أفادت مصادر إعلامية أمريكية وإسرائيلية، الجمعة 25 يونيو/حزيران 2021، بأن الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن ستتراجع عن اعتراف إدارة سلفه دونالد ترامب بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان السوري المحتل.
ونقل تقرير لموقع Washington Free Beacon الأمريكي أن إدارة بايدن قد تتراجع عن الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان رغم الغضب الإسرائيلي المتوقع جراء ذلك.
ونقل عن مسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية هذه المعلومات للموقع الأمريكي، مضيفاً أن "مرتفعات الجولان ليست ملكاً لأحد، والسيطرة عليها يمكن أن تختلف بحسب التغييرات الموجودة في منطقة الشرق الأوسط".
هل تتراجع إدارة بايدن بالفعل عن قرار ترامب حول الجولان؟
لا شك أن القرار الأمريكي سيثير غضباً في إسرائيل برغم رحيل حكومة بنيامين نتنياهو وقدوم حكومة أخرى تقول إنها مستعدة لتعاون أكبر من بايدن، وهذا ما يجعل موقف الإدارة الأمريكية ضبابياً ومتردداً في آن واحد حول قضية الجولان.
ففي السابع من يونيو/حزيران 2021، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إن "الوضع القائم بسيطرة إسرائيل على هضبة الجولان يجب أن يبقى كما هو، طالما مثّل الوضع في سوريا تهديداً لإسرائيل".
وأضاف بلينكن في جلسة استماع افتراضية أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، برده على سؤال عما إذا كانت إدارة بايدن تعترف بسيادة إسرائيل على الجولان: "على الصعيد العملي إسرائيل تسيطر على الجولان، بصرف النظر عن الموقف القانوني، وأعتقد أن ذلك يحتاج إلى أن يظل كما هو إلا إذا لم تعد سوريا، أو من يعمل من داخلها، تمثل تهديداً لإسرائيل، وأعتقد أننا لم نصل لذلك بعد".
لكن في فبراير/شباط 2021، امتنع بلينكن نفسه عن تأييد اعتراف إدارة ترامب بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان المحتلة. ولم يجب بلينكن حينها بشكل صريح، على سؤال وجهته له شبكة "سي إن إن" الأمريكية، عمّا إذا كانت إدارته "ستواصل النظر إلى مرتفعات الجولان كجزء من إسرائيل".
وقال في المقابلة التي نشرت وزارة الخارجية الأمريكية نصها الحرفي: "الأسئلة القانونية (حول شرعية الاعتراف بضم إسرائيل للجولان) شيء آخر، وبمرور الوقت، إذا تغيّر الوضع في سوريا، فهذا شيء سننظر إليه، لكننا لسنا قريبين من ذلك".
بايدن بين ضغوط الديمقراطيين وغضب الإسرائيليين
وتتعرض إدارة بايدن لضغوط كبيرة من قِبل مشرعين ديمقراطيين أبرزهم من التقدميين، كي تلغي العديد من صفقات ترامب التي عقدها مع صديقه بنيامين نتنياهو. ووعد بايدن بأن يسعى لإعادة التواصل مع الفلسطينيين الذي قطعه ترامب، رغم أنه من المرجح ألا يكون هناك اختلاف كبير في سياسته حيال هذا الملف، إذ إن بايدن أعلن صراحة أنه لن يتراجع عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، لكن يرجح أن تتراجع إدارته عن الاعتراف بشرعية المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية، وضم مرتفعات الجولان المحتلة.
وخلال السنوات القليلة الماضية أصبح أعضاء الحزب الديمقراطي أكثر جرأة وانتقاداً للسياسات الأمريكية تجاه إسرائيل ودعمها غير المشروط، وزاد ذلك إبان فترة ترامب الذي قدم ما يعرف بـ"صفقة القرن" على طبق من ذهب لنتنياهو، متجاهلاً في الوقت نفسه حقوق الفلسطينيين.
وينقسم أعضاء الكونغرس الأمريكي بين داعم لـ"حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها" وبين منتقد لسلوكها بحق الفلسطينيين وانتهاكاتها المتواصلة لحقوق الإنسان، ولا شك أن الضغوط الشديدة للأعضاء التقدميين تؤثر على التحرك الأمريكي الرسمي تجاه إسرائيل، وتدفع إدارة بايدن بالبحث عن "حل شامل للصراع الفلسطيني الإسرائيلي" ضمن نطاق القانون الدولي.
وفي مارس/آذار الماضي أظهر استطلاع للرأي من معهد "جالوب" الأمريكي أن ما نسبته 53% من الديمقراطيين يفضلون فرض ضغط أكبر على إسرائيل لإنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وهي قفزة 10% عن ذات الاستطلاع في العام 2018 وبـ20% عن استطلاع أجري عام 2008 وهو ما يوضح أن التيار الليبرالي في الحزب الديمقراطي أضحى أقل تعاطفاً مع إسرائيل مقارنة مع السنوات السابقة وهو ما بالطبع انعكس على صناع القرار داخل الحزب وبالتالي قد ينعكس على قرارات إدارة بايدن.
إسرائيل تستبق أي قرار لإدارة بايدن حول الجولان بالرفض المطلق
وحول هذه الأنباء، علق وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي عومر بارليف، الجمعة، قائلاً إن مرتفعات الجولان السورية المحتلة "ستبقى تحت السيادة الإسرائيلية، حتى لو تم سحب الاعتراف الأمريكي بذلك". وقال بارليف لصحيفة "معاريف": "هضبة الجولان لن تكون أقل إسرائيلية، إذا تم سحب الاعتراف الأمريكي بها".
فيما نقلت القناة العبرية 13، عن مسؤول سياسي إسرائيلي، لم تكشف عن اسمه، قوله أيضاً: "القضية لم تطرح بالحوار مع الأمريكيين، وسيبقى الجولان تحت السيادة الإسرائيلية إلى الأبد".
في السياق ذاته، علق وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو، الذي لعب دوراً محورياً في صياغة قرار إدارة ترامب بشأن مرتفعات الجولان، لموقع Washington Free Beacon الأمريكي ذاته، بالقول إن "الإدارة الأمريكية الحالية تعرض أمن إسرائيل للخطر في وقت يواصل فيه المسلحون المدعومين من إيران التخطيط لهجمات على مدن شمال البلاد".
وأضاف بومبيو: "مرتفعات الجولان ليست محتلة من قبل إسرائيل، فهي جزء منها، للإسرائيليين الحق فيها كأرض ذات سيادة". وتابع بأن "اقتراح إعادة هذه الأراضي إلى سوريا، حتى لو كان مشروطاً بتغييرات في النظام السوري، يتعارض مع الأمن الإسرائيلي والقانون الدولي"، حسب تعبيره.
وكانت إدارة ترامب قد اعترفت في العام 2019 بالسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان التي احتلتها إسرائيل عام 1967. يذكر أن قرار مجلس الأمن رقم 497 عام 1981 يدعو الاحتلال الإسرائيلي إلى إلغاء قراره بضم مرتفعات الجولان بحكم الأمر الواقع، ويعد قرارها بشأن ضمه ملغى وباطل، وليس له أثر قانوني دولي.