جاء اختبار صاروخ كوريا الشمالية الفرط صوتي الثالث، الثلاثاء 11 يناير/كانون الثاني 2022، ليحمل صدمة للمسؤولين العسكريين الأمريكيين والكوريين الجنوبيين، لأن الاختبار الأخير حمل مفاجأة كبيرة مقارنة بالتجربتين السابقتين.
وقالت هيئة الأركان المشتركة لكوريا الجنوبية، في بيان، إن صاروخاً باليستياً يشتبه في أن كوريا الشمالية أطلقته، يوم الثلاثاء، كان أكثر تطوراً من الصاروخ الذي اختبرته بيونغ يانغ، الأسبوع الماضي.
تفاصيل تجربة صاروخ كوريا الشمالية الفرط صوتي
من جانبها، قالت كوريا الشمالية إنها أجرت تجربة صاروخية فرط صوتية، تحت إشراف زعيمها كيم جونغ أون، وهذا الإشراف يؤشر على الأهمية التي توليها بوينغ يانغ للاختبار، وأنه قد يحمل تقدماً تكنولوجياً جديداً.
وقالت وسائل إعلام رسمية كورية شمالية إن الصاروخ الذي أطلِقَ يوم الثلاثاء وكان يحمل مركبة انزلاقية، نجح في الدوران قبل أن يصيب هدفه بالبحر على بعد نحو ألف كيلومتر.
وأعلنت كوريا الشمالية لأول مرة عن إجراء تجربة لصاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت في سبتمبر/أيلول 2021.
ويمثل هذا الاختبار الثالث الذي تم الإبلاغ عنه لكوريا الشمالية لصاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت، والذي يمكن أن يتجنب الكشف أكثر من الصواريخ الباليستية.
والصواريخ الفرط صوتية هي صواريخ سرعتها تفوق ضعف سرعة الصوت عدة مرات، ولديها قدرة على الهروب من الأنظمة الدفاعية، بفضل عاملين هما سرعتها العالية وقدرتها على المناورة وتغيير مسارها، عكس الصواريخ الباليستية التي تتسم بمسار يمكن التنبؤ به وسرعة أبطأ.
وعدد قليل من الدول هي التي تطور تكنولوجيا الصواريخ الفرط صوتية، على رأسها الصين وروسيا والولايات المتحدة، ولكن هناك شعوراً أمريكياً بأن بكين وموسكو تقدمتا في هذه التكنولوجيا عن واشنطن، كما لحقت كوريا الشمالية بهذا المجال، وهناك محاولات من دول مثل فرنسا.
كوريا الجنوبية تقلل من أهمية الاختبار في البداية
وجاءت التجربة الأخيرة بعد إصدار ست دول- من ضمنها الولايات المتحدة- بياناً مشتركاً يدين الاختبار الواضح الأسبوع الماضي. وحث كوريا الشمالية على وقف "أعمالها المزعزعة للاستقرار" في المنطقة.
وقلل الجيش الكوري الجنوبي في البداية من أهمية مزاعم الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، لكنه قال في وقت لاحق، إنه أظهر "تحسناً" عن التجارب السابقة ، حسبما ذكر موقع يونهاب الإخباري.
بينما أشادت وكالة الأنباء المركزية الرسمية في كوريا الشمالية بالتجربة، قائلة إن "القدرة الفائقة على المناورة" للصاروخ "تم التحقق منها بشكل مذهل، من خلال تجربة إطلاق النار النهائية".
الطيران المدني الأمريكي اضطر لتغيير مساراته بغرب البلاد بسبب الصاروخ
وزعم تقرير الوكالة أن الصاروخ الانزلاقي قام بـ600 كيلومتر (375 ميلاً) "رحلة القفز الانزلاقي" ، تليها 240 كيلومتراً من "المناورة الحلزونية" قبل أن يصيب هدفه.
وقالت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية: "من خلال هذا الإطلاق التجريبي النهائي، تم تأكيد القدرة الممتازة على المناورة للوحدة القتالية التي تفوق سرعتها سرعة الصوت بشكل أكثر وضوحاً".
اللافت أن إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية قالت إن إطلاق يوم الثلاثاء أجبر الولايات المتحدة على وقف بعض الرحلات الجوية على ساحلها الغربي لفترة وجيزة.
مفاجأة في اختبار الصاروخ
كانت هناك مفاجأة في اختبار هذا الصاروخ، حيث بلغت سرعته 10 ماخ، أي عشرة أضعاف سرعة الصوت، حسبما قالت هيئة الأركان المشتركة لكوريا الجنوبية في بيان لها، نقلته شبكة CNN الأمريكية.
وهي سرعة عالية حتى بمعايير الصواريخ الفرط صوتية، لأن صاروخاً يطير مثلاً بسرعة 5 أضعاف سرعة الصوت فقط يعتبر جيداً جداً.
يمكن تقييم صاروخ كوريا الشمالية الأخير، من خلال معرفة أن روسيا تقول إن لديها أسرع صاروخ في العالم وهو المسمى "تسيركون" الذي دخل حيز التصنيع مؤخراً، وتبلغ سرعته 9 أضعاف سرعة الصوت، أي أقل من سرعة صاروخ كوريا الشمالية الفرط صوتي الأخيرة.
ومع ذلك يقول ليف إريك إيزلي، الأستاذ المساعد للدراسات الدولية بجامعة إيوا النسائية في سيول: "ما يسمى بالسلاح الكوري الشمالي الذي تفوق سرعته سرعة الصوت ليس جاهزاً من الناحية التكنولوجية للنشر".
وبينما يعد حضور الزعيم الكوري الشمالي للاختبار محاولة ربما لتعزيز شرعيته، فإنه قد يكون أيضاً مؤشراً على تحقيق اختراق تكنولوجي أيضاً في الاختبار.
يحوي مركبة انزلاقية تطير بمحاذاة سطح الأرض
وسرعة الصاروخ الهائلة نابعة من كونه يحمل مركبة انزلاقية تفوق سرعتها سرعة الصوت (HGV).
وفقاً للخبراء، فإن المركبة HGV يمكنها أن تطير بسرعة تصل إلى 20 ضعفاً من سرعة الصوت، ويمكن أن تكون قادرة على المناورة في أثناء الطيران، مما يجعل إسقاطها شبه مستحيل.
وصواريخ الإنزال الفرط صوتية التي تحوي هذه المركبات يمكنها التحليق أفقياً، بالقرب من سطح الأرض وتضرب هدفاً في وقت طيران أقصر بكثير.
وفقاً للمراسل الأمني لـ"bbc" فرانك جاردنر، فإن هذه الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت تثير القلق أيضاً، لأنها تترك الدول المستهدفة أيضاً تخمّن ما إذا كانت تحمل رأساً حربياً تقليدياً شديد الانفجار أو رأساً نووياً.
كانت هناك تحذيرات مستمرة وعقوبات من الولايات المتحدة والأمم المتحدة لردع كوريا الشمالية عن تجارب الأسلحة، لكن كيم جونغ أون تحدى ذلك حتى الآن.
ويُعتقد أنَّ تصاعد وتيرة الاختبارات يأتي في سياق أهداف كيم المعلن عنها للعام الجديد، إذ إنه كان قد تعهّد بتعزيز قدرات بلاده الدفاعية.