"لا تتركوا أي جريح من رجالنا حياً"، الرجل الذي قاد هذه السياسة الوحشية التي يتعمد فيها قتل زملائه من أعضاء تنظيم داعش سيناء حتى لا يلقى القبض عليهم، بات هو اليوم نفسه في قبضة السلطات المصرية.
واعتبر تقرير لمركز المعلومات "مئير عميت" الإسرائيلي حول الاستخبارات والإرهاب أنَّ استسلام محمد سعد كامل السعيدي، المعروف بـ"أبي حمزة القاضي" وهو مسؤول بارز في عمليات "داعش" في سيناء إلى السلطات المصرية ربما يشير إلى تحول مهم في المعركة المستمرة منذ سنوات بين الجانبين، حسبما نقل عنه تقرير لصحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية.
ويتألف مركز المعلومات حول الاستخبارات والإرهاب من مسؤولين سابقين في المخابرات الإسرائيلية ويحافظ على علاقات وثيقة مع مجتمع الاستخبارات الحالي، ويتلقى أحياناً مواد حصرية لرفع السرية عنها.
كيف استسلم قاضي داعش سيناء المتوحش؟
في 10 سبتمبر/أيلول، استسلم محمد سعد كامل السعيدي، المعروف بـ"أبي حمزة القاضي" لميليشيا قبلية متعاونة مع الجيش المصري بعد وعود له بأنه وعائلته لن يطالهم أذى، حسبما ورد في تقرير للمركز الإسرائيلي.
وجاء في التقرير أنَّ "المعلومات التي وصلت إلى مركز الاستخبارات والإرهاب كشفت تفاصيل عن القاضي والأوضاع في سيناء".
ويتضح من التقرير أنَّ القاضي هو "ثاني أو ثالث أهم عنصر في المنطقة بعد أمير الجماعة (القائد) وربما رابع شخص؛ مما يجعله أرفع شخصية في ولاية سيناء تستسلم للسلطات المصرية" حتى الآن.
والأهم من ذلك هو ما زعمه مركز "مئير عميت" من أنَّ "استسلام القاضي.. سيضر بشدة بالتنظيم؛ لأنه سيقدم معلومات واستخبارات قيمة إلى السلطات المصرية ولأنَّ استسلامه بمثابة ضربة للروح المعنوية لعناصر الجماعة".
جوع ونقص في الأموال والسلاح بسبب نجاحات الجيش المصري
وهذا صحيح أيضاً لأنَّ تنظيم "داعش" في سيناء يعاني حالياً "من نقص الأموال والمعدات.. ومن الجوع الشديد.. نتيجة النجاحات العملياتية للجيش المصري والتعاون مع الميليشيات القبلية".
وبحسب مركز الاستخبارات، فقد استسلم القاضي بسبب معاناة "داعش" المستمرة في سيناء، فضلاً عن نقص الأسلحة والذخيرة؛ مما جعل الهجمات تقتصر على استخدام "الأسلحة البسيطة، وخاصة العبوات الناسفة، بدلاً من الهجمات والغارات واسعة النطاق. ومعنوياتهم متدنية ولا يوجد حل يلوح في الأفق؛ مما يؤدي إلى توتر بين العناصر".
وعلى الجانب الآخر، يقول التقرير إنَّ الجيش المصري "يحافظ على الاستقرار في شمال شبه جزيرة سيناء، ويستثمر الأموال والجهود في تطوير البنية التحتية. بالإضافة إلى ذلك، فقد نجحت عملياته المناهضة للإرهاب ضد ولاية سيناء".
ويمكن رؤية مدى هذا النجاح في إزالة حواجز تنظيم "داعش" وقتل عناصره وعودة "المدنيين المختطفين من قرية بلوزة".
وفي الواقع، يذكر التقرير أنَّ الانتصارات العسكرية المصرية الأخيرة على تنظيم "داعش" في سيناء أدت إلى استسلام العشرات من أفراده.
أذن بالهجوم على مسجد الروضة ويعدم زملاءه الجرحى خوفاً من استجوابهم
وأوضح التقرير أنَّ القاضي من مواليد مصر عام 1986 ووصل إلى شبه جزيرة سيناء عام 2015، بعد أن انضم إلى صفوف تنظيم "داعش" في سوريا.
وبحسب التقرير، كان مسؤولاً عن تطبيق الشريعة في ولاية سيناء، والبتّ في القضايا المهمة وتعزيز العمليات الميدانية.
وجاء فيه أنَّ القاضي هو من أصدر "الإذن بالهجوم على مسجد الروضة بمنطقة بئر العبد نهاية عام 2017، الذي قُتِل فيه 300 مسلم صوفي، والاعتداء على سائقي شاحنات من مصنع الحسنى للأسمنت في وسط شبه جزيرة سيناء، وشن هجمات على مدنيين آخرين".
و"كان معروفاً بأنه قائد مشبوه ووحشي، وهو من أمر بإعدام عناصر في التنظيم للاشتباه في تعاونهم مع العدو، وكان يسيء معاملة مرؤوسيه بانتظام، وأعدم الجرحى من العناصر لمنع أسرِهم واستجوابهم من قبل الجيش المصري"، حسبما كشف التقرير.
ويُرجِّح التقرير أنَّ الجيش المصري سيستجوب أبا حمزة، ثم ينقله إلى أحد السجون المصرية.
هل اقتربت نهاية داعش سيناء؟
تقول الصحيفة الإسرائيلية "إنه على الرغم من الاتجاه المتفائل ضد "داعش" في سيناء، أظهر التنظيم قدرة هائلة على الظهور في أماكن جديدة مع أتباع جدد أو العودة إلى الأماكن القديمة التي كان يعتقد أنه استُؤصِل منها.
وبعد ما يقرب من 4 سنوات من خسارة "داعش" معظم أراضيه الرئيسية في العراق وسوريا، تمكنت الجماعة من إنتاج مجموعة متنوعة من التنظيمات الجديدة التي تحولت إلى أشكال جديدة في الدول الضعيفة وغير المستقرة في جميع أنحاء العالم.
أي أنها بعيدة كل البعد عن نهايتها، حسب تقرير الصحيفة الإسرائيلية.