تستعد الجامعة العربية لعقد اجتماع طارئ غداً على المستوى الوزاري برئاسة دولة قطر، للتعامل مع الاعتداءات الإسرائيلية على المسجد الأقصى وسكان القدس.
وسوف يعقد الاجتماع على الأغلب بعد جلسة منتظرة لمجلس الأمن مساء اليوم 10 مايو/أيار 2021 لمناقشة القضية دعت إليها 11 دولة بقيادة تونس العضو العربي في مجلس الأمن.
ويعقد الاجتماع في وقت يشهد فيه العالم العربي موجة غير مسبوقة من التطبيع في تاريخه، وهي موجة تترافق مع اتخاذ عدد من الدول العربية مواقف سلبية من القضية الفلسطينية، وسلطتها.
ويضع هذا الوضع الجامعة العربية في موقف محرج بالنظر إلى توقعات التصعيد الإسرائيلي تجاه المسجد الأقصى الذي يعد مقدساً للمسلمين والعرب جميعاً وليس الفلسطينيين فقط.
وفي الوقت ذاته، فإن الرد الفعل التقليدي لاجتماعات مجلس جامعة الدول العربية في هذه المواقف هو دعوة مجلس الأمن للانعقاد، ولكنه في الأغلب سيكون المجلس قد انعقد بالفعل، ويحتمل أن يعرقل الفيتو الأمريكي صدور قرار يدين إسرائيل.
التوجه للجمعية العامة للأمم المتحدة أو "العدل الدولية"
وقد يكون أحد الخيارات الممكنة بالنسبة للجامعة العربية في حال استخدام الفيتو الأمريكي لمنع إدانة إسرائيل هو التوجه للجمعية العمومية للأمم المتحدة لاستصدار قرار بشأن الوضع في القدس منها، وهي قرارات لها طابع معنوي أكثر من كونه إلزامياً.
كما يمكن أن تسعى الجامعة العربية للتوجه لمحكمة العدل الدولية لاستصدار قرار بشأن القدس وأزمة حي الشيخ جراح والمسجد الأقصى وغيرها من المقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة، كما سبق أن جرى ذلك مع جدار الفصل العنصري الذي بنته إسرائيل على أراضي الضفة الغربية، وذلك تلبية لطلب الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 3 ديسمبر/كانون الأول 2003م، وهو الحكم الذي انتهى إلى أن الجدار غير قانوني.
تمثل هذه الخطوة المحتملة أمراً إيجابياً من الوجهة القانونية لأنها قد تراكم أحكاماً ومواقف قانونية في صالح الفلسطينيين، مثلما حدث فيما يتعلق بقرار المحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق في جرائم الحرب الإسرائيلية.
ولكن يظل هذا حتى هذا الخيار لا يخلو من مخاطر بالنظر إلى أن القدس رغم أنها من الناحية القانونية جزء من الأراضي المحتلة عام 1967ـ إلا أنه قد يكون هناك مجاملة لإسرائيل بشأن وضعيتها امتداداً لكثير من المواقف الغربية في هذا الشأن.
ولكن الأخطر أن مثل هذا الحل، قد يطول حتى تكون إسرائيل قد نفذت مخططاتها بشأن الأقصى والقدس.
هل يمكن التراجع عن التطبيع؟
من المستبعد بطبيعة الحال صدور أي قرار من الوزاري العربي بشأن التطبيع أو ضرورة وقفه قطاره الزاحف، فوفقاً للمعايير السائدة في الجامعة العربية حالياً، فإن التطبيع شأن داخلي لكل دولة.
المفارقة أن التطبيع يمكن أن يكون أداة ضغط عربية لو أراد أصحابه استخدامه في الوقت الحالي، لأن وقف مسيرة التطبيع أو التراجع في بعض خطواته يمثل خسارة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي يتفاخر بنجاح إرثه في هذا المجال.
فبطييعة الحال بعض القادة العرب، يستطيعون بفضل علاقتهم الشخصية المتنامية مع نتنياهو والتحالف معه في بعض الحالات إقناعه بوقف الاعتداءات، لو أرادوا.
قرار واقعي بالنسبة إلى الجامعة العربية
قد يكون واحداً من أكثر القرارات فاعلية وواقعية التي يمكن لمجلس الجامعة العربية اتخاذها، هو تقديم مساعدات مالية لمساعدة الفلسطينيين عامة والمقدسيين خاصة، أو على الأقل تنفيذ القرارات العربية السابقة في هذا الشأن.
وتأتي أهمية المساعدات في حالة القدس تحديداً لأنها ستساعد المجتمع المقدسي في الصمود أمام ضغوط المستوطنين، ورجال الأعمال اليهود الأثرياء الذي يضخون أموالاً هائلة للاستيلاء على بيوتهم، إضافة إلى حاجة المقدسيين لمحامين لخوض معاركهم القانونية، فضلاً عن حاجت المدينة الماسة لصيانة مؤسساتها المتداعية.
يمثل هذا الحل أكثر الحلول واقعية في ظل الواقع العربي المتدهور، وأيضاً فإنه سيكون له تأثير سريع على الأرض.
المشكلة تظهر في أن كثيراً من الاجتماعات العربية خرجت منها في فورات الحماسة التزامات مالية للفلسطينيين، إبراءً للذمة، ولكن بعد أن يجف حبر الاجتماعات، يتوقف شريان المساعدات