كيف وقع مفاعل نطنز الإيراني فريسة سهلة للمهاجمين؟! ثغرة صغيرة كلفت طهران الكثير

عربي بوست
تم النشر: 2021/04/13 الساعة 13:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/13 الساعة 13:42 بتوقيت غرينتش
منشأة نطنز النووية في إيران - رويترز

يبدو الهجوم على منشأة تخصيب نووي إيرانية، الذي يحمل بصمات إسرائيلية واضحة، الحلقة الأخيرة في حرب سيبرانية انتقامية تشتد وطأتها. واستهدف كلا الجانبين بالفعل ما يُطلَق عليها أنظمة التحكم الصناعية لدى الآخر، التي تبين أنها نقطة ضعف أساسية في شتى دول العالم.    

وبينما وصفت إيران الهجوم الأخير بأنه "تخريب"، قال الإعلام الإسرائيلي إنه هجوم سيبراني.   

ومرت أكثر من 10 سنوات على اكتشاف ضعف أنظمة التحكم الصناعية، وكذلك تكنولوجيا التشغيل المستخدمة في محطات البنية التحتية الضخمة وعمليات التصنيع -من شبكات الكهرباء إلى مصانع الكيماويات ومعالجة المياه والصلب- بعد كشف النقاب عن هجوم فيروس "ستوكس نت" الخبيث الأمريكي-الإسرائيلي على مفاعل نطنز، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.

الفيروس الذي يقلق منه الجميع

ومنذ ظهور فيروس "ستوكس نت"، برزت محاولات خرق أنظمة التحكم الصناعية واستغلالها بوصفها أخطر جبهات الحرب السيبرانية وأشدها تنافسية في أنحاء العالم. وفي هذه الأثناء، أعلن مسؤولون في إدارة بايدن الأسبوع الماضي، عن أمر تنفيذي مُخطَّط إصداره لتعزيز الدفاعات الأمريكية.   

وتتمثل جاذبية شنّ هجمات سيبرانية عبر التكنولوجيا التشغيلية في أنها على عكس القرصنة التقليدية لسرقة البيانات تهدف إلى إحداث تأثير مادي، سواء كان انقطاع التيار الكهربائي أو تلوث المياه أو التسبب في تجاوز سعة تشغيل الأنظمة وتلفها أو حتى حدوث انفجار.

إيران إسرائيل
مفاعل بوشهر النووي الإيراني/صورة أرشيفية 2010،رويترز

وتعاني إيران، التي اعتمدت جهودها النووية تاريخياً على تكنولوجيا التحكم الصناعي من شركة Siemens الألمانية، وهي إحدى البوابات التي هاجمتها "ستوكس نت"، من الضعف أمام هذه الأنواع من الهجمات بسبب الحظر المفروض على نقل التكنولوجيا التي يمكن استخدامها في البرنامج لحماية أنظمة التحكم.

وفي عام 2010، كان "ستوكس نت" من بين أعقد البرامج الضارة المُكتَشَفة على الإطلاق؛ إذ قيل إنه ألحق الضرر بما يصل إلى خمسة أجهزة طرد مركزي نووية في إيران.

كيف حصنت إيران نفسها لفترة محدودة؟

ومع ذلك، دفع هذا الهجوم إيران إلى تطوير قدرتها الخاصة على شنّ هجمات سيبرانية على البنى التحتية الحيوية بقيادة مجموعة من القراصنة المعروفة باسم APT33، التي حوَّلت اهتمامها مؤخراً من شبكات تكنولوجيا المعلومات إلى أنظمة التحكم الصناعية.

وفي العام الماضي، حمَّلت وسائل الإعلام الإسرائيلية قراصنة إيرانيين المسؤولية في هجومين استهدفا محطات معالجة المياه في البلاد.

وفي حين أنَّ الهجمات السيبرانية على  شاكلة الأخير في نطنز تحتل العناوين الرئيسية حتماً، فهي الدليل الأوضح على استمرار الصراع الإلكتروني.

وفي الخريف الماضي، أفادت وكالة أنباء إيرانية بأنَّ هجمات سيبرانية أصابت البنية التحتية الإلكترونية لموانئ البلاد. وقال مسؤول: "الأعداء اللدودون يحاولون منذ بعض الوقت تنفيذ هجمات سيبرانية".

وبالرغم من أنَّ تقريراً صادراً عن باحثين في شركة Tenable الأمريكية للأمن السيبراني منذ عامين أشار إلى أنَّ الدول أصبحت أفضل في حماية البنى التحتية ضد تهديد الهجمات المشابهة لفيروس "ستوكس نت"، لكنها لا تزال تجد العديد من نقاط الضعف في أنظمة التحكم الصناعي.

إيران الاتفاق النووي
إيران تزيد من وتيرة تخصيب اليورانيوم وسط اشتداد خلافاتها مع أمريكا – رويترز

على مدار عقد من الزمن تستهدف جهات أجنبية المواقع النووية الإيرانية من أجل وقف طهران عن امتلاك السلاح النووي إما عن طريق العمليات التخريبية أو من خلال الدبلوماسية، كما حدث في الاتفاق بين طهران والقوى الكبرى عام 2015.

آخر هذه الهجمات التخريبية منشأة نطنز، التي تقع تحت الأرض في إيران وحتى الآن لم تعلن جهة ما مسؤوليتها عن العملية، لكن أصابع الاتهام توجه صوب إسرائيل، العدو الأول لإيران.

ويأتي هجوم نطنز الذي وقع يوم الأحد 11 أبريل/نيسان في وقتٍ تحاول فيه القوى العالمية التفاوض على عودة إيران والولايات المتحدة لاتفاق طهران النووي. ويهدد هذا الحادث التخريبي بقلب تلك المفاوضات رأساً على عقب، وبزيادة التوترات الإقليمية في الشرق الأوسط، بحسب تقرير لصحيفة The Washington Post الأمريكية.

المواقع النووية في إيران

تضم مدينة نطنز، التي تقع في محافظة أصفهان بوسط إيران، منشأة تخصيب اليورانيوم الرئيسية في البلاد. وتمتلك إيران محطة طاقة نووية واحدة عاملة في بوشهر، افتتحتها بمساعدة روسيا عام 2011. وسبق أن أعادت إيران تشكيل مفاعل أراك الذي يعمل بالماء الثقيل حتى لا تتمكن من إنتاج البلوتونيوم. وهناك موقع التخصيب فوردو الذي يستقر في أعماق سفح أحد الجبال. ولا يزال مفاعل الأبحاث في طهران نشطاً أيضاً.

جماعة الحوثي أرامكو السعودية
منشأة تابعة لشركة أرامكو السعودية تضررت إثر هجوم وقع في عام 2019 (رويترز)

دبلوماسية الرفض

أبرمت إيران اتفاقاً نووياً عام 2015 مع الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وروسيا والصين. ونص هذا الاتفاق، المعروف رسمياً باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، على أن تحدّ إيران بدرجة كبيرة من تخصيب اليورانيوم بإشراف مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية.

ومنع المخزون الصغير من اليورانيوم الأقل تخصيباً إيران من الحصول على ما يكفي من المواد لصنع قنبلة نووية إذا أرادت ذلك.

تحميل المزيد