أخيراً، قررت الملكة إليزابيث ملكة بريطانيا تجريد نجلها الأمير أندرو من امتيازاته الملكية بسبب فضيحته الجنسية، ولكن الكثيرين يرون أن القرار جاء متأخراً.
فما هي ظروف اتخاذ القرار الصعب، ومن دفع الملكة لاتخاذ القرار بتجريد ابنها الأمير أندرو، ولماذا تأخر هذا القرار؟
مؤامرة ملكية
قبل تفشي متحوِّر أوميكرون كانت الملكة تأمل أن يُعقَد أول تجمُّعٍ عائلي لها منذ الجائحة في ساندرينغهام، منزلها في نورفولك، ليغدو احتفالاً بإنهاء عزلتها ورفع معنوياتها بعد عامٍ من الحزن والعلاقات الملكية المتقطِّعة، كانت لديها أيضاً خططٌ لـ"قمة ساندرينغهام" لحلِّ مشكلة أندروز.
وتتهم الأمريكية فيرجينيا جيفري، الأميرَ البريطاني بالتحرش بها جنسياً عام 2001، عندما كان عمرها 17 سنة فقط، كما أن القضية تتابع فيها شبكة تتهمها جيفري باستغلالها والاتجار بها.
وكان محامو أندرو قد فشلوا في إقناع قاضٍ أمريكي برفض دعوى قضائية في قضية الاعتداء الجنسي التي رفعتها فيرجينيا جيفري.
الأحد 9 يناير/كانون الثاني 2022، قالت صحيفة The Guardian البريطانية، إن الأمير أندرو، الذي يبلغ الثانية والستين من عمره ما زال يُحدِث كثيراً من الإحراج لوالديه، وسط مخاوف من تسبُّبه في تهديد كبير لسمعة العائلة الملكية.
ولكن يبدو أن الأسرة الملكية قررت أخيراً محاولة التخلص من هذا الإحراج.
فلقد انضم الأمير تشارلز وإيرل ويسيكس إلى والدتهما في قلعة وندسور لعيد الميلاد في اجتماع وصف بأنه شهد حياكة مؤامرة ملكية للتعامل مع الأزمة.
وبينما كان الأمير أندرو الذي يحمل لقب دوق يورك ينتظر ليرى ما إذا كان بإمكانه استخدام ثغرة قانونية للهروب من مواجهة مزاعم فيرجينيا جوفري بتعرُّضها لاعتداءٍ جنسيٍّ منه في محكمةٍ أمريكية، كانت المؤامرة الملكية قد بدأت بالفعل، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Times البريطانية.
وكانت النتيجة هي البيان القاسي المؤلَّف من 42 كلمة، الصادر عن قصر باكنغهام بعد ظهر يوم الخميس، 13 يناير/كانون الثاني، والذي جرَّدَ أندرو، 61 عاماً، من كلِّ الامتيازات الملكية تقريباً.
اجتماع بين الملكة ونجلها الأمير أندرو
في ذلك الصباح، قام أندرو برحلةٍ قصيرة إلى القلعة لزيارة والدته، برفقة محاميه البريطاني غاري لبوكسوم، الذي انتظر في السيارة بينما كان الدوق يجتمع مع والدته لمدة 90 دقيقة.
وفي الليلة الماضية، قال مصدرٌ مُقرَّبٌ من الدوق، والذي لا يزال يعيش مع زوجته السابقة سارة، دوقة يورك، إنه تقبَّل الأمر. وأضاف: "إنه متفائلٌ للغاية حيال ذلك، لقد أدرك الضغوط الشديدة على المؤسسة، وأدرك أن هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي فعله".
وقالت صديقة لفيرجينيا: "إنها فقط تحاول دعمه كما كانت تفعل دائماً".
لم ير كبار أفراد العائلة الملكية أيَّ خيارٍ آخر لفترة طويلة، لكن الحكم الذي أصدره قاضي المقاطعة لويس كابلان من نيويورك يوم الأربعاء، 12 يناير/كانون الثاني، بأن دعوى جوفري المدنية ضد أندرو يمكن أن تمضي قُدُماً، جَعَلَ القرار أسهل.
وقال مصدرٌ بالقصر: "المحادثات مستمرَّةٌ منذ فترة، كانت العائلة دائماً واضحة في أن بعض مستشاري الدوق كانوا متفائلين للغاية، وأن هذه القرارات الحازمة يجب أن تُتَّخَذ دائماً".
وفي إجابةٍ عن سؤال مَن كان مُتورِّطاً في المؤامرة الملكية التي أطاحت بالأمير أندرو، أجاب المصدر: "الجميع"، مضيفاً أن "آن وإدوارد لديهما أكثر من مصلحة عابرة". بمجرد اتخاذ القرار توصَّلَ السير إدوارد يونغ وكليف ألدرتون وجان كريستوف غراي -السكرتارية الخاصة بالملكة وتشارلز وويليام- أفصحوا عن التفاصيل.
البعض يرى أنها تأخرت
يقول البعض إن تحرُّك الملكة لإقالة ابنها كان "سريعاً وقاسياً"، لكن كثيرين في الأوساط الملكية يعتقدون أن الأمر تأخَّر كثيراً، وقال مصدرٌ ملكي يوم الخميس: "أخيراً اتُّخِذَت بعض الإجراءات الحاسمة".
لقد مر أكثر من عامين منذ أن تراجع أندرو عن الحياة العامة بعد مقابلة برنامج Newsnight الكارثية التي أجراها، حيث فشل في شرح صداقته مع جيفري إبستين، الملياردير المُدان الذي يمارس الجنس مع الأطفال، وجيسلين ماكسويل، التي أصبحت الآن مهربةً جنسيةً مُدانة.
وتزعم جيوفري، 38 عاماً، أن كلاهما قام بالاتجار بها لممارسة الجنس مع أندرو ثلاث مرات عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها، وهو ما ينفيه أندرو.
عسكريون يطالبونه بالتخلي عن دوره العسكري
منذ ذلك الحين دعت شخصيات عسكرية أندرو للتخلي عن سيفه الاحتفالي والتخلي عن 12 دوراً فخرياً، في حين أن أكثر من 100 من جمعياته الخيرية ورعاته قطعت علاقاتها به بالفعل.
أُرسِلَ خطابٌ مُوقَّعٌ من أكثر من 150 من المحاربين القدامى إلى الملكة، وقال الأعضاء السابقون في جميع القوات المسلَّحة، مُتَّهِمين أندرو بإلحاق الضرر بالخدمات التي ارتبط بها، إنه "لو كان أيُّ ضابطٍ عسكري كبير آخر، من غير المعقول أن يظل في المنصب".
وفي الأسبوع الماضي، علمت الملكة، التي تقود القوات المسلَّحة، أن وقت أندرو قد انتهى. ولكن بصفته ضابطاً بحرياً سابقاً، احتفظ أندرو، وهو من قدامى المحاربين في جزر فوكلاند، برتبة نائب أميرال، ما أثار "غضباً كبيراً" لدى البعض في البحرية الملكية.
وقال مصدر ملكي: "لقد أُتيحَت لها الفرصة لإغلاق هذا خلال العامين الماضيين، لكنها ستفعل أيَّ شيءٍ من أجل حياةٍ هادئة، وتدفن رأسها في الرمال فيما يتعلق بشؤون العائلة".
أرادت أن تمنحه فرصة لتبرئة نفسه
يتذكَّر المراقبون تباطؤ الملكة في عام 2011 عندما أُقصِيَ أندرو أخيراً من وظيفته كمبعوثٍ تجاريٍّ في المملكة المتحدة، مع تزايد المخاوف بشأن صلاته بإبستين.
إذاً ما الذي غيَّر رأيها في النهاية؟ منذ عام 2019، كان هناك شعورٌ بأنه يجب أن يُسمَح لأندرو بفرصة تبرئة اسمه، وأن تجريده من ألقابه خلال قضية قانونية من شأنه أن يشير إلى افتراض الجرم، لكن إدانة ماكسويل غيَّرَت قواعد اللعبة.
وقال "في تلك المقابلة مع Newsnight، لم يكن مجرد شخص مارق يتحدث عنه (إبستين)، ولكنها كانت صداقةً مع شخصٍ مُدان بالتجارة في الجنس والضحايا. انظر إلى الأمر في هذا الضوء، يريد الجميع (في العائلة الملكية) أن يكونوا داعمين، لكنه مرتبطٌ بالشخص الخطأ".