نشرت مجلة The National Interest الأمريكية تقريراً حول الأهداف الصينية من إجراء مناورة صاروخية استثنائية مؤخراً، حيث أطلق الجيش الصيني صواريخه المدمرة لـحاملات الطائرات، التي كثرت الأقاويل حولها خلال السنوات الأخيرة. وتأتي هذه الخطوة ضمن جهود تحسين أنظمة التوجيه وتقنيات الاستهداف وسط ظروف المعارك الأكثر صعوبة، مثل تتبّع الأهداف في غياب ضوء النهار.
ونقلت صحيفة Global Times الصينية قبل عدة أيام أنّ قوة المدفعية في جيش التحرير الشعبي الصيني أطلقت صاروخ DF-26 المضاد للسفن خلال مناورات ليلية، أثناء ضربات جوية وهمية على عدة موجات، إلى جانب إجراء عمليات نقل وتحميل الصواريخ.
الصواريخ "القاتلة لحاملات الطائرات".. سلاح الصين الجديد "للردع الاستراتيجي"
وأجرت بكين العام الماضي تجارب على نوعين من الصواريخ الباليستية المضادة للسفن: وهي صواريخ DF-21D وDF-26، وهي على ما يعتقد، صواريخ صينية مخصصة لإغراق حاملات الطائرات الأمريكية.
وتعتبر صواريخ DF-21D باليستية مضادة للسفن تطلق من البر، وسلاحاً فتاكاً في الحرب البحرية غير المتكافئة. وعندما كشفت الصين عن صاروخ DF-26 لأول مرة في استعراض يوم النصر العسكري عام 2015، قالت وسائل الإعلام الحكومية إنه سيتوفر من هذا الصاروخ أنواع تقليدية ونووية ومضادة للسفن. وهذا ما أكدته وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) لاحقاً. وتصف وسائل إعلام صينية هذا الصاروخ بأنه "سلاح قاتل" له القدرة على ضرب "الأهداف في المياه".
وتقول القناة التلفزيونية الحكومية CCTV-1 إن صواريخ DF-26 "قادرة على استهداف أهداف كبيرة ومتوسطة الحجم في المياه". ويتراوح مدى هذه الصواريخ بين 3000 و4000 كيلومتر، وهو ما يكفي لضرب القواعد الأمريكية في غوام. ووصفت القناة أيضاً، المجموعة المكونة من ستة عشر صاروخاً من طراز DF-26 التي سبق أن استعرضتها بكين، بأنها "قادرة على أداء المهمات التقليدية أو النووية". وبإمكان صواريخ DF-26 تنفيذ هجوم دقيق من متوسط إلى طويل المدى على كل من الأهداف البرية والبحرية من الكبيرة إلى المتوسطة الحجم. وهي سلاح جديد للردع الاستراتيجي".
كيف تخطط الصين لتدمير السفن الأمريكية؟
بالعودة للاختبار الصاروخي الأخير للجيش الصيني، تتحدث صحيفة جلوبال تايمز عن تفاصيل المناورة وتقول إنه بعد إطلاق الموجة الأولى من الضربات الصاروخية، تلقت القوات الصينية الأوامر بتغيير مواقعها، وإعادة التحميل، قبل بدء موجة ثانية من الضربات الصاروخية. وقد حاكت المناورات أيضاً هجوماً عدائياً على أحد مواقع الإطلاق، واضطرت القوات للمناورة والتراجع إلى منطقة إطلاق احتياطية وفقاً للتقرير الصيني.
وتدربت القوات الصينية أيضاً على عمليات المناورة تحت نيران العدو، من أجل الحفاظ على قدرتها على توجيه الضربات أثناء تعرضها لنيران العدو. وهذه الظروف القتالية هي واحد من عدة أسباب تدفع الجيش الصيني لإضفاء قيمةٍ كبيرة على تشغيل منصات إطلاق متحركة، حتى تتمكن من المناورة قدر المستطاع لتجنب رصدها أو تعرضها لقصفٍ جوي.
وقال التقرير الصيني إنّ المناورات الليلية تُقدّم متغيرات تكتيكية إضافية، مثل الحاجة إلى التعامل مع أي إشارة خطر أو أثر بحذر شديد لعدم كشف موقع منصة الإطلاق.
وأورد التقرير: "إن عمليات الإطلاق الليلية تمثل تحدياً أكبر من عمليات الإطلاق النهارية نظراً لضعف الرؤية، كما يجب التحكم في الأضواء الاصطناعية على مستوى منخفض لعدم كشف موقع منصة الإطلاق".
هل يمكن للجيش الأمريكي رصد الصواريخ الصينية "القاتلة" بسهولة؟
يمثل إطلاق صاروخ وتحقيق التوجيه المطلوب، وضرب الهدف الصحيح في جنح الليل تحدياً كبيراً للجيش الصيني؛ لأنّ عملية الإطلاق تترك أثراً ضوئياً ينبعث من عملية الإطلاق؛ الأمر الذي قد يُسهّل رصد منصة الإطلاق بواسطة الطائرات المسيّرة أو السفن السطحية أو الأقمار الصناعية بناءً على حجم العملية ومدتها.
والصواريخ الصينية المضادة للسفن من طراز DF-26 تترك أثراً حرارياً واضحاً يُمكن رصده في الليل بواسطة مستشعرات الأشعة تحت الحمراء طويلة المدى، التي توجد على متن الطائرات المسيرة والمروحيات والسفن السطحية المتمركزة في موقعٍ مناسب لإرسال بيانات التعقب إلى السفن الدفاعية.
وإلى جانب مؤشرات الضوء والحرارة، فإنّ صاروخ DF-26 سيبعث أثناء اقترابه من الهدف بنوعٍ من الترددات اللاسلكية أو التوقيع الإلكتروني الذي يُحتمل رصده بواسطة مستشعرات الحرب الإلكترونية السلبية أو غيرها من تقنيات الرصد.
وتعمل الإشارات الكهرومغناطيسية بشكلٍ مستقل طبعاً عن الضوء الظاهر، لكنها تسافر رغم ذلك بسرعة الضوء، الأمر الذي قد يُسرّع عملية رصد وتعقب صواريخ DF-26 أثناء اقترابها من حاملة طائرات. وتستطيع صواريخ DF-26، السلاح الذي تستخدمه الصين بانتظام، السفر لمسافات تتجاوز الـ3,700 كم وتدمير أهدافٍ في عمق البحر.