بحلول موعد الصفقة الأسترالية مع الولايات المتحدة وبريطانيا، يًعتقد أن تكنولوجيا تدعى شفافية المحيط تطورها الصين قد تجعل الغواصات بنوعيها النووي والعامل بالديزل بلا جدوى.
ويرى بعض الخبراء أن الغواصات العاملة بالطاقة النووية التي تريد أستراليا اقتناءها قد يكون عفى عليها الزمن بحلول الوقت الذي تغوص فيه في الماء في الأربعينيات من القرن الحالي بسبب التقنيات الجديدة التي تجعل االغواصات "مرئية" حتى لو هي تغطس تحت الماء.
وكان أحد الخلافات حول قرار الحكومة الأسترالية التخلي عن صفقة مع فرنسا بقيمة 90 مليار دولار أسترالي لبناء غواصات تقليدية لصالح القوارب النووية هو الجدول الزمني لجعلها جاهزة للمعركة، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
سيتعين على البحرية الأسترالية إطالة العمر الافتراضي لأسطول كولينز الحالي وربما استئجار غواصات؛ لملء الفراغ قبل ظهور الغواصات الجديدة في الأفق.
ولكن حتى قبل إبرام صفقة شراء 12 غواصة من مجموعة نافال الفرنسية، حذّر محللون عسكريون من أن الغواصات من جميع الأنواع ستصبح عتيقة، بسبب التكنولوجيا الجديدة وضمن ذلك الطائرات بدون طيار وأنظمة الأسلحة الجديدة.
هناك أيضاً تحذيرات من أن تقنيات مختلفة يجرى تطويرها ستجعل المحيط "شفافاً"، لذلك حتى أكثر الغواصات خلسة يمكن أن ترصدها قوة معادية حتى لو كانت تسير في أعماق المحيط.
تقرير كلية الأمن القومي في الجامعة الوطنية الأسترالية عن المحيطات الشفافة وجد أن تقنية شفافية المحيطات "محتملة" أو "مرجحة جداً" بحلول خمسينيات القرن العشرين، أي بعد عقد من دخول أسطول أستراليا الجديد من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية الخدمة والتي قد تكلف أستراليا أكثر من الصفقة الأسترالية.
نظر فريق متعدد التخصصات في تقنية الاستشعار الجديدة والاتصالات تحت الماء وإمكانية أسلاك التعثر في نقاط الاختناق. وقاموا أيضاً بفحص طرق جديدة للكشف عن الإشارات الكيميائية والبيولوجية والصوتية والأشعة تحت الحمراء، ووجدوا أنه حتى مع التحسينات في الغواصات الشبحية فإنها ستصبح مرئية.
ووجد التقرير أن "التقنيات المستقبلية ستجعل المحيطات شفافة على نطاق واسع ولن تحظى تقنيات الكشف المضاد بالأهمية نفسها في العقود المقبلة كما كانت في السابق".
الصين تولي تطوير تقنية شفافية المحيط اهتماماً كبيراً
طورت الصين بالفعل أجهزة ليزر لاكتشاف الغواصات.
تعمل هيئة البحوث الأسترالية "CSIRO" مع معهد صيني للعلوم البحرية، بشكل منفصل، على تطوير تكنولوجيا الأقمار الصناعية التي يمكنها العثور على غواصات على أعماق تصل إلى 500 متر.
ومن المقرر أن ينتهي هذا التعاون في العام المقبل. أفادت الهيئة بأنها تلقت تحذيراً من أن المعهد قد يساعد البحرية الصينية في تعقّب الغواصات الأسترالية.
وقال محلل الدفاع ألبرت بالازو، الذي يكتب لمعهد لوي، إن التكنولوجيا الصينية ستتقدم بما يكفي، لأن "أي غواصة أسترالية تحاول القيام بشيء ما في هذه المياه، مثل إطلاق صاروخ توماهوك، ستكشف عن موقعها ثم يتم تدميرها بعد ذلك بوقت قصير".
الغواصات ستستخدم أدوات مضادة
ولكن هناك من يدافع عن صفقة الغواصات الأسترالية، ويقول إن الغواصات مجرد منصة أساسية لمجموعة من التقنيات الجديدة والمتطورة التي ستستطيع مواجهة تقنية شفافية المحيط.
وقال مارك ساندر، رئيس معهد الغواصات الأسترالي، إن هذه الغواصات ستتمتع بقدرات حاسمة في مجالات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، فضلاً عن الردع والهجوم.
وقال إنه كان هناك "تحسن مستمر" في أنظمة الأسلحة وأجهزة الاستشعار ومعالجة أجهزة الاستشعار.
على سبيل المثال، تضمنت الصفقة الفرنسية الملغاة غواصات هجومية ذات صوارٍ بصرية يمكن أن تخرج خلسة من الماء، وتجمع البيانات وتحدد التهديدات في بضع ثوانٍ فقط. يمكن استخدامها للحرب الإلكترونية والاتصالات والتجسس.
قال رئيس المعهد الأسترالي للسياسات الاستراتيجية، بيتر جينينغز، إن الغواصات العاملة بالدفع النووي لديها مساحة وطاقة أكبر من الغواصات التقليدية.
وقال: "إنها أكبر بكثير، والمفاعلات تمنحك الطاقة ليس فقط للدفع ولكن لكل شيء آخر داخل الغواصة".
"لديك بعد ذلك مساحة هائلة للأسلحة، لأنابيب الإطلاق الرأسية لصواريخ كروز والأنظمة المستقلة التي يمكن تخزينها على متنها. إنها ليست وحدة قتالية فحسب، بل قد يكون لديك نصف دزينة من الأنظمة البعيدة منتشرة على مسافة بعيدة. ستعمل على بعد مسافة طويلة من الأهداف المحتملة، من المحتمل أن تصل إلى مئات الكيلومترات".
"من الغواصة يمكن للعسكريين التحكم في الأنظمة غير المأهولة التي يمكن أن تنتشر هي نفسها على مدى مئات الكيلومترات في اتجاهات مختلفة وضمن ذلك الأقرب إلى التهديد".
ستتصل الغواصات أيضاً بالسفن السطحية والطائرات المقاتلة وتشارك معها المعلومات.
وفقاً لفريق العمل الذي تم إنشاؤه تحت قيادة Aukus الذي أسسته الولايات المتحدة مع أستراليا وبريطانيا لمواجهة الصين، ستتمتع الغواصات الجديدة "بخصائص فائقة من التخفي والسرعة والقدرة على المناورة والقدرة على البقاء والتحمل غير المحدود تقريباً"، مع أسلحة أفضل وقدرة على نشر طائرات بدون طيار و"مخاطر أقل للكشف".