جدل واسع شهدته مواقع التواصل الاجتماعي والحوارات الخفية بين العاملين في مجالي الدراما والإعلام بمصر خلال الساعات الماضية، على خلفية حقيقة ما تم تسريبه عن إقالة تامر مرسي "فرعون مصر" في مجال الإعلام والإنتاج الدرامي التليفزيوني على وجه الخصوص.
وكانت الشركة المتحدة، وهي واحدة من الشركات التابعة لمجموعة إعلام المصريين التي يرأسها تامر مرسي، أصدرت بياناً مبهماً مساء الإثنين 24 مايو/أيار، بعد ساعات من انتشار شائعة إقالته والتحقيق مع مسؤولين كبيرين في المجموعة بتهم الفساد المالي.
وجاء في بيان الشركة: "أعلنت الشركة المتحدة للخدمات الإعلانية عن عقد مؤتمر صحفي، يوم السبت المقبل، وذلك للإعلان عما تحقق من إنجازات وملامح التطوير خلال المرحلة المقبلة" بحسب وصفها، وهو ما فتح الباب على كل الاحتمالات، وليزيد من سخونة النقاشات على وسائل التواصل.
"عربي بوست" استطاع الوصول لحقيقة ما يحدث مع تامر مرسي، وكشف تفاصيل جديدة في قصة صعوده إلى قمة مجال الإنتاج التليفزيوني وحتى سقوطه حالياً.
عصر تامر مرسي انتهى
ذكر مصدر من داخل مجموعة إعلام المصريين في تصريحات خاصة لـ"عربي بوست" أن وقت تامر مرسي، الذي يطلق عليه صغار العاملين في المجموعة اسماً كودياً هو "الطفل المدلل" انتهى بالفعل، والخلاف حالياً حول شكل خروجه من المجموعة بشكل لا يسيء إلى سمعتها في سوق الدراما والإعلام في مصر وتعاقداتها الممتدة في السنوات المقبلة.
وكشف المصدر أن رحلة صعود وهبوط تامر مرسي الذي دخل إلى الشأن العام من باب الإنتاج الدرامي وهو في في الخامسة والثلاثين من عمره فقط (مواليد أغسطس/آب عام 1968)، وكان ذلك عام 2003، ليست بعيدة في تفاصيلها عن رحلة صعود وهبوط من سبقوه في تولي إدارة "الملف الملعون"، بحسب وصف المصدر، ويقصد به مجموعة إعلام المصريين التي تتبع بشكل مباشر جهاز المخابرات العامة المصرية، وتدار من قبل قيادات في الجهاز من خلف الستار.
هذا يخالف الصورة العامة التي يعتقدها الكثيرون من أن تامر مرسي أو من سبقوه هم من يديرون المجموعة، ليضيف المصدر: "مرسي ومن سبقوه كانوا مجرد سكرتارية فنية للواء المخابرات الذي يجلس في مكتبه الفخم في مقر إدارة إعلام المصريين بشارع الخليفة المأمون في ضاحية مصر الجديدة، لكنه -مرسي- مثل أي سكرتير فني كان يجتهد لتوسيع دوره ونفوذه مستغلاً جهل اللواء بشؤون الإعلام والإنتاج الدرامي، بمعنى آخر كان الطرفان يضحكان على بعضهما البعض، وكل منهما يعرف أن التعامل بينهما يفتقد لعنصر الاستمرارية بسبب فقدانه لعنصر مهم من عناصرها وهو الثقة المتبادلة".
الحجب عقاب كل منصة صحفية تحاول الكتابة عن تامر مرسي
لا أحد يعرف على وجه التحديد معلومات موثقة عن تامر مرسي، فيقال في الأوساط الإعلامية إن الرجل بنفسه سعى لفرض هذا التعتيم على ماضيه وحتى حاضره.
ويقول عدد من العاملين في المجال إن مرسي عاقب جريدة عربية بعدما تجرأت قبل 3 أعوام على نشر موضوع صحفي موسع عنه تحدثت فيه عن إيجابياته وسلبياته، فكان القرار السري بحجب الموقع الإلكتروني للجريدة في مصر منذ ذلك الوقت، ولم يعد حتى الآن.
لكن مصادر أمنية تحدث إليها "عربي بوست" أفادت بأن والد تامر مرسي كان أحد قيادات جهاز المخابرات العامة في فترة الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وحاول إلحاق ابنه بالعمل في الجهاز، لكن الشاب الصغير لم يستمر طويلاً بعدما وجد أن ميوله تتجه أكثر نحو "البيزنس"، وتحديداً في مجال الفن.
وأنشأ تامر بالفعل شركة "سينرجي" للدعاية والإعلان عام 2003، وهي كلمة إنجليزية تعني "التعاضد"، لكن أحداً لم يسمع به إلا بعد ذلك بأربعة أعوام، وتحديداً عام 2007 حين قدم أول إنتاج درامي لشركته التي توسعت لتضم الإنتاج الدرامي إلى أنشطتها، وقدم وقتها مسلسل "حق مشروع" للنجم حسين فهمي، لكن المسلسل لم يحظ بشعبية واسعة مثلما كان يأمل مرسي.
عادل إمام طريقه نحو الشهرة
رغم استمراره في إنتاج مسلسلات درامية في السنوات التالية، فإن خطوته الحقيقية نحو الشهرة كانت عام 2012 حين تعاون لأول مرة مع النجم عادل إمام وقدما معاً مسلسل "فرقة ناجي عطا الله"، وأمام النجاح الهائل الذي حظي به المسلسل، اعتماداً على شعبية عادل إمام، أصر تامر مرسي على إنتاج مسلسل للزعيم، كما يلقب إمام في الوسط الفني في السنوات التالية، حتى ارتبط اسم عادل إمام بتامر مرسي، فقدما معاً "العراف" ثم "صاحب السعادة" و"أستاذ ورئيس قسم" و"مأمون وشركاه".
واشتهر تامر مرسي خلال تلك السنوات بالإغداق المالي على عادل إمام، حيث منحه أجراً فلكياً عن كل مسلسل وصل إلى 50 مليون جنيه، فضلاً عن أنه أهدى الزعيم سيارة "رينج روفر" الفارهة موديل 2015، وهي نفس السنة التي قدم فيها إمام مسلسل "أستاذ ورئيس قسم".
لكن العلاقة بين الطرفين لم تستمر في شكلها الوردي، خصوصاً بعد الفشل الجماهيري لمسلسل "عفاريت عدلي علام"، آخر أعمال عادل إمام مع تامر مرسي عام 2017، إذ فكر الممثل الشهير في تشجيع نجله رامي من خلال تقديم مسلسل عبر شركته الجديدة للإنتاج الفني "ماجنوم"، وهو ما أغضب تامر مرسي الذي رأى فيما فعله الزعيم معه "خيانة"، بحسب تعبير أحد العاملين في شركة سينرجي وقتها في حديثه لـ "عربي بوست".
وأوضح المصدر ذاته أن تامر مرسي ظل يترصد الفرصة لرد الضربة لعادل إمام، وهي الضربة التي لم تتأخر كثيراً، ففي عام 2019، الذي شهد سيطرة شبه تامة من شركة سينرجي على الإنتاج الدرامي مستندة على احتكار الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية وحق عرض وتوزيع المسلسلات الرمضانية على القنوات الفضائية المملوكة لإعلام المصريين، في ذلك العام كان عادل إمام يستعد لتقديم ثاني أعماله مع شركة ماجنوم وهو مسلسل "فلانتينو"، قبل أن يعلن عن تأجيله، رغم تصوير ما لا يقل عن 50% من مشاهد العمل، وذلك لأسباب غير معلنة.
لكن مصدر "عربي بوست" في شركة سينرجي أكد أن تامر مرسي وضع العراقيل أمام استكمال تصوير المسلسل، إذ أوعز بتأخير منح شركة ماجنوم أذون التصوير، وهو إجراء ضروري لكي تسمح الشرطة بتصوير المشاهد في أماكن عامة، كما حارب بقوة لإجبار مجموعة MBC السعودية على عدم شراء المسلسل وعرضه على شاشة MBC مصر كما كان مقرراً، وبالفعل لم يجد الزعيم مفراً من تأجيل العمل حتى استكمله في العام التالي 2020، بعدما اشتكى لمسؤول في جهاز سيادي مضايقات تامر مرسي له، وأصدر المسؤول تعليماته للأخير بعدم الاقتراب من إمام.
غضب السيسي منح مرسي تأشيرة رحلة الصعود
بعدما فرض تامر مرسي سيطرته على سوق الإنتاج الدرامي في مصر مستغلاً علاقاته مع الأجهزة السيادية، مدعوماً بنفوذ والده، كانت نقطة التحول الكبيرة في مسيرته هي توليه رئاسة مجلس إدارة مجموعة إعلام المصريين بعد تجربة قصيرة مع المهندس أسامة الشيخ، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون الأسبق.
جاءت فكرة إسناد المنصب إلى تامر مرسي رغم عدم وجود أي تجربة إعلامية سابقة له، إلى علاقته ونفوذ والده داخل جهاز المخابرات، بجانب طبيعته الشخصية كرجل متحفظ قليل الكلام والظهور الإعلامي، كما أنه محسوب على أبناء الجهاز بعكس سابقيه أبوهشيمة وأسامة الشيخ.
وهناك سبب إضافي يتمثل في الرؤية التي قدمها تامر لمستقبل مجموعة إعلام المصريين، عبر السيطرة على الإنتاج الدرامي في مصر لتحقيق رغبة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في إنتاج أعمال وطنية تخدم وجهة نظر النظام وتكرس شعبيته لدى الشعب، بدلاً من الأعمال الدرامية التي تحمل انتقادات أو تقدم مشكلات اجتماعية واقتصادية يعاني منها المصريون.
يقول صحفي مخضرم تعاون سابقاً مع إعلام المصريين، رفض التصريح باسمه لحساسية الموقف، لـ "عربي بوست"، إن الفرصة التي حصل عليها تامر مرسي في المجموعة يصح أن يقال عنها الفرصة المثالية في الوقت المثالي، فقد طرح رؤيته في وقت كان يزداد فيه حنق السيسي على الإعلام وحتى المسلسلات التي لا تقدم إنجازات النظام، وهو ما عبر عنه في أكثر من موقف.
وأمام خشية قادة المخابرات المسؤولين عن ملف إعلام المصريين من المحاسبة بسبب الفشل في تحقيق رغبات الرئيس، وكذلك إهدار المال العام بفضل نزيف الخسائر المستمر الذي كانت المجموعة تحققه سنوياً، وجد الجميع أن تامر مرسي هو الشخص المثالي لتولي المنصب.
في البداية اتسم تعامل تامر مع الأمر بالذكاء، حيث تجنب الاصطدام بكل المسؤولين المحسوبين على أحمد أبوهشيمة، وأظهر لهم الود والتعاون، لكنه كان في الحقيقة يمد لهم حبل المشنقة ليلفوه حول أعناقهم، إذ جرت الإطاحة بكل رؤساء القنوات الذين عينهم أبوهشيمة واحداً بعد الآخر، ومن كان يجرؤ على الاعتراض كان يتم تهديده بتحويله للنيابة، وسجنه بتهم إهدار المال العام.
كما تمكن مرسي بنفس الطريقة تقريباً من الإطاحة بمنافسه المحتمل في المجموعة، ضابط المخابرات السابق ياسر سليم، المقرب من اللواء عباس كامل، إذ انتهت رحلة سليم كنائب لرئيس إعلام المصريين بعدما واجه اتهاماً يمكن وصفه بالمضحك -بحسب ما يقول الصحفي- وهو إصدار شيكات بدون رصيد للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، إحدى شركات إعلام المصريين التي يشغل ياسر سليم منصب نائب رئيس مجلس إدارتها!
هيمن تامر مرسي على كل مقدرات الإعلام والإنتاج الدرامي في مصر طوال 3 أعوام، ظل فيها فرعون مصر الإعلامي دون شريك، يمنح النجومية لمن يشاء ويمنعها عمن يشاء دون رقيب، لكن كما يقول مصدر بإحدى الصحف المستقلة في مصر، إن السلطة المطلقة مفسدة مطلقة، ومن الباب الذي صعد منه تامر مرسي إلى سماء الإعلام المصري، هبت عليه الرياح التي أسقطته من منصبه وربما إلى ما هو أسوأ.
السلطة المطلقة خلقت العديد من الأعداء
ويفسر الصحفي المطلع على ما يجري في "إعلام المصريين" كلامه بالقول إن السلطة المطلقة التي منحها رجال المخابرات لمرسي ليتصرف في إعلام المصريين ومن ثم المشهد الإعلامي والدرامي المصري كله كما يشاء، خلقت له العديد من الأعداء، خصوصاً "أنه ظلم الكثيرين سواء من الوسط الإعلامي أو الفني"، على حد تعبيره. وهذا الوسط الأخير بالتحديد كان يجب أن يعد له مرسي حسابات خاصة، كون العديد من نجومه لهم خيوط تواصل مع مسؤولين حاليين وسابقين في الدولة يستطيعون اللجوء إليهم للشكوى من تعنت تامر مرسي معهم وهو ما حدث بالفعل.
حافز آخر دفع المسؤولين في المخابرات الذين كانوا يحمون تامر مرسي لرفع أيديهم عنه، هو ما تردد عن حجم الفساد المالي في المجموعة، على حسب قول المصدر، التي كان يتصرف فيها مرسي وفقاً للمثل الشعبي المصري "من دقنه وافتل له"، أي كان ينتج أعماله الدرامية بأموال الدولة من خلال شركة "سينرجي" التي يتشارك مع إعلام المصريين (المخابرات العامة) ملكيتها مناصفة، ثم يشتري تلك الأعمال من خلال الشركة المتحدة بأسعار عالية حتى يعوض الإنفاق الكبير لـ"سينرجي"، وبالتالي تعود الدولة لتدفع مجدداً ثمن شراء تلك الأعمال، وفي النهاية تخرج ميزانية المجموعة خاسرة، لأن الإعلانات لا تعوض الإنفاق الكبير الذي ينفقه تامر مرسي، ليكون هو المستفيد الأكبر من كل ما يحدث، على حد تعبير المصدر ذاته.
هذا، ولم يتسن لـ "عربي بوست" التأكد من حقيقة هذه الاتهامات المتعلقة بالفساد.
أبوهشيمة أسس "إعلام المصريين" ثم أصبح أول ضحاياها
سبق تامر مرسي في إدارة مجموعة إعلام المصريين، رجل الأعمال أحمد أبوهشيمة الذي أسس المجموعة بأوامر مباشرة من جهاز المخابرات العامة عام 2014 بعد شهور قليلة من إقدام وزير الدفاع المصري وقتها، الفريق أول عبدالفتاح السيسي على عزل الرئيس الراحل محمد مرسي المحسوب على جماعة الإخوان المسلمين.
لكن بعد 3 سنوات فقط، تم عزل أبوهشيمة وشراء حصته في إعلام المصريين من قبل شركة "إيجل كابيتال"، وهي الوعاء الاستثماري المباشر لجهاز المخابرات العامة الذي يدير استثماراتها في المجالات الاقتصادية.
وبحسب معلومات حصل عليها "عربي بوست" من مصدر مقرب من أبوهشيمة، فإن رجل الأعمال الذي يتميز بالذكاء الحاد والقدرة على قراءة المشهد السياسي وتحديد الرابحين والخاسرين فيه، دفع ثمن غلطة واحدة ارتكبها، حين صدق أنه صاحب "إعلام المصريين" الفعلي، وأن الدولة يمكن أن تترك له الحبل على الغارب لإدارة ملف الإعلام بالطريقة التي يراها دون مرجعيات مخابراتية.
ظروف إنشاء أبوهشيمة لمجموعة إعلام المصريين لا تخلو من طرافة تكشف كيف يدار المشهد الإعلامي في مصر في السنوات الأخيرة، فقد تلقى الرجل مكالمة هاتفية تأمره بشراء قناة "أون" التي كانت مملوكة وقتها لرجل الأعمال نجيب ساويرس، وسأل الضابط خلال المكالمة أبوهشيمة "معاك كام كاش؟"، فرد عليه الأخير بأنه يملك في أرصدته البنكية حوالي 500 مليون جنيه، وهو نفس السعر الذي حدده ساويرس لبيع القناة، وتم البيع بالفعل لصالح كيان جديد أنشأه أبوهشيمة بطلب من المخابرات، هو مجموعة "إعلام المصريين"، تيمناً باسم شركته للحديد التي فتحت له أبواب الثراء والشهرة "حديد المصريين".
ما حدث لاحقاً أن الجهاز السيادي ضخ 500 مليون جنيه أخرى في المجموعة وترك إدارتها لأبوهشيمة، الذي نشط في تنفيذ أجندة الدولة في الاستحواذ على أكبر عدد ممكن من القنوات والمواقع الإلكترونية والصحف الخاصة.
وخلال السنوات الأولى تم الاستحواذ على جريدة وموقع اليوم السابع الذي أبدى الرئيس السيسي إعجابه بموضوعيته خلال خطاب متلفز، وهي إشادة تخالف سمعة الموقع غير الحميدة في السوق الإعلامي المصري، كما أنشأ أبوهشيمة مجموعة قنوات "أون" للمنوعات والدراما والرياضة وغيرها.
لكن غياب الإشراف المباشر للجهاز السيادي على المجموعة الإعلامية، منح أبوهشيمة مساحة كبيرة للتصرف اعتباراً لمبدأ أنه المالك والمدير، وهي الغلطة التي عوقب عليها باستبعاده ليس فقط من رئاسة المجموعة ولكن من ملكيتها أيضاً، بعد أن اشترت إيجل كابيتال (على الورق) حصته فيها عام 2017، ويحسب لأبوهشيمة ذكاؤه في الانسحاب السريع دون مشاكل من المشهد ما أعفاه من مواجهة توابع سيئة تعرض لها مسؤول كبير آخر في إعلام المصريين هو ياسر سليم.
ياسر سليم ضحية أخرى
الضحية الثانية لمجموعة إعلام المصريين واللعب مع جهاز المخابرات هو ضابط المخابرات السابق ياسر سليم الذي فوجئ المصريون، في أحد أيام شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2019، بصورة منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي له وهو مقبوض عليه في سيارة ترحيلات، ومعها خبر أنه تم القبض على المنتج "الهارب" بتهمة إصدار شيكات بدون رصيد للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية.
رحلة صعود ياسر سليم خلت من أي منطق أو معيار موضوعي، إذ لا يملك الرجل الأربعيني من مزايا سوى كونه نجل الفريق أحمد صابر سليم الذي تولى قيادة القوات البحرية المصرية بين عامي 1996 و2001، حيث تم تعيين الابن "المحظوظ" في المخابرات العامة مجاملة لوالده، إلى أن طلب منه اللواء عباس كامل رئيس المخابرات الحالي أن يترك المخابرات ويتفرغ لبيزنس الإعلام، وذلك بحسب مصدر مطلع في "إعلام المصريين".
كان ذلك عام 2014 حينما كان عباس لا يزال مديراً لمكتب الرئيس السيسي، وبالفعل أنشأ سليم شركة "بلاك أند وايت" للإنتاج والدعاية، ودخل سوق الإعلام مصحوباً برعاية "الرجل الكبير"، كما يوصف عباس في أروقة السياسة والإعلام في مصر.
وقال مصدر "عربي بوست" في إعلام المصريين إن اختيار ياسر سليم الذي ظل يتفاخر حتى يوم القبض عليه بأنه ضابط مخابرات، نائباً للرئيس التنفيذي لمجموعة إعلام المصريين تامر مرسي عام 2017، والذي كان قد تم تعيينه لتوه كان الهدف منه تقليم أظافر مرسي حتى لا ينفرد بإدارة المجموعة لصالحه بعيداً عن توجهات المخابرات والدولة.
وتم الاتفاق بين الرجلين على تقسيم الملفات بينهما، وقام سليم بدور حيوي في عملية سيطرة المخابرات على الصحف والقنوات الفضائية في مصر بين عامي 2017 و2019.
لكن فجأة ودون سابق إنذار تمت إقالته من منصبه في إعلام المصريين، وطلب منه التفرغ لإدارة مشروعاته التجارية الخاصة، حيث يملك سلسلة مطاعم في التجمع الخامس والشيخ زايد، ورغم التزام سليم بتنفيذ ما طلب منه، تم القبض عليه وتسريب الصورة المهينة له على مواقع التواصل ليختفي بعدها من الفضاء العام نهائياً، وذكرت مصادر لـ"عربي بوست" أنه راح ضحية ما يوصف بـ"صراع الأجنحة" داخل جهاز المخابرات، بعدما أحكم الجناح الذي يسيطر عليه تامر مرسي قبضته على المجموعة، وأطاح بسليم "المتفاخر" منها بسبب انتقاداته لبعض القرارات السيادية داخل المجموعة، واعتقاده أنه يفهم في الإعلام أكثر من اللواءات الذين يديرونها.