في ظل دفع مستمر من الأطراف اليمينية في الحكومة الإسرائيلية الجديدة باتجاه عمل عسكري ما في قطاع غزة لـ"رد الاعتبار لإسرائيل"، شنت الطائرات الإسرائيلية مساء الخميس 17 يونيو/حزيران 2021، سلسلة من الغارات الجوية على أهداف متفرقة في قطاع غزة، لأول مرة منذ إعلان الهدنة في 20 مايو/أيار الماضي. فما الرسائل التي تريد حكومة نفتالي بينيت إيصالها؟ وهل تنهار الهدنة بين غزة وتل أبيب التي لم يمضِ عليها شهر؟
"النسخة الأكثر سوءاً من نتنياهو"
بعد حصول الحكومة الإسرائيلية الجديدة على ثقة الكنيست الأسبوع الماضي، بزعامة قائد حزب "يمينا" اليميني المتطرف، نفتالي بينيت، لم يبد الفلسطينيون أي أمل بالتغيير، بل إنهم رأوا أنه سيكون نسخة أسوأ من نتنياهو.
وزاد قدوم بينيت- رئيس مكتب نتنياهو السابق وخصمه اللاحق- من مخاوف الفلسطينيين إزاء توسع الاستيطان بالضفة الغربية؛ وهو الأمر الذي يدعمه بينيت بقوة.
وقالت السلطة الفلسطينية إن سياسات الحكومة الجديدة بقيادة بينيت "لن تتغير" عن سياسات سلفه نتنياهو "إن لم تكن أسوأ". وفي بيان لوزارة الخارجية الفلسطينية، يوم الأحد 13 يونيو/حزيران 2021، قالت الوزارة إن "هذه المرة تشكلت حكومة في إسرائيل بدون نتنياهو، ومع ذلك من غير الدقيق تسميتها حكومة تغيير، إلا إذا كان المقصود بالتغيير إزاحة نتنياهو، أما بالنسبة لسياساته فتقديرنا أنها لن تتغير إن لم نشاهد أسوأ منها، خاصة أن قيادات إسرائيلية في الحكومة الجديدة مثل بينيت وساعر كانوا يعتبرون على يمين نتنياهو".
ومنذ توليه الحكومة، تطالب أصوات يمينية بينيت بـ"رد الاعتبار" لإسرائيل في غزة والضغط على حماس لوقف البالونات الحارقة التي تطلق يومياً من القطاع تجاه مستوطنات غلاف غزة.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قبل يومين، قد هددت حركة حماس بشن حملة عسكرية جديدة على قطاع غزة إذا لم يتوقف إطلاق البالونات الحارقة من القطاع باتجاه المناطق الإسرائيلية.
بينيت يستعرض قوته بقصف غزة
وشن جيش الاحتلال سلسلة من الغارات زعم أنها جاءت رداً على إطلاق بالونات حارقة مصدرها قطاع غزة، وقالت حكومة الاحتلال إنها تسببت بأكثر من 20 حريقاً في حقول مفتوحة بمجتمعات في غلاف غزة خلال اليومين الماضيين.
وتأتي الغارات أيضاً عقب مسيرة الأعلام الاستفزازية في القدس المحتلة يوم الثلاثاء الماضي، حيث حذرت المقاومة الفلسطينية الاحتلال من تجدد الأعمال العسكرية في حال المساس بالمقدسات.
وقال القيادي في حماس فوزي برهوم الجمعة، إن القصف الأخير على غزة، "استعراض لحكومة بينيت الجديدة من أجل ترميم معنويات الجيش التي انهارت أمام صمود وضربات المقاومة في معركة سيف القدس".
وأضاف برهوم في بيان صحفي أن "ارتكاب الاحتلال أي حماقات تستهدف شعبنا ومقاومتنا ومقدساتنا ستكون المقاومة وعلى رأسها كتائب القسام له بالمرصاد؛ دفاعاً عن الأهل والشعب والمقدسات".
وأشار إلى أن "المقاومة الباسلة هي من تحدد قواعد وطبيعة المعركة"، وقال: "وما معركة سيف القدس ببعيدة، بل ما زلنا في ظلالها، حيث ثبتنا معادلة القدس في قلب المواجهة ولن يجد العدو من مقاومتنا إلا ما يسوؤه".
مصر تبذل جهوداً لمنع انهيار الهدنة بين المقاومة وإسرائيل
وانتهت مرحلة حكم بنيامين نتنياهو في إسرائيل الأسبوع الماضي، ليخلفه زعيم حزب "يمينا" الديني المتشدد نفتالي بينيت. وفرض بينيت (49 عاماً)، وهو رجل أعمال سابق يملك ثروة تقدر بالملايين، نفسه في الساحة السياسية الإسرائيلية منذ سنوات بعد أن تتلمذ على يد نتنياهو، إذ كان مدير مكتبه.
ويعد بينيت أول زعيم حزب يميني ديني متشدد يتولى رئاسة الحكومة في تاريخ الدولة العبرية، بعدما شغل خمس حقائب وزارية سابقاً، بينها وزارة الدفاع في عام 2020.
وكان بينيت في عام 2010 رئيس مجلس الاستيطان في "يهودا والسامرة (الاسم التوراتي للضفة الغربية المحتلة) وغزة"، والذي يعمل لصالح المستوطنين اليهود في الضفة الغربية.
ويعتمد بينيت خطاباً دينياً قومياً متشدداً، ويقود حزب "يمينا" المؤيد للاستيطان وضم إسرائيل أجزاء من الضفة الغربية المحتلة وإعادة احتلال غزة.
وفي 13 أبريل/نيسان الماضي، تفجرت الأوضاع في فلسطين جراء اعتداءات "وحشية" إسرائيلية بمدينة القدس المحتلة. وامتد التصعيد إلى الضفة الغربية المحتلة والمناطق العربية داخل إسرائيل، ثم تحول إلى مواجهة عسكرية في غزة، انتهت بالتوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار، فجر 21 مايو/أيار الماضي، بوساطة مصرية.
وتخشى مصر من انهيار الهدنة بعد الغارات الإسرائيلية الأخيرة على القطاع، وقالت القناة الـ13 الإسرائيلية الجمعة، إن مصر تبذل جهوداً لمنع انهيار وقف إطلاق النار بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة.
وبحسب القناة فإنه في هذه الأثناء، يزور وفد إسرائيلي القاهرة لبحث ملفات أمنية وسياسية. وتقول القناة العبرية إن هذا الوفد بعث الخميس برسالة إلى حركة حماس عبر الاستخبارات المصرية، مفادها أنه في حال عدم توقف إطلاق البالونات الحارقة من القطاع باتجاه المستوطنات فستكون هناك "حارس الأسوار-2″، في إشارة إلى العملية العسكرية الإسرائيلية الأخيرة في غزة، والتي أطلقت عليها إسرائيل اسم "حارس الأسوار"، في حين أطلقت عليها المقاومة الفلسطينية اسم "سيف القدس".