صدمة أصابت الأمريكيين بعد التقارير عن بناء الصين طائرة فرط صوتية تفوق سرعتها سرعة الصوت خمس مرات ويمكنها نقل الركاب إلى أي مكان في العالم في غضون ساعة، الصدمة ليست فقط في قدرات الطائرة بل لأنها تستند إلى تصميم أمريكي سابق تجاهلته الجهات الأمريكية المعنية.
واختبر فريق بحثي صيني نموذجاً أولياً لمحرك تفوق سرعته سرعة الصوت، يأملون أن يعمل في نهاية المطاف على تشغيل طائرة بطول 45 متراً قادرة على حمل ما يصل إلى 10 ركاب بسرعات عالية بشكل لا يصدق.
طائرة فرط صوتية صينية ذات جذور أمريكية
وذكرت صحيفة South China Morning Post أن البروفيسور تان هويجون، وزملاءه في جامعة نانجينغ للملاحة الجوية والفضائية في إقليم جيانغسو الصيني، ابتكروا النموذج الأولي للمحرك واختبروه في نفق هوائي.
وتفيد تقارير إعلامية غربية أن مفهوم هذه الطائرة جاء من تصميم أمريكي سابق للمهندس صيني المولد Ming Han Tang، ولكن هذا التصميم تم إلى حد كبير تجاهله من قبل حكومة الولايات المتحدة، ولكن في الصين جذب التصميم اهتماماً متزايداً.
ويستند الصينيون في تصميم نموذجهم الرامي لبناء طائرة فرط صوتية ناقلة للركاب إلى تصميم الطائرة المشار إليها التي كانت ستدعى Boeing Manta X-47C، والتي كانت جزءاً من مشروع تخلت عنه وكالة ناسا الفضائية الأمريكية في عام 2000 لكونه مكلفاً للغاية.
تجدر الإشارة إلى تزامن عملية الإبعاد للباحثين الصينيين في الولايات المتحدة لأسباب أمنية في السنوات الماضية مع بدء برنامج الصين للأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، كما يقول بعض علماء الفضاء الصينيين.
ويثير ذلك جدلاً متزايداً ليس فقط حول مدى اقتباس الصين فقط للتصميمات الأمريكية، بل أيضاَ مدى استفادتها من العلماء ذوي الأصول الصينية العاملين في الغرب.
لماذا يبدو هذا التصميم مميزاً؟
على عكس معظم الطائرات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت ذات المحرك في البطن، فإن الطائرة ذات المرحلتين (TSV X-plane) التي اقترحها مينغ هان تانغ- كبير المهندسين آنذاك في برنامج ناسا للمركبات الفرط صوتية في أواخر التسعينيات- كان يقودها محركان منفصلان على الجانبين.
تم إلغاء التصميم، في النهاية بسبب ارتفاع التكاليف بالإضافة إلى بعض المشكلات الفنية.
وصمم مينغ هان تانغ تقنية الطائرة ذات المرحلتين (TSV) التي تستخدم محركين منفصلين بدون أجزاء متحركة على كل جانب من جوانب الطائرة.
وابتكر المهندسون الأمريكيون نموذجاً إيروديناميكياً جديداً لطريقة أدائه على ارتفاعات عالية
كيف وصل للصين؟
تم رفع السرية عن مخططات التصميم الأصلي في عام 2011 بعد تجاهل ناسا له، وترك لتانغ وفريقه الحرية في إنشاء مخططاتهم الخاصة.
في ورقة بحثية نُشرت في مجلة Propulsion Technology، كتب فريق البحث عن تصميم بوينغ الذي تم هجره أن "فهم آلية عملها يمكن أن يوفر إرشادات مهمة لتطوير الطائرات والمحركات التي تفوق سرعتها سرعة الصوت".
المفارقة أن أحدث بعثات الفضاء الصينية، لمعرفة مدى جودة أداء الطائرة الصينية المقترحة على ارتفاعات عالية، أثبتت فعالية النموذج الجديد الذي وضعه المهندسون الأمريكيون للديناميكية الهوائية، ووجدوا مناطق من الطائرة تحتاج إلى تقوية بسبب الارتفاع المفاجئ في الحرارة والضغط عند السرعات العالية.
ويأتي اعتماد العلماء الصينيين على تصميم الطائرة التي تخلّى عنها الأمريكيون، في وقت محظور على برنامج الفضاء الصيني المشاركة في محطة الفضاء الدولية، ويرجع ذلك أساساً إلى مخاوف الولايات المتحدة بشأن علاقاتها العسكرية الوثيقة.
ولكن هذه المخاوف لم تمنع الصينيين من الاستفادة من التصميمات الأمريكية.
ويبلغ طول الطائرة الصينية المقترحة 148 قدماً (45 متراً) أي أكبر بمقدار الثلث تقريباً من طائرة بوينج 737 الأمريكية.
الصين تأمل أن يكون لديها أسطول ناقل ركاب فرط صوتي
ستتمكن الطائرة الصينية التي يبلغ مداها 12000 من الطيران أسرع بخمس مرات من سرعة الصوت، مما يجعلها تذهب لأي مكان في الأرض في غضون ساعة.
وتأمل الصين في أن يكون لديها أسطول من طائرات الركاب بحلول عام 2035 وتريد أن تكون قادرة على توسيعها لنقل 100 راكب بحلول عام 2045، ولكن الغرض منها ليس مؤكداً بعد، فقد يكون عسكرياً.
لو تحقق ذلك للصين سيصبح الأمر بمثابة ثورة في عالم النقل عبر تصنيع طائرة فرط صوتية تستطيع أن تصل لأي مكان في العالم في غضون ساعة.
بكين تُسرع برامج المركبات فرط صوتية
وتقول مصادر استخباراتية إن بكين اختبرت مركبتين تفوق سرعتهما سرعة الصوت بقدرات نووية حلّقتا حول الكوكب في مدار أرضي منخفض قبل أن تعودا إلى الأرض، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Dailymail البريطانية.
تُنكر بكين ذلك، قائلة إنها اختبرت بالفعل مركبة فضائية مدنية، ولكن إذا تم تأكيد هذا الحدث، فإنه يمثل قفزة كبيرة في البرنامج النووي الصيني، على الرغم من أن المفهوم نفسه ليس شيئاً جديداً.
إذ جاءت الفكرة وراء سلاح الصين "الجديد" في الواقع من السوفييت، الذين طوّروه خلال الحرب الباردة.
ويُطلق عليه نظام القصف المداري الجزئي، أو FOBS، وقد تم تصميمه للتهرب من الرادارات الأمريكية القوية وأنظمة الدفاع الصاروخي.
تم تصميم FOBS لإبطال الدفاعات الصاروخية عن طريق إطلاق رؤوس حربية بمساعدة جاذبية الأرض لتحلق في مسار أكثر انبساطاً من الصواريخ الباليستية التي تستطيع أنظمة الدفاع التنبؤ بمسارها، بينما التصميم الجديد سيكون صعب التنبؤ.
أمريكا تحاول الرد على بكين
والصين ليست وحدها في السباق لتطوير طائرات ومركبات فرط صوتية، وخاصة محاولة إنتاج طائرة فرط صوتية للاستعمال التجاري.
في شهر يوليو/تموز الماضي، أعلنت القوات الجوية الأمريكية عن عقد بقيمة 60 مليون دولار مع شركة تدعى هيرميوس، تطلب منها تصميم وتطوير نموذج أولي، تفوق سرعته سرعة الصوت عدة مرات بحيث إنه في غضون ثلاث سنوات يمكن أن تسافر بسرعات ماخ 5 – حوالي 3800 ميل في الساعة – بمحرك واحد فقط.
واشتعل سباق التسلح في الفضاء بين الولايات المتحدة وروسيا والصين بشكل مطرد في السنوات الأخيرة مع تحذير المسؤولين في واشنطن من خطورة تقليل الصين الفجوة مع واشنطن.
وقال الجنرال ديفيد طومسون، النائب الأول لرئيس عمليات الفضاء في سلاح الفضاء الأمريكي، لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية: "وُجدت مجموعة كاملة من الطرق التي يمكن أن تتعرض فيها أنظمة الفضاء الأمريكية للتهديد".
وقال طومسون إن بعض الهجمات المنتظمة التي تواجه الولايات المتحدة تشمل استخدام الليزر والتشويش على ترددات الراديو وهجمات إلكترونية أخرى.
وكشف أيضاً أن اختبار أسلحة 2019 بواسطة قمر صناعي روسي اقترب جداً من قمر صناعي أمريكي، لدرجة جعلت الجيش الأمريكي يخشى هجوماً وشيكاً.
وأكد الجنرال الأمريكي أنه عندما يتعلق الأمر بتكنولوجيا الفضاء الخارجي، "مازالت واشنطن الأفضل في العالم، من حيث القدرة بوضوح".
ومع ذلك، قال إن الصين "تلحق بالركب بسرعة"، مضيفاً: "يجب أن نشعر بالقلق بحلول نهاية هذا العقد إذا لم نتكيف".
وقال طومسون إن الصين ترسل أقماراً صناعية جديدة أسرع بمرتين من الولايات المتحدة، وأن هذه القوة العظمى الناشئة تعمل على نظام من الأقمار الصناعية العالمية يهدف إلى مراقبة أي جزء من العالم.
وأضاف: "إنهم ينقلون أنظمة تشغيلية للفضاء بمعدل مذهل".