برغم الخلافات بين الولايات المتحدة والهند بشأن ملف حقوق الإنسان الهندي وانتهاكاته المتصاعدة، واستحواذ نيودلهي على نظام الدفاع الصاروخي الروسي إس 400، تسعى إدارة بايدن لضم الهند إلى تحالف يضم شبكة من البلدان لمواجهة الصين، كما تقول صحيفة Wall Street Journal الأمريكية.
وتضيف الصحيفة أن هذا التحالف الذي يضم أستراليا واليابان والولايات المتحدة والهند قد عقد اجتماعاً افتراضياً الجمعة 12 مارس/آذار 2021. وقال مسؤولون أمريكيون وهنود إن الدول الأربع من المتوقع أن تكشف النقاب عن صفقة لتوسيع نطاق تصنيع لقاحات كورونا الأمريكية في الهند، التي سيذهب بعضها إلى دول في جنوب شرق آسيا، في محاولة لمواجهة "دبلوماسية اللقاحات" الصينية مع البلدان النامية الأخرى.
عقبات في طريق مساعدة أمريكا للهند
تقول الصحيفة الأمريكية، صحيحٌ أن هذا التحالف منذ أكثر من عقد من الزمان، لكن واشنطن التفتت إليه في السنوات الأخيرة مع اشتداد التنافس بين أمريكا والصين. كان الاشتباك العام الماضي بين القوات الهندية والصينية على طول حدودهما المتنازع عليها في جبال الهيمالايا هو الأكثر دموية منذ أكثر من خمسة عقود ووفر فرصة إضافية لواشنطن للتقرب من نيودلهي.
لكن هناك العديد من التحديات التي تقف عائقاً في وجه إدارة بايدن إذا أرادت إبقاء العلاقات مع الهند على المسار الصحيح، فالهند بصدد الحصول على نظام الدفاعي الصاروخي الروسي إس 400، وهي خطوة قد تؤدي إلى فرض عقوبات أمريكية عليها. كذلك يخضع ملف حقوق الإنسان في الهند، وخاصة معاملة الحكومة الهندية للأقليات الدينية والتعامل مع الاحتجاجات الأخيرة للمزارعين، لتدقيق من قبل جماعات حقوق الإنسان الأمريكية وأعضاء الكونغرس.
ويتوخى المسؤولون في إدارة بايدن، في الوقت الحالي، الحذر أثناء محاولتهم وضع استراتيجية دولية منسقة ضد الصين. إذ يقولون إن الهند بوصفها دولة ديمقراطية ذات اقتصاد سريع النمو، توفر فرصاً للعمل في مجموعة من القضايا مثل المناخ والطاقة، ولتعزيز المنافسة مع الصين من خلال التعاون في مجالات التكنولوجيا والدفاع.
يقول دين طومسون، القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأمريكية لجنوب ووسط آسيا: "نحن نعمل مع شريك مثل الهند لمواجهة التحديات المشتركة التي نواجهها، ونحن بالتأكيد ندرك التحديات التي تطرحها الصين".
أمريكا تتغاضى عن انتهاكات حقوق الإنسان في الهند من أجل مواجهة الصين
من جانبها، أشادت الهند بآفاق التعاون، وسلطت الضوء على مجالات مثل تغير المناخ والرعاية الصحية واتفاق تجاري محدود. قال مسؤول هندي إن كلا الجانبين لديه مخاوف بشأن السلوك العدواني للصين، لذلك يجب على إدارة بايدن أن تختار ما إذا كانت حقوق الإنسان وغيرها من القضايا لها أولوية بالنسبة لها أم المنافسة مع الصين.
وتعد صفقة الهند لشراء نظام الدفاع الصاروخي الروسي إس 400 الاختبار الأول للعلاقات بين الولايات المتحدة والهند. رفض مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية القول ما إذا كانت إدارة بايدن ستقدم تنازلات إذا مضت الهند قدماً في تلك الصفقة.
جدير بالذكر أن الحكومة الهندية سددت بالفعل الدفعة الأولى لموسكو بقيمة 800 مليون دولار، ومن المتوقع أن تتلقى الهند المجموعة الأولى من معدات النظام الدفاعي في وقت لاحق هذا العام بموجب الصفقة البالغة 5.5 مليار دولار. ويقول مسؤولو الحكومة الهندية إن نيودلهي ستمضي قدماً في شراء المنظومة الدفاعية الروسية، لأنها ضرورية للدفاع عن البلاد التي لديها توترات مع باكستان والصين.
على الجانب الآخر، خفضت منظمة "فريدوم هاوس" التي تمولها الحكومة الأمريكية مرتبة الهند إلى "حرة جزئياً" للمرة الأولى منذ عام 1997 في تصنيفها السنوي للديمقراطيات. واستشهد تقرير المنظمة بمعاملة الهند للمسلمين والأقليات الأخرى، واستهداف الصحفيين والاستخدام المتكرر لعمليات إغلاق الإنترنت.
وبينما أعربت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، جينفر بساكي، عن مخاوف الولايات المتحدة بشأن "قمع حرية التعبير"، قال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية إن المخاوف بشأن حقوق الإنسان وحرية التعبير قد أثيرت في محادثات رفيعة المستوى مع الهند.
المواجهة بين الهند والصين وصلت ذروتها مؤخراً
كان عام 2020 فارقاً في العلاقة بين بين الهند والصين والتي لن تعود إلى سابق عهدها من التعايش البارد أو المتوتر كما كان في السابق. وتعرضت الهند لإحراج كبير في المناوشات الحدودية التي جرت بين البلدين بدون سلاح ناري مؤخراً، ولم تُظهِر القوات الصينية أي إشارة على التراجع من المواقع التي احتلتها بطول "خط السيطرة الفعلي"، الذي يُقسِّم مناطق سيطرة الهند والصين في منطقة لاداخ، منذ إبريل/نيسان الماضي.
في الوقت نفسه، تحتشد القوات الهندية عند الحدود المتنازع عليها، وتطالب نيودلهي بإعادة شاملة للوضع السابق. وفشلت عدة جولات من المباحثات العسكرية والدبلوماسية في التوصل إلى أي نتائج، الأمر الذي يؤكد الرهانات العالية لدى كلا الجانبين.
وبحسب تقرير لمجلة "فورين بوليسي" الأمريكية، تستعد الهند الآن لتحول الوضع على الحدود إلى وضع متقلب. بالتالي، إذا لم يجرِ التوصل إلى حل دائم لمشكلة الحدود، ستبقى الاضطرابات الأكبر بطول خط السيطرة الفعلي هي الوضع المعتاد الجديد.