بينما أصيبت أسواق النفط بالاضطراب جراء إغلاق قناة السويس بسبب جنوح السفينة "إيفرغيفن" في ممرها الملاحي، فإن اللافت أن تأثير أزمة قناة السويس على أسعار الغاز الطبيعي المسال كان أقل بشكل كبير.
وسارع الخبراء إلى الإشارة إلى تأثير إغلاق قناة السويس على سلاسل التوريد العالمية. وكان من المتوقع أن تتأثر أسعار الطاقة أيضاً. ومع ذلك، لم تحرك مشكلة إغلاق القناة أسعار النفط بدرجة كبيرة وكان الأمر أوضح مع الغاز، حسبما ورد في تقرير لموقع Oilprice.com الأمريكي البريطاني.
تأثير أزمة قناة السويس على أسعار الغاز الطبيعي كان محدوداً
قبل أزمة "إيفرغيفن" كان 10% من النفط العالمي و8% من الغاز الطبيعي المُسَال يمر عبر القناة يومياً. ويُظهر الارتفاع المتواضع في أسعار الغاز الطبيعي المُسَال في أوروبا أن السوق لم تواجه اضطراباً خطيراً.
وفي مجال صادرات الطاقة، يأتي الغاز الطبيعي والنفط من نفس المناطق تقريباً (مع بعض الاستثناءات مثل أستراليا).
وبإلقاء نظرة فاحصة على أسواق الغاز الطبيعي المُسَال العالمية، نجد أكبر المستوردين في العالم في منطقتين: أوروبا وشرق آسيا.
واللافت أن تأثير أزمة قناة السويس على أسعار الغاز الطبيعي كان مختلفاً عن النفط، إذ شهدت أسعار الغاز ارتفاعاً بسيطاً في كل من أوروبا وآسيا، حسب تقرير Oilprice.com.
خطوط ملاحة تتجنب قناة السويس
فقد أدى توافر الغاز المنقول عبر الأنابيب وسعة التخزين الكبيرة في العديد من دول شمال غرب أوروبا إلى تخفيف حدة تقلب الأسعار؛ لأنهما بمثابة حاجز أمان في حال تعطل الإمدادات.
أما السبب الثاني لعدم تعطل أسواق الغاز الطبيعي المُسَال بعد الأزمة، فيبدو أنه يرجع إلى أن تأثير أزمة قناة السويس على واردات آسيا من الغاز المسال كان محدوداً بالنظر إلى أن معظمها يأتي للقارة عبر طرق ملاحية لا تحتاج عبور قناة السويس.
إذ تستورد الدول الآسيوية حالياً معظم احتياجاتها من الغاز الطبيعي المسال من إندونيسيا وماليزيا وأستراليا وبروناي وقطر والولايات المتحدة، فيما تستورد سنغافورة غاز خط الأنابيب من ماليزيا وتايلاند من ميانمار (بورما) وهونغ كونغ من الصين.
وتزداد أهمية الغاز للسوق الآسيوية، حيث تتطلب الاقتصادات في شرق آسيا كميات متزايدة من المواد الخام والطاقة، وتستورد أيضاً دول جنوب شرق آسيا والهند كميات متزايدة من الغاز الطبيعي المُسَال.
وبالتالي يحدث تغير في سوق الغاز الطبيعي المُسَال منذ سنوات؛ مع إرسال كميات أكبر من الغاز الطبيعي المسال إلى آسيا.
وتحمل شحنات الغاز الطبيعي أهمية خاصة لشرق آسيا بسبب الافتقار إلى البنية التحتية لخطوط الأنابيب الرئيسية التي تربطها بالمنتجين. وباستثناء الصين، التي أنشأت العديد من خطوط الأنابيب لاستيراد الغاز الطبيعي، تفتقر دول آسيا الأخرى إلى نفس المستوى من الاتصال. وعلى الرغم من توفر البنية التحتية، تشهد الصين أيضاً ارتفاعاً في واردات الغاز الطبيعي المُسَال نتيجة ارتفاع الاستهلاك ارتفاعاً حاداً.
وخلال الأزمة الأخيرة في قناة السويس، كانت آسيا بالفعل الوجهة الأهم للغاز الطبيعي المسال. ولا يستبعد الإغلاق قصير المدى حدوث نتيجة مختلفة لو كان استمر مثلاً عدة أسابيع بدلاً من أيام. ويقف مخزون الغاز بالفعل في أوروبا عند انخفاض قياسي؛ بسبب الشتاء القاسي، ومن ثم لم يكُن ليستطيع الصمود لفترة طويلة أمام أي اضطراب في السوق.
بيد أن أزمة قناة السويس كشفت عن التطورات في سوق الغاز العالمي. وتعني الإمكانات الاقتصادية الهائلة لآسيا أن هناك مجالاً أكبر للنمو، كما أن تأثير أزمة قناة السويس على أسعار الغاز الطبيعي المسال كان بسيطاً، خاصة أن الأزمة لم تطل.