بينما كان يُعتقد أن لقاح أسترازينيكا – أكسفورد هو الذي سينقذ العالم من جائحة فيروس كورونا، أصبح هذا اللقاح مثار جدل دولي واسع النطاق، وباتت هناك تساؤلات جدية حول ما إذا كانت مخاطر لقاح أكسفورد أكبر من فوائده.
وبسبب المخاوف من مخاطر لقاح أكسفورد المحتملة، علقت عدة دول أوروبية حملات التطعيم به، ثم أعادتها مع منع بعض الفئات من تلقيه.
وتراجعت أسهم شركة AstraZeneca المنتجة لهذا اللقاح في بورصة لندن، حسب تقرير لموقع CNBC.
حسم الجدل حول مخاطر لقاح أكسفورد
من الواضح أن اللقاح يسبب خطرين محتملين: الأول ما يُعرف بـ"تجلط الجيوب الوريدية الدماغية"، وكذلك قلة الصفيحات (مستويات منخفضة من الصفائح الدموية التي تساعد الدم على التجلط)، ولكن حتى الآن هذا حدث في حالات نادرة جداً.
وأعلنت وكالة الأدوية الأوروبية، الأربعاء 7 أبريل/نيسان 2021، أنها وجدت صلة محتملة بين لقاح شركة أسترازينيكا المضاد لفيروس كورونا وجلطات دموية نادرة، لكنها أوضحت أن فوائد اللقاح لا تزال تفوق المخاطر.
أبلغت وكالة الأدوية الأوروبية عن 86 حالة تجلط دم تم تسجيلها عبر قاعدة بيانات "EudraVigilance" في أوروبا بحلول 22 مارس/آذار، من بين نحو 25 مليون جرعة لقاح تم إعطاؤها.
18 حالة من بين الحالات الـ86 انتهت بالوفاة، أحدث الأرقام على المستوى الأوروبي غير متوافرة.
والدول الأعضاء لديها بالفعل مزيد من الدراسات الاستقصائية الحديثة، بشكل فردي.
وقالت رئيسة لجنة السلامة التابعة لوكالة الأدوية الأوروبية (EMA)، الدكتورة سابين ستراوس، في مؤتمر صحفي عُقد بأمستردام، الأربعاء، إن خطر الإصابة بجلطة دموية نادرة بعد تلقي لقاح أسترازينيكا أعلى في الفئات العمرية الأصغر وأعلى عند النساء.
وأضافت ستراوس: "ما رأيناه حتى الآن هو، في الواقع، أن الخطر يبدو في الغالب في سن أصغر- 60 عاماً أو أقل- ولكنه يحدث أيضاً عند كبار السن، وقد رأينا أنه يؤثر في الغالب على النساء. يمكن تفسير بعض ذلك بالطريقة التي يتم بها استخدام اللقاح في الاتحاد الأوروبي والمنطقة الاقتصادية الأوروبية".
وأوصت الهيئة الأوروبية بضرورة إدراج جلطات الدم كأحد الآثار الجانبية "النادرة جداً" للقاح أسترازينيكا.
وأفاد بيان الهيئة بأن لجنة السلامة التابعة لها خلصت إلى أن جلطات الدم غير العادية مع انخفاض عدد الصفائح الدموية يجب أن تُدرج على أنها آثار جانبية "نادرة جداً" للقاح، وتحدثت عن رابط ممكن بين اللقاح وهذه الحالات النادرة جداً.
وأكدت أن فوائد اللقاح ما زالت تفوق مخاطره.
ماذا تقول منظمة الصحة العالمية؟
وقالت منظمة الصحة العالمية، إنه بناءً على المعلومات الحالية، يُعتبر وجود علاقة سببية بين اللقاح وحدوث جلطات دموية مصحوبة بانخفاض الصُّفيحات الدموية أمراً معقولاً في ظاهره، ولكنه غير مؤكَّد. ويلزم إجراء دراسات متخصصة لفهم العلاقة المحتملة بين التطعيم وعوامل الخطر الممكنة فهماً تامّاً.
وأضافت أن حالات الإصابة "نادرة جداً" بين نحو 200 مليون شخص حصلوا على اللقاح في شتى أنحاء العالم.
وقالت المنظمة إن "اللقاحات قد تكون لها آثار جانبية، مثلها في ذلك مثل جميع الأدوية. ويستند إعطاء اللقاحات إلى تحليل للمخاطر مقابل الفوائد".
وماذا تقول بريطانيا؟
تم بالفعل إيقاف تجربة المملكة المتحدة للقاح Oxford-AstraZeneca على الأطفال مؤقتاً مع قيام منظم الأدوية الحكومي بالتحقيق في وجود صلة محتملة بين اللقاح واضطرابات تخثر الدم، وتحديداً حالات الجلطات الدموية في الأوردة داخل الدماغ، والمعروفة باسم تجلط الجيوب الوريدية الدماغية، وكذلك قلة الصفيحات (مستويات منخفضة من الصفائح الدموية التي تساعد الدم على التجلط).
وكشفت الرئيسة التنفيذية للهيئة المنظمة للقطاع الصحي في بريطانيا، جون رين، أنه بحلول 31 مارس/آذار، تم إعطاء أكثر من عشرين مليون جرعة، وتسجيل 79 حالة من الجلطات الدموية الخطيرة بعد تلقي الجرعة الأولى. ومن بين هذه الحالات الـ79، توفي 19 شخصاً.
غير أن المسؤولة البريطانية أكدت أن فوائد تلقي لقاح أسترازينيكا ما زالت أكبر لدى أغلب السكان.
وقالت: "مراجعتنا أكدَتْ أن خطر هذا التأثير الجانبي النادر المشتبه به لا يزال ضئيلاً جداً".
هل لقاح أكسفورد مناسب لجميع الأعمار؟
هناك تقييمات متباينة: في بعض البلدان، يوصى باللقاح فقط للفئات الأكبر سناً (مع ذكر حدود عمرية مختلفة)، حسب تقرير لموقع دويتش فيله الألماني (DW).
بينما لا تفرض منظمة الصحة العالمية (WHO) والوكالة الأوروبية للأدوية حداً أدى لسنّ تلقي اللقاح، رغم اعتراف الوكالة الأوروبية، يوم 7 أبريل/نيسان 2021، بأن النساء الأصغر سناً على وجه الخصوص تأثرن بآثار جانبية نادرة، لكنها ترى أن الفوائد تفوق المخاطر.
وأمام هذه التطورات أوصت لجنة المناعة والتلقيح الحكومية البريطانية بعرض لقاح آخر بدلاً من أسترازينيكا لمن هم دون سن الثلاثين، ولكنها نفت أنها أوصت بوقف التطعيم لأي فئة عمرية.
واستناداً إلى تقرير هيئة تنظيم الأدوية الأوروبية قررت إسبانيا حصر تلقي اللقاح أسترازينيكا على من هم فوق ستين عاماً، على غرار إيطاليا وألمانيا.
بينما أعلنت فرنسا أن استخدام اللقاح سينحصر على من هم فوق خمسة وخمسين عاماً.
في ألمانيا، يوصى بلقاح أكسفورد فقط للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 60 عاماً، ولكن مع التقييد الذي يمكن للأشخاص الأصغر سناً- خاصةً المرضى المعرضين للخطر، وتقرر أن يكون الاستمرار في إعطاء لقاح أسترازينيكا – أكسفورد بعد الاستشارة الطبية أو في تقديرهم الخاص.
وهو قرار تسبب في حدوث ارتباك، بعد كل شيء أوصت اللجنة الدائمة للتلقيح بألمانيا في البداية بأن يتم تطعيم الأشخاص حتى سن 64 فقط باستخدام لقاح أكسفورد، "بسبب نقص البيانات".
جاء تقييم هولندا مختلفاً، فبعد أن أوقفت في البداية لقاح أكسفورد للأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 60 عاماً في 6 أبريل/نيسان، أوقفت الدولة تماماً تناولها في الوقت الحالي، بسبب مخاوف الإصابات بمرض الوريد الدماغي الجديد وجلطات وريد الجيوب الأنفية لدى النساء الأصغر سناً.
لماذا تحدث الآثار الجانبية بشكل رئيسي عند النساء الأصغر سناً؟
حتى الباحثين والخبراء لا يستطيعون الإجابة بشكل حاسم عن ذلك حتى الآن. فقد لوحظت مخاطر لقاح أكسفورد بشكل رئيسي في النساء بعمر 55 سنة، ظهرت الأعراض بعد أربعة إلى 16 يوماً من التطعيم، لكنها تؤثر أيضاً على الرجال وكبار السن.
خمنت وكالة الأدوية الأوروبية أن ارتفاع معدل حدوث تجلط الدم لدى النساء تحت سن 55 "قد يكون بسبب زيادة استخدام اللقاح في هذه الفئة من السكان". تستند الأطروحة إلى افتراض أن مزيداً من النساء يعملن في مهن التمريض والمستشفيات التي أعطيت الأولوية للتلقيح.
ما سبب أن لقاح أسترازينيكا – أكسفورد يزيد من خطر الإصابة بتجلط الدم؟
لم يتم توضيح مدى الخثرات القاتلة التي حدثت في بعض الأحيان بعد التطعيمات بلقاح أكسفورد بشكل قاطع.
وفقاً للوكالة الأوروبية المعنية، لا يمكن تحديد عوامل الخطر.
كان خبراء آخرون قد أكدوا سابقاً أن العلاقة السببية بين التطعيمات والتخثر لم يتم تحديدها بشكل صحيح بعد. كانت هناك مخاوف من أن تكون بعض الجلطات الدموية في الدماغ خاصة وليست جلطات عادية (رغم أنها نادرة).
ولكن بعض العلماء قدَّم تفسيراً لهذه الجلطات
لا يعرف الباحثون أيضاً ما الذي يسبب جلطات الدم على وجه التحديد.
ولكن قد يكون هناك تفسير لدى علماء من جامعة جرايفسفالد بألمانيا، إذ يعتقد الفريق الذي يقوده أخصائي نقل الدم العالم الألماني Andreas Greinacher، أن سبب هذا النوع من المضاعفات هو آلية معينة تحدث من الجهاز المناعي.
وفقاً لهذا السيناريو يمكن أن يؤدي مصل AstraZeneca إلى تفاعل دفاعي قوي لدى بعض الأشخاص الذين تم تلقيحهم، حيث يتم تنشيط الصفائح الدموية أيضاً، مما يؤدي بدوره إلى تجلط شديد في الوريد الدماغي مع نقص الصفائح الدموية.
ويقول إيمر كوك المدير التنفيذي لوكالة الأدوية الأوروبية، إن أحد التفسيرات المعقولة هو أن اللقاح يسبب استجابة مناعية لدى بعض الأشخاص تشبه تلك التي تظهر في المرضى الذين عولجوا بالهيبارين، وهو ما يسمى قلة الصفيحات الناجم عن الهيبارين.
هل هناك طريقة لتفادي هذا الخطر المحتمل؟
يمكن علاج المصابين بمكون فعال ضد الجلطة، حتى يتمكنوا من الاستمرار في تلقيحهم باستخدام لقاح أكسفورد، وفقاً لبيان صحفي صادر عن جامعة جرايفسفالد الألمانية.
ولكن أغلب الدول الأوروبية لم تعلن عن تغيير سياستها بشأن لقاح أكسفورد بعد إعلان الفريق الألماني
ما هي الآثار الجانبية الأخرى له؟
للقاح أكسفورد مخاطر وآثار جانبية أخرى، حسب الوكالة الأوروبية التي قالت إنه من "الأهمية بمكان" أن يكون اختصاصيو الرعاية الصحية والأشخاص الذين يتلقون اللقاح على دراية بالمخاطر ويراقبون الأعراض المحتملة.
وتشمل هذه الآثار والمخاطر، على سبيل المثال، ضيق التنفس، وألم الصدر، وتورم الساق، وآلام البطن المستمرة، والأعراض العصبية، وضمنها الصداع الشديد أو المستمر أو عدم وضوح الرؤية وكدمات الجلد خارج موقع الحقن.
وفقاً للدراسات السريرية، فإن أكثر من 60% عانوا من الحساسية في موقع الحقن بعد التطعيم الأول.
كما يعاني أكثر من نصف متلقي لقاح أكسفورد من الألم في موقع الحقن، إضافة إلى الصداع والتعب، وهذا أقل من لقاحي موديرنا وفايزر اللذين تصل النسبة لديهما إلى أكثر من 80% ممن تم تطعيمهم، حسب موقع دويتش فيله الألماني (DW).
الشعور بالتوعك، أيضاً من الآثار الجانبية الشائعة عند نحو 44% ممن تلقوا لقاح أكسفورد، بينما يبلغ معدل الشعور بالتعب 47% في لقاح فايزر و65% في لقاح موديرنا.
فيما تبلغ نسبة من عانوا الصداع من لقاح فايز 42%، وموديرنا 59% من المتلقين.
كما حدث ارتفاع بدرجة الحرارة في واحد من كل ثلاثة أشخاص تم تطعيمهم بلقاح أكسفورد، وحمّى في أقل من 8% بقليل.
ويلاحظ أن نسبة احتمال حدوث الحمى كأثر جانبي للتطعيم بلقاح أكسفورد أعلى من اللقاحين المنافسين الغربيين الرئيسين، حيث تصل النسبة في فايزر إلى 4%، وفي موديرنا إلى 0.8%.
معظم الآثار الجانبية للقاح أكسفورد خفيفة ومتوسطة الخطورة وتختفي في غضون أيام قليلة بعد التطعيم، بعد الجرعة الثانية.
تكون الآثار الجانبية المبلغ عنها أكثر اعتدالاً وأقل شيوعاً. في الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، يجب أن تكون الآثار الجانبية أكثر اعتدالاً وأقل تكراراً.
حقيقة الشكوك التي أثيرت حول فعالية لقاح أسترازينيكا – أكسفورد
قبل فترة وجيزة، أعرب المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية عن شكوكه حول فعالية لقاح AstraZeneca. وقال إن "المعلومات القديمة" أعطت "صورة غير كاملة لفعالية اللقاح الذي لم يحصل على موافقة بعد في الولايات المتحدة الأمريكية".
واضطرت شركة AstraZeneca إلى تصحيح المعلومات حول فعالية المكون النشط بشكل طفيف، حيث قالت الشركة البريطانية السويدية، إن اللقاح يحمي 76% بدلاً من 79% من عدوى كورونا مع الأعراض.
ومع ذلك، فإن قيمة اللقاح ترتفع للأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاماً، إذ يسجل فعالية أعلى بكثير تبلغ 85%.
ووفقاً لشركة AstraZeneca، فإن اللقاحات فعالة بنسبة 100% ضد أعراض COVID-19 الشديدة.
ما مدى فعاليته ضد السلالات الجديدة؟
وجدت دراسة عن تأثيرات لقاح AstraZeneca ضد السلالة البريطانية وهي فعالية مماثلة لتلك ضد الفيروس الأصلي. تُظهر نتائج الدراسة أن اللقاح ضد البديل البريطاني فعال بنسبة 75%.
ولكن فعالية اللقاح ضد السلالة الجنوب إفريقية أقل بكثير، وأوقفت حكومة جنوب إفريقيا إدخال لقاح AstraZeneca في أوائل فبراير/شباط 2021، لأن دراسة صغيرة لم تتم مراجعتها بعد، مع 2000 شخص في البلاد، أظهرت أن اللقاح يوفر فقط "الحد الأدنى من الحماية" ضد الالتهابات الخفيفة والمتوسطة التي يسببها فيروس كورونا المتغير
وتعتبر السلالة الجنوب إفريقية من فيروس كورونا أكثر خطورة، لأنها تنتشر بشكل أسرع، وهي سبب غالبية إصابات كورونا في جنوب إفريقيا.
ويُعتقد أن السبب في أن لقاح AstraZeneca أقل فعالية ضد السلالة الجنوب أفريقية هو التغييرات التي طرأت على بروتين "سبايك"، هذا هو الجزء من الفيروس الذي يربط نفسه بالخلايا البشرية ويسمح له بإصابتها.
دافعت AstraZeneca عن اللقاح ضد هذه الشكوك، وقالت إن نشاط الجسم المضاد المعادل يتساوى مع لقاحات COVID-19 الأخرى التي أظهرت نشاطاً ضد السلالات الأكثر خطورة، خاصةً عندما يتم تحسين فترة الجرعات إلى 8-12 أسبوعاً.
وأكد خبراء لموقع DW أن هناك على الأقل بعض الحماية من لقاح أكسفورد ضد البديل الجنوب إفريقي، وأوضح بي يونغ شاي، أستاذ علم الأحياء الدقيقة في الفرع الطبي بجامعة تكساس، أن "استخدام لقاح أكسفورد ضد السلالة الجنوب إفريقية أفضل بكثير من عدم التطعيم".
وأرجعت سارة بيت، الباحثة المساعدة بالمعهد البريطاني لعلوم الطب الحيوي، ذلك إلى أن الأجسام المضادة التي تشكلت بعد التطعيم سوف تتعرف على أجزاء من متغير الفيروس وتحجبها.
وتشير الدراسات التي أجرتها BioNTech-Pfizer و Moderna، إلى أن لقاحي الشركتين أقل فاعلية بشكل طفيف ضد البديل الجنوبي الإفريقي من الفيروس.
لماذا يعتبر لقاح أسترازينيكا – أكسفورد ذا أهمية عامة للعديد من البلدان؟
اللقاح، الذي طوره فريق من جامعة أكسفورد وشركة الأدوية البريطانية السويدية AstraZeneca، جذاب لسببين رئيسيين: عكس اللقاحات من BioNTech /Pfizer وModerna، لا يلزم تخزين اللقاح من AstraZeneca في درجات حرارة شديدة الانخفاض.
إذ يمكن تخزين هذا اللقاح في درجات حرارة تبريد عادية (2-8 درجات مئوية / 36-46 درجة فهرنهايت) لمدة ستة أشهر على الأقل، مما يسهل نقله. هذا يجعل من الأسهل للممارسين الصحين العامين تقديم اللقاح للمتلقين في المراكز الطبية العادية.
السبب الثاني هو أن لقاح أكسفورد رخيص الثمن، إذ يبدو أنه أرخص حتى من اللقاحات الصينية.
فلقد قالت شركة في إندونيسيا، إن لقاح شركة سينوفاك الصينية سيكلف 13.60 دولار، وهذا أعلى بكثير من لقاح أكسفورد الذي يكلف 4 دولارات للجرعة. فيما يبلغ ثمن لقاح شركة موديرنا 33 دولاراً للجرعة.
هل يمثل لقاح أكسفورد خطراً على الدول العربية وغيرها من دول العالم الثالث؟
من الواضح أن جزءاً من قرار العديد من الدول الأوروبية عدم تقديم لقاح أكسفورد للشباب مرتبط بعاملين.
الأول: هو المخاوف من مخاطر لقاح أكسفورد بعيدة المدى، وهي مخاوف سيكون احتمالها أعلى عند الشباب باعتبار أن المفترض أن بقية أعمارهم أطول من كبار السن (أي لو هناك عرض جانبي خطير فسوف يظهر بعد 20 عاماً، فهذا يمثل خطراً على الشباب في الثلاثين أكثر من كبار السن في سن الخامسة والستين).
كما أنه من الملاحظ أن لقاح أكسفورد يبدو أكثر فعالية وأكثر أمناً بالنسبة لكبار السن، بالأخص الذكور وهي فئة كبيرة من المجتمعات الغربية مقارنة بنسبتها في الدول العربية وغيرها من الدول النامية.
وبالتالي هذا يجعل لقاح أكسفورد أقل مناسبة للدول العربية، لأن نسبة السكان الشباب (الذين يفترض ألا يتلقوا اللقاح) لديها أعلى.
ولذا يجب على الدول العربية تبني حد أدنى للأعمار لمن يتلقون اللقاح، وعدم السير في هذا الأمر وراء تعليمات منظمة الصحة العالمية، التي سبق أن شككت أصلاً في أن الفيروس ينتقل بين البشر ثم شككت في أنه ينتقل عبر السفر، وشككت أيضاً في أهمية الكمامات (بل حذرت منها في بداية الأزمة).
واللافت أن لقاح أكسفورد يمثل المصل الرئيس في مبادرة كوفاكس التي تقودها منظمة الصحة العالمية لتزويد الدول النامية باللقاحات، وهي المبادرة التي يُتوقع أن تكون المزود الرئيس للقاحات لأغلب الدول العربية.
ومع عزوف الدول الغربية عن تطعيم مواطنيها بلقاح أكسفورد، أو على الأقل تقليل وتيرة حملات التطعيم به، من المتوقع أن يزداد المتوافر من لقاح أكسفورد للدول النامية، مع تركيز الغرب على لقاحي فايزر وموديرنا (اللذين ستتفاقم صعوبة الوصول إليهما حتى للدول العربية الغنية).
ومن هنا يثار تساؤل مفاده: أليست اللقاحات الصينية التي انتقدها الغرب أفضل من لقاح أكسفورد، خاصةً أنه ليس هناك حديث عن مخاطرها حتى الآن (نظراً إلى بساطتها)، إضافة إلى أن نسب الفعالية بها ليست أقل كثيراً من لقاح أكسفورد؟
وألا يجب أن تضع الدول العربية في اعتبارها لقاح سبوتنيك الروسي الذي سخر منه الغرب وشكك فيه، وفي النهاية قررت ألمانيا استيراده دون انتظار موافقة الوكالة الأوروبية المعنية، بل قررت برلين تصنيعه دون أن تلتفت إلى انتقادات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لاتهام موسكو بأنها تستخدم اللقاح لأغراض دعائية؟