أعمال قتالية متقطعة أم حرب قد تنزلق أمريكا لها؟ ما وراء تصاعد معارك واشنطن مع الفصائل المدعومة من إيران

عربي بوست
تم النشر: 2021/06/30 الساعة 10:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/06/16 الساعة 11:31 بتوقيت غرينتش
جنازة رمزية لأعضاء فصائل الحشد الشعبي العراقي الذين قتلوا في الضربات الجوية الأمريكية على الحدود السورية العراقية في بغداد/ رويترز

في أحدث تطورات تصاعد المواجهة بين الولايات المتحدة الأمريكية والفصائل الشيعية المدعومة من إيران، توعد قيس الخزعلي زعيم ميليشيا "عصائب أهل الحق"، أحد فصائل الحشد الشعبي بالعراق، بقتل الجنود الأمريكيين في البلاد، رداً على قصف شنته واشنطن الأحد الماضي، استهدف فصيلاً تابعاً للحشد في محافظة الأنبار قرب الحدود السورية، وأسفر عن مقتل عدد من عناصر الفصيل.

وأضاف الخزعلي في خطاب متلفز، الثلاثاء 29 يونيو/حزيران 2021، أن "عمليات مقاومة العدو الأمريكي انتقلت لمرحلة جديدة، ولن يكون القصاص لدماء شبابنا الغالية إلا دماء جنوده المحتلين". مضيفاً أن الفصائل لديها "الجاهزية الكاملة والتخطيط بشكل لن يتوقعه العدو من ناحية المكان ونوعية الأسلحة"، حسب تعبيره.

ولم تكن الضربات التي أمر بها الرئيس الأمريكي جو بايدن على فصائل مسلحة مدعومة من إيران في سوريا والعراق الأولى من نوعها، ولن تكون على الأرجح الأخيرة، في ظل رئاسته حديثة العهد، لكن السؤال المهم بالنسبة لبعض الديمقراطيين من حزب بايدن هو: هل يرقى نمط الهجمات والهجمات المضادة هذا إلى مستوى "صراع غير معلن"؟

"حروب أمريكا التي لا تنتهي مستمرة"

يقول بعض الديمقراطيين إنه إذا كان الأمر كذلك فهناك احتمال أن تتورط الولايات المتحدة في حرب مباشرة مع إيران دون مشاركة الكونغرس، وهو أمر أصبح مشحوناً سياسياً بدرجة أكبر، بعد عقدين من "الحروب التي لا تنتهي".

وقال السيناتور كريس ميرفي، وهو ديمقراطي يرأس لجنة فرعية مهمة للعلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، لوكالة رويترز البريطانية: "من الصعب المجادلة بأن هذه ليست حرباً، نظراً لتواتر الهجمات على القوات الأمريكية، ومع تصاعد وتيرة ردودنا الآن".

وأضاف: "ما يقلقنا دوماً هو انزلاق الولايات المتحدة إلى حرب دون أن يكون الشعب الأمريكي فعلياً قادراً على إبداء الرأي فيها".

واقتربت طهران وواشنطن من الصراع الذي يخشاه الديمقراطيون في 2020، عندما قتلت الولايات المتحدة قاسم سليماني قائد الحرس الثوري السابق، وردت إيران بضربات صاروخية في العراق، ألحقت إصابات بالدماغ لأكثر من 100 جندي أمريكي. وجاء ذلك في أعقاب سلسلة من الهجمات المتبادلة مع فصائل مسلحة مدعومة من إيران.

وفي أحدث جولة، استهدفت طائرات مقاتلة أمريكية، يوم الأحد 27 يونيو/حزيران 2021، منشآت عمليات ومستودعات أسلحة في موقعين في سوريا وواحد في العراق، فيما وصفته وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بأنه رد مباشر على هجمات بطائرات مسيرة شنتها فصائل مسلحة على قوات ومنشآت أمريكية في العراق.

والإثنين استُهدفت قوات أمريكية بنيران صواريخ في سوريا، فيما بدا أنه رد انتقامي، لكن لم يُصب أحد. ورد الجيش الأمريكي باستهداف مواقع إطلاق الصواريخ بنيران المدفعية.

وقالت إيما أشفورد، الباحثة بالمجلس الأطلسي على تويتر: "يعتقد كثيرون أن تعبير "الحرب التي لا تنتهي" مجرد تعبير انفعالي، لكنه في الحقيقة وصف مناسب لنوع الضربات التي شهدناها مجدداً (يوم الأحد)، حيث لا يوجد هدف استراتيجي ولا نقطة نهاية واضحة، مجرد وجود دائم وضربات متبادلة".

"أعمال قتالية متقطعة"

أعضاء من فصائل الحشد الشعبي يستعرضون قوتهم في بغداد خلال جنازة رمزية لزملائهم الذين قتلوا في غارات أمريكية على الحدود العراقية السورية/ رويترز

أكد البيت الأبيض أن ضربات يوم الأحد "كانت تهدف للحد من التصعيد وردع عمليات الفصائل المسلحة ضد القوات الأمريكية في المستقبل". وقال بايدن كذلك إنها "قانونية".

وقال مشيراً إلى بند من الدستور الأمريكي يوضح بالتفصيل سلطات الرئيس كقائد عام للقوات المسلحة: "لدي السلطة بموجب المادة الثانية، وحتى أولئك القابعون في أبراجهم العالية الذين يترددون في الاعتراف بذلك قد أقروا به".

حول ذلك يقول برايان فينوكين، المسؤول السابق بمكتب المستشار القانوني بوزارة الخارجية، إن الإدارة الأمريكية الحالية، مثل الإدارات السابقة، لا ترى تلك الحلقات باعتبارها صراعاً مستمراً.

وقال فينوكين، الذي يعمل حالياً لدى مجموعة الأزمات الدولية: "إنهم يصفون ذلك بأنه أعمال قتالية متقطعة". مقارناً ذلك بحرب الناقلات مع إيران في الثمانينيات، عندما كانت إدارة الرئيس رونالد ريغان في ذلك الوقت تعتبر "كل جولة من القتال حدثاً منفرداً".

"احتمالات سقوط قتلى أمريكيين في المنطقة سترتفع"

لكن خبراء يقولون إن وجهة النظر هذه لا تأخذ في الاعتبار أن الفصائل المسلحة المدعومة من إيران تشن حملة متواصلة ومتصاعدة على الوجود العسكري الأمريكي في العراق.

وحذر مايكل نايتس، من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، من أن استخدام الفصائل للطائرات المسيرة يزداد خطورة على ما يبدو، مع استخدام التوجيه بنظام تحديد المواقع العالمي (جي.بي.إس) والاستهداف الدقيق لأصول الاستخبارات والاستطلاع والدفاعات الصاروخية لقوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

وقال نايتس: "تتزايد هجمات الفصائل العراقية على نقاط وجود التحالف في العراق كماً ونوعاً. ما لم تتم استعادة الردع ستزداد احتمالات سقوط قتلى أمريكيين".

جنود أمريكيون ينظرون إلى طائرة مقاتلة من طراز إف -16 في قاعدة عسكرية في بغداد بالعراق/ رويترز

من جهته يقول فيليب سميث من معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى كذلك إن الهدف الثانوي للفصائل، بعد هدف إخراج الولايات المتحدة من المنطقة، هو أن تظهر للولايات المتحدة وللحكومة العراقية وغيرهما مدى إجادتها لاستخدام الأسلحة الأكثر تطوراً مثل الطائرات المسيرة الملغومة.

ويعمل أعضاء بالكونغرس في الوقت الراهن على إلغاء بعض سلطات التفويض بالحرب، التي استغلها رؤساء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي في تبرير هجمات سابقة على العراق وسوريا وغيرهما.

لكن ذلك لن يمنع بالضرورة بايدن أو أي رئيس آخر من شن ضربات جوية دفاعية. وقال السيناتور ميرفي، بعد أن تلقي إفادة بشأن الأحداث من فريق بايدن للأمن القومي إنه ما زال يشعر بالقلق، فالقوات الأمريكية موجودة في العراق لقتال تنظيم الدولة الإسلامية وليس لقتال الفصائل المدعومة من إيران.

وأضاف ميرفي: إذا كان بايدن قلقاً من الذهاب إلى الكونغرس للحصول على سلطات شن حرب، فربما ينبغي له عندئذ تهدئة شكوك الأمريكيين بشأن التدخلات في الشرق الأوسط.

وتابع: "إذا واجه الكونغرس صعوبة في إجازة عمل عسكري ضد الفصائل المدعومة من إيران، سيرجع ذلك بدرجة كبيرة إلى أن من نمثلهم لا يريدونه، وهذه هي الحلقة المفقودة في هذا النقاش".

تحميل المزيد