جاء حذف شركتي آبل وجوجل الأمريكيين تطبيق تصويت ذكي في روسيا صممه المعارض أليكسي نافالني، مع بدء التصويت في الانتخابات البرلمانية الروسية ليثير ضجة في الغرب ويفجّر اتهامات للشركتين بممارسة الرقابة السياسية، فما قصة تطبيق التصويت الذكي الروسي المعارض الذي يهدف لهزيمة الحزب المؤيد لبوتين، وكيف يفعل ذلك؟
وبدأت الانتخابات البرلمانية والمحلية في روسيا الجمعة وتستمر لمدة ثلاثة أيام، ويتوقع مراقبون أن يفوز حزب روسيا الموحدة الذي يتزعمه الرئيس فلاديمير بوتين.
ويختار الناخبون الروس 450 عضواً لمجلس الدوما (البرلمان) في موسكو وعدد من المدن. وللمرة الأولى منذ 1993، يتغيب مراقبو الانتخابات من منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، وذلك بسبب "قيود" تفرضها السلطات الروسية.
ويشارك إجمالي 14 حزباً في تلك الانتخابات التي شهدت استبعاد عدد من المرشحين المحسوبين على المعسكر المناوئ للرئيس بوتين، ومَن هم على اتصال بحركة المعارضة التي يقودها نافالني، والتي اضطر العديد من رموزها إلى مغادرة البلاد.
وأظهرت النتائج الأولية لانتخابات مجلس الدوما بعد فرز نحو 68% من الأصوات، تقدم حزب "روسيا الموحدة" الحاكم وحصوله على نسبة 49% من الأصوات، وبحسب النتائج الأولية، يتجه حزب "روسيا الموحدة" للحصول على أكثر من 300 مقعد في مجلس الدوما (مجلس النواب).
واحتل "الحزب الشيوعي لروسيا الاتحادية" المرتبة الثانية بنسبة أصوات بلغت 20.44%، فيما تحصل الحزب الليبرالي الديمقراطي الروسي على 7.75% من الأصوات، وفي المرتبة الرابعة يأتي "حزب روسيا العادلة – من أجل الحق" وحصل على 7.45%، وفي المرتبة الخامسة "حزب الناس الجدد" بنسبة أصوات بلغت حتى الآن 5.60%.
صاحب تطبيق التصويت الذكي في السجن، والشركات الأمريكية تطيع بوتين
وكان نافالني الذي صمم التطبيق المحظور قد زُجّ به في السجن فور عودته في يناير/كانون الثاني من ألمانيا حيث كان يتعافى من هجوم بغاز للأعصاب في سيبيريا.
واتهم أنصار زعيم المعارضة الروسي المسجون أليكسي نافالني شركتي جوجل وآبل بالاستسلام لضغوط الكرملين بعد أن حذفت شركتا التكنولوجيا تطبيق التصويت التكتيكي من متاجرهما على الإنترنت.
وتعرضت كلتا الشركتين لضغوط كبيرة من الحكومة الروسية في الأيام التي سبقت الانتخابات البرلمانية للمحكمة لمنع الوصول إلى التطبيق الروسي المعارض للتصويت الذكي، والذي حاول توجيه أصوات المعارضة نحو أقوى المعارضين للحزب الحاكم، روسيا الموحدة.
وجاء حذف Google وApple للتطبيق بعد أن اتُّهمت الشركتان بالتدخل في الانتخابات من قِبَل المسؤولين الروس وسط مواجهة أكبر بين الكرملين وشركات التكنولوجيا الكبيرة حول مدى سيطرة الحكومة الروسية الاستبدادية على المعلومات المنشورة داخل البلاد. وقال الكرملين يوم الجمعة إنه يرحب بإزالة التطبيقات.
وكانت السلطات الروسية قد هددت بتغريم الشركتين إذا امتنعتا عن حذف التطبيق الذي كان يدلّ مستخدميه على المرشحين المنافسين لمرشحي الحزب الحاكم.
ولم يعد تطبيق التصويت الذكي متاحاً في متجرَي جوجل وآبل للتنزيل في روسيا منذ يوم الجمعة أول أيام الانتخابات. وكان مسؤولون بارزون في هيئة تنظيم الاتصالات قد أطلقوا تهديدات الخميس، بفرض غرامات كبيرة على أي شركة "تنتهك بشكل ممنهج" مطالب الهيئة.
وتلقت شركات تقنية المعلومات في روسيا تحذيراً مفاده أن رفْض حذف التطبيق سيتم النظر إليه على اعتبار أنه تدخّل غير قانوني في عملية التصويت.
وفي ليلة الخميس، سقطت مستندات جوجل في بعض المناطق، وتعرضت آلية التصويت الذكي على منصة تليغرام لهجوم قوي تسبب في تعطيلها.
والتقى ممثلون عن جوجل وآبل لجنة مجلس الاتحاد الروسي (الغرفة العليا للبرلمان) يوم الخميس. وقال إيفان جدانوف، حليف نافالني، إن شركتي جوجل وآبل ارتكبتا خطأ جسيماً.
وأشار جدانوف إلى بيان لشركة آبل مفاده أن تطبيق التصويت الذكي قد حُذف لأنه "غير قانوني" في روسيا، وأن منظمة مكافحة الفساد التابعة لنافالني "منظمة متطرفة".
وكانت هيئة تنظيم الاتصالات الروسية قد حظرت موقع التصويت الذكي في وقت سابق من الشهر الجاري، كما حظرت محكمة في موسكو على محركات البحث أيّ ذكر لذلك.
وفُرضت غرامات صغيرة نسبياً حتى الآن على شركات تقنية غير روسية، بينها تويتر وفيسبوك، وذلك للإخفاق في حذف محتويات اعتبرتها الحكومة الروسية غير قانونية. لكن هيئة رقابة الإعلام تهدد الآن هذه الشركات باستهداف أعمالها.
وتلقت شركات التواصل الاجتماعي الكبرى تهديدات بغرامات إذا هي لم تحذف منشورات تحضّ الناس على الخروج في مظاهرات.
كيف يعمل تطبيق التصويت الذكي؟
وكان زعيم المعارضة الروسي المسجون أليكسي نافالني وحلفاؤه في الانتخابات البرلمانية يأملون في تحدي حزب روسيا المتحدة الذي يتزعمه الرئيس فلاديمير بوتين باستراتيجية تُعرف باسم "التصويت الذكي".
جاء نافالني بفكرة التصويت الذكي في عام 2018، حسبما ورد في تقرير لموقع Euronews.
ويعرض تطبيق التصويت الذكي على مستخدميه، المرشحين الذين يجب أن يصوتوا لصالحهم للحصول على أفضل فرصة لهزيمة السياسيين المتحالفين مع الكرملين في الدوائر الانتخابية بالبلاد.
وسيكون المرشحون من أي حزب مؤهلين، طالما أنهم يعارضون روسيا الموحدة بقيادة بوتين.
وأنشأ فريق نافالني أيضاً روبوت محادثة Smart Voting على تطبيق المراسلة Telegram ونشر قائمة المرشحين الذين يؤيدون التصويت الذكي في مستندات Google وعلى YouTube.
وصرح ليونيد فولكوف، كبير المحللين الاستراتيجيين في مؤسسة نافالني، لوكالة أسوشيتد برس بأن نظام التصويت الذكي كان يراقب ويحلل مئات الحملات وسيؤيد حوالي 1300 مرشح – ليس فقط لانتخابات مجلس الدوما ولكن أيضاً لمختلف عمليات الاقتراع الإقليمية التي تجري في نفس اليوم.
في انتخابات مجلس الدوما، جميع المقاعد البالغ عددها 450 على المحك، ويشغل حزب روسيا الموحدة حالياً 334 مقعداً.
وقال فولكوف إن نظام التصويت الذكي أوصى باختيار أي حزب آخر غير روسيا الموحدة من المرجح أن يتجاوز عتبة 5% المطلوبة للفوز بمقعد.
لماذا أذعنت الشركات الأمريكية لضغوط الكرملين؟
واجهت شركات التكنولوجيا العملاقة ضغوطاً في الأسابيع الأخيرة من المسؤولين الروس، وحثتهم على إزالة التطبيق، قائلة إن عدم القيام بذلك سيتم تفسيره على أنه تدخل في الانتخابات وتهديدهم بغرامات.
ولم ترد آبل وجوجل على طلبات وسائل الإعلام للتعليق.
وقالت وكالة أسوشيتد برس الأمريكية، نقلاً عن شخص على دراية مباشرة بالأمر، إن جوجل اضطرت إلى إزالة التطبيق؛ لأنها واجهت مطالب قانونية من قِبَل المنظمين لقطاع الاتصالات وتهديدات بملاحقة جنائية في روسيا. وقالوا أيضاً إن ضباط الشرطة الروسية زاروا مكاتب جوجل في موسكو يوم الإثنين لتنفيذ أمر محكمة بحظر التطبيق.
وقام حليف نافالني المقرب، إيفان زدانوف، بتغريد لقطة شاشة يوم الجمعة لما يبدو أنه رسالة بريد إلكتروني من Apple، يشرح سبب وجوب إزالة التطبيق من المتجر، واصفاً ذلك بأن"جوجل وآبل ترتكبان خطأً كبيراً".
ولكن كتب فولكوف أن هذه الخطوة لا تؤثر على المستخدمين الذين نزلوا التطبيق بالفعل، وأنه يجب أن يعمل بشكل صحيح.