تبدو خيارات أمريكا لمنع روسيا من غزو أوكرانيا قليلة، ولكنها ليست منعدمة، غيرأن نجاحها في ذلك متوقف على مدى الحزم الذي ستبديه وتعاون الدول الأوروبية معها.
وأصبحت خيارات أمريكا لمنع روسيا من غزو أوكرانيا محور النشاط الدبلوماسي الأمريكي، حيث تسارع الولايات المتحدة لمحاولة ردع أيِّ توغُّلٍ روسي في أوكرانيا، عبر التلويح لموسكو بعواقب مثل هذا العمل، حسبما ورد في تقرير لصحيفة New York Times الأمريكية.
أمريكا تصعد ضد روسيا بالتلويح بنشر قوات على حدودها
وتصاعد الموقف خلال عطلة نهاية الأسبوع، حيث ظهر أن الرئيس بايدن كان يفكِّر في نشر عدة آلاف من القوات الأمريكية، وكذلك السفن الحربية والطائرات، لدى حلفاء الناتو في دول البلطيق وأوروبا الشرقية. ويبدو أن هذه الخطوة تشير إلى تحوُّلٍ من جانب إدارة بايدن التي بذلت جهداً لتجنُّب استفزاز روسيا.
ولكن مع تكثيف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تهديداته، وفشل المحادثات بين المسؤولين الأمريكيين والروس في نزع فتيل الأزمة، بدا أن الإدارة تغيِّر مسارها.
حشدت روسيا نحو 100 ألف جندي بالقرب من حدودها مع أوكرانيا. وكشفت الولايات المتحدة عن معلوماتٍ استخباراتية تُظهِر أن لدى روسيا خطة حرب تقتضي حشد قوة غزو قوامها 175 ألف جندي، ولن يكون لدى الجيش الأوكراني القدرة على إيقافها، رغم المعدَّات والتدريبات التي قدَّمتها الولايات المتحدة.
قال بايدن إن الغزو سيكون "أهم شيء يحدث في العالم على صعيد الحرب والسلام منذ الحرب العالمية الثانية". واستنتجت التقييمات الاستخباراتية الحالية التي وصفها مسؤولو البيت الأبيض أن بوتين لم يتخذ قراراً بشأن الغزو. وحتى الآن، لا تتضمن أيٌّ من الخيارات العسكرية قيد الدراسة نشر قوات أمريكية إضافية في أوكرانيا نفسها.
يهدد اندلاع نزاع عسكري مُحتَمَل بزعزعة استقرار منطقة ما بعد الاتحاد السوفييتي المتقلِّبة بالفعل، والتي ضربتها الاحتجاجات الشعبية هذا الشهر في كازاخستان. وستكون له عواقب وخيمة على الهيكل الأمني الذي حكم أوروبا منذ انهيار الاتحاد السوفييتي قبل ثلاثة عقود.
واشنطن ترفض مطالب موسكو
قدَّمَت روسيا قائمةً من المطالب بعيدة المدى، بما في ذلك تعهُّد الناتو بوقف المزيد من التوسُّع باتجاه الشرق والموافقة على عدم قبول أوكرانيا كعضو، لكن الولايات المتحدة وصفت تلك المواقف بأنها غير مقبولة.
وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أمس الأربعاء 26 يناير/كانون الثاني 2022، إن الولايات المتحدة قدَّمت إلى روسيا ردوداً مكتوبة على مطالبها بشأن الضمانات الأمنية، في إطار المفاوضات لتجنُّب التصعيد العسكري ضد أوكرانيا.
وأضاف بلينكن للصحفيين، أن الرد حدَّد مساراً دبلوماسياً جاداً للمضي قدماً إذا اختارت روسيا ذلك، وتقييماً مبدئياً وعملياً للمخاوف التي أثارتها روسيا. وتابع أن واشنطن منفتحة على الحوار.
كذلك، قال بلينكن: "لمْ نستجب بشكل إيجابي لطلب روسيا عدم ضم أوكرانيا إلى الناتو، ولم يطرأ أي تغيير على (سياسة الباب المفتوح) للحلف"، مضيفاً: "عرضنا على روسيا إمكانية عقد اتفاقية إضافية لـ(نيو ستارت)؛ لخفض الأسلحة الاستراتيجية بأوروبا، وضمن ذلك الصواريخ النووية".
بوتين يريد إعادة كييف إلى الحظيرة الروسية
ويصرَّ المسؤولون الروس مراراً على أن موسكو ليس لديها خططٌ لغزو أوكرانيا وأن الحشد الهائل للقوات هو فقط للتدريبات.
لكن بوتين يسعى بالأساس إلى إعادة رسم حدود أوروبا ما بعد الحرب الباردة، وإنشاء منطقة أمنية واسعة تهيمن عليها روسيا، وإعادة أوكرانيا إلى مدار موسكو بالقوة، إذا لزم الأمر.
في حالة حدوث غزو، هدَّدَت الولايات المتحدة وحلفاؤها بفرض سلسلة من العقوبات التي من شأنها أن تتجاوز بكثيرٍ تلك التي فُرِضَت في عام 2014، بعد ضمِّ روسيا لشبه جزيرة القرم. وقد حذَّرَ بوتين من أن فرض عقوباتٍ جديدة قد يؤدِّي إلى "قطعٍ كاملٍ" للعلاقات مع واشنطن.
خيارات أمريكا لمنع موسكو من غزو أوكرانيا تشمل بعض التحركات العسكرية
خيارات أمريكا لمنع روسيا من غزو أوكرانيا لا تقوم على منع الغزو بشكل مباشر، ولكن بالأساس جعل عملية الغزو وتبعاته مكلفة، لدرجة تجعل بوتين يتراجع عن هذا القرار إذا كان قد اتخذه.
بالطبع تأتي المشكلة الأكثر تعقيداً بالنسبة لصانع القرار الأمريكي، ماذا لو ردت روسيا على أي عقوبات قاسية ضدها إذا غزت أوكرانيا بالتحول إلى التحرش بدول الناتو المجاورة لها، خاصة دول البلطيق الثلاث، التي هي دول ضعيفة وصغيرة بجانب الدب الروسي.
في الأزمة الأوكرانية عام 2014 كان الناتو مهتماً أكثر بحماية جناحه الشرقي أكثر من اهتمامه بالتوغل الروسي في أوكرانيا.
لهذا السبب فإن خطط إرسال قوات أمريكية لدول الناتو المجاورة لروسيا قد لا تهدف بشكل أساسي لردع روسيا عن غزو أوكرانيا، بل لحماية أعضاء الناتو من الغضب الروسي على أي عقوبات غربية محتملة.
في أوائل ديسمبر/كانون الأول، أوضح بايدن أن إدارته لا تفكر في إرسال قوات إلى أوكرانيا، لأن أوكرانيا، من بين أسبابٍ أخرى، ليست عضواً في حلف الناتو، ولا تخضع لالتزامها بالدفاع الجماعي.
ومن الواضح أن أمريكا ليست مستعدة للمخاطرة بتبادل نووي للدفاع عن أوكرانيا، وهو أسلوب يسمح لبعض دول الناتو بحق التصرف في الأسلحة النووية الأمريكية الموجودة على أراضيها.
وفي المقابل، قال بايدن إنه سيعزِّز الوجود العسكري الأمريكي في دول الناتو المتاخمة لروسيا.
يدرس بايدن عدة خيارات، من شأنها تحويل الأصول العسكرية الأمريكية إلى مكان أقرب بكثير من عتبة بوتين. تشمل الخيارات إرسال ألف إلى 5 آلاف جندي إلى دول أوروبا الشرقية، مع احتمال زيادة هذا العدد عشرة أضعاف إذا تدهورت الأمور.
ولكن أصبح من الواضح خلال الحرب القصيرة التي شنتها روسيا في جورجيا، في أغسطس/آب 2008، أنه حتى الولايات المتحدة في ذروة قوتها بعد الحرب الباردة لم تكن مستعدة للمخاطرة بحرب مع روسيا، ولكن هل تكون أمريكا مستعدة للدخول في حرب مع موسكو في حال تحرش الأخيرة بدول الجناح الشرقي للناتو.
كيف سيعاقب بايدن روسيا اقتصادياً؟
توعّد بايدن بوتين مراراً بأنه ستكون هناك "عواقب اقتصادية لم يسبق لها مثيل"، وألمح إلى أن رد الفعل في حال حدوث توغل روسي محدود لن يكون كبيراً.
وحذَّرَ مسؤولو بايدن مؤخَّراً من أن الولايات المتحدة يمكن أن تُلقي بثقلها وراء أوكرانيا إذا غزا بوتين البلاد.
وسبق أن نقلت وكالة "بلومبرغ" عن مصادر على دراية بالمناقشات الغربية حول فرض عقوبات اقتصادية على روسيا، قولها إن الولايات المتحدة تعتقد أن الاتفاق على حزمة عقوبات سيرسل رسالة واضحة إلى موسكو.
إجراءات مالية تطرد روسيا من النظام المصرفي الدولي
وهناك أيضاً خيار عزل روسيا عن النظام المصرفي الدولي، رغم أن مُحلِّلين قالوا إن هذا غير مُرجَّح.
وسبق أن لوَّحت الولايات المتحدة بأن واحدة من أقوى أدوات العقوبات الاقتصادية لديها هي فرض قيود على إصدار موسكو للديون السيادية، كما يمكن أن تفرض واشنطن عقوبات على قدرة روسيا على تداول الدولار الأمريكي، وسبق أن سعت موسكو بالتعاون مع الصين لإيجاد بدائل للتعامل بالدولار الأمريكي، في مؤشر على قلقها من هذا السيناريو.
وتنظر روسيا لهذه الحزمة من العقوبات بأنها تشكل تصعيداً خطيراً.
وتشعر دول غربية أخرى بالقلق من أنَّ فصل المؤسسات المالية الروسية عن نظام "سويفت" الدولي للتعاملات المصرفية قد يرتد بانعكاسات سلبية على الاقتصاد الأوروبي.
إذ ينظر الاتحاد الأوروبي إلى سيناريو منع روسيا من استخدام نظام الدفع العالمي "سويفت"، كمقترح "إشكالي"، في حين تدفع أمريكا لوضع اللمسات الأخيرة على حزمة عقوبات ضد موسكو، حال قررت غزو أوكرانيا، لأن حظر روسيا عن نظام "سويفت" الذي يستخدم لتحويل المدفوعات في جميع أنحاء العالم، يعتبر مشكلة كبيرة بسبب الاضطرابات المحتملة التي سيتسبب بها في الأسواق العالمية للطاقة والصادرات الروسية الأخرى، حسبما ذكر التقرير.
ومع حقيقة أنَّ نظام "سويفت" يخضع للقانون البلجيكي والأوروبي، يجب على واشنطن ضمان القبول الأوروبي في حال أرادت فصل روسيا عن هذا النظام المالي الدولي. قد تحاول الولايات المتحدة إجبار الدول الأوروبية على التعاون، كما فعلت في عام 2012، عندما ضغطت على أوروبا لفصل إيران عن نظام "سويفت".
ومع ذلك، قد تكون واشنطن غير مستعدة لإجبار حلفائها على فعل نفس الشيء مع روسيا، في ظل مخاطر تفكّك الوحدة عبر الأطلسي.
حظر نفطي مشابه لما تعرضت له إيران
كما يمكن أن تفرض واشنطن عقوبات على صادرات الطاقة الروسية، مثلما فعلت مع إيران، بحيث تجبر الدول الأخرى على عدم شرائها.
ولكن مثل هذه العقوبات الخطيرة، إضافة إلى أنها يمكن أن تدفع روسيا لمزيد من التهور تجاه أوكرانيا أو دول البطليق الأعضاء في الناتو، فإنها قد تأتي في وقت حرج في عالم الطاقة، خاصة بالنسبة لأوروبا؛ حيث تشهد أسعار الغاز صعوداً كبيراً ينذر بشتاء صعب للاتحاد الأوروبي، الذي يعتمد على روسيا في تلبية أكثر من ثلث احتياجاته من الغاز تحديداً.
عقوبات على غرار ما حدث لهواوي
ألمح المسؤولون الأمريكيون إلى أن واشنطن قد تلجأ إلى النهج الذي تتبعه مع الصين، إذ من المُحتَمَل أن تفرض عقوبات قد تحرم الروس من هواتفهم المفضلة من الجيل التالي، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وغيرها من الأدوات، علاوة على حرمان الجيش من المعدَّات المتطوِّرة.
تستطيع شركات التكنولوجيا الأمريكية إذا حجبت بعض تطبيقاتها عن روسيا أن تسبب مشكلة، ولكن يجب ملاحظة أن موسكو لديها تطبيقات منافسة كثيرة، وبكين تخطت أزمة هواوي رغم أن روسيا تظل في هذا المجال أقل كفاءة من الصين، ولكنها قد تلجأ لبكين للبحث عن بعض الحلول.
منع تصدير التكنولوجيا وتتبع أموال حاشية بوتين
أحد خيارات العقوبات الأمريكية الأخف وطأة هو فرض عقوبات تستهدف صادرات الولايات المتحدة في مجال التقنية المتقدّمة (مثل أشباه الموصلات والرقائق الدقيقة) إلى روسيا، وهو إجراء من شأنه أن يؤثر سلباً على صناعتي الفضاء والأسلحة الروسية.
كذلك التركيز على العقوبات المالية على أصول الدائرة المقربة لبوتين والاستهداف المباشر لتلك الأصول والكيانات والشخصيات، لأنَّ الضغط على الأوليغارشية الروسية المحيطة ببوتين سيكون بنفس أهمية -إن لم يكن أكثر- معاقبة المسؤولين الذين سيتورطون مباشرةً في تنفيذ أعمال عسكرية ضد أوكرانيا، حسبما ورد في تقرير لمجلة Foreign Affairs الأمريكية.
النموذج الإسرائيلي الذي بخلت به أمريكا على أوكرانيا
يمكن القول إن تزويد أوكرانيا بالسلاح والتدريب هو واحد من أكثر الوسائل واقعية لحمايتها، وواحد من أفضل خيارات أمريكا لتقليل احتمالات الغزو الروسي لأوكرانيا.
لن يجعل هذا الخيار كييف قادرة على منع غزو روسي، ولكن يجعلها قادرة على جعله مكلفاً، يبدو هذا خياراً منطقياً، في ظل حقيقة أن أي دولة غربية لن ترسل أبناءها للموت في صقيع الحدود الروسية الأوكرانية، أو أن تعرض عاصمتها لاحتمال ضربة نووية روسية من أجل عودة القرم لأوكرانيا أو حماية كييف.
ولكن هذا الحل هو حل طويل الأمد، وليس خلال بضعة أشهر، ويجب أن يتم بعيداً عن الاستعراض والاستفزاز الذي يميز السلوكين الغربي والأوكراني.
يحتاج هذا الحل إلى محاولة تبريد الأزمة الحالية، ثم المسارعة في الوقت ذاته بدعم أوكرانيا عسكرياً واقتصادياً، لتكون هدفاً صعباً أمام موسكو مثل حال تايوان مع الصين.
ومازال حجم المساعدات الغربية لأوكرانيا ضئيلاً، وكشفت صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية الأمريكية مؤخراً عن بعض التفاصيل بشأن حزمة المساعدات العسكرية السرية التي تعتزم الولايات المتحدة تقديمها لأوكرانيا بقيمة 200 مليون دولار، ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أمريكيين وأوكرانيين، أن الحزمة تضم محطات رادار وبعض المعدات البحرية.
كما أعلن الاتحاد الأوروبي عزمه تقديم مساعدة بقيمة 1.3 مليار دولار لتلبية احتياجات كييف التمويلية.
في المقابل، تمنح أمريكا لإسرائيل نحو 3.8 مليار دولار سنوياً ضد تهديد عربي أصبح غير موجود؛ بعد أن دُمِّرت أغلب الدول العربية أو أصبحت صديقة لإسرائيل، وعدو إيراني بعيد يعلم الجميع أنه لن يحارب إسرائيل يوماً، في الواقع فإن تلقي أوكرانيا جزءاً من الدلال الغربي لإسرائيل هو كفيل بتقويتها، إذا كان الغرب صادقاً فيما يقول.
تقول مجلة Foreign Affairs "بغض النظر عمّا إذا كانت روسيا ستختار توغلاً محدوداً داخل أوكرانيا أو هجوماً أوسع نطاقاً، فإنَّ استجابة الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها لهذا العدوان الروسي المحتمل يجب أن تكون غير مسبوقة، تماماً كما حذرت إدارة بايدن في وقتٍ سابق".
قدَّم السيناتور الديمقراطي، روبرت مينينديز، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بالفعل مشروع قانون يشبه قائمة أمنيات لمناصري السيادة الأوكرانية. يتضمن مشروع القانون "الدفاع عن سيادة أوكرانيا لعام 2022" بنوداً لدعم الجيش الأوكراني وتعزيز القدرات الدفاعية الأوكرانية وزيادة الدعم لبرامج التبادل العسكري بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، وتقديم مساعدة إضافية لمكافحة المعلومات المضللة في أوكرانيا والكشف العلني عن الأصول غير المشروعة التي يمتلكها بوتين وأعضاء دائرته الداخلية، وفرض عقوبات على المسؤولين الروس الذين يشاركون أو يساعدون في شن هجوم على أوكرانيا، وفرض عقوبات على المؤسسات المالية الروسية وقطاعي الطاقة والتعدين، وفصل روسيا عن نظام "سويفت" الدولي للتعاملات المصرفية، الذي يعني توقف قدرتها على التحويلات المصرفية لا سيما بالدولار.
ورغم أنَّ مشروع القانون يوفر تنازلات محتملة في عدة حالات واستثناء لاستيراد البضائع، لا يزال النجاح في تمريره يُمثّل خطوة جريئة نحو الدفاع عن سيادة أوكرانيا. كانت إدارة بايدن قد أشارت بالفعل إلى دعمها لمشروع قانون مينينديز.
تقديم قربان لروسيا
من شأن الصراع المتصاعد في أوكرانيا أن يختبر تصميم إدارة بايدن، حيث تعمل الولايات المتحدة على استعادة الثقة في القيادة العالمية لأمريكا، بعد الانسحاب الفوضوي الأخير من أفغانستان، وتراجعها عن الارتباطات الخارجية في عهد الرئيس دونالد ترامب.
تقول صحيفة New York Times "ستؤثِّر الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع روسيا وأوكرانيا على جهودها المستمرة لإعادة بناء العلاقات المتوترة مع حلفاء الناتو بعد رئاسة ترامب، والتي أعلن خلالها السيد ترامب أن التحالف "عفى عليه الزمن".
وتهدِّد الأزمة المتصاعدة في أوكرانيا أيضاً بانقلاب الجهود الأخيرة التي بذلتها الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، لتحويل انتباه الحلف إلى التحدي الأمني الذي تشكِّله الصين، ودفعه إلى الوراء نحو دوره التقليدي المتمثِّل في حماية أوروبا، وبالتالي أمريكا الشمالية.
إن وجود حزمة ردود أفعال حازمة ومختارة بعناية قد يكون الوسيلة الوحيدة لمنع روسيا من غزو أوكرانيا، ولكن هذا يتطلب حشد الحلفاء الأوروبيين وحل مشكلاتهم المتوقعة جراء أي عقوبات مثل إيجاد بدائل للنفط والغاز الروسي، والأهم توفير الحماية لهم من أي تنمر أو هجوم روسي محتمل كرد فعل على أي عقوبات غربية صارمة.
ولكن يجب أن يتزامن مع زيادة التكلفة على أي غزو روسي محتمل ضرورة تقديم خيار بديل لها بتسوية تحصل فيها على بعض المكاسب التي لا تخرجها مهزومة إذا لم تغزو أوكرانيا.