بعد الاتهامات باستهداف المدنيين في دارفور.. هل يقرِّر مجلس الأمن إعادة القوات الأممية للإقليم؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/10/03 الساعة 22:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/10/03 الساعة 22:52 بتوقيت غرينتش
محمد حمدان دقلو "حميدتي" قائد قوات الدعم السريع التي ينظر لها أنها امتداد لميلشيات الجنجاويد/رويترز

تشكل عودة العنف إلى إقليم دارفور غربي السودان، تحدياً جديداً للحكومة الانتقالية، التي تواجه صعوبات في تشكيل قوة أمنية لحماية المدنيين، بالتزامن مع توصية أممية لمجلس الأمن بضرورة نشر قوة محدودة لحفظ الأمن بالإقليم المضطرب.

وتأتي التوصية الأممية في ظل سعي الخرطوم لتشكيل قوة أمنية محلية، وعدم السماح لمجلس الأمن الدولي بإرسال قوات أممية جديدة.

عودة العنف حتى بعد عزل البشير

وبعد إقالة البشير، نشرت منظمة العفو الدولية هذا الصيف أدلة جديدة مقلقة تُبين أن قوات حكومية سودانية تشمل قوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة السوداني الحاكم، وميليشيات متحالفة معها، مستمرة في تدمير القرى وارتكاب أعمال القتل خارج نطاق القانون، وجرائم العنف الجنسي في دارفور.

وأنهى مجلس الأمن الدولي، في 23 ديسمبر/كانون الأول 2020، مهام بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي المشتركة بدارفور (يوناميد)، عقب أكثر من 13 عاماً على تأسيسها في يونيو/حزيران 2007.

وفي 10 أغسطس/آب الماضي، أعلن رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، أنه سيتم الشروع في "تنفيذ الترتيبات الأمنية فوراً"، لترسيخ قيم التعايش السلمي والاجتماعي بين مكونات المجتمع، من دون تحديد موعد قاطع لذلك.

لكن رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان "يونيتامس" فولكر بيرثيس، دفع في 14 سبتمبر/أيلول الجاري، بتوصية أممية لمجلس الأمن الدولي بنشر قوة محدودة في دارفور.

ودعا بيرثيس، المجلس لاتخاذ ما يلزم لنشر قوة محدودة للرد على انتهاكات وقف إطلاق النار في الإقليم إذا لزم الأمر.

العنف في دارفور
الرئيس السوداني المعزول عمر حسن البشير/رويترز

وفي 29 أغسطس/آب 2020، وقّعت الحكومة السودانية و"الجبهة الثورية" (حركات مسلحة) في إطار مسار دارفور، بروتوكول الترتيبات الأمنية، يتضمن تشكيل قوات مشتركة بين القوات الحكومية والحركات المسلحة، لحفظ الأمن في الإقليم.

وبروتوكول الترتيبات الأمنية يدخل ضمن اتفاق لإحلال السلام، وقعته الخرطوم في 3 أكتوبر/تشرين الأول 2020، مع "الجبهة الثورية"، التي تضم عدة حركات مسلحة، لكنه لم يشمل حركتين مسلحتين.

حيث تخلفت عن الاتفاق كل من "الحركة الشعبية- شمال"، بزعامة عبد العزيز الحلو، التي تنشط في ولايتي النيل الأزرق (جنوب شرق) وجنوب كردفان (جنوب)، وحركة "تحرير السودان"، بقيادة عبد الواحد محمد نور، التي تقاتل القوات الحكومية في دارفور.

أسباب عودة التوتر إلى دارفور

وعزا الصحفي المتخصص في شؤون دارفور محمد علي محمدو، السبب في عدم تشكيل قوة حماية المدنيين إلى التأخير في تنفيذ الترتيبات الأمنية.

وقال محمدو، للأناضول، إن تأخر تشكيل قوات حماية المدنيين يعود لارتباطه بتنفيذ الترتيبات الأمنية.

وأشار إلى أن هذه القوات تتكون من 12 ألف جندي مناصفة بين القوات الحكومية والحركات المسلحة، في مرحلتها الأولى لبسط الأمن.

وتابع: "استفحلت في دارفور الانفلاتات الأمنية بين الرعاة والمزارعين، وبرزت ظواهر العنف مؤخراً".

وفي 13 أغسطس/آب الماضي، أعلنت السلطات نزوح 3 آلاف و500 أسرة إلى مخيمات: زمزم، وشقرة ج، و"طويلة"، جراء أحداث عنف شهدتها منطقتا كوقلي وقلاب، في ولاية شمال دارفور، هرباً من نزاع مسلح حول أراضٍ زراعية.

حاكم الإقليم يشكّل قوات لحماية المدنيين

وفي 17 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وصلت مدينة الفاشر، مركز ولاية شمال دارفور، قوات تتبع حركة "تحرير السودان" بقيادة مني أركو مناوي، في إطار تنفيذ بند الترتيبات الأمنية لاتفاق السلام مع الحكومة، الذي يتضمن تشكيل قوات مشتركة لحفظ الأمن وحماية المدنيين بدارفور، بعد يوم من احتفالات للسلام شهدتها الخرطوم، وفق ما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية.

وفي 24 أغسطس/آب الماضي، أعلن مناوي، حاكم إقليم دارفور، خلال مخاطبته حشداً جماهيرياً نظمه نازحو مخيم "زمزم" جنوبي الفاشر، "تشكيل قوة أمنية مشتركة تعمل على حسم كافة مظاهر الانفلات الأمني والاقتتال بالإقليم، وحماية المواطنين، عوضاً عن التأخير الذي لازَم تنفيذ بند الترتيبات الأمنية لاتفاق سلام جوبا".

وأشار محمدو إلى أن مناوي، بدأ خطوات على الأرض في تشكيل قوة أمنية لحماية المدنيين.

وأردف: "بعد إعلان مناوي، هنالك خطوات جادة في تشكيل قوة لحفظ الأمن إلى حين تنفيذ الترتيبات الأمنية، هذه القوات تشكلت في الفاشر، ومن المتوقع أن تتشكل في نيالا مركز ولاية جنوب دارفور، والجنينة مركز ولاية غرب دارفور".

وأضاف: "هذه القوات السودانية أفضل من القوات الدولية في حفظ الأمن، وسيكون لديها مقدرة كبيرة في بسط الاستقرار، لأنها تعرف جغرافية الإقليم، ولديها إلمام بتعقيدات الأوضاع".

العنف يفتح الباب أمام تدخل مجلس الأمن

من جانبه، قال الأمين العام لرابطة إعلاميي دارفور حافظ آدم حامد مصري، للأناضول: "المشكلات الأمنية ما زالت موجودة في الإقليم ولم تراوح مكانها، والحكومة غير جادة في بسط سيطرتها الأمنية".

وأوضح أن "هذا الانفلات الأمني حفّز المسلحين في الحركات التي لم توقع على اتفاقية السلام أن تعاود نشاطها من جديد".

وتابع "مصري" أنه "لم تتخذ أي خطوات لحماية المدنيين، وليست هناك تحرك جاد لتشكيل قوات الحماية، نتيجة لعدم تنفيذ الترتيبات الأمنية، مما أفرز حالة الانفلات الأمني، وتجدد الصراعات القبلية وازديادها".

وأشار إلى أن تجدد العنف والنزاع في دارفور يفتح الباب أمام مجلس الأمن الدولي والمنظمات الأممية للتفكير في إنشاء قوات أممية للحماية.

واتهم "مصري"، الحكومة بعدم توفير المتطلبات اللازمة لتشكيل القوات المشتركة، وتنفيذ بند الترتيبات الأمنية، ما جلب لها السخط الشعبي في دارفور.

وتعزو الحكومة تأخير تنفيذ بند الترتيبات الأمنية الوارد في اتفاق سلام جوبا، لنقص التمويل، خاصة أن العملية تكلف حوالي 10 ملايين دولار. ‎

وفي 2003، اندلع بدارفور نزاع مسلح بين القوات الحكومية وحركات مسلحة متمردة، أودى بحياة حوالي 300 ألف، وشرد نحو 2.5 مليون آخرين، وفق الأمم المتحدة.

وإحلال السلام أحد أبرز الملفات على طاولة حكومة عبد الله حمدوك، التي تولت المسؤولية بعد أن عزلت قيادة الجيش، في 11 أبريل/نيسان 2019، عمر البشير من الرئاسة (1989-2019)، تحت ضغط احتجاجات شعبية مناهضة لحكمه.

وتعيش البلاد، منذ 21 أغسطس/آب 2019، مرحلة انتقالية تستمر 53 شهراً تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية والحركات المسلحة الموقِّعة على اتفاق السلام.

تحميل المزيد