بينما ينظر الجمهور العربي إلى بنيامين نتنياهو بغضب شديد، فإن عدداً قليلاً -ولكن مؤثراً- من الرجال في المنطقة كانوا يرون فيه شريكاً في السلام، لدرجة أنهم أبرموا معه ما يُعرف بالاتفاقات الإبراهيمية، واليوم بات السؤال لدى هؤلاء الرجال حول مصير التطبيع بعد رحيل نتنياهو.
ويشعر كثير من العرب بأن رحيل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يغير شيئاً في الصراع العربي الإسرائيلي، فإذا كانت نهاية حقبة بنيامين نتنياهو في منصب رئيس وزراء إسرائيل تسببت في زلزال داخل إسرائيل، فيبدو أن الاهتزاز لا يُستشعر خارج حدودها.
فقد قوبلت الدراما السياسية الإسرائيلية بشبه تجاهل من جانب الدول العربية المجاورة لإسرائيل، التي لا تتوقع أن تؤدي هذه الدراما إلى تغييرات جذرية في القضايا التي تهتم بها، وهي على وجه التحديد نهج إسرائيل تجاه الفلسطينيين أو منطقة الشرق الأوسط، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Independent البريطانية.
لا تغيير بالنسبة للفلسطينيين
قالت إلهام فخرو، كبيرة محللي شؤون الخليج في مجموعة الأزمات الدولية: "بالفعل ليس هناك حديث يدور حول هذا، ولا يفكر فيه أحد، بالنسبة لمن يكترثون بالجانب الفلسطيني فهم يرون كل حكومة إسرائيلية مثل الأخرى، إنهم يشعرون أن الاحتلال سيستمر بغض النظر عن هذا، ولا يهم من يكون وجهه".
شهد عهد نتنياهو الذي امتد لوقت طويل، والذي هيمن خلاله على السياسات في إسرائيل، تغيّرات في العلاقات بين إسرائيل والعرب.
إذ إن عملية السلام مع الفلسطينيين دخلت في حالة سبات، وصعّدت إسرائيل من حربها الخفية ضد إيران عن طريق الانتظام في استهداف أهداف مرتبطة بحلفاء الجمهورية الإسلامية في سوريا. وعبْر التعاون مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، توصلت إسرائيل إلى اتفاقيات لإقامة العلاقات الدبلوماسية مع 4 دول عربية، ما ساعد على تقلص مساحة ما اعتُبر لعهد طويل إجماعاً عربياً ضد الدخول في علاقات مع الدولة اليهودية.
لكن قليلين فقط في العالم العربي هم من يتوقعون أي تغيير مع استبدال رئيس وزراء إسرائيلي آخر بنتنياهو.
على أقل تقدير، يُعرف عن رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد، نفتالي بينيت، أنه معادٍ لفكرة وجوده دولة فلسطينية، تماماً مثل سلفه.
مصير التطبيع بعد رحيل نتنياهو
ليس ثمة إشارة على أن أياً من الأحزاب ينظر إلى التخلص من الاتفاقيات التي عُقدت مع الدول العربية الأربع، التي بدأت بما عُرف بـ"الاتفاقيات الإبراهيمية" مع الإمارات والبحرين، وأعقبتها اتفاقات مع السودان والمغرب.
وهنأت الإمارات والبحرين رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد نفتالي بينيت، ورئيس الوزراء المناوب ووزير الخارجية يائير لابيد.
قال أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبدالخالق عبدالله: "الاتفاقيات الإبراهيمية ليست اتفاقية خاصة بنتنياهو، وليست اتفاقية إسرائيل، إنها اتفاقية قادتها الإمارات وسوف تصمد بعد نتنياهو أو أي رئيس وزراء إسرائيلي".
وتابع قائلاً: "الاتفاقيات الإبراهيمية وُجدت لتبقى، وذلك جيد للإمارات، وجيد لإسرائيل، وجيد لأمريكا".
هل نرى رئيس الوزراء الإسرائيلي الجديد في أبوظبي؟
يقدم عبد الله نظرة متفائلة حول مصير التطبيع بعد رحيل نتنياهو، إذ يقول "إن مغادرة نتنياهو يمكن في الحقيقة أن تسهل بقاء الاتفاقية، نظراً إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي الموجود في المنصب منذ عهد طويل كان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه مغرور ومتغطرس".
وأضاف: "مغادرته شيء جيد من أجل الاتفاقية"، مضيفاً أنه لم يكن ملائماً أن يزور نتنياهو العاصمة الإماراتية أبوظبي.
من جانبه أكد يائير لابيد، رئيس الوزراء المناوب ووزير الخارجية، أن تعزيز اتفاقيات إبراهيم كان من بين أولوياته الدبلوماسية.
وأعرب وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد عن رغبته في العمل معاً عن كثب من أجل خير الشعبين والمنطقة بأسرها.
أما المغرب فيبدو موقفه الأكثر غرابة، إذ هنّأ العاهل المغربي الملك محمد السادس رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، بالتزامن مع زيارة وفد كبير من حماس، بقيادة رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية للمملكة.
ولكن حتى قبل حرب غزة، وتولي الحكومة الإسرائيلية الجديدة، بدا واضحاً أن وتيرة التطبيع المغربي مع إسرائيل قد خفّت، خاصة بعد رحيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وبعيداً عن مواقف الحكومات الرسمية ومصير التطبيع بعد رحيل نتنياهو، تقول الصحيفة البريطانية "لا تزال قطاعات كبيرة من السكان في كثير من الدول العربية تعارض وجود إسرائيل، أو تعارض بقوة الحصار المفروض على قطاع غزة، الذي فرضته إسرائيل مع مصر، وكذلك تعارض هذه القطاعات السكانية احتلال الضفة الغربية الممتد منذ عقود. ولذا فإن ذلك الموقف لا يجعلهم مهتمين كثيراً بمجريات السياسة الداخلية في إسرائيل؛ نظراً إلى خلو طاولة السياسات من أي تغيير كبير قد يطرأ على هذه القضايا.