في شهر أكتوبر/تشرين الثاني 2021، أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب استعداده لإطلاق شبكته الخاصة للتواصل الاجتماعي التي أطلق اسم Truth Social (الحقيقة سوشيال)، حيث قال إنه سيتحدى شركات التكنولوجيا الكبرى مثل تويتر وفيسبوك التي منعته من التفاعل عبر منصاتها، بسبب ترويجه معلومات مضللة وادعاءات كاذبة عن فوزه في الانتخابات الأمريكية الأخيرة.
لكن حتى اللحظة، لم تنتج شركة "ترامب للإعلام والتكنولوجيا" Trump Media and Technology Group الإعلامية المملوكة للرئيس الأمريكي السابق شيئاً حتى الآن، ومع ذلك فإن التقديرات تشير إلى أن قيمتها وصلت بالفعل إلى نحو 10 مليارات دولار، وفقاً لأحد التقارير، كما تنقل صحيفة The Independent البريطانية.
ويبدو أن شركة ترامب ستتولى المسؤولية عن إطلاق شبكة التواصل الاجتماعي الخاصة بالرئيس الأمريكي السابق، ومع أنها ليس لديها حتى الآن أسهم مرتبطة بعمل أو منتج، فإن المستثمرين يصطفون لتعزيز انطلاقتها.
مستثمرون يراهنون على منصة ترامب الجديدة للتواصل الاجتماعي
أشارت مجلة Forbes الأمريكية إلى أن المستثمرين يُمكنهم، وقد بدأوا بالفعل الشراء في شركة استحواذ ذات أغراض خاصة (SPAC) من المقرر أن تندمج في النهاية في شركة ترامب. وعندما كُشف عن أن شركة الاستحواذ ستندمج في شركة ترامب الإعلامية، قفزت قيمة الأسهم من نحو 10 دولارات إلى 60 دولاراً للسهم الشهر الماضي.
وبحسب "فوربس"، قد يؤدي الرهان على شركة ترامب إلى مكاسب كبيرة للمستثمرين، ولكن الواقع أن أسهم شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة غالباً ما يكون مبالغاً في قيمتها. فقد وجد باحثون في جامعتي ستانفورد ونيويورك في دراسة منشورة في أبريل/نيسان أن نحو 16 شركة استحواذ من هذا النوع اندمجت في عامي 2019 و2020 وطُرحت أسهمها للتداول لمدة عام على الأقل بعد عمليات الاندماج في شركات أخرى، غير أنها فقدت في المتوسط نحو 35% من قيمتها.
مثل معظم الفرص القائمة على الاستثمار بالمضاربة، فإن شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة تُبنى قيمتها على الضجيج الدائر حولها والتوقعات بشأنها. ومن الواضح أن شركة الاستحواذ التي ستندمج في شركة ترامب الإعلامية تستفيد حتى الآن من القاعدة المؤيدة التي جمعها ترامب بعد عام 2016. ودعم ذلك تحليل أجرته مجلة Forbes، وأشارت فيه إلى أن ترامب يكفيه أن يلحق به ثلث متابعيه البالغ عددهم 89 مليوناً إلى موقعه الجديد للتواصل الاجتماعي، وحينئذ قد تصل قيمة الشركة الجديدة إلى 5.6 مليار دولار.
أكبر منصة لـ"المحافظين الأمريكيين"
لم يتضح حتى الآن كيف سيكون أداء منصة التواصل الاجتماعي الجديدة الخاص بترامب، لكن لا يُستبعد منطقياً أن ينضم ثلث- أو ربما أكثر- من مؤيديه إلى الموقع، ومع ذلك فإن المواقع التابعة للقواعد المحافظة من الجمهور الأمريكي والمُحاكية لمواقع التواصل، مثل فيسبوك وتويتر، كانت دون التوقعات حتى الآن.
وتضم القائمة موقع "فرانك" Frank الذي صممه مايك ليندل، الرئيس التنفيذي لشركة My Pillow، فمع أن الموقع رُوج له كثيراً، فإنه فشل في التحول إلى منصة أساسية لجمهوره أو استقطاب تفاعل كبير لمستخدميه. كما سبق أن دخل جيسون ميلر، المتحدث السابق باسم حملة ترامب، إلى ساحة وسائل التواصل الاجتماعي بموقعه "غيتر" Getter، لكن المحليين يتوقعون أن العدد المحدود من المستخدمين الذين يترددون إلى الموقع سيتخلون عنه في النهاية بمجرد إطلاق ترامب منصته.
أما موقعا "غاب" Gab و"بارلر" Parler، فقد زعم كلاهما ظاهرياً أنه قد أصبح ملاذاً لـ"حرية التعبير" للمستخدمين المحافظين، وقد حققا نجاحاً متوسطاً لكنهما فشلا في الاقتراب على أي نحو من هيمنة عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي تويتر وفيسبوك.
حتى الآن، فإن منصة "الحقيقة سوشيال" Truth Social- الاسم العملي الذي أُطلق على منصة التواصل الاجتماعي القادمة لترامب- لم يُتح إلا في نسخة تجريبية. وعند اكتشافه، اخترقه متسللون إلكترونيون على الفور وعبثوا به، حتى إن أحد المستخدمين- ويتخذ اسم donaldjtrump- عمد إلى تحميل مقطع فيديو لخنزير يتغوط على الصفحة الرئيسية للموقع، بحسب صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية.
ترامب يسعى للاستفادة من منصته في ترشحه للانتخابات القادمة
وحظر تويتر وغيره من منصات التواصل الاجتماعي الرئيس السابق، بعدما هاجمت مجموعة من أنصاره مقر الكونغرس، في السادس من يناير/كانون الثاني الماضي، بعد ساعات من إدلاء ترامب بخطاب تحدّث فيه عن حدوث تزوير في الانتخابات الرئاسية التي خسر فيها أمام الرئيس الحالي جو بايدن، كما صنفت بعض تغريداته على أنها "تمجيد للعنف".
وخلال الشهر الجاري، تم إطلاق تطبيق تروث سوشيال تجريبياً حتى يتم استكمال إنشائه، فيما سيتبعه طرح على الصعيد الوطني في الربع الأول من عام 2022. ولدى الشركة الجديدة أيضاً خطط لطرح خدمة اشتراكات فيديو حسب الطلب تعرض برامج ترفيهية وأخباراً ومدونات صوتية.
ويتزامن الحديث عن منصة تروث سوشيال، في الوقت الذي ما زال ترامب يهيمن بدرجة كبيرة على الحزب الجمهوري. وبعد ابتعاده عن الأضواء لبضعة أشهر بعد الانتخابات، استأنف ترامب تنظيم مسيرات أشبه بالتجمّعات الانتخابية، لمّح خلالها في كثير من الأحيان إلى نيته الترشّح مجدداً للرئاسة في الانتخابات المقبلة عام 2024، فيما يرى متابعون أن ترامب يسعى للاستفادة من منصته الجديدة في التحشيد لفوزه في الانتخابات المقبلة.
ويوم الإثنين 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، كشف ترامب لأول مرة، عن موعد اتخاذه قرار الترشح للمنافسة على كرسي الرئاسة والعودة إليه مجدداً في رئاسيات 2024، من عدمه، وقال إن قراره النهائي سيعلن عنه بعد انتخابات التجديد النصفي لعام 2022.
وقال ترامب في لقاء حصري له مع شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية إنه يفكر في ذلك فعلاً، كما صرح بأنه يعتقد أن "كثيراً من الناس سيكونون سعداء للغاية".
مؤكداً أن "الحزب توفر على العديد من الأشخاص العظماء القادرين على الترشح للانتخابات، لكنهم سيتراجعون عن ذلك إذا ما قرر هو الترشح للانتخابات المقبلة".
هذا الظهور الإعلامي لترامب يأتي في الوقت الذي عادت فيه مؤشرات على ارتفاع شعبية الرجل بشكل أكبر مما ظنّ خصومه، وذلك وفق ما أظهرته أكبر انتخابات تشهدها أمريكا بعد عام على رحيله.
بعد مرور العام الأول من رئاسة بايدن تعرَّض حزبه الديمقراطي لهزائم انتخابية لم تكن متوقعة، في أول اختبار انتخابي كبير بعدد من الولايات، فيما يُعتبر استطلاعاً عملياً للرأي حول شعبية بايدن في مواجهة شعبية ترامب والجمهوريين.
اتهامات ترامب بالتربح من منصبه لا تزال تطارده
ورغم ذلك، لا تزال الاتهامات لترامب بالتربح من منصبه السابق تطارده، إذ قالت لجنة في الكونغرس الأمريكي، في 8 أكتوبر/تشرين الأول 2021، إن شركات الرئيس الأمريكي السابق حاولت إخفاء مدفوعات بملايين الدولارات من حكومات أجنبية، دخلت عبر فندق كبير له في وسط العاصمة واشنطن.
حيث قالت لجنة الرقابة والإصلاح بمجلس النواب إن سجلات الفنادق تثير تساؤلات "مقلقة" حول فندق ترامب إنترناشونال، الواقع في مبنى تاريخي تستأجره منظمة ترامب من الحكومة الاتحادية. كان الفندق نقطة تجمّع شهيرة لأنصار ترامب وكبار الشخصيات الأجنبية ورفاقه الجمهوريين خلال رئاسته للولايات المتحدة.
أفادت اللجنة التي يهيمن عليها الديمقراطيون، بأن ترامب أورد تقارير تفيد بأن الفندق حقق له مكاسب تزيد قيمتها على 150 مليون دولار خلال وجوده بالمنصب، لكنه في واقع الأمر خسر أكثر من 70 مليون دولار.
في حين اكتشفت اللجنة أن الفندق حصل على أكثر من 3.7 مليون دولار في شكل مدفوعات من حكومات أجنبية، أي ما يعادل تقريباً أكثر من 7400 ليلة إقامة، مما يثير احتمالات بحدوث استفادة من المنصب فيما يطلق عليه تضارب المصالح.