أدَّت إعادة فتح الاقتصادات بعد عمليات الإغلاق بسبب جائحة كوفيد-19، وما تبع ذلك من زيادةٍ في السفر، إلى ارتفاع أسعار النفط إلى مستوياتٍ لم تُشهَد منذ سنوات. والآن، هناك شيءٌ آخر قد يدفع هذه الأسعار إلى ارتفاعٍ آخر، ألا وهو الطقس الحارق في الشرق الأوسط، كما يقول تقرير لموقع Oil Price الأمريكي.
استهلاك أعلى من المعتاد
يزداد فصل الصيف عاماً بعد عام حرارة في الشرق الأوسط. وهذا هو موسم استهلاك الطاقة، حيث تصبح مكيِّفات الهواء أمراً ضرورياً. ووفقاً لوكالة Bloomberg الأمريكية، سيكون الاستهلاك أعلى من المعتاد بسبب ارتفاع درجات الحرارة.
يذكر تقرير الوكالة الأمريكية أن استهلاك الكهرباء في الكويت قد سجَّل رقماً قياسياً هذا الأسبوع، إذ بدأ الصيف في وقتٍ أبكر من المعتاد. وأشار التقرير أيضاً إلى أن المملكة السعودية أحرقت العام الماضي نفطاً خاماً أكثر بنسبة 25% من المعتاد لإنتاج الكهرباء. وقالت المملكة في ذلك الوقت إنها قد تحتاج إلى إضافة مليون برميل نفط يومياً إلى استهلاكها المحلي لأغراض توليد الكهرباء.
في ظاهر الأمر، وكما يشير التقرير، قد يؤدِّي ذلك إلى ارتفاع أسعار النفط. وهذه الأسعار المرتفعة ستكون موضع ترحيب أعضاء منظمة أوبك، خاصةً أولئك في الشرق الأوسط، لكن ذلك سيحفِّز المشترين للبحث عن مورِّدين آخرين يقدِّمون صفقاتٍ أفضل.
كيف سيؤثر ذلك على أسعار النفط عالمياً؟
فعلت الهند ذلك بالفعل في وقتٍ سابقٍ من هذا العام عندما رفعت المملكة السعودية أسعارها للمشترين الآسيويين. خفضت الهند، ثالث أكبر مستهلك للنفط في العالم، طلبيات النفط الخام السعودي على الفور بعد أن رفعت شركة أرامكو السعودية أسعار البيع الرسمية للمشترين الآسيويين بمقدار 0.04 دولار للبرميل في أبريل/نيسان.
وأظهر ذلك الصدع الذي لم يمتد طويلاً، والذي انتهى بالمملكة السعودية إلى أن تخفض أسعارها، تغيُّراً في ديناميات سوق النفط العالمية. وصار لدى الهند الآن المزيد من المورِّدين للاختيار بينهم إلى جانب أعضاء أوبك في الشرق الأوسط.
ويحافظ جميع أعضاء منظمة أوبك في الشرق الأوسط على بعض الطاقة الفائضة بسبب حصص الإنتاج الخاصة بهم بموجب اتفاقية أوبك+ التي قلَّصَت الإمدادات العالمية الزائدة من النفط من خلال الحفاظ على الإنتاج بنحو 7.7 مليون برميل يومياً، أي أقل من ذي قبل، لعدة أشهر خلال أسوأ فترةٍ في الجائحة العالمية.
المزيد من إنتاج النفط
قد تستغرق هذه السعة الاحتياطية بعض الوقت لتُطرَح في السوق، لكنها موجودة وجاهزة للاستفادة منها عند الضرورة. وقد يصبح ذلك ضرورياً رغم الإشارات الأخيرة من أوبك+ التي أظهرت أن أعضاء المنظمة الموسَّعة سيلتزمون بخططهم الأوَّلية لإضافة ما لا يزيد عن مليونيّ برميل يومياً في الإنتاج اعتباراً من الشهر المقبل.
أما الشيء الذي قد يرفع أسعار النفط- ومن المُرجَّح أن يفعل ذلك- هذا الصيف هو الطلب الأساسي الذي يتعافى بشكلٍ أسرع مِمَّا كان مُتوقَّعاً، بما في ذلك وكالة الطاقة الدولية، التي دعت مؤخَّراً صناعة الطاقة إلى تعليق جميع عمليات التنقيب الجديدة عن النفط والغاز في البحث عن صافي انبعاثات صفرية. وفي الأسبوع الماضي، دعت الوكالة نفسها أوبك إلى إعادة المزيد من الإنتاج لتجنُّب ارتفاع الأسعار.
ومع ذلك، قد يأتي المزيد من النفط قريباً من بلدٍ مُعفَى من تخفيضات إنتاج أوبك+. وتنتشر التكهُّنات حول عودة إيران إلى أسواق الطاقة العالمية، وهناك شكوكٌ حول ما إذا كانت ستتمكَّن بالفعل من استعادة الإنتاج بالسعة التي تقولها، لكنها ستحاول بالتأكيد.
تحد كبير لشركات الكهرباء
آخر ما جاء من طهران هو أن إيران يمكن أن تعود إلى معدَّلٍ يومي يبلغ 4 ملايين برميل في غضون 90 يوماً. وقال مسؤولٌ في شركة النفط الحكومية، حسبما نقلت وسائل إعلام رسمية إيرانية هذا الأسبوع، إن معظم هذا المعدَّل سيعود في غضون شهر.
من شأن درجات الحرارة الأعلى في صيف الشرق الأوسط أن تمثِّل تحدياً لشبكات الكهرباء في المنطقة. ومع ذلك، من غير المُرجَّح أن تؤثِّر على أسواق النفط كثيراً أو لفترةٍ طويلةٍ جداً.
الأسعار مرتفعة بالفعل بما يكفي لكي ينتاب المشترين التوتر. إذا ذهبوا إلى مستوى أعلى بكثير من ذلك، فسوف يُضعِفون الطلب، ولا أحد يريد هذا بمجرد أن يتعافى بشكلٍ جيِّد. وقد تحتاج دول الخليج إلى الاستفادة من طاقتها الفائضة للسيطرة على الأسعار، أو إذا شعرت هذه الدول بالمغامرة، فسوف نجدها تقترب من 100 دولار، وتخاطر بفقدان حصتها في السوق لصالح الولايات المتحدة وروسيا والمورِّدين الآخرين الذين سيكونون سعداء للغاية بالتدخُّل وملء الفجوة في العرض.