ارتفعت أسعار النفط الخام بنسبة 10% هذا العام إلى نحو 85 دولاراً للبرميل، ويتوقع العديد من المحللين أنها مسألة وقت فقط قبل أن تصل إلى سعر من ثلاثة أرقام للمرة الأولى منذ ثماني سنوات.
لكن يعتمد اندفاع الأسعار إلى هذا المستوى أو تراجعها اعتماداً كبيراً على عودة إيران إلى أسواق الطاقة العالمية، كما يقول تقرير موقع Bloomberg الأمريكي. وتنخرط الجمهورية الإسلامية حالياً في مفاوضات الاتفاق النووي في فيينا مع القوى العالمية، بما في ذلك الولايات المتحدة، ويحاول دبلوماسيوها إحياء اتفاق عام 2015 الذي حدّ من الأنشطة النووية لطهران مقابل تخفيف العقوبات.
تقول بلومبيرغ، إنه إذا توصلت الأطراف إلى اتفاق، فقد تكون إيران قادرة على زيادة الصادرات بما يكفي لانخفاض أسعار النفط الخام. ويعتبر الخبراء الاستراتيجيين من Bank of America، كالخبير البارز فرانسيسكو بلانش، أنَّ إيران بمثابة "بطاقة جامحة" لهذا العام فيما يتعلق بإنتاج النفط. ويقول بلانش: إنه "الخطر الأكبر الذي يلوح في الأفق على أسواق النفط". وفيما يلي 4 طرق يمكن أن تقلب بها المحادثات النووية الإيرانية أسواق النفط.
1- اتفاقية شاملة مع إيران
سيكون لأي اتفاق جديد مشابه لاتفاقية 2015، التي انسحبت منها الولايات المتحدة في 2018، أكثر تأثير هبوطي على سوق النفط. إذ سيُمكِّن الاتفاق طهران من بيع ما يقرب من 80 إلى 90 مليون برميل مُخزّن لديها، والعديد منها في سوقها الرئيسي في آسيا. سيزيد الإنتاج في حقول النفط في نفس الوقت.
وقد يرتفع الإنتاج من نحو 2.5 مليون برميل يومياً -التي تستهلكها الشركات المحلية في الغالب – إلى 3.8 مليون برميل في غضون ستة أشهر، وفقاً لوكالة الطاقة الدولية، مستشار الدول الغنية.
ومن المحتمل أن تكون المصافي في الصين، التي كشفت الأسبوع الماضي عن أول وارداتها من إيران منذ أكثر من عام، من بين المشترين الأوائل للشحنات الإضافية.
ويمثل الصينيون بالفعل العملاء الرئيسيين لما تصدره إيران من النفط، لكن يُخفى الكثير منه على أنه قادم من دول أخرى للالتفاف على العقوبات الأمريكية. بلغ متوسط المبيعات الخارجية الإيرانية للخام والنفط الخفيف المعروف باسم المكثفات، 641 ألف برميل يومياً في العام الماضي، بحسب تقديرات شركة Kpler Ltd.
ويقول Bank of America إنَّ صادرات إيران في العام الذي يلي أي اتفاق شامل ستضيف ما يصل إلى 400 مليون برميل، وهو ما يكفي لتحويل أرصدة النفط العالمية إلى فائض. ويتوقع البنك المُقرِض أن يرتفع سعر النفط إلى 120 دولاراً للبرميل بحلول منتصف العام لكنه قد ينخفض بعد ذلك إلى 71 دولاراً في المتوسط في الربع الرابع، ويرجع ذلك جزئياً إلى الإمدادات الإيرانية الإضافية.
2- اتفاقية جزئية
هناك حديث متزايد عن "اتفاقية مؤقتة" لا ترقى إلى مستوى استعادة ما يسمى بخطة العمل الشاملة المشتركة. ولم يتضح ما إذا كانت طهران، التي قالت إنها لا تريد سوى اتفاق كامل، ستحصل على أي تخفيف للعقوبات النفطية في مثل هذا السيناريو.
وإذا لم يحدث هذا، فستكون هذه إشارة صعودية للأسواق. لكن قد يؤدي ذلك على الأقل إلى تهدئة التوترات الجيوسياسية في الخليج العربي وتقليل بعض الهجمات على سفن الشحن وهجمات الطائرات بدون طيار، التي تُلام إيران أو حلفاؤها على ارتكابها.
ومن بين أولئك الذين يتوقعون أن تحصل إيران على تنازلات كبيرة في صادرات الطاقة حتى بموجب صفقة جزئية، شركة FGE الاستشارية في لندن. وتتوقع الشركة نجاح الأطراف في الوصول لاتفاق في الربع الثاني، ورفع طهران مبيعات النفط الخام إلى نحو 1.3 مليون برميل يومياً بحلول نهاية العام.
3- استمرار الوضع الحالي
لا تزال الانقسامات العميقة تعصف بالمفاوضات، التي طال أمدها منذ أبريل/نيسان 2021. وهذا يقود الدبلوماسيين إلى التفكير في حالة من الجمود خلال الأشهر العديدة المقبلة.
لكن هيليما كروفت، كبيرة خبراء إستراتيجيات السلع في RBC Capital Markets LLC، تقول: "لا يزال هناك الكثير الذي يتعين العمل عليه".
فيما ترى شركة Goldman Sachs Group أنَّ السيناريو الأكثر ترجيحاً هو عدم التوصل إلى اتفاق حتى نهاية هذا العام، مع عدم زيادة إيران إنتاجها من النفط إلا في عام 2023. وحتى ذلك الحين، من المستبعد أن تكون عودتها سريعة، وفقاً للشركة؛ لأنَّ الحقول وخطوط الأنابيب والبنية التحتية الأخرى ربما لم تخضع للصيانة اللازمة منذ عام 2018.
وتتوقع الشركة ارتفاع خام برنت إلى 100 دولار للبرميل في الربع الثالث بمتوسط 96 دولاراً للعام بأكمله.
4- انهيار المحادثات بالكامل
ستكون النتيجة ذات أكبر تأثير صعودي على النفط هي انهيار محادثات فيينا، مع انسحاب إيران أو إحدى القوى الأخرى. وعن هذا السيناريو، تقول هيليما كروفت: "تغير الكثير منذ عام 2015. إيران الآن دولة لها عتبة نووية. هل ستكون مستعدة للتخلي عن هذا الوضع؟ هذا غير مضمون".
قد يؤدي الفشل إلى زيادة طفيفة في هجمات الطائرات بدون طيار واستهداف سفن الشحن في المنطقة. وقد يستهدف البعض أيضاً منشآت نفطية بطريقة مماثلة لهجوم الأسبوع الماضي، الذي شنه المتمردون الحوثيون على مستودع للوقود في أبو ظبي، أو قصف عام 2019 على محطة معالجة النفط الخام في بقيق بالمملكة العربية السعودية. ومع تزايد قلق الأسواق بشأن الطاقة الإنتاجية الفائضة المتضائلة المتاحة لتغطية الاضطرابات، يمكن لمثل هذا الهجوم أن يؤدي بسهولة إلى ارتفاع الأسعار.
وإذا شنت إسرائيل أو الولايات المتحدة ضربات جوية ضد إيران في محاولة لهدم مواقعها النووية، فقد يقفز النفط الخام بنسبة تصل إلى 15%، وفقاً لمجموعة أوراسيا. وبأسعار اليوم، فإنَّ ذلك من شأنه أن يقترب من 100 دولار للبرميل أو يزيد عنها.