تحذف وسائل الإعلام الحكومية الصينية بهدوء إشارات إلى مصدر يُدعى ويلسون إدواردز، وهو عالم أحياء سويسري مزعوم وكاشف مؤامرة حول فيروس كورونا تزعم نشأته في الولايات المتحدة.
وكانت الإشارة لهذا المصدر منتشرة في وسائل الإعلام الصينية.
ولكن إعلان السفارة السويسرية علانيةً إلى أنَّ إدواردز شخص غير حقيقي، اضطرها لحذف الإشارات لهذه الشخصية الوهمية.
ويبدو أنَّ إدواردز هو صنيعة وسيلة دعاية صينية صغيرة، ثُمَّ نسخت عنها وسائل الإعلام الأخرى، وهي ممارسة شائعة للأسف في بيئة وسائل الإعلام التابعة للدولة، حسبما ورد في تقرير لمجلة Foreign Policy الأمريكية.
ويُعَد المصدر الزائف جزءاً من اتجاه في وسائل الإعلام الحكومية الصينية مؤخراً للإلقاء باللوم في جائحة فيروس كورونا على تسرُّب حدث في فورت ديتريك، وهو موقع معمل بحثي بيولوجي رئيسي تابع للجيش الأمريكي.
محاولة للرد على التلميح الأمريكي بتسرب الفيروس من معمل ووهان
وحصلت نظريات المؤامرة تلك على زخم في وسائل الإعلام الصينية في الأشهر الأخيرة، وذلك في جزءٍ منه؛ رداً على تزايد الاهتمام بنظريات حدوث تسرُّب في معمل ووهان بين الجمهور الأمريكي وتأييد الرئيس الأمريكي جو بايدن لإجراء مزيد من التحقيقات.
وعلى الرغم من وجود سبب وجيه للتشكك بشأن نظريات التسرُّب من معمل ووهان، فإنَّ لها على الأقل بعض الحقائق التي تصب في صالحها: وجود معمل فيروسات ذي إجراءات أمنية مشددة قرب موقع أول عملية تفشٍّ موثقة لفيروس كورونا المستجد (كوفيد 19). أمَّا الادعاءات بخصوص فورت ديتريك فهي غير منطقية بالمقارنة معها، حسبما ورد في تقرير لمجلة Foreign Policy الأمريكية.
ولا يمكن للترويج الصيني واسع النطاق لنظرية المؤامرة، الذي بدأ بصورة جدية في 2020، إلا أن يتسبب في تدهور العلاقات مع الولايات المتحدة. وقد تسببت أول موجة من الاتهامات الكاذبة بالفعل في تشديد موقف المسؤولين الأمريكيين تجاه نظرائهم في بكين، حسب مجلة Foreign Policy.
ويقوض التدفق الأخير للادعاءات بشأن فورت ديتريك الآن مساعي السفير الصيني الجديد لدى الولايات المتحدة، تشين غانغ، لتصوير نفسه باعتباره شخصية عاقلة وودودة.
لماذا بات الصينيون يصدقون وجود مؤامرة حول فيروس كورونا؟
يبدو أنَّ النظريات القائلة بأنَّ كوفيد 19 نشأ في الولايات المتحدة قد نجحت في إقناع معظم الجمهور الصيني، إذ قال نحو 53% من أولئك الذين استُطلِعَت آراؤهم في مارس/آذار 2020 إنَّهم يعتقدون أنَّ الفيروس هو سلاح بيولوجي أمريكي. لكنَّها لم تحصل على زخم دولي يُذكَر. ويبدو أنَّ المحاولات الصينية لتشكيل فضاء المؤامرات المكتظ بشأن الجائحة– من رسوم الكاريكاتير إلى أغاني الراب– متلعثمة وسخيفة.
وتتناقض هذه الأساليب بصورة حادة مع أساليب صحيفة Epoch Times المناهضة للحزب الشيوعي الصيني والموالية لإدارة ترامب، والتي نجحت في ترسيخ نفسها باعتبارها وسيلة إعلام المؤامرات على الرغم من العمل بجزء بسيط من الميزانية.
وبدون وجود أي تعاطفات أيديولوجية للاستفادة منها، من المرجح أن تتراجع موجات الدعاية الصينية الجديدة في الغرب. لكن إذا ما صعَّدت بكين لعبتها، قد تجد المزيد من المُتلقّين في البلدان النامية ممن لديهم شكوك قائمة حيال الولايات المتحدة.
اعتقال مبرمجَين أرشفا أخباراً عن كورونا
كشفت وكالة أسوشيتد برس، في تقرير نشرته السبت 14 أغسطس/آب 2021، نقلاً عن أحد أقرباء مبرمجَين صينيَّين سُجنا بعد أرشفة مقالات إخبارية محذوفة حول التفشي الأول لفيروس كورونا، أن السلطات ستطلق سراحهما بعد وضعهما أكثر من عام خلف القضبان.
وأصدرت محكمة صينية، حكماً بسجنهما عاماً وثلاثة أشهر، على أن يتم تطبيق الحكم بأثر رجعي، بتهمة "إثارة الخلافات وإثارة المشاكل". وغالباً ما تُستخدم التهمة المبهمة الشاملة في القضايا السياسية.
وأسس الشابان أرشيفاً أطلقا عليه اسم "تيرمينوس2049″، حيث احتفظا بمئات المقالات التي تم حذفها من الإنترنت الصيني. كما أسسا منتدى يمكن فيه للأفراد مناقشة القضايا الحساسة، وضمن ذلك الاحتجاجات المناهضة للحكومة في هونغ كونغ والحزب الشيوعي الحاكم.
من ناحية أخرى، قال أصدقاء وأفراد من عائلة المبرمجَين إن ما لفت انتباه السلطات، على الأرجح، هو أرشفتهما للمقالات التي تُظهر استجابة الصين المبكرة للوباء بعد التفشي الأوَّلي في مدينة ووهان بوسط البلاد.