كيف يمكن لبايدن أن يساهم في فوز الإصلاحيين بالانتخابات الرئاسية الإيرانية ويفشل خطة المتشددين؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2021/05/14 الساعة 09:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/05/14 الساعة 09:09 بتوقيت غرينتش
بايدن وافق على الصفقة للإمارات/ رويترز

باتت الانتخابات الرئاسية الإيرانية على الأبواب، لكن ثمة قلق من قبل المتشددين أن يخلف رئيس إصلاحي الرئيس الحالي الذي ينتمي لنفس التيار حسن روحاني إذا ما تكللت الجهود في رفع العقوبات الاقتصادية على البلاد بسبب برنامجها النووي إذا ما أقدمت الإدارة الأمريكية على هذه الخطوة رغم تراجع شعبية الإصلاحيين بسبب الأزمات الحالية.

وستُجرى الانتخابات في 18 يونيو/حزيران 2021. ويتكهَّن كثيرون بأن يكون عدد المصوتين أقل بكثير من انتخابات 2017، حين منح التوصيت الذي شارك فيه 73% من الناخبين المؤهلين للتصويت الرئيس حسن روحاني انتصاراً كاسحاً على خصمه الأساسي المتشدد، رئيس السلطة القضائية إبراهيم رئيسي.

لكنَّ الأداء الاقتصادي السيئ لإدارة روحاني على مدار السنوات الأربع الماضية، والناجم جزئياً عن العقوبات الاقتصادية الأمريكية القاسية، عامل أساسي يسهم في حالة التشاؤم حول انتخابات يونيو/حزيران. ويُعَد رد الفعل العنيف من جانب الدولة على الاحتجاجات واسعة النطاق في يناير/كانون الثاني 2018 ونوفمبر/تشرين الثاني 2019، التي أسفرت عن مقتل المئات، عاملاً آخر. ويمثل الفساد الاقتصادي المؤسسي، على كل مستويات الدولة، لاسيما في تلك الكيانات التي يديرها المتشددون وتقع خارج سيطرة الحكومة المنتخبة، عاملاً ثالثاً، كما يرصد تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي.

الرئيس الثوري الشاب

ويبدو أنَّ المتشددين والمرشد الأعلى، علي خامنئي، عازمون على الإتيان بشخص محافظ بشدة، أو على حد تعبير خامنئي "ثوري شاب"، ليكون الرئيس المقبل. وقد يستخدمون سلاحهم الرئيسي، مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة دستورية تفحص المترشحين لأغلب الانتخابات الوطنية وتوافق على مؤهلاتهم "الثورية" ويخضع لسيطرة المتشددين، لرفض المرشحين "غير المرغوبين".

هذا بالضبط ما حدث في انتخابات مجلس الشورى، البرلمان الإيراني، الأخيرة التي جرت في فبراير/شباط 2020. إذ رفض مجلس صيانة الدستور كل المرشحين المعتدلين أو الإصلاحيين، في حين رفضت كل الشخصيات المعتدلة أو الإصلاحية الكبرى مجرد الترشح، لمعرفتهم أنَّ مجلس صيانة الدستور سيرفضهم. وإلى جانب الخلاف سالف الذكر، كان هذا هو السبب الرئيسي لإدلاء 42.57% فقط من الناخبين المؤهلين بأصواتهم، وهي النسبة التي لم تتراجع أبداً عن 50%. وفي طهران، صوَّت 25.4% فقط من الناخبين المؤهلين. وحصل المحافظون والمتشددون على 221 مقعداً من بين 290 مقعداً.

تسريب تسجيل لظريف
الرئيس الإيراني حسن روحاني – رويترز

 لكنَّ المتشددين في حيرة من أمرهم فيما يتعلق بالانتخابات المقبلة. فضعف نسبة الإقبال على المشاركة هو أفضل فرصهم للفوز، لأنَّ الانتخابات السابقة تشير إلى أنَّه حين تكون نسبة المشاركة عالية، عادةً 60% أو أعلى، يفوز المعتدلون والإصلاحيون. لكن لطالما فسَّر خامنئي نسبة المشاركة الكبيرة باعتبارها تصويتاً بمنح الثقة لنظامه، وسيكون ضعف المشاركة ضربة له.

الاستعداد بالخطة البديلة

يملك الحرس الثوري العديد من المرشحين للانتخابات، بينهم وزير الدفاع السابق العميد حسين دهقان، ووزير النفط السابق العميد رستم قاسمي، والقائد السابق للحرس الثوري اللواء محسن رضائي. لكن هناك انقسامات عميقة في صفوف المتشددين بشأن التوافق على مرشح واحد.

أثار ترشح ضباط الحرس الثوري قلقاً كبيراً بين أولئك الذين يعارضون المتشددين. ففي ظل سيطرة الحرس الثوري بالفعل على السلطتين القضائية والتشريعية، هناك خشية من ألا يتخلى الجيش أبداً عن السلطة فيما لو فاز مرشح من الحرس الثوري بالانتخابات، وأن تتحول إيران إلى شيء شبيه بديكتاتورية عبدالفتاح السيسي في مصر.

مرشد الثورة الإيرانية على خامنئي/رويترز

ولا يمكن للرئيس حسن روحاني الترشح مجدداً بسبب القيود المفروض على عدد مرات تولي الرئاسة. أعلن مصطفى تاج زاده، وهو إصلاحي ونائب وزير الداخلية للشؤون السياسية بين عاميّ 1997 و2001 في إدارة الرئيس محمد خاتمي، والذي قضى 7 سنوات في السجن بعد "الحركة الخضراء" في 2009، ترشحه. وقد حدد برنامجاً للقيام بإصلاحات عميقة في النظام السياسي، بينها إعادة الحرس الثوري إلى الثكنات، وإلغاء إلزامية الحجاب الإسلامي، وطرح حد لفترة ولاية المرشد الأعلى. لكنَّ الأمل ضئيل بأن يسمح له مجلس صيانة الدستور بالترشح، غير أنَّ برنامجه والنقاشات التي تدور حوله على الإنترنت عبر تطبيق "Clubhouse" بمشاركة أعداد كبيرة، داخل وخارج البلاد، قد خلقت حالة من الإثارة.

أحد المرشحين الإصلاحيين الآخرين هو خريج جامعة ستانفورد محمد رضا عارف، وهو النائب الأول للرئيس (من بين 12 نائباً) خلال الولاية الثانية لإدارة خاتمي. لكنَّ أداءه أحبط الكثيرين بعد حصوله على أعلى عدد من الأصوات في انتخابات مجلس الشورى 2016. أحد المرشحين الآخرين المحتملين هو إسحاق جهانغيري، نائب الرئيس الحالي. ويُعَد علي لاريجاني، الرئيس السابق لمجلس الشورى وهو محافظ معتدل نسبياً، مرشحاً آخر.

ظريف أقلق المتشددين بتصريح

يشعر المتشددون بالرعب كذلك من محمد جواد ظريف، وزير الخارجية المعتدل الذي يحظى بشعبية واسعة بين الإيرانيين العاديين لجهوده في التوقيع على الاتفاق النووي، والذي يتفاوض الآن على شروط عودة كل من إيران والولايات المتحدة إلى الاتفاق. وعلى الرغم من إعلانه مراراً أنَّه لن يترشح، يعتقد المتشددون أنَّه سيفعل.

جرى قبل أسبوعين تسريب مقابلة لظريف كان قد تحدث فيها عن خلافاته مع الفريق قاسم سليماني. كانت واحدة من شكاوى ظريف الرئيسية هي أنَّ "الدولة بأكملها" كانت تُفضِّل منح الأولوية للأهداف العسكرية، ما أدى إلى خلافات بينه وبين سليماني. وقال ظريف في مقابلته: "ميدان المعركة يحكم في الجمهورية الإسلامية. لقد ضحيتُ بالدبلوماسية من أجل ميدان المعركة بدل أن يخدم الميدان الدبلوماسية".

تسريب صوتي لظريف ظريف
وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف/ رويترز

وبالنظر إلى أنَّ الكثير من الإيرانيين يعتبرون الفريق سليماني بطلاً قومياً، سارع المتشددون لإدانة ظريف ومقابلته الصادمة، مطالبين بعزله، بل وبمحاكمته، وحداهم الأمل بأن يؤدي هذا التسريب إلى تقليص شعبيته. انتقد خامنئي هو الآخر ظريف (دون أن يسميه بشكل مباشر) في خطاب ألقاه يوم 2 مايو/أيار، بحسب الموقع الأميركي.

لكنَّ كل الدلائل تشير إلى أنَّ شعبية ظريف زادت لسبب بسيط، وهو أنَّ ما ذكره في المقابلة كان معروفاً جيداً، باستثناء أنَّ أي مسؤول لم يملك الشجاعة حتى الآن للتعبير عنه صراحةً. إذ يؤمن معظم الإيرانيين بأنَّ على الحرس الثوري وقف تدخلاته في الشؤون الاقتصادية والسياسية للبلاد، والتركيز فقط على الدفاع عنها، وأنَّ أحد الأسباب المهمة للفساد الواسع هو تدخل الحرس الثوري في الشؤون الاقتصادية.

كيف سيغير رفع العقوبات مزاج الإيرانيين؟

ويمكن أن يحدث التغيير بسرعة في البيئة السياسية المتقلبة في إيران. على وجه التحديد، يمكن للأخبار السارة بشأن رفع إدارة بايدن للعقوبات ولو في الدقيقة الأخيرة أن تغير ديناميات الانتخابات، وذلك بالنظر إلى الظروف الاقتصادية المتردية لإيران.

وتشير التقارير إلى أنَّ المفاوضات في فيينا بشأن العودة إلى الاتفاق النووي أحرزت تقدماً. ويتمثل كابوس المتشددين في خروج إعلان على مدار الأسابيع القليلة القادمة يفيد بأنَّ الولايات المتحدة سترفع العقوبات.

وينبغي على إدارة بايدن أن ترفع بعض العقوبات الكبرى على الأقل قبل الانتخابات الإيرانية. وقد يحفز هذا أولئك المعارضين للمتشددين على الخروج للمشاركة في الانتخابات والتصويت لمرشح معتدل أو إصلاحي، وهو بالضبط السيناريو الكابوسي الذي يتخيل المتشددون حدوثه.

هل يصبح إبراهيم رئيسي رئيس إيران المقبل؟

وسيكون لرفع العقوبات نتائج مهمة أخرى؛ إذ كُشِفَ مؤخراً أنَّه منذ 2006، حين بدأت الأمم المتحدة فرض عقوبات على إيران، جرى إنفاق 400 مليار دولار على "الالتفاف على العقوبات". والمتشددون هم الذين استفادوا من هذا الفشل، لأنَّهم يسيطرون على السوق السوداء ويستوردون ما يريدون من خلال الأرصفة الثمانين الخارجة عن سيطرة الحكومة بالموانئ، وجني أرباح فلكية منها تمنحهم الموارد المالية لاستخدامها في دعايتهم ضد أولئك الذين يعارضونهم من خلال إمبراطورية هائلة من وسائل الإعلام، بما في ذلك مئات المواقع وعشرات "وكالات الأنباء" التي تعمل كآلات دعائية، فضلاً عن وسائل أخرى. وقد أشار إليهم روحاني نفسه بـ"تجار العقوبات" ، واتهمهم بعدم الرغبة في رفع العقوبات. سيؤدي رفع العقوبات إلى حرمان المتشددين من هذه الموارد، وهو ما لن يؤدي بدوره إلى التأثير إيجاباً على محنة الإيرانيين العاديين فقط، بل وسيساعد كذلك، على المدى الطويل، قضية الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان في إيران.

تحميل المزيد