سيكون الأحد 13 يونيو/حزيران 2021، على الأرجح، علامةً فارقة في مسيرة أطول رؤساء الوزراء بقاء في المنصب في إسرائيل، حيث ستكون جلسة الكنيست للتصويت على منح الثقة لحكومة التغيير التي ستطيح بالمتهم بقضايا فساد.
ويواجه نتنياهو، الذي شغل منصب رئيس الوزراء خلال الاثني عشر عاماً الماضية، كما شغل المنصب من 1996 حتى 1999 أيضاً، اتهامات بالفساد وتلقي الرشوة وخيانة الأمانة، وخسارته منصبه على الأرجح ستُضعف موقفه أكثر خلال المحاكمة التي انطلقت بالفعل في مايو/أيار من العام الماضي.
ومن المقرر أن تنعقد جلسة الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) المخصصة للتصويت على منح الثقة للائتلاف المعارض لنتنياهو أو "حكومة التغيير"، كما باتت تعرف يوم الأحد، بعد أن فشلت مساعي زعيم حزب الليكود المستميتة للبقاء في المنصب حتى الآن، ولا يبدو أنه فقد الأمل بعد، بحسب مجريات الأمور.
متى تبدأ جلسة الكنيست
ونشرت صحيفة The Times Of Israel الإسرائيلية تقريراً رصد التفاصيل المتوقعة لتلك الجلسة، التي ينتظر أن تكون عاصفةً بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، بحسب المحللين والمراقبين في إسرائيل وخارجها، إذ إنه من المتوقع أن تشهد نهايتها غياب نتنياهو عن منصبه، في توقيت مضطرب للغاية بالنسبة للدولة العبرية.
ووافقت لجنة الترتيبات بالكنيست، الأربعاء 9 يونيو/حزيران، على عقد جلسة البرلمان لتثبيت الحكومة الائتلافية، وهي الحكومة رقم 36 في تاريخ إسرائيل، وستبدأ الإجراءات يوم الأحد في الرابعة مساءً بتوقيت إسرائيل (2 مساءً بتوقيت غرينتش).
الحكومة الجديدة ائتلاف غير متجانس بالمرة (أحزاب يمين ويسار ووسط وحزب عربي) يتشكل من ثمانية أحزاب، ستشهد تناوب رئيس الوزراء المُختَار وزعيم حزب "يمينا"، نفتالي بينيت، المنصب مع زعيم حزب "يوجد مستقبل"، يائير لابيد.
وسيزيح التحالفُ غير المتوقع بين الأحزاب اليمينية واليسارية والوسطية والإسلامية، في حال تأكيد تنصيبه، رئيسَ الوزراء بنيامين نتنياهو من السلطة ليحل بينيت محله لمدة عامين، ثُم يتبعه لابيد لعامين آخرين، بحسب اتفاق الائتلاف، وإذا ما قُدر للحكومة ذات الرأسين أن تُكمل مدتها بالطبع.
استبدال رئيس الكنيست أولاً
سيكون الإجراء الأول هو التصويت على بديل لرئيس الكنيست، ياريف ليفين، وهو مُشرِّع من حزب الليكود بزعامة نتنياهو، الذي سينضم إلى حزبه في المعارضة. ومن المتوقع أن يحل محله عضو الكنيست عن حزب يوجد مستقبل، ميكي ليفي.
وبعد ذلك سيصعد بينيت إلى المنصة ويُقدِّم رئيس الحكومة الائتلافية المُختَار، ورئيس الحكومة البديل، والمبادئ المرشدة لحكومتهما، وتشكيلتها، ووزرائها، وتواريخ أي تغييرات يُعتَزَم القيام بها في المناصب، وانتماء كل وزير إما للكتلة اليمينية بزعامة بينيت أو الكتلة الوسطية بزعامة لابيد في حكومة تقاسم السلطة.
وهذه الانتماءات تُحدد مَن يمكنه عزل وزراء كل كتلة. وتضم كتلة بينيت حزب "يمينا" وحزب "أمل جديد" بقيادة عضو الكنيست جدعون ساعر، وتقع كل الأحزاب الأخرى ضمن كتلة لابيد.
ورغم أنَّه يحق للابيد أيضاً إلقاء كلمة أمام الجلسة العامة، فليس واضحاً بعد ما إن كان سيفعل ذلك، إذ سيكون لقادة الحكومة المحتملة وقت محدود لتقديم كل المعلومات، بحسب تقرير الصحيفة الإسرائيلية.
وسيكون لزعيم الحزب الأكبر الموجود خارج الحكومة المقبلة- نتنياهو، الذي يملك حزبه الليكود 30 مقعداً، بعد ذلك، الحق في التحدث كذلك. وذكرت القناة الثانية عشرة الإسرائيلية، أمس الأربعاء، أنَّ نتنياهو سيستخدم هذا الحق.
هل سيحضر نتنياهو تسليم السلطة؟
ويُقال أيضاً إنَّ مكتب نتنياهو ليس لديه جواب في هذه المرحلة عن سؤال ما إن كان نتنياهو، الذي لا يزال يكافح لجذب المنشقين لإحباط حكومة بينيت- لابيد، سيحضر الاحتفال التقليدي اللاحق لتسليم السلطة لرئيس الوزراء المقبل بينيت في مكتب رئيس الوزراء.
وقالت القناة الثانية عشرة أيضاً إنَّ بينيت لم يطلب مقابلة نتنياهو وجهاً لوجه كي يحصل على إحاطة في خضم نقل السلطة، كما لم يعرض نتنياهو تقديم إحاطة كهذه، ولم يكن هناك أي تنسيق رسمي بينهما حول عملية التغيير.
ويشبه هذا الموقف ما حدث في واشنطن مع زعيم يميني آخر وصديق لنتنياهو، وهو الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، حيث لم يقم الرئيس الخاسر في الانتخابات بالاعتراف بالنتيجة، ولم يسلم السلطة للفائز وقتها؛ الرئيس الحالي جو بايدن. ويخشى البعض في إسرائيل من أن يسعى أنصار نتنياهو لاقتحام الكنيست لتعطيل جلسة التصويت، على غرار ما فعله أنصار ترامب في الكونغرس الأمريكي، يوم 6 يناير/كانون الثاني.
خطابات مشتعلة أثناء الجلسة
وبعد خطابات القادة في جلسة الكنيست، يوم الأحد، سيكون هناك 9 دقائق لكل حزب من الأحزاب الأخرى كي يتحدث ممثل عنها في الجلسة العامة. ومع الاستعداد للإطاحة بنتنياهو بعد أكثر من 12 عاماً في السلطة، بالإضافة إلى فترة أخرى قضاها في رئاسة الوزراء بين عامي 1996 و1999، يُرجَّح أن تكون الخطابات حامية.
وبعد ذلك سيُصوِّت البرلمان على منح الثقة للحكومة، التي من المُتوقَّع أن تحظى بموافقة أغلبية ضئيلة تبلغ 61 عضواً من أصل أعضاء الكنيست الـ120.
وبعد ذلك يؤدي رئيس الوزراء وبديله ووزراؤهما اليمين الدستورية، ويلتزم كل منهم بـ"البقاء مخلصاً لدولة إسرائيل وقوانينها، وأداء دوري كرئيس للوزراء/عضو حكومة بأمانة، ودعم قرارات الكنيست".
وسيتوجه أعضاء الحكومة المُنصَّبة حديثاً عقب الجلسة إلى مقر إقامة الرئيس لالتقاط مجموعة تقليدية من الصور للوزراء مع الرئيس المنصرف رؤوفين ريفلين، الذي سينهي ولايته البالغة 7 سنوات في 19 يوليو/تموز. وتم بالفعل اختيار إسحاق هرتسوغ لشغل المنصب الشرفي خلفاً لريفلين.
ومع أنَّه لم يجرِ التوقيع بعد على اتفاق الائتلاف الناشئ في ظل خوض مفاوضات اللحظة الأخيرة، فالمتوقع أن توقِّع الأحزاب الأعضاء على الاتفاق قريباً. وقِيلَ إنَّ رؤساء أحزاب الائتلاف المحتمل متفقون على أنَّه يتعين وضع اللمسات النهائية على المسألة بحلول مساء اليوم الخميس 10 يونيو/حزيران، لأنَّه يتعين إعلان الاتفاقات الائتلافية بحلول يوم غدٍ، الجمعة 11 يونيو/حزيران.
وستضم الحكومة الجديدة 28 وزيراً و6 نواب وزراء، ما يجعلها واحدة من أكبر الحكومات على الإطلاق، ولو أنَّها تظل أصغر من الحكومة السابقة. وستكون أول حكومة إسرائيلية يكون فيها أحد الأحزاب العربية، حزب "رعم"، عضواً حيوياً في الأغلبية الحكومية.
وفيما يتعلق بالمناصب الوزارية العليا، سيكون لابيد بموجب الاتفاقات الائتلافية الناشئة وزيراً للخارجية خلال أول عامين للحكومة، وسيبقى زعيم حزب "أزرق أبيض"، بيني غانتس، وزيراً للدفاع، وسيتولى زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، أفيغدور ليبرمان، وزارة المالية.
وسيكون زعيم حزب "أمل جديد"، جدعون ساعر، وزيراً للعدل، فيما ستكون أيليت شاكيد من حزب "يمينا" وزيرةً للداخلية. وحصلت ميراف ميخائيلي، زعيمة حزب "العمل"، على حقيبة المواصلات، وسيكون زميلها بالحزب عومر بارليف وزيراً للأمن العام. وسيُعيَّن زعيم حزب "ميرتس"، نيتسان هوروفيتس، وزيراً للصحة، فيما ستكون زميلته بالحزب، تمار زاندبيرغ، وزيرةً لحماية البيئة.