عدو نتنياهو وخليفته المحتمل.. قصة نفتالي بينيت الذي يسعى الآن ليصبح رئيساً للوزراء

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2021/04/09 الساعة 11:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/04/09 الساعة 11:27 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع نفتالي بينيت/رويترز

أصبح نفتالي بينيت، رئيس حزب يميني إسرائيل صغير، رقماً صعباً في معادلة السياسة الإسرائيلية بعد الانتخابات البرلمانية الثالثة التي لم تفرز حكومة جديدة بل جعلت الأمور أكثر تعقيداً. 

فبعدما كان يريد بينيت أن يصبح الذراع اليمني لبنيامين نتنياهو يجد نفسه الآن على وشك إنهاء الفترة الطويلة لمرشده السابق في المنصب، والحلول محله كرئيس وزراء إسرائيل. لكن السؤال هو: ما مدى رغبته في الانتقام؟ بحسب تقرير لصحيفة The Times البريطانية. 

من هو بينيت؟ وما هي قصته؟

لسنواتٍ من الزمن، كان بينيت، 49 عاماً، يقدِّس نتنياهو، 71 عاماً، باعتباره بطلاً، ويصوغ عملياً مسيرته السياسية على غراره. لقد خدم في نفس وحدة مغاوير النخبة في الجيش الإسرائيلي، وأصبح ضابطاً. ومثله تماماً، انتقل بعد ذلك إلى نيويورك لمواصلة مسيرته في الولايات المتحدة. كان نتنياهو في الدبلوماسية، بينما أصبح بينيت رائد أعمالٍ في مجال التكنولوجيا الفائقة. وبعد أن نجح هناك، عاد إلى إسرائيل للولوج إلى السياسة. 

في عام 2006، شعر أن رغبته قد تحقَّقَت عندما عُيِّنَ قائداً لفريق الرجل الذي كان زعيم المعارضة: نتنياهو. في البداية كان مستعداً حتى للقيام بالمهمة طوعاً دون أجر. 

لقد ذلك هو الحضيض في مسيرة نتنياهو السياسية: حزب الليكود كان قد تعثَّر مع الناخبين، وانخفضت مقاعده إلى 12 مقعداً من أصل 120 في الكنيست. شرع بينيت على الفور في وضع خططٍ لإنعاش فرصه، معتقداً أنه سيكون له الدور المركزي في الليكود إذا نجح. 

نفتالي بنت
نفتالي بنت/رويترز

حاوَلَ بينيت، جنباً إلى جنبٍ مع حليفته الجديدة أيليت شاكيد، التي هي أيضاً مثله متخصِّصةٌ في التكنولوجيا الفائقة، جلب نظامٍ عملي إلى مكتب زعيم الحزب. ومع ذلك، فقد تأثَّرَ باستمرار بمطالبات سارة نتنياهو بمعرفة مكان وجود زوجها في جميع الأوقات، وفحص الأشخاص الذين يمكنهم الوصول إليه. 

وفي وقتٍ سابق، صرخ بينيت في وجه زوجة نتنياهو، قائلاً: "أنا أعمل من أجل زوجك وليس من أجلك"، وبدأ من هناك المسار الهبوطي. 

سرعان ما وجد نفسه مُجمَّداً خارج الدائرة الداخلية. وحين علمت سارة نتنياهو أنه هو وشاكيد تلقيا مبلغاً صغيراً من المال التي كان من المفترض أن تكون تبرُّعاً لزوجها شخصياً، طالبتهما بإعادة المال. 

محنة بينيت

بحلول أوائل العام 2008، ترك بينيت وشاكيد وظيفتهما. لم يتحدَّث بينيت قط عن هذه المحنة، باستثناء مقارنة وقته مع زوجة نتنياهو بدورة القوات الخاصة بشأن تجنُّب الوقوع في الأسر والتصرُّف في ظلِّ استجواب العدو. 

في السنوات القليلة التالية، وجد أن أيَّ طريقٍ إلى منصبٍ سياسي في إطار حزب الليكود، سواء كمُرشَّحٍ للكنيست أو مسؤولٍ حكومي كبير، قد حُظِرَ أمامه. 

ومع ذلك، لم يتخل عن تطلُّعاته، ومع حليفته، وضع أمام عينيه حزب يميني أصغر، وهو البيت اليهودي، الذي كان يضعف في صناديق الاقتراع وبحاجةٍ إلى اتجاهٍ جديد. 

وزير التعليم السابق نفتالي بينيت ووزير الداخلية أريه ديري يزوران مدرسة في افتتاح العام الدراسي/ هآرتس

وفي حملةٍ شعواء، فاز في انتخابات قيادة الحزب بثلثي أصوات الأعضاء. وبعد بضعة أشهر أصبح في الكنيست وترأس حزباً له 12 مقعداً. 

منذ ذلك الحين فصاعداً، اضطر نتنياهو إلى أخذ بينيت في اعتباراته الائتلافية. عيَّنه وزيراً للأعمال على مضضٍ في 2013، ثم وزيراً للتعليم بعد انتخاباتٍ أخرى في 2015. 

لكن إحياء بينيت لحزبٍ يميني منافس أدَّى فقط إلى ترسيخ عداوة نتنياهو تجاهه، خاصةً وأن الناس بدأوا يتحدَّثون عنه كزعيمٍ مستقبلي لليمين الإسرائيلي برمته. 

وفي الانتخابات من عام 2015 فصاعداً، كرَّس نتنياهو الكثير من موارد الليكود لمحاربة بينيت وحزب البيت اليهودي، بدلاً من أحزاب المعارضة من يسار الوسط. 

عدو نتنياهو

وكُشِفَ عمق العداوة في المحكمة هذا الأسبوع خلال محاكمة نتنياهو بتهمة الرشوة والاحتيال. شهد شاهد إثبات كيف تعرَّضَ لضغوطٍ من قِبَلِ مُمَثِّلي رئيس الوزراء لنشر تشهيرٍ ضد بينيت وعائلته. 

عندما كانت لدى بينيت أفكارٌ تطلُّعية، مثل تعيينه وزيراً للدفاع، قوَّضَه نتنياهو داخل حزبه من خلال الانخراط مع أعضاءٍ كبار آخرين، علاوة على الحاخامات ذوي النفوذ في الحزب. 

انفصل بينيت في أواخر عام 2018 عن حزب البيت اليهودي، وأنشأ حزبه الخاص، وهو حزب يامينا، لكن ساحة اليمين كانت مزدحمةً إلى درجة أنه فشل في الفوز بأيِّ مقاعد في الانتخابات الأولى لعام 2019. 

ومع ذلك، مع كفاح نتنياهو في ذلك الوقت من أجل بقائه السياسي -وهو صراعٌ أصاب السياسة الإسرائيلية بالشلل- كانت البلاد تشرع في سلسلةٍ من الانتخابات المتعثِّرة التي عاد خلالها بينيت العنيد، وظهر في الكنيست في وقتٍ لاحق من عام 2019. 

نفتالي بينيت
نفتالي بينيت /رويترز

وبعد أربعة انتخابات في العامين الماضيين، لا يزال نتنياهو بدون أغلبية، لكن المعارضة المُجزَّأة، التي تتراوح من القوميين اليهود من اليمين إلى الشيوعيين العرب من اليسار، غير قادرة على التجمُّع لتشكيل حكومة جديدة. 

أصبح بينيت الآن يشكِّل محوراً مهماً. ربما فاز حزبه، يامينا، بسبعة مقاعد فقط في الانتخابات الأخيرة في مارس/آذار الماضي، لكن هذا لا يكفي لجعله صانع ملوك، ناهيكم عن أن يكون ملكاً. 

أما نتنياهو، الحريص على البقاء رئيساً للوزراء وإقرار قانون حصانة يوقف محاكمته بالفساد، فهو مستعدٌ أخيراً ليعرض على بينيت ما كان يريده أخيراً: منصب وزاري رفيع إلى جانبه، وربما حتى نائب رئيس الوزراء، لدمج حزب يامينا في الليكود، مع حقوق التصويت في لجنته المركزية، وتنصيب بينيت وريثاً مُحتَمَلاً له. 

لكن على الجانب الآخر من الكنيست، فإن كتلة أحزاب المعارضة مستعدة لجعل بينيت رئيساً للوزراء على الفور، خلال العامين المقبلين، إذا انضمَّ إليهم في حكومةٍ تزيح نتنياهو في النهاية. 

في العلن، يظلُّ بينيت يعد دائماً بـ"فعل ما هو أفضل لإسرائيل"، لكن في السر، يقول إنه لا يثق في نتنياهو، وهو مستعدٌ لإنهاء حكمه الطويل. 

ومع ذلك، فهو يخشى إثارة غضب قاعدته اليمينية من خلال الانضمام إلى حكومةٍ ستضم أحزاب الوسط واليسار. 

يطرح البعض أنه لم يتخلَّص قط من إعجابه بمعلمه السابق. وقال أحد مستشاريه: "لا يزال نفتالي في قلبه يريد أن يكون الابن الضال لنتنياهو". لكنه يريد أن يكون رئيساً للوزراء، وهو يعلم في عقله أن نتنياهو سيفعل كلَّ شيءٍ لإيقافه عن ذلك. 

قد يتحدَّد مستقبل السياسة الإسرائيلية قريباً بالمعركة بين قلب نفتالي بينيت وعقله. 

تحميل المزيد