قبيل أسابيع من موعد الانتخابات الليبية في 24 ديسمبر/كانون الأول، لم تُحسم بعد القاعدة الدستورية التي ستجرى على أساسها الانتخابات، مع رفض عدة أطراف الاعتراف بقانونية ودستورية قوانين الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الصادرة عن مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح.
ورغم العيوب التي تشوب قوانين الانتخابات التي مُرّرت دون توافق ودون نصاب برلماني، إلا أن فرنسا والعديد من القوى الغربية تسعى لفرض "انتخابات الأمر الواقع"، التي هندس قوانينها عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، دون توافق مع "شركائه" في المنطقة الغربية، وذلك عبر قمة باريس حول ليبيا التي تعقد الجمعة 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
ويسعى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ماكرون يسعى الذي دعم لوقت طويل خليفة حفتر، إلى حشد أكبر تحالف دولي ممكن داعم للانتخابات الليبية، حتى ولو بدون قاعدة دستورية ولا قوانين انتخابات توافقية أو حتى وفق نصوص الإعلان الدستوري والنظام الداخلي للبرلمان والاتفاق السياسي.
أزمة مخرجات اللجنة الدستورية التي لم تجد طريقها للتنفيذ
في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، اتفق ملتقى الحوار السياسي، خلال اجتماعه بتونس على إجراء الانتخابات في 24 ديسمبر/كانون الأول. وتحضيراً لموعد الانتخابات، شكل مجلس النواب رفقة المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري)، لجنة دستورية من 10 أعضاء لكل مجلس (10+10).
وعقدت اللجنة الدستورية 3 اجتماعات في مدينة الغردقة المصرية؛ الأول في سبتمبر/أيلول 2020، والثاني في يناير/كانون الثاني 2021، والثالث في فبراير/شباط الماضي.
وخرجت اجتماعات الغردقة بتوافق على تقديم مجلس الدولة "مشروع التعديل الدستوري لمجلس النواب لإقراره، والذي يقضي بالاستفتاء على مشروع الدستور مرتين، وفي حال رفضه يتم اعتماد القاعدة الدستورية التي تم الاتفاق عليها"، بحسب عمر بوشاح، عضو اللجنة الدستورية.
وقال بوشاح، عقب اختتام الاجتماع الثالث والأخير للجنة الدستورية: "اتفقنا على قاعدة دستورية تنص على انتخابات برلمانية ورئاسية، حال تعذّر إجراء الاستفتاء على الدستور".
لكن اجتماعات الغردقة لم تجد طريقها للتنفيذ على الأرض، رغم دعوة رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، إلى اعتماد مخرجاتها كقاعدة دستورية، الأمر الذي لم يستجب له مجلس النواب.
انتخابات في ليبيا دون اتفاق بشأن القاعدة الدستورية
بعد إخفاق مجلس النواب والدولة، في الاتفاق على القاعدة الدستورية، أوكلت هذه المهمة إلى ملتقى الحوار السياسي، المشكل من 75 عضواً، والذي ترعاه الأمم المتحدة.
وبعد عدة اجتماعات في جنيف وأخرى افتراضية، وتشكيل لجان مصغرة استشارية وقانونية وتوافقية منذ يونيو/حزيران الماضي، إلا أنها لم تتمكن من حل الخلافات بين أعضائها الـ75.
وفي 2 يوليو/تموز الماضي، انتهى اجتماع جنيف بدون التوصل إلى اتفاق بشأن القاعدة الدستورية. رغم أن مفوضية الانتخابات حددت الأول من يوليو كآخر أجل لاستلام القاعدة الدستورية، ثم مددته إلى غاية الأول من أغسطس/آب.
واستمرت اجتماعات ملتقى الحوار ولجانه الفرعية في الانعقاد بشكل افتراضي، في يوليو وأغسطس، لكن دون التوصل إلى أي نتيجة.
وعقب فشل اجتماع جنيف في الخروج باتفاق على قاعدة دستورية، اعتبر رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، في حوار صحفي نهاية يوليو/تموز، أن اجتماعات أعضاء ملتقى الحوار "إضاعة للوقت"، في ظل وجود الإعلان الدستوري.
وشكل صالح، لجنة برلمانية لإعداد مشروعين لقانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والتي اجتمع أعضاؤها في روما بحضور عماد السائح، رئيس مفوضية الانتخابات، والمبعوث الأممي يان كوبيتش، ولم توجه الدعوة لرئيس مجلس الدولة خالد المشري.
وفي 9 سبتمبر/أيلول، أقرّ صالح، قانون انتخابات دون عرضه على تصويت النواب، أو استشارة مجلس الدولة، مما أثار رفضاً من الأخير ومن عدد من النواب.
عيوب قانون الانتخابات الذي مرر دون توافق
وفي 19 من ذات الشهر، ردّ مجلس الدولة، على محاولة مجلس النواب برئاسة عقيلة صالح التنصّل من الاتفاق السياسي، بإعداد مشروع قاعدة دستورية ومشروعي قانوني الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
غير أن مجلس النواب تجاهل تماماً مشاريع قوانين مجلس الدولة، ومضى في إعداد قانون الانتخابات البرلمانية، الذي صادق عليه في 4 أكتوبر/تشرين الأول، عدد قليل من النواب الذين حضروا الجلسة، والذين لم يتجاوز عددهم 34، بحسب بعض المصادر.
بينما ينص الإعلان الدستوري والنظام الداخلي للبرلمان على ضرورة الحصول على أغلبية موصوفة (120 صوتاً) لتمرير القانون.
ووجهت لقانون الانتخابات البرلمانية عدة انتقادات، خاصة وأنه لم يتم استشارة مجلس الدولة مرة ثانية، كما أنه حرم الأحزاب من ترشيح ممثليها في قوائم انتخابية.
وفي 25 سبتمبر/أيلول، حذر رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، من أنه "سيحثّ المرشحين في الانتخابات المقرر إجراؤها في ديسمبر/كانون الأول على عدم المشاركة، ما لم يكن هناك توافق بينهم على الإطار القانوني للتصويت".
إلا أن رئيس مفوضية الانتخابات اعترف بقانونية الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، اللذين استلمهما من مجلس النواب، ولم يأخذ بعين الاعتبار اعتراض مجلس الدولة.
وفي 24 أكتوبر/تشرين الأول، أعلن رئيس مفوضية الانتخابات خطته لإجراء الانتخابات في ديسمبر/كانون الأول المقبل، والتي تضمنت فتح باب الترشح في النصف الأول من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، والطلب من مجلس النواب القيام بتعديلات فنية، بحيث يكون الدور الثاني للانتخابات الرئاسية متزامناً مع الانتخابات البرلمانية.
ونص قانون الانتخابات البرلمانية، الذي أقره مجلس النواب، على أن تجرى التشريعيات بعد شهر من اعتماد نتائج الانتخابات الرئاسية.
تأجيل الانتخابات.. خيار غير مستبعد
في 27 أكتوبر/تشرين الأول، وبعد اجتماع رئاسة المجلس الأعلى للدولة مع عدد من عمداء البلديات وأعيان المنطقة الغربية، أصدر الأخيران بيانين هددا فيهما بمنع إجراء الانتخابات في المنطقة الغربية بشكل كامل إذا لم يتم احترام الاتفاق السياسي.
وطالب عمداء البلديات وأعيان المنطقة الغربية بتأجيل الانتخابات الرئاسية إلى غاية إجراء الانتخابات البرلمانية في 24 ديسمبر/كانون الأول، والاستفتاء على الدستور.
وفي أول نوفمبر/تشرين الثاني، تقدم عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي، بمقترح شخصي "لجمع مجلسي النواب والأعلى للدولة، من خلال لقاء بين رئاستي المجلسين، للتوافق حول المختنقات (الخلافات) المتعلقة بقوانين وتشريعات الانتخابات".
وتحدثت وسائل إعلام محلية، أن مقترح اللافي يسعى إلى تأجيل الانتخابات إلى غاية مارس/آذار المقبل، فيما شدد موسى الكوني، عضو المجلس الرئاسي على التزام المجلس بالموعد المحدد للانتخابات، وعبر عن رفضه لمبادرة اللافي.
وفي 4 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن المشري، أن المجلس الأعلى للدولة اتخذ كافة الإجراءات القانونية ضد قوانين الانتخابات التي أصدرها مجلس النواب منفرداً، والطعن فيها أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا. وفي نفس اليوم، كشفت مفوضية الانتخابات أنها ستعلن في 7 نوفمبر/تشرين الثاني فتح باب الترشح للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.