تتزايد حدة التوترات بين إسرائيل وإيران بعد هجوم نوعي على سفينة قبالة ساحل سلطنة عُمان يوم الجمعة، 30 يوليو/تموز بواسطة طائرات بدون طيار. وفي نفس اليوم، هاجم وزير الخارجية الإسرائيلي إيران ووصفها بأنها "مصدرٌ للإرهاب والدمار وعدم الاستقرار وتهديدٌ لحرية الملاحة". وذكرت حسابات على الشبكات الاجتماعية موالية لإيران وقناة العالم الإخبارية، في تقرير، أنَّ إيران نفذت الهجوم على السفينة رداً على غارة جوية في سوريا تقف وراءها إسرائيل.
وكشفت تقارير تفاصيل الهجوم على ناقلة "ميرسر ستريت" التي يبلغ طولها 600 قدم (182.8 متر) عن استخدام إيران طائرات مُسيَّرة (طائرات بدون طيار) في الهجوم على السفينة؛ مما أسفر عن مقتل اثنين. ونقلت صحيفة The New York Times عن مسؤولين، تحدثا شريطة عدم الكشف عن هويتهما، قولهما: "يبدو أنَّ الهجوم نُفِّذ بواسطة عدة طائرات مُسيَّرة إيرانية تحطمت في غرف السكن تحت مركز قيادة السفينة أو قمرة القيادة".
إيران تبدأ باستخدام الطائرات بدون طيار في الهجمات ضد السفن
حول هذه التطورات، تقول صحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية، إن هذه الواقعة تبدو "هجوماً خطيراً ومعقداً، واستخداماً جديداً لتكنولوجيا الطائرات بدون طيار من إيران، وليس مجرد تصعيد كبير".
وزادت إيران من قدرات طائراتها المُسيَّرة في السنوات الأخيرة. وصار لديها عدد كبير من هذه الطائرات العسكرية، مثل خطوط الطائرات المُسيَّرة "شاهد" و"مهاجر" و"أبابيل". واستعرضت إيران كذلك مؤخراً طائرة مُسيَّرة جديدة تحمل اسم غزة. وتزعم إيران أنَّ طائراتها تتمتع بنطاقات طويلة، تمتد إلى أكثر من 1000 ميل (1609 كيلومترات)، ويمكن لبعضها حمل صواريخ، بينما يمكن برمجة بعضها مسبقاً لتنفيذ هجمات دقيقة عن طريق الاصطدام بالأهداف.
على سبيل المثال، طورت حركة حماس في غزة طائرات كاميكازي بدون طيار على الطراز الإيراني؛ أُطلِق عليها اسم شهاب، وفعل الحوثيون المدعومون من إيران في اليمن نفس الشيء، ويستخدمون طائرة "قاصف" المُسيَّرة. وأرهب الحوثيون المملكة العربية السعودية بهذه الطائرات.
وتحمل الطائرات المُسيَّرة رأساً حربياً في أجسامها وهي مبرمجة لضرب الهدف باستخدام نوع من مستشعرات الجيروسكوب (المدوار) ونظام التوجيه. وربطت تقارير أمريكية وإقليمية خليجية بين الطائرات بدون طيار في جميع أنحاء المنطقة والبناء والتخطيط الإيراني عبر تفاصيل مثل الجيروسكوبات.
تقول الصحيفة الإسرائيلية، ما يهم هو أنَّ إيران تعتمد على الطائرات المُسيَّرة لتهديد الأعداء في جميع أنحاء المنطقة. وقد يُحلِّق المشغلون الإيرانيون الطائرات بدون طيار من أماكن مثل قاعدة التياس الجوية في سوريا، لكن الهدف العام هو أنه عند استخدام الطائرات بدون طيار ضد إسرائيل، أو الأهداف الأمريكية في العراق، أو السعودية وغيرها، لا يستطيع أحد بسهولة ربط إيران بهذه الطائرات. وفي بعض الحالات، اعترضت البحرية الأمريكية قطع غيار وذخائر يمكن استخدامها في الطائرات بدون طيار في البحر خلال سعي إيران إلى نقل الأسلحة إلى الحوثيين.
"حقبة جديدة وخطيرة بالحرب بين إيران وإسرائيل بدأت في المنطقة"
تقول جيروزاليم بوست، إنه يمكن أن يمثل استخدام عدة طائرات بدون طيار ضد سفينة "ميرسر ستريت" حقبة جديدة في الشرق الأوسط وخطاً أحمر رئيسياً على استخدام هذه الطائرات ضد السفن. وقد يشير استخدام عدة طائرات بدون طيار لاستهداف أجزاء من سفينة بدقة، مثل قمرة القيادة أو غرف السكن، إلى قدرات استطلاعية واستخبارية متطورة.
وليس من الواضح ما إذا كان يمكن قيادة الطائرات المُسيَّرة الإيرانية بمجرد إطلاقها عبر محطة تحكم أرضية. وهذا يعني أنَّ الهجوم على السفينة أمر مُعقَّد لأنَّ السفن تتحرك، وليس من الواضح كيف يمكن لإيران برمجة الطائرات بدون طيار لضرب السفينة بدقة. وحتى عند الإرساء، ستتحرك السفينة مع المد والجزر؛ إذاً كيف يمكن للطائرة المُسيَّرة استهداف مناطق محددة، ما لم تستمر السيطرة عليها حتى إحداث التأثير المطلوب؟ هذه أسئلة جوهرية بحاجة لإجابة.
تقول الصحيفة إنه إذا وصلت إيران إلى مستوى جديد من ضربات الطائرات المُسيَّرة الدقيقة وتستخدمها ضد الشحن في هجمات مميتة، فهذا منعطف فارق رئيسي. وقد تنقل إيران أيضاً هذه الطائرات إلى الحوثيين أو غيرهم، أو تنشرها على سفن. فقد أبحرت السفن الإيرانية مؤخراً على طول الطريق إلى روسيا، حول إفريقيا، وعلى متنها طائرات مُسيَّرة. إضافة إلى ذلك، وضعت إيران طائرات مُسيَّرة على زوارقها السريعة التابعة للحرس الثوري الإيراني. واختبرت طائرات في مناوراتها البحرية الأخيرة.
وكان معروفاً التهديد الإيراني من الطائرات المُسيَّرة المتمركزة في سوريا، أو الموجودة مع حزب الله، وحماس، والميليشيات الموالية لإيران في العراق. كما كان تهديد الحوثيين بطائرات بدون طيار معروفاً أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، شكَّل استخدام إيران للطائرات المُسيَّرة لمهاجمة منشأة بقيق النفطية في السعودية في سبتمبر/أيلول 2019 حادثاً كبيراً شبهه الخبراء بهجوم "بيرل هاربور" لكن باستخدام التكنولوجيا.
"الثورة الإيرانية" لصناعة الطائرات بدون طيار
وبرغم تحسين الدفاعات الجوية ضد الطائرات بدون طيار، يواصل الحوثيون استخدام الطائرات بدون طيار ضد المملكة، وتستعرض الميليشيات الموالية لإيران في العراق عشرات الطائرات الإيرانية بدون طيار الموجودة في ترسانتها. ويُعتقَد أنهم استخدموا طائرة مُسيَّرة لضرب حظيرة طائرات سرية تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية في أربيل بإقليم كردستان العراق في أبريل/نيسان من هذا العام.
بالإضافة إلى ذلك، يُعتقد أنَّ كتائب حزب الله استخدمت في عام 2019 طائرة بدون طيار زودتها بها إيران لشن ضربة ضد السعودية. واستخدمت إيران أيضاً طائرات بدون طيار لرصد الهجمات على تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"، وأيضاً في سوريا في عام 2017 للمساعدة في محاربة التنظيم الإرهابي. كما أطلقت طائرات بدون طيار من مدينة كركوك العراقية في 2018 لاستهداف المنشقين الأكراد، وفي يوليو/تموز 2019 استخدمت وحدة جديدة للطائرات المُسيَّرة لاستهداف الأكراد مرة أخرى.
ويوضح هذا كيف أنَّ الطائرات المُسيَّرة الإيرانية والتكنولوجيا الخاصة بها صارت تُشكِّل الآن تهديداً رئيسياً ينشأ من لبنان على طول الطريق عبر سوريا والعراق إلى الخليج ثم إلى خليج عمان واليمن، ويمتد على مسافة آلاف الأميال؛ وربما يضع السفن وقوات الولايات المتحدة والعديد من حلفاء وشركاء إسرائيل في خطر، كما تقول الصحيفة العبرية.
ربما تنذر إيران بأنها ستستخدم الطائرات المُسيَّرة لتنفيذ هجمات مميتة في البحر، في معرض ردها على الضربات الإسرائيلية في سوريا أو في أي مكان آخر. ويقول حساب موالٍ لإيران على الشبكات الاجتماعية إنَّ قدرة الطائرات المُسلَّحة بدون طيار الإيرانية آخذة في الازدياد، وهذا الحادث يعكس "سياسة طهران الانتقامية الجديدة".