نشرت شبكة CNN الأمريكية تقريراً حول المصاعب السياسية التي يواجهها كل من الرئيس الأمريكي، الديمقراطي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، والأخطاء التي وقع فيها كل منهما خلال الفترة الأخيرة في التعامل مع الجائحة والأزمة الاقتصادية التي تبعتها، وكيف ينعكس ذلك على معدلات قبولهما شعبياً ومستقبلهما السياسي.
انخفاض معدلات قبول جو بايدن بين الأمريكيين
تقول CNN، إن الأخطاء الكبيرة لإدارة بايدن أدت إلى انخفاض معدلات قبول بايدن نفسه، فقد استهان بالتضخم الهائل، وأفرط في الوعود بشأن الوباء الذي يسخر من الجداول الزمنية السياسية، وأشرف على كارثة في أفغانستان. لكن من العدل أيضاً التساؤل عمّا إذا كان أي رئيس حديث آخر قد واجه الأزمات المتصاعدة التي تطارد بايدن.
ويحارب بايدن فيروساً أثبت أنه ماهر مهارة خارقة في كشف خطوط الصدع الاجتماعي والسياسي في المجتمع الأمريكي. إضافة إلى أنَّ العديد من المشكلات الاقتصادية التي تفقده شعبية هي ذات طبيعة عالمية، وليست محلية، بما في ذلك أزمة سلسلة التوريد التي تجعل السلع أكثر تكلفة. ويعارضه أيضاً الحزب الجمهوري وآلة التضليل اليمينية التي تُعتَبَر غريبة عن الحقيقة والديمقراطية، والتي يزيد ازدراؤها بالعلم من صعوبة إدارة كارثة "كوفيد-19". وفي أثناء كل ذلك، يقوض سلف بايدن المهزوم، دونالد ترامب، شرعيته كل يوم بالحديث عن "سرقة الانتخابات".
لم تكن الأرقام قط في صالح بايدن. إذ لا يجعل مجلس الشيوخ ذات النسبة 50-50 بين الجمهوريين والديمقراطيين، وهامش الأغلبية الضئيل لصالح الديمقراطيين في مجلس النواب، النجاح سهلاً. وعلى الرغم من تمرير بعض القوانين الموروثة المثيرة للإعجاب، بما في ذلك إصلاح نادر من الحزبين للبنية التحتية الأمريكية المتهالكة، فإنَّ الحالة القومية القاتمة قد تحرمه من التكريم لفضل المُستحَق. إذ إنَّ الأمريكيين مرهقون، ومنقسمون على بعضهم البعض، وسئموا ارتفاع الأسعار وخائفون من تأثير خسارة شهور من الدراسة على أطفالهم. ويتضح لهم أنَّ المرض الذي ظهر في عام 2019 سوف يهيمن على حياتهم حتى عام 2022.
ومن الخطير دوماً أنَّ يبدو البيت الأبيض وكأنَّ الأحداث تغلُبه كما تصف ذلك سي إن إن. وحين يبلغ الرئيس 79 من العمر، تتضخم أية علامة على فقدان السيطرة. تتزايد الهمسات حول فرص بايدن في عام 2024. إذ وضعته كل من الأحداث التي لا يمكن السيطرة عليها وخياراته الخاصة في موقف محفوف بالمخاطر مع نهاية العام الجاري. لكن أمريكا نفسها تبدو أيضاً غير قابلة للحكم على نحو متزايد.
وفيما قد يكون بصيص للأمل، روج بايدن، يوم الثلاثاء 14 ديسمبر/كانون الأول، لتقرير شركة الأدوية الأمريكية فايزر بأنَّ حبة تجريبية تقلل من خطر دخول المستشفى أو الوفاة من "كوفيد-19" بنسبة 89%، إذا أُعطيت للبالغين المعرضين لمخاطر عالية في غضون أيام قليلة من ظهور الأعراض الأولى.
وصرّح بايدن: "هذه الأخبار توفر أداة أخرى قد تكون قوية في معركتنا ضد الفيروس، بما في ذلك متغير أوميكرون"، مضيفاً أنَّ إدارته "أصدرت بالفعل أمراً للحصول على ما يكفي من هذه الحبوب لعلاج 10 ملايين أمريكي". وحذَّر من أنَّ التطعيم يظل الإجراء الوقائي الأهم، "لكن إذا صار هذا العلاج مسموحاً به، وبمجرد توفر الحبوب على نطاق واسع، فسوف يمثل خطوة جوهرية للأمام في طريقنا للتخلص من الوباء".
في بريطانيا.. بوريس جونسون أمام كابوس سياسي ومصداقية مشوّهة
بينما يمر بايدن بوقت عصيب، فإنَّ نظيره البريطاني، بوريس جونسون، يخوض كابوساً سياسياً يصعب حتى وصفه بمفرداته المشبعة بالمبالغة.
في وقت مبكر من الوباء، غالباً ما كانت تُنقَل حكايات عن السياسيين الذين يُضبَطون وهم يخالفون القواعد ذاتها التي فرضوها على الآخرين -من خلال الخروج لتناول العشاء أو قص الشعر أثناء الإغلاق، على سبيل المثال. وأخذ رئيس الوزراء البريطاني هذا النوع من الحكايات إلى شكل فني: المرات المتعددة التي شوهد فيها جونسون مؤخراً بدون قناع في المناسبات العامة حيث يوصى بارتدائها تؤكد الانطباعات بأنَّ رئيس الوزراء خريج مدرسة إيتون يعتقد أنَّ القواعد الخاصة بالأشخاص العاديين لا تنطبق عليه.
إضافة إلى ذلك، أدت الاكتشافات المدمرة عن الأحزاب داخل داونينغ ستريت (مقر الحكومة البريطانية) في العام الماضي -في وقت طُلِب فيه من البريطانيين عدم مواساة أقاربهم المحتضرين في المستشفى أو الاحتفال بعيد الميلاد- إلى دفع حكومته إلى الفوضى. وبدأت المعارضة العمالية تكتسب زخماً أخيراً.
وتوقيت الأزمة تحديداً مدمر. إذ يفرض جونسون قيوداً جديدة لمواجهة متحور "أوميكرون" المفترس؛ مما يثير التساؤل عن سبب امتثال المواطنين؛ نظراً لانتهاكه السابق لقواعد الصحة العامة. (وبالمناسبة، ليس من المستغرب أن يكون أوميكرون آخذاً في الارتفاع. فالحشود المتجمعة في شارع أكسفورد، والحانات المكتظة والقطارات المزدحمة المتوجهة إلى لندن في نهاية الأسبوع الماضي كانت مربكة لأي زائر اعتاد زيارة شوارع واشنطن التي لا تزال منخفضة الكثافة).
وتفاقمت محنة جونسون، يوم الثلاثاء 14 ديسمبر/كانون الأول، مع تمرد ما يقرب من 100 من أعضاء حزب المحافظين الذين صوتوا ضد قيود "كوفيد-19" الجديدة. وإذا خسر الحزب أغلبية ساحقة في انتخابات فرعية في منطقة شروبشاير، قلب حزب المحافظين، يوم الخميس 16 ديسمبر/كانون الأول، فسيكون هناك ذعر تام في الصفوف الخلفية للحزب.
قد يكون جونسون صامداً الآن فقط بسبب سمعته بأنه خبير الهروب السياسي النهائي؛ فقد تحول ذات مرة من كونه عالقاً على خيط رفيع قبل نشرة صحفية ضخمة إلى فوز سياسي. لكن مصداقيته مشوهة. وقد ينفد الوقت بالنسبة لزعيم حزب له سجل في إيفاد رؤساء وزراء بلا هوادة يتلاشى سحرهم الانتخابي.