طيلة سنوات راقبت شبكة نتفلكس أكبر شركات التكنولوجيا في العالم وهي تحاول تقديم تجربةٍ رائجة في عالم الألعاب، وقد فكّرت طويلاً قبل أن تنضم إلى عالم ألعاب الفيديو، إذ أصدرت كلٌّ من شركات جوجل، وأمازون، ومايكروسوفت، وسوني خدماتها لبثّ ألعاب الفيديو باستخدام تقنيةٍ سحابية متطورة تعرض الألعاب بجودة وحدات الألعاب الكاملة على أي جهاز، وكأنّك تُشاهد مسلسلاً على نتفلكس.
حيث قال ريد هاستينغز، المدير التنفيذي لنتفلكس، الأسبوع الماضي: "لقد تحدّثنا عن ألعاب الفيديو لعدة سنوات، وأعددنا قائمةً بكافة إيجابيات وسلبيات الأمر في وقت تقديمه". وقرّر هاستيغنز أخيراً ضغط زر البدء لتدشين مشروع ألعاب نتفلكس، بعد تعيين مسؤول تنفيذي سابق في Electronic Arts لإدارة الفريق التفاعلي، أعلنت شركة بث الفيديو الأسبوع الجاري أنّ الألعاب ستُضاف قريباً إلى تطبيقاتها المحمولة تحت مظلة الاشتراكات القائمة للعملاء.
نتفلكس ستُطور ألعاب قائمة على سلاسل أفلام
وتقول صحيفة Financial Times البريطانية، إنه بدلاً من استغلال تقنية البث خاصتها من أجل منافسة Stadia من جوجل، أو xCloud من مايكروسوفت؛ تُركّز استراتيجية نتفلكس بشكلٍ أكثر قرباً على الجهود المبذولة سابقاً من جانب استوديوهات الإنتاج في هوليوود -ومنها Walt Disney وWarner Bros- لتطوير ألعاب قائمة على سلاسل أفلام مثل: Batman وLord of the Rings وSpider-Man.
حيث قال كبير مسؤولي المنتجات في نتفلكس، غريغ بيترز، للمستثمرين الأسبوع الجاري: "نحن نعمل في تجارة صنع هذه العوالم الرائعة، والقصص الساحرة، والشخصيات المذهلة باستخدام الأفلام أو المسلسلات الأصلية. ونحن نعلم أيضاً أنّ جمهور تلك القصص يرغب في التعمّق أكثر".
وربما يشعر مشاهدو المسلسلات الشهيرة مثل Stranger Things وMoney Heist وBlack Mirror بالحماس لخطوة نتفلكس الانتقالية نحو الألعاب، لكن المحللين والمستثمرين لا يزالون منقسمين حول دخول الشركة -المثقلة بالديون- في غزوةٍ جديدة باتجاه سوق الترفيه الضخم وشديد التنافسية.
إذ توقّفت اشتراكات أمريكا الشمالية خلال الأشهر الستة الماضية. فمنذ أبريل/نيسان وحتى يونيو/حزيران، ألغى 430 ألف شخص اشتراكاتهم في نتفلكس داخل الولايات المتحدة وكندا، وعلى مدار الفترة نفسها اكتسبت شبكة HBO Max نحو 2.4 مليون مشترك، رغم كونهم من قاعدةٍ أصغر بكثير، في حين يعتقد البعض أن نتفلكس اقتربت من نقطة التشبع في الأسواق الكبرى.
نتفلكس تريد الحفاظ على 209 ملايين مشترك حول العالم
وبينما تبحث نتفلكس عن وسائل جديدة للحفاظ على 209 ملايين مشترك الموجودين حالياً، يُمكن للألعاب أن تكون واحدةً من تلك الوسائل.
إذ قال المحلل مايكل باشتر للصحيفة البريطانية إنّ نتفلكس تستخدم الألعاب على ما يبدو باعتبارها "عنصراً جديداً لامعاً قد يصرف انتباه المستثمرين عما نراه نمواً متباطئاً".
لكنْ هناك آخرون لهم رأيٌ أكثر تفاؤلاً، فمقارنةً بعشرات الملايين من الدولارات المطلوبة لصنع لعبة فيديو مشهورة لوحدات الألعاب نجد أنّ المخاطر تقلّ بكثير مع ألعاب الهاتف المحمول، حيث قالت نتفلكس إنّها تنوي تركيز خططها عليها.
وأوضح بيترز كذلك أنّ نتفلكس ستسعى إلى تطوير ألعابها الخاصة أو ترخيصها من الآخرين، على غرار طريقة بنائها لسمعتها التجارية في عالم الفيديو خلال العقد الماضي.
كما يرى إمكانية أن تُقدّم نتفلكس صفقةً أفضل لمطوّري الألعاب واللاعبين من خلال الاشتراكات، حيث أردف بيترز: "لسنا بحاجة إلى التفكير في الإعلانات، ولسنا بحاجةٍ إلى التفكير في عمليات الشراء داخل اللعبة، أو غيرها من أشكال الربح".
"نتفلكس لديها شعبية كبيرة للغاية بين عشاق الألعاب"
وهذا ليس نموذج أعمال جديداً في عالم ألعاب الفيديو، إذ قدّر المحللون أنّ عشرات الملايين من الناس يشتركون في خدمات الألعاب الخاصة بأجهزة بلايستيشن وإكس بوكس.
لكنها فكرةٌ جديدةٌ نسبياً بالنسبة للأجهزة المحمولة، حيث إنّ الخيارات المتوافرة من أبل وجوجل حالياً، بسعر خمسة دولارات في الشهر، لا تُوفر سوى وصولٍ محدود إلى القليل من الألعاب، وهي تُحرز تقدّماً بطيئاً.
فضلاً عن أن نتفلكس لها شعبيةٌ كبيرة للغاية بين عشاق الألعاب، بحسب المحلل كارول سيفيرين في شركة Midia Research. إذ أظهرت استطلاعات الرأي التي أجرتها شركته أنّ 76% من لاعبي ألعاب الفيديو على وحدات الألعاب، و69% من لاعبي الهواتف المحمولة، يستخدمون نتفلكس كل أسبوع، مقارنةً بنسبة 57% لدى جميع المستهلكين.
وقد أوضح أنّ "التفاعل شبه المضمون" سيُمثّل إغراءً قوياً للمطورين، فضلاً عن تاريخ الشركة القوي في توصيات المستخدمين وترشيحات المحتوى القائمة على البيانات.