قد يُسفِر الاختناق المروري في قناة السويس عن عجز في العديد من السلع المستوردة، ومنها القهوة والأثاث وورق المراحيض وغيرها الكثير من المنتجات العالقة في عشرات السفن التي تنتظر العبور. واعتماداً على الوقت المُستغرَق لتحريك سفينة الشحن الضخمة، التي يبلغ وزنها 224 ألف طن، وتسمى "إيفرغيفن"، التي جنحت في قناة السويس، يوم الثلاثاء 23 مارس/آذار، سيعاني المتسوقون من نقصٍ في عدد من المنتجات.
"أزمة قناة السويس ستؤثر في أي شيء في المتاجر"
وفي تصريح لشبكة NBC News، قالت لارس جينسن، خبيرة مستقلة في شحن الحاويات في الدنمارك، إنَّ هذه المشكلة "ستؤثر في أي شيء في المتاجر". وتمر نحو 12% من التجارة العالمية عبر قناة السويس، الممر المائي المصري الذي يربط بين أوروبا وآسيا، لكن سفينة إيفرغيفن، وهي واحدة من أكبر السفن في القناة، تعرقل الحركة فيها وتمنع مئات سفن الشحن من المرور.
لكن حتى قبل هذا الاختناق، كانت الشركات تعاني من نقص في الإمدادات بسبب وباء فيروس كورونا المستجد. إذ كشفت شركات Nike وCostco وToyota وHonda وSamsung مؤخراً أنَّ مشكلات سلسلة التوريد تضر بالأعمال في ربع العام الحالي، ومن المحتمل أن يكون لها تأثير في المستقبل.
وقد أضاف مأزق قناة السويس مستوى آخر من التأخير والنقص. إذ قال الخبراء إنَّ تعطيل حركة القناة يكلف حوالي 400 مليون دولار للساعة، وقد يستغرق تحريك السفينة العالقة أسابيع. وستأخذ بعض السفن مساراً بديلاً يمر حول إفريقيا، مما يضيف 15000 ميل (24140 كيلومتراً) ونحو أسبوعين إلى رحلتها.
احتمال استنزاف المعروض من القهوة بسبب اختناق قناة السويس
من جهته، أفاد موقع Bloomberg، في تقرير، بأنَّ اختناق الحركة في قناة السويس يمنع أيضاً وصول حاويات الشحن المليئة بنوع القهوة المُستخدَمة في النسكافيه سريع التحضير.
ورجَّح Bloomberg أن يكون النقص في القهوة أكثر حدة في أوروبا، لكن قد يتردد صداه في جميع أنحاء العالم، مع تعطيل الأزمة في الممر المائي حركة الشحنات الرئيسية بين فيتنام وأوروبا.
وأوضح التقرير أنَّ اختناق الملاحة في الممر المائي قد تظهر نتائجه قريباً على توافر القهوة في المتاجر والمقاهي، خاصة بالنظر إلى أنَّ شركات القهوة كانت تشعر بضيق بالفعل بسبب نقص حاويات الشحن خلال الأشهر القليلة الماضية.
وقالت رافائيل هيمرلين، رئيسة الخدمات اللوجستية في شركة Sucafina SA لتجارة القهوة السويسرية، لموقع Bloomberg: "هل يمكن لمحامص القهوة تحمُّل تأخير أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع؟ على الأرجح لا. لا أعتقد أنَّ لديهم حالياً المخزون الاحتياطي الذي كانوا ليمتلكونه في الظروف العادية".
أزمة في عالم الأثاث
ويقول تقرير لموقع Business Insider الأمريكي، إن أسلوب حياة العمل من المنزل، الذي فرضه الوباء على الناس، قد ساعد صناعات الأثاث وتحسين تصميم المنازل على الازدهار.
لكن العملاء يشهدون بالفعل تأخيرات في مواعيد تسليم الأثاث لعدة أشهر. خلال إعلان أرباح للربع الثالث في فبراير/شباط، قال المسؤولون التنفيذيون في La-Z-Boy إنَّ العملاء يجب أن يتوقعوا تواريخ تسليم ما بين خمسة إلى تسعة أشهر من تاريخ الشراء.
وتفاقمت تأخيرات توفير المنتجات بسبب الازدحام في الموانئ، خاصة في جنوب كاليفورنيا، التي تمثل محطة تفريغ رئيسية للحاويات القادمة من آسيا. وعلى الأغلب، لن يزيد اختناق حركة قناة السويس هذا التأخير إلا سوءاً.
وفي وقت سابق من شهر مارس/آذار الماضي، قال دان فليكينغر، الرئيس التنفيذي لسلاسل Kasala للأثاث في ولاية سياتل الأمريكية، لصحيفة The Washington Post، إنَّ طلبات الشراء المُقدَّمَة هذا الشهر لم يكن من المتوقع وصولها إلى متجره حتى شهر ديسمبر/كانون الأول.
وأضاف فليكينغر: "الكثير من أثاثنا مصنوع يدوياً ويتطلب قدراً هائلاً من المكونات؛ لذا فإنَّ نقصان قطعة واحدة يمكن أن يفسد كميات كبيرة من الإنتاج".
ارتفاع أسعار الغاز
شهدت أسعار الغاز ارتفاعاً كبيراً خلال الشهر الماضي مع ارتفاع الطلب وتباطؤ منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في زيادة الإنتاج. ومن المرجح أن يؤدي إغلاق قناة السويس إلى مزيد من الارتفاع في الأسعار.
وفي هذا السياق، قال ديفيد فايف، كبير الاقتصاديين في شركة Argus Media لبيانات الأعمال، لشبكة NBC News، إنَّ شحنات النفط التي تمر عبر قناة السويس تمثل نحو 5% إلى 10% من الشحنات العالمية.
وقال جون مونرو، مستشار التجارة واللوجستيات البحرية، لشبكة CNBC، إنَّ اختناق حركة القناة سيؤثر في وصول الواردات الأمريكية ومكونات التصنيع بسبب العجز في الحاويات.
وأضاف مونرو: "قبل تعطُّل قناة السويس، كنا نتوقع أن يزداد وضع العجز في الحاويات سوءاً في أبريل/نيسان؛ لأننا كنا نشهد بالفعل ندرة الحاويات. اختناق القناة هذا لن يساعد. وسنبدأ في رؤية المنتج يتراكم على أرضيات المصنع".