أظهر الإعلان عن تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة عمق الانقسامات في الحركة الإسلامية في الداخل (أراضي 48).
فبينما كانت حماس تؤبن شهداءها الذين قتلتهم الطائرات الإسرائيلية، وقبلها تم تمديد الحبس الانفرادي للشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية الشمالية في سجن إسرائيلي، كانت الحركة الإسلامية الجنوبية تتفاوض على اتفاق لتشكيل حكومة إسرائيلية جديدة، قد تشهد أول مشاركة عربية في الحكومة في تاريخ إسرائيل.
ورغم التوقعات بأن تؤدي حرب غزة إلى وقف المفاوضات بشأن دعم الحركة الإسلامية الجنوبية لتشكيل الحكومة الإسرائيلية، فإنه فور إعلان وقف إطلاق النار في غزة عادت القائمة العربية الموحدة التي تقودها الحركة للمشاركة في المفاوضات التي انتهت بتوقيع منصور عباس رئيس القائمة العربية الموحدة، ونائب رئيس الحركة الإسلامية الشمالية اتفاقاً مع رئيس حزب "هناك مستقبل" يائير لابيد، ورئيس حزب "يمينا"، نفتالي بينيت المتطرف.
حركتان وليست حركة واحدة.. وهذه من تقود الدفاع عن الأقصى
والحركة الإسلامية الجنوبية انشقت عام 1995 عن الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل -المحظورة الآن- التي يقودها الشيخ رائد صلاح. وترى الحركة الإسلامية الجنوبية في الكنيست "أداةً واقعيّةً وإضافيّةً لخدمة المجتمع الفلسطيني في الداخل، بعد اتفاق أوسلو، ويجب الانخراط فيه"، وذلك على عكس حركة رائد صلاح "الحركة الشماليّة"، التي ترفض أن يكون الكنيست منصة ممارسة سياسية للفلسطينيين في داخل أراضي الـ48.
ويعد الشيخ رائد صلاح رمزاً للمقاومة بين عرب 48، ولعب دوراً مهماً في التصدي للممارسات الإسرائيلية، خاصة في القدس، وضد المسجد الأقصى.
وفي فبراير/شباط 2020، أصدرت محكمة إسرائيلية حكماً بالسجن لمدة 28 شهراً على الشيخ رائد صلاح، بذريعة ما بات يُعرف بملف "الثوابت"، المتضمن التحريض على إسرائيل والدعوة لشد الرحال للمسجد الأقصى والرباط فيه، وقد أمضى من الحكم 11 شهراً في الحبس المنزلي والإبعاد إلى مدينة أخرى في بداية الحبس المنزلي.
ومنذ دخوله سجن عسقلان خضع الشيخ رائد صلاح للعزل الانفرادي، علماً أنه قد تم رفض طلبه بنقله إلى سجن في الشمال القريب على مكان سكنه، كي تستطيع والدته المريضة والمسنة زيارته.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2015، حظرت إسرائيل الحركة الإسلامية الشمالية التي يرأسها صلاح، بموجب ما يسمى "قانون الإرهاب" الإسرائيلي.
وخلال حرب غزة، اعتقلت إسرائيل الشيخ كمال الخطيب، نائب رئيس الحركة الإسلامية الشمالية، وتُخضعه حالياً للمحاكمة.
ويُظهر كل ما سبق حجم التناقض في أوساط الحركة الإسلامية في الداخل، التي فاوض زعماء شطرها الجنوبي المنشق على تشكيل حكومة إسرائيلية، بل قد يشاركون بها لتصبح أول مرة يشارك حزب عربي في حكومة إسرائيلية، بينما قادة شطرها الشمالي قابعون في السجون الإسرائيلية.
فما هي قصة نشأة الحركة الإسلامية في الداخل، ولماذا انشقت، وما علاقتها بحركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين.
نشأة الحركة الإسلامية في الداخل
تزايد صعود الشعور الإسلامي داخل أراضي 48 مع هزيمة 1967، ما أدى إلى فقدان الثقة بالأنظمة السياسية العربية القائمة، وكذلك استئناف الاتصال المباشر بالفلسطينيين وعلماء الدين في الضفة الغربية وقطاع غزة، إثر حرب 1967، بشكل أوجد حوافز مُنشِّطة للعودة إلى الدين، وساعد على هذا نشاط الحركات الإسلامية في الضفة والقطاع، مثل حركات: الإخوان المسلمين وحزب التحرير الإسلامي والجهاد.
في مرحلة تأسيسها الأولى تشكَّلت نواة الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل من مجموعات شبابية عفوية، غلب التدين الفطري في بداية سبعينيات القرن الماضي.
لكن نهاية السبعينيات شهدت تحوّلين لافتين، تمثّل الأوّل في اتصال عبدالله نمر درويش، رئيس الحركة الإسلامية الأسبق، بقيادات جماعة الإخوان المسلمين في شمال الضفة الغربية خلال دراسته الشرعية في نابلس، واتصال رائد صلاح بقيادات تلك الجماعة في القدس وجنوب الضفة الغربيّة وقطاع غزة خلال دراسته في جامعة الخليل، في حين تمثّل التحوّل الآخر في تأسيس خلايا "أسرة الجهاد" شبه العسكرية في العام 1979، حسبما ورد في تقرير لموقع "الميادين"
ولكن هناك من يرى أنه ليس هناك أي علاقة مباشرة بين الحركة الإسلامية في الداخل وبين جماعة "الإخوان المسلمين"، غير أن المبادئ تكاد تكون متطابقة أو متشابهة إلى حد كبير بين الجماعتين.
واهتمت الحركة الإسلامية في الداخل بإنشاء البنية التحتية المتمثلة في المعاهد الدينية والمؤسسات والنوادي والعيادات الطبية ورياض الأطفال وغيرها.
هذه المنشآت أصبحت مراكز دعوة إلى الدين وغرس تعاليمه في نفوس الشباب العرب منذ نعومة أظافرهم، فنشأ جيل من الشباب المُلتزم تجاه الحركة الإسلامية الذي يرى أن حل القضية الفلسطينية يرتبط بمبدأ الحركة "الإسلام هو الحل"، حسبما ورد في تقرير لموقع "إضاءات".
البداية من العمل العسكري
وعلى غرار باقي التنظيمات الإسلامية عزَّزت الثورة الإيرانية التي اندلعت في العام 1979 حماسة مؤسسي الحركة للعمل العسكري والحركي، وعلى رأسهم عبدالله نمر درويش، ورائد صلاح، وفريد أبو مخ، وتم تشكيل ما يُسمى بـ "أسرة الجهاد" خلال ذلك العام، فكانت منظمة سرية شبه عسكرية، تشكَّلت من مجموعة من الشبان من تيار سُمي "التائبين" بقيادة فريد أبو مخ من مدينة باقة الغربية، دعوا إلى تحرير فلسطين بالجهاد المسلح، بما في ذلك الحرب الاقتصادية، ونُسبت إليهم عمليات إحراق ممتلكات يهودية.
خلايا "أسرة الجهاد" تشكّلت من مجموعة تقارب 60 فرداً، على رأسها فريد أبو مخ، الذي كان مأخوذاً بتجربة الشيخ عز الدين القسام. اعتقلت سلطات الاحتلال تلك الخلايا في العام 1981، وحكمت على أفرادها بالسّجن لفترات متفاوتة، أقصاها حكم فريد أبو مخ لمدة 15 سنة، الَّذي تحرّر من الأسر في العام 1985 في صفقة "النورس" لتبادل الأسرى، في حين حكم على عبدالله نمر درويش بالسجن لمدّة 4 سنوات، وأفرج عنه في العام 1984 بوصفه "شيخاً" روحياً لأسرة "الجهاد".
بعد خروجهم من السجون أعاد أعضاء الحركة تنظيم صفوفهم مجدداً، وجرى التحول إلى حركة منظمة تحت اسم "الحركة الإسلامية".
وتميّزت فترة أواسط ثمانينيات القرن الماضي بتداخل النشاطات وغموض العلاقات التنظيمية بين الحركة الإسلامية في الداخل ونظيرتها في الضفة الغربية، التي كانت امتداداً تنظيمياً فرعياً لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن.
وشهدت نهاية ثمانينيات القرن الماضي بروز قوة الحركة الإسلامية الجماهيرية في الداخل، وخصوصاً عام 1989، حين فازت برئاسة 5 بلديات ومجالس محلية، وبعضوية عشرات البلديات والمجالس الأخرى، ضمن سعيها لتحسين أحوال فلسطينيي 48، مثل أم الفحم، وكفر قاسم وكفر برا وجلجولية، وراهط، لكن تلك القوة حملت في طياتها بذور الانشقاق الكبير بعد 7 سنوات.
لحظة اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى في العام 1987 وما بعدها شكلت تميّزاً مفصلياً في رسم حدود الجغرافيا التنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين في فلسطين، إذ استقلت الجماعة تنظيمياً في حدود فلسطين المحتلة العام 48 تحت اسم "الحركة الإسلامية" في الداخل، وبرزت حركة "حماس" بوصفهاً تنظيماً للإخوان المسلمين في حدود الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلين، تلك اللحظة اختير عبدالله نمر درويش، بوصفه رئيساً للحركة الإسلامية في الداخل.
أسباب الانشقاق إلى شطر شمالي وآخر جنوبي
ظهرت بوادر هذا الانشقاق منذ عام 1993، حيث شكَّل هذا العام منعطفاً جديداً بالنسبة للحركة، حينما تم توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وهنا اختلفت قيادات الحركة حول الموقف من قرار المنظمة الفلسطينية، بين موافق ورافض. إلى أن انفجرت تلك الخلافات بين القيادات عام 1996، حينما قرر عبدالله نمر درويش المشاركة في انتخابات الكنيست الإسرائيلي، في موقف شكل تحدياً كبيراً لفكر الجماعة.
الانشقاق جاء بعد التصويت في هيئات الحركة الإسلامية على المشاركة في انتخابات الكنيست، كانت نتيجته رفض المشاركة في الانتخابات، ثم تصويت ثانٍ أصرَّ عليه أنصار المشاركة، بعد ضمانهم النتيجة هذه المرة، من خلال إضافة أعضاء جدد من أنصارهم من هيئات "النقب" المحلية، وكانت نتيجته قبول المشاركة، حسبما ورد في تقرير موقع "إضاءات".
ولكن الشيخ كمال الخطيب تدخل في اللحظة الأخيرة، حيث كشف تلاعباً مسبقاً أو "كولسة" -على حد تعبيره- في هيئات الجليل المحلية، وهو التدخل الذي أدى إلى حسم موقف الحركة الشمالية وتبني رأي الخطيب، الذي كان رافضاً بالمطلق للمشاركة في انتخابات الكنيست، خلافاً للرأي الوسطي الذي كان يتبناه صلاح، كما كانت تتبناه الحركة الإسلامية في الداخل قبل انقسامها، بعدم المشاركة الرسمية والسماح للأعضاء بالمشاركة بشكل فردي.
وأدى ذلك إلى حسم موقف الحركة الشمالية، التي يمكن اعتبارها وفقاً لهذه الرواية "الحركة الإسلامية الرسمية"، ولكن الشطر الجنوبي أصر على موقفه، ومن هنا ترسّخ الانشقاق، حسب تقرير "الميادين".
منذ تلك اللحظة الفارقة انقسمت جغرافيا الحركة الإسلامية التنظيمية في الداخل بين خطين متوازيين؛ خط قاده عبدالله نمر درويش، ثم إبراهيم صرصور، ويتركز في المثلث الجنوبي والنقب وبعض المدن والبلدات، وهو الخط الذي اشتهر إعلامياً باسم "الحركة الإسلامية الجنوبية"، ويرأسه الآن "حماد أبو دعابس".
وخط يقوده رائد صلاح وكمال الخطيب، ويتركز في المثلث الشمالي والجليل وبعض المدن والبلدات، وهو الخط الذي اشتًهر إعلامياً باسم الحركة الإسلامية الشمالية، وكان مُعارضاً للمشاركة في انتخابات الكنيست الإسرائيلي، لأنه يعتبر هذا -بشكل غير مباشر- "اعترافاً بالدولة"، والتي بنظره يجب تغييرها بدولة فلسطينية تتبنى الشريعة الإسلامية.
ويرجع الشيخ كمال الخطيب أسباب تغير مواقف الشيخ درويش وتأييده دخول الكنيست إلى القناعات الشخصية للشيخ درويش التي تغيرت في السجن، والتواصل مع رموز المؤسسة الإسرائيلية، وعلاقته المباشرة مع حركة فتح.
وأحد العوامل التي أدت إلى توجه الحركة الإسلامية الجنوبية للمشاركة في انتخابات الكنيست هو اتفاقية أوسلو، حيث أصبحت السلطة الوطنية الفلسطينية مسؤولة قانونياً وسياسياً عن عدة ملايين من المواطنين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، فيما أصبح أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل "مواطنين" إسرائيليين وأصواتاً انتخابية تُرجِّح كفة هذا الحزب الإسرائيلي أو ذاك.
ولكن مع ظهور منصور عباس، وقيادته القائمة العربية الموحدة في الكنيست، تجرأت الحركة الجنوبية في مواقفها لدرجة أن عباس اعتبر أنه لا ضير في دعم نتنياهو إذا ما استجاب لمطالب المواطنين العرب، وهو الموقف الذي عارضته بقية الأحزاب التي أصرت على وجوب العمل على إسقاط رئيس الوزراء الحالي.
استراتيجية منصور عباس التي تحاكي اليهود المتطرفين
ويتبنى عباس وحلفاؤه استراتيجية بادرت بها الجماعات اليهودية المتشددة والمتطرفة في الثمانينيات، وهي المجموعات التي سيطرت على مدى العقد الماضي على نتنياهو خلال دعم ائتلافه والتهديد بالانسحاب إذا لم يتم تلبية مطالبهم.
ويقول أريك رودنيتسكي، وهو خبير في دراسة اتجاهات تصويت ذوي الأصول العربية في المعهد الإسرائيلي للديمقراطية للصحيفة البريطانية: "الحزب يود أن يقدم نفسه بوصفه حزباً عربياً مستعداً للتعاون مع أي حكومة".
وأضاف رودنيتسكي أنه عن طريق الموافقة على دعم حكومة أقلية من خارج الائتلاف يمكن لعباس أن يستفيد بأصوات الناخبين العرب المحافظين، وربما بمزيد من التمويل لحملاته الرامية إلى الحماية من الشرطة أو إنشاء مستشفيات جديدة في المناطق التي يغلب عليها السكان العرب.
ويقول عباس عن ذلك: "أنا حقاً لا أرى الأمر إما أبيض وإما أسود، سواء أكنت جزءاً من ائتلاف حاكم أو كنت من المعارضة. فلكي يكون لنا دور مهم، علينا أن نتبنى الطريقة الثالثة، وهي أن نصبح في مكان ما بين هذه الخيارين، لا نكون ضمن تحالف تقليدي للحكم، وليس جزءاً من المعارضة التقليدية أيضاً".
جراء كل ما سبق، ترسخ الانقسام داخل الحركة الإسلامية في الداخل، بحيث أصبحت الحركة الشمالية تقود نضال عرب 48 ضد الممارسات الإسرائيلية في القدس، وأصبحت محظورة ويُسجن زعماؤها، بينما عباس منصور القائد الفعلي للحركة الجنوبية يلتقط له صورة مع مع رئيس حزب هناك مستقبل يائير لابيد، ورئيس حزب "يمينا"، نفتالي بينيت اليميني المتطرف الذي يعد ممثلاً للمستوطنين.
وقد أعاد كل شطر بناء مؤسساته الحركية المركزية والمناطقية من جديد، مع احتفاظ الخط الشمالي بالسيطرة على معظم مؤسسات الحركة الإسلامية، وخصوصاً صحيفة "صوت الحق"، وكلية الدعوة، ولجنة الزكاة القطرية، ولجنة الإغاثة الإسلامية وغيرها.
ولكن تعرض خط الحركة الشمالية لسلسلة من الإجراءات القمعية الاحتلالية، بلغت ذروتها في اعتقالات العام 2003، ثم قرار المؤسسة الإسرائيلية إعلان تلك الحركة "خارجة عن القانون"، وحظر مؤسساتها في العام 2015، بقرار من بنيامين نتنياهو الذي قال عندها: "إن الجسم التنظيمي الوحيد الذي يخاطب الجمهور باسم الحركة الإسلامية هو الذي يرأسه الشيخ حماد أبو دعابس"، حسبما يورد كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الشمالية.
الإجراءات الإسرائيلية بحقّ الحركة الإسلامية الشمالية وإغلاق مؤسساتها ساهما مع الوقت فيعكس ميزان القوى لصالح الحركة الإسلامية الجنوبية، وخصوصاً في ميدان العمل الجماهيري والمؤسساتي، إذ طورت هيئاتها الداخلية القيادية والإدارية وشبكة مؤسساتها الجماهيرية التي ورثت بشكل أو بآخر المؤسسات الشمالية أو شكّلت منافساً لما تبقى منها، وفقاً لموقع الميادين.
ومن هذه المؤسسات دار الإفتاء والبحوث الإسلامية التي يرأسها محمد سلامة، وهي مختلفة عن المجلس الإسلامي للإفتاء الذي يرأسه مشهور فواز القريب من الشمالية.
انقلاب جديد في الكنيست
تمتعت الحركة الإسلامية الجنوبية بحرية العمل السياسي منذ لحظة خوضها انتخابات الكنيست الإسرائيلي الرابعة عشرة في العام 1996 ضمن تحالف القائمة العربية الموحدة مع الحزب الديمقراطي العربي.
ولكن الحدث الأبرز بعد الانشقاق عن الشطر الشمالي، كان قرار الحركة الإسلامية الجنوبية الانفصال عن القائمة العربية المشتركة، في شباط/فبراير 2021، وهو قرار سبقته تمهيدات لافتة بدورها، حين ألغى منصور عباس، بصفته رئيساً لإحدى جلسات الكنيست، التصويت لفتح تحقيق ضد بنيامين نتنياهو، في تشرين الأول/أكتوبر 2020، وحين عارضت قائمة منصور عباس قرار القائمة المشتركة، ورفضت التصويت على إسقاط حكومة نتنياهو، مبررة موقفها على لسان منصور عباس "بأن إسقاط نتنياهو هو شعار انتخابي، وليس هدفاً للعمل البرلماني" في بداية كانون الأول/ديسمبر 2020، ثم امتناعها عن التصويت ضد قانون تمديد الموعد النهائي لإقرار الميزانية الذي يهدف إلى تمديد ولاية نتنياهو رئيساً للحكومة الإسرائيلية، رغم قرار المشتركة التصويت ضد هذا القانون في نهاية كانون الأول/ديسمبر 2020.
عباس يغضب الأسرى الفلسطينيين
وسبق أن أغضب عباس الأسرى الفلسطينين، خلال إجرائه مقابلة مع "القناة 12" للتلفزيون الإسرائيلي، حين سألوه كيف يتعاون مع نتنياهو وهو الذي يتعاطف مع الأسرى "المخربين"، حسب تعبير مراسل القناة.
فأجاب: "وضع منصور عباس في خانة الداعم للإرهاب، أو في خانة من يُعانق مخربين، كما يحاولون وسمي كذب. هذا لم يحصل على الإطلاق. من نشر أنباء حول زيارتي إلى السجن ولقائي بمخربين ومعانقتي لهم، هذا غير صحيح على الإطلاق".
وحسب عباس فإنه لم يقصد نعت الأسرى بالمخربين إنما قصد نفي وجود لقاءات. فمصلحة السجون تمنع أعضاء الكنيست العرب من زيارة الأسرى منذ سنة 2015 بسبب محاولة أحدهم (باسل غطاس) تهريب هواتف خلوية لهم.
المفارقة أن هنا أن الشطر الشمالي للحركة يتبنى النهج الأقصى في التعامل مع الواقع الإسرائيلي وهو رفض الانخراط في العمل السياسي البرلماني، عكس معظم الأحزاب العربية، إضافة إلى قيامه بدور محوري للتصدي للاعتداءات الإسرائيلية على الأقصى، بينما تمادت الحركة الإسلامية الجنوبية في التعامل ببراغماتية مع السياسة الإسرائيلية بطريقة جعلت البعض يصف منصور عباس بـ"صانع الملوك" في إسرائيل.