملين لنزع فتيل المخاوف من احتمال غزو موسكو لكييف.
وخلال لقائه بنظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كييف، وقع الطرفان سلسلة من الاتفاقيات، بما في ذلك اتفاق من شأنه أن يوسع القدرات الإنتاجية لشركة "بايكار" التركية المصنعة لطائرات "بيرقدار" المسيّرة، والتي شهدت نشر طائراتها العام الماضي في حرب كييف ضد الانفصاليين المدعومين من روسيا في منطقة دونباس بشرق البلاد.
اقرأ أيضاً
ما تفاصيل الاتفاقيات الجديدة بين تركيا وأوكرانيا؟
خلال زيارة أردوغان، وقَّع البلدان ثماني اتفاقيات، تضمنت أيضاً صفقة تجارية تقول كييف إنها ستعزز التجارة الثنائية إلى حوالي 10 مليارات دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وقال الرئيس الأوكراني زيلينسكي للصحفيين الخميس إن "صناعة الدفاع والطيران هما القوة الدافعة الرئيسية لشراكتنا الاستراتيجية"، مضيفاً أن شركة "بايكار" التركية ستوسع إنتاجها من الطائرات بدون طيار في أوكرانيا، وستعزز أوكرانيا قدراتها الدفاعية بهذه التقنيات والوظائف الجديدة.
تستخدم المسيرات التركية بالفعل في طلعات استكشافية على طول خط المواجهة في إقليم دونباس، الذي يشهد منذ عام 2014 نزاعاً بين القوات الأوكرانية والانفصاليين الموالين لروسيا، وهو أمر سبق لموسكو أن أبدت استياءها منه.
حيث قالت موسكو إن استخدام القوات الأوكرانية الطائرة المسيرة التركية في العمليات القتالية بإقليم دونباس سيؤثر سلباً على الوضع في الإقليم.
وفي سبتمبر/أيلول 2021، وقّع وزير الدفاع الأوكراني أندري تاران والرئيس التنفيذي لشركة "بايكار" التركية للدفاع والطيران خلوق بيرقدار مذكرة تفاهم لإنشاء مركز للصيانة والتدريب على الطائرات المسيرة في أوكرانيا.
اقرأ أيضاً
أردوغان يسير على حبل مشدود بين موسكو وكييف
من جهته أكد أردوغان، الذي يسلك مساره الدبلوماسي الخاص، مجدداً في اجتماعه مع زيلينسكي، عرضه لاستضافة قمة سلام مع بوتين. حيث يتطلع الزعيم التركي إلى الاستفادة من علاقته الخاصة مع بوتين ودعمه القوي لكييف لبدء محادثات سلام.
وقال أردوغان في مؤتمر صحفي: "زيارتنا لكييف تأتي في وقت حساس، أود أن أكرر أننا ندعم السيادة الأوكرانية على شبه جزيرة القرم". وأضاف أردوغان أن تركيا تود أن تكون وسيطاً بين روسيا وأوكرانيا اللتين يراهما "جارتين صديقتين". مردفاً أنه "يمكن أن يكون إما من خلال ترتيب اجتماع على المستوى الرئاسي أو على المستوى الفني".
وتسير الحكومة التركية على حبل مشدود بين روسيا وأوكرانيا، التي تربط أنقرة بها علاقات دفاعية تاريخية. وتحظى تركيا مع روسيا بعلاقات استراتيجية وتعاون استراتيجي عندما يتعلق الأمر بليبيا وسوريا وناغورنو قره باغ في أذربيجان، لذلك قد يحتاج الرئيس التركي إلى توخي الحذر الشديد أثناء التعامل مع هذه القضية، كما يقول الخبراء.
وقد تعرقلت جهود أردوغان من أجل الجلوس مع الطرفين حتى الآن بسبب غضب الكرملين من قيام تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي بتزويد كييف بطائرات بدون طيار مقاتلة، وها هي الآن توسع علاقاتها الدفاعية مع كييف ببناء مصنع جديد للطائرات المسيرة.
أوكرانيا تعوِّل بشكل كبير على طائرات "بيرقدار" التركية
تمتلك أوكرانيا ما يقرب من 20 طائرة بدون طيار من طراز TB-2 Baykar والتي أثبتت قيمتها ضد المنظومات الدفاعية روسية الصنع في العديد من البلدان، مثل سوريا وليبيا وأذربيجان.
كما تزود تركيا أوكرانيا أيضاً بطائرات "أكينجي" Baykar Akinci، وهي طائرة بدون طيار تركية أخرى على ارتفاع متوسط وطويلة التحمل كشفت أنقرة النقاب عنها قبل نحو عامين.
وأظهر المسؤولون الروس لأنقرة الغضب الشديد بشكل علني بسبب هذه المبيعات، لكن مسؤولاً تركياً كبيراً قال لوكالة Bloomberg الأمريكية يوم الخميس، إن بلاده "لن تتراجع عن صفقات الأسلحة لمجرد إرضاء روسيا".
وبعد نجاح أذربيجان في مواجهة القوات الأرمينية واستعادة إقليم قره باغ بعد 30 عاماً من الاحتلال، قالت وسائل الإعلام الأوكرانية إن الجيش الأوكراني يخطط لاستعادة منطقة دونباس الشرقية التي يُسيطر عليها الانفصاليون المدعومون من روسيا، وذلك باستعمال الطائرات المسيرة التركية "بيرقدار" TB2، التي غيرت وجه الحرب الأذربيجانية الأرمينية.
واشترت أوكرانيا من تركيا 6 طائرات مُسيَّرة من طراز بيرقدار TB2 في 2018، وثلاث وحدات للبيانات الطرفية على الأرض، و200 صاروخٍ عالي الدقة، بموجب عقدٍ قيمته 69 مليون دولار.
كما استمرت كييف في الدفع باتجاه زيادة التعاون العسكري مع أنقرة بعد ذلك، بتوقيع مجموعة جديدة من اتفاقات التعاون العسكري بين البلدين في 2019 و2020 و2021، حيث وقَّع البلدان اتفاقاً للتعاون العسكري والمالي في العام الماضي واتفاقية إطار عمل عسكري أثناء زيارة لزيلينسكي إلى تركيا.
مصنع جديد لطائرات بدون طيار "أوكرانية-تركية"
قبل زيارة أردوغان، قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف للصحفيين إنه سيطلب من نظيره التركي مزيداً من المعدات، بما في ذلك الدروع الواقية للبدن والخوذات.
وقال ريزنيكوف: "اليوم سنتحدث مع نظيري التركي حول إمكانية توفير أنظمة أمنية، لأنه، كما يتضح، هناك طابور كبير أمام دول الناتو لشراء هذه الأنظمة".
وأضاف وزير الدفاع الأوكراني أيضاً أن اتفاقية التعاون في مجال الصناعة الدفاعية بين تركيا وأوكرانيا ستزيد التعاون في مجال التكنولوجيا العسكرية عالية الجودة، مضيفاً أن "أحد الأمثلة على تنفيذ هذه الاتفاقية هو بناء مصنع Bayraktar الذي ينتج طائرات بدون طيار في أوكرانيا، وبالتالي سيتم إنشاء مركز تدريب لتدريب الطيارين لدينا على تشغيل طائرات بدون طيار من مختلف الفئات".
يقول تقرير لموقع MEE البريطاني، إن شركة Baykar التركية، التي تنتج طائرات TB-2، حصلت على قطعة أرض في أوكرانيا في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لبناء مصنع لأغراض الإنتاج المشترك للطائرات المسيرة.
وقال ريزنيكوف أيضاً إن الجيل التالي من طائرات TB-2 بدون طيار سيستخدم محركات أوكرانية صنعتها شركة Motor Sich.
وأضاف: "سيخلق هذا في الواقع نسخة أوكرانية من (بيرقدار) التركية من حيث المحتوى التكنولوجي، وسيتم استخدامها لدى القوات المسلحة لدى أوكرانيا وتركيا".